بعد قرار مجلس الأمن.. هل اتسعت الخلافات بين بايدن ونتانياهو؟
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
جاء إلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فجأة رحلة وفد بلاده رفيع المستوى إلى واشنطن، ليكشف عن اتساع الخلافات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
ويعتقد كبار المسؤولين في إدارة بايدن أنهم أوضحوا لنظرائهم الإسرائيليين في محادثات متواصلة خلال عطلة نهاية الأسبوع إمكانية امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بدلا من استخدام حق النقض "الفيتو".
لكن البيت الأبيض فوجئ بما حدث، عندما ألغى ناتنياهو فجأة رحلة وفد رفيع المستوى إلى واشنطن، والتي طلبها بايدن على وجه التحديد في مكالمة هاتفية، الأسبوع الماضي، لمناقشة مخاوف الولايات المتحدة بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأدى التحول الملحوظ في الأحداث إلى تحويل الخلاف المتزايد بين بايدن ونتانياهو إلى "هوة عامة"، حسبما تشير "واشنطن بوست".
ويشكل الغاء الاجتماع عقبة رئيسية جديدة في طريق الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، المنزعجة إزاء تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، لحمل نتانياهو على النظر في بدائل للغزو البري لرفح، الملاذ الأخير الآمن نسبيا للمدنيين الفلسطينيين، وفق وكالة "رويترز".
وأدى التهديد بشن مثل هذا الهجوم إلى زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد تقيد المساعدات العسكرية إذا تحدى نتانياهو بايدن ومضى قدما في شن الهجوم.
تتويج لأشهر من "الإحباط"بالنسبة لبايدن، الذي لديه ارتباط عميق إسرائيل وكان مترددا للغاية في الانفصال عن نتانياهو، كان هذا الخرق بمثابة تتويج لأشهر من الإحباط، حسب وصف "واشنطن بوست".
ومنذ أن بدأت الحرب بهجوم حماس في 7 أكتوبر، دعم بايدن وكبار مساعديه إسرائيل في كل منعطف تقريبا.
واستمر الدعم حتى في الوقت الذي تحدى فيه نتانياهو الولايات المتحدة علنا في جميع القضايا الرئيسية تقريبا، بما في ذلك رغبة الإدارة الأميركية في عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وزيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
وفي مواجهة العزلة الدولية المتزايدة بشأن عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الجوية والبرية الإسرائيلية في غزة ومئات الآلاف الآخرين الذين يقتربون من المجاعة، ردت الإدارة مرارا وتكرارا بدعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، واستمرت في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل".
وتجنبت واشنطن في أغلب الأحيان استخدام كلمة "وقف إطلاق النار" في وقت سابق من الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ستة أشهر في قطاع غزة، واستخدمت حق النقض "الفيتو" في الأمم المتحدة لحماية إسرائيل أثناء ردها على حماس.
ولكن مع اقتراب المجاعة في غزة، ووسط ضغوط عالمية متزايدة من أجل هدنة في الحرب التي تقول السلطات الصحية الفلسطينية إنها أسفرت عن مقتل نحو 32 ألف فلسطيني، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار يدعو لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الذي ينتهي بعد أسبوعين.
وأشار فرانك لوينشتاين، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والذي ساعد في قيادة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2014، إلى عوامل رئيسية ربما أدت إلى اتساع الخلافات بين بايدن ونتانياهو.
وتحدث لـ"واشنطن بوست" عن الخلافات العميقة بين واشنطن وإسرائيل حول العملية البرية واسعة برفح، حيث يعيش أكثر من مليون من سكان غزة.
وقد لجأوا إلى الملاذ من الهجمات الإسرائيلية في أقصى الشمال، والوضع الإنساني الكارثي، وإعلانات إسرائيل عن مستوطنات جديدة أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الجمعة، للبلاد.
وقال لوينشتاين: "بذل بايدن كل ما في وسعه لعدة أشهر لتجنب معركة عامة كبيرة"، مشيرا إلى "تحولا خطيرا للغاية في موقف البيت الأبيض تجاه كيفية إدارة الإسرائيليين طوال الفترة المتبقية من هذه الحرب.
وأضاف:" على الإسرائيليين إما أن ينتبهوا الآن أو أننا على الأرجح سنواصل السير على هذا الطريق".
ومن جانبه، أكد جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أنه لا يوجد سبب يدعو إلى أن تكون هذه "ضربة قاتلة" للعلاقات.
وقال لـ"رويترز": "لذلك لا أعتقد أن الباب مغلق أمام أي شيء".
توتر "الديناميكيات الشخصية"؟يواجه بايدن، الذي يسعى لإعادة انتخابه لولاية ثانية في نوفمبر ضغوطا ليس فقط من حلفاء واشنطن ولكن أيضا من عدد متزايد من زملائه الديمقراطيين لكبح جماح الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر في جنوب إسرائيل، حسب "رويترز".
ويواجه نتانياهو تحديات داخلية خاصة به، وخاصة مطالبة أعضاء ائتلافه اليميني المتطرف باتخاذ موقف متشدد ضد الفلسطينيين.
ويجب عليه أيضا إقناع عائلات الرهائن بأنه يفعل كل شيء من أجل إطلاق سراحهم بينما يواجه احتجاجات متكررة تطالب باستقالته.
ويعلم نتانياهو، الذي يدرك أن استطلاعات الرأي تتوقع هزيمته الساحقة في أي انتخابات قد تجرى الآن، أن هناك دعما واسع النطاق لمواصلة الحرب في غزة بين الإسرائيليين الذين ما زالوا يعانون من صدمة عميقة بسبب هجوم السابع من أكتوبر، لذا فهو يبدو مستعدا للمخاطرة باختبار مدى تسامح واشنطن.
ويؤيد كافة أعضاء حكومة الوحدة الطارئة التي يرأسها نتانياهو استمرار الحرب إلى أن يتم القضاء على حماس وإعادة الرهائن، ولم تظهر أي إشارة تذكر إلى الاستعداد لتلبية دعوات الولايات المتحدة إلى الاعتدال، على الرغم من الخطر المتزايد المتمثل في العزلة الدولية.
وأوضحت مارا رودمان، التي عملت كمبعوثة للشرق الأوسط خلال إدارة أوباما، أن على الرغم من أن العلاقة الأساسية يمكن أن تصمد أمام الخلاف الأخير، إلا أن "الديناميكيات الشخصية بين بايدن ونتانياهو من المحتمل أن تكون متوترة بشكل خاص".
وقالت: "العلاقات الجيوسياسية، مثل العلاقات الشخصية، تمر بفترات صعبة".
كما كانت علاقة نتانياهو متوترة مع الرئيس باراك أوباما، وأدى قرار الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدين المستوطنات الإسرائيلية في أواخر عام 2016 إلى زيادة التوترات بينهما.
ووقتها سافر نتانياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب مشترك أمام الكونغرس انتقد فيه الاتفاق النووي الذي اقترحه أوباما مع إيران، متجاوزا البروتوكول التقليدي وأثار غضب مسؤولي البيت الأبيض.
ومن جانبه، قال آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض أميركي سابق في الشرق الأوسط وعمل مع إدارات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لـ"رويترز"، إن الخلاف الأخير "هذا يظهر أن الثقة بين إدارة بايدن ونتانياهو ربما تنهار".
وأضاف: "إذا لم تتم إدارة الأزمة بعناية، فسوف تستمر في التفاقم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: بین بایدن ونتانیاهو الولایات المتحدة واشنطن بوست فی غزة
إقرأ أيضاً:
التصعيد الأمريكي في اليمن بين عمليتي بايدن وترامب
التصعيد الأمريكي في اليمن يمثل تحديًا لاستقرار المنطقة، وخاصة في حال توسعت أهدافه وتصاعدت خسائره البشرية يمنيًا؛ إذ لن تكون المنطقة بمنأى عن الاكتواء بنار هذا التصعيد.
ما بين عملية «يوسيدون أرتشر»، وهو الاسم الذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن على حملته مع بريطانيا على الحوثيين في اليمن منذ 12كانون الثاني/يناير 2024، وانتهت في الشهر نفسه من العام التالي، وعملية «رايدر الخشن»، وهو الاسم الذي اعتمده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحملته على الحوثيين في اليمن منذ 15 أذار/مارس الماضي..لا يتجلى ما يمكن اعتباره نصرًا وتحقيق أهداف العمليتين، بما فيها العملية الجارية حاليًا؛ التي لم تعلن عما حققته من خلال الأرقام والوقائع، بينما عمليات «أنصار الله» ضد السفن الحربية الأمريكية وفي عمق الكيان الإسرائيلي مستمرة؛ واستمرارها يعني فشل تلك الغارات.
بلاشك إن التصعيد الأمريكي في اليمن يمثل تحديًا لاستقرار المنطقة، وخاصة في حال توسعت أهدافه وتصاعدت خسائره البشرية يمنيًا؛ إذ لن تكون المنطقة بمنأى عن الاكتواء بنار هذا التصعيد، علاوة على تأثيره المباشر على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بما فيه التأثير الذي سيطال سلاسل التوريد العالمية بعد أن كانت قد بدأت بتنفس الصعداء تدريجيا؛ لاسيما وأن التصعيد الأمريكي في العملية الأخيرة مختلف عما كانت عليه العملية السابقة، لكن واشنطن ربما لن تستطيع الاستمرار به على المدى الزمني الذي استمرت به عملية بايدن؛ لأنها ستواجه مشكلة تغطية النفقات؛ لاسيما في ظل تقارير تشير إلى أن ذخائر عملية ترامب في اليمن خلال أربعة أسابيع ستصل إلى مليار دولار.
وبينما يذهب خبراء إلى وصف العملية السابقة بـ«الدفاعية» والعملية الراهنة بـ«الهجومية»؛ فإن كلا من العمليتين كانتا هجوميتين، واستهدفت فيما استهدفته مدنيين وأعيانا مدنية، وهي تبحث عن أسلحة الحوثيين، وفشلت في ذلك غارات كلتا العمليتين بما فيها العملية الراهنة حتى الآن بالنظر للأهداف المعلنة؛ وهي إعاقة قدرات الحوثيين عن شن عمليات هجومية.
اشتركت في العملية السابقة إسرائيل من خلال قصف مباشر شمل خمس موجات منذ 20 تموز/يوليو 2024 حتى كانون الثاني/يناير 2025، بينما العملية الراهنة تقوم بها واشنطن منفردة؛ وسبق وأعلن مسؤولون إسرائيليون عن وجود تنسيق بين الجانبين بخصوص هذه الغارات، ومؤخرًا زار قائد المنطقة العسكرية الأمريكية الوسطى تل أبيب، ولن تكون الغارات الأمريكية على اليمن بعيدة عن مناقشاته مع الإسرائيليين.
900 غارة
على الرغم من العدد الكبير لغارات عملية «يوسيدون آرتشر»، والتي تجاوزت 900 غارة وقصف بحري أمريكي بريطاني، إلا أنها فشلت على مدى عام كامل في تحقيق أهدافها؛ وهو القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية، وعلى الرغم من استخدام مقاتلات بي 2 الشبحية، فقد فشلت جميع الغارات في الوصول إلى أهداف حساسة لـ«أنصار الله» بسبب قصور المعلومات الاستخباراتية، لكنها خلفت خلال عام، وفق خطاب لزعيم الحوثيين في الثاني من كانون الثاني/يناير الماضي، 106 شهداء و314 جريحا.
خلال ثلاثة أسابيع من عملية «رايدر الخشن» المستمرة حاليًا؛ تجاوز عدد الغارات المئتي غارة؛ وهو عدد كبير يتجاوز ما كانت عليه العملية السابقة؛ وتسببت العملية الحالية حتى الأربعاء الماضي، وفق معطيات وزارة الصحة في حكومة «أنصار الله» في استشهاد 61 شخصًا وإصابة 139 منذ 15 أذار/مارس الماضي، جميعهم مدنيون.
عن العملية عينها؛ قال تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، الجمعة: «لم توضح إدارة ترامب سبب اعتقادها أن حملتها ضد الحوثيين ستنجح بعد أن فشلت جهود إدارة بايدن لمدة عام في ردع الهجمات الحوثية، التي استهدفت أيضًا إسرائيل. يجب على الإدارة أيضًا أن تشرح للكونغرس والشعب الأمريكي مسارها المتوقع في ظل فشل الجهود السابقة»، وكتب السيناتور جيف ميركلي، الديمقراطي من أوريغون، والسيناتور راند بول، الجمهوري من كنتاكي، في رسالة إلى ترامب هذا الأسبوع، «لم تقدم وزارة الدفاع تفاصيل عن الهجمات منذ 17 اذار/مارس، عندما قالت إنه تم ضرب أكثر من 30 هدفًا حوثيًا في اليوم الأول».
وأشارت إلى أنه «في غضون ثلاثة أسابيع فقط، استهلكت وزارة الدفاع ذخائر بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى التكاليف التشغيلية الهائلة وتكاليف الأفراد لنشر حاملتي طائرات، وقاذفات B-2 إضافية، ومقاتلات، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي باتريوت وثاد في الشرق الأوسط، وفقًا للمسؤولين. قد تتجاوز التكلفة الإجمالية مليار دولار بحلول الأسبوع المقبل، وقد تضطر وزارة الدفاع قريبًا إلى طلب تمويل إضافي من الكونغرس، حسبما قال أحد المسؤولين الأمريكيين».
وقالت الصحيفة: «في إحاطات مغلقة خلال الأيام الأخيرة، اعترف مسؤولو البنتاغون بأن النجاح في تدمير الترسانة الهائلة، والتي تقع إلى حد كبير تحت الأرض، من الصواريخ والطائرات المسيرة ومنصات الإطلاق الخاصة بالحوثيين كان محدودًا، وفقًا لمساعدين في الكونغرس وحلفاء. يقول المسؤولون الذين تم إطلاعهم على تقييمات الأضرار السرية إن القصف كان أثقل بشكل مستمر مقارنةً بالضربات التي نفذتها إدارة بايدن، وأكبر بكثير مما وصفته وزارة الدفاع علنًا. لكن المقاتلين الحوثيين، المعروفين بمرونتهم، عززوا العديد من مخابئهم والمواقع المستهدفة الأخرى، ما أدى إلى إحباط قدرة الأمريكيين على تعطيل هجمات الحوثيين الصاروخية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وفقًا لثلاثة مسؤولين في الكونغرس وحلفاء تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الأمور العملياتية».
مستوى التصعيد
أستاذ علم الاجتماع السياسي في مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء، عبدالكريم غانم، يقول لـ«القدس العربي» في قراءته للتصعيد الأمريكي في العملتين إن «كلا من الإدارتين في واشنطن سلكتا نهج التصعيد العسكري تجاه الحوثيين، مع الاختلاف في الأهداف وفي مستوى التصعيد».
وأضاف:»إدارة بايدن قيدت العملية العسكرية ضد الحوثيين، واكتفت بقصف الأهداف التي كانت ترى أنها تشكل تهديدات وشيكة على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وفضلت القيام بذلك عبر تحالف مع بريطانيا، حيث قيدت إدارة بايدن المستوى العسكري بهامش محدود من القدرة على اتخاذ قرار التعامل مع التهديدات الحوثية، انطلاقًا من حرص الإدارة الديمقراطية على ترك الباب مفتوحا أمام الحوار السياسي والتفاوض مع الحوثيين، خلافًا لنهج إدارة ترامب، الساعية لاستعراض القوة العسكرية، باعتبار أن استعراض عينة من الأسلحة الحديثة للجيش الأمريكي يعتبر مدخلا مناسبا لفرض السلام وإبرام الصفقات مع العديد من الأطراف في المنطقة، وفي مقدمتهم إيران».