صحيح أنّ ما عُرِف بـ"تفاهم مار مخايل" الذي جمع بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" لسنوات، أصبح في حكم "الساقط"، بل إنّ "التيار" نفسه يتعامل معه وكأنّه أصبح "في خبر كان"، وهو ما يترجمه بـ"ضوء أخضر" لجمهوره خصوصًا على منصّاته الافتراضية للهجوم "الشرس" على الحزب، لكنّ ذلك لم يترجَم حتى الآن "انقلابًا" من جانب باسيل على "الحزب"، خصوصًا على مستوى الموقف الاستراتيجي منه.


 
فعلى الرغم من أنّ "افتراق" الحزب والتيار وصل إلى بعض "التفاصيل" التي ترتبط بالموقف الاستراتيجي، وهو ما تجلّى في رفض باسيل ومن معه لمنطق "وحدة الساحات"، واعتراضه بالتالي على منطق الحزب الذي فتح بموجبه "الجبهة" في جنوب لبنان إسنادًا للفلسطينيين في قطاع غزة، إلا أنّ الأمر لم يصل لحدّ الآن لتبنّي "التيار" أدبيّات خصوم الحزب، لجهة التشكيك بدور سلاحه، أو المطالبة بتسليمه من دون قيد أو شرط.
 
إلا أنّ المتابع للكواليس السياسية في الأيام الأخيرة، خصوصًا على مستوى "الحوار المسيحي"، أو ما بات يُعرَف بـ"وثيقة بكركي"، يشعر أنّ هناك من يرغب فعليًا بخوض مثل هذا النقاش مع "التيار"، أو ربما جرّه بالكامل لصفوف معارضة الحزب، فهل يبدو مثل هذا السيناريو واقعيًا؟ هل "ينقلب" باسيل على الحزب من بوابة مبادرة البطريركية المارونية، فينضمّ إلى المطالبين بتطبيق القرار 1559 وتسليم سلاح الحزب؟
 
"هدف" المعارضة
 
ليس سرًّا أنّ المعارضة وبمختلف قواها وعلى رأسها "القوات اللبنانية"، تعتبر مثل هذا "الانقلاب" من جانب "التيار الوطني الحر" على "حزب الله" وسلاحه هدفًا مشروعًا، بل هي في مكانٍ ما تحاول توظيف مختلف الاستحقاقات في سبيل تحقيقه، حتى إنّ بعض أطراف الحوار بات "يرهن" علنًا أيّ تقارب مع الوزير السابق جبران باسيل أو انفتاح عليه، بحسم موقفه من الحزب تحديدًا، وليس فقط من مرشحه للرئاسة سليمان فرنجية كما حصل سابقًا.
 
في هذا السياق، يبرز مثلاً الموقف من الحوار المسيحي الذي كان قد طالب به باسيل قبل أيام، من بوابة أنّه "لا يوجد سبب حتى لا نجتمع"، ليأتيه الجواب، ولو بشكل غير رسميّ، من جانب "القوات" و"الكتائب" وغيرهما، بأنّ الحوار معه غير مُجدٍ، إذا لم يتّخذ موقفًا صريحًا من سلاح "حزب الله"، وهو الأمر نفسه الذي أخذ حيّزًا واسعًا من لقاءات ممثلي الأحزاب المسيحية في بكركي، كما يتصدّر الاتصالات القائمة خلف الكواليس بين بعض هذه القوى.
 
تقول أوساط المعارضة إنّ هذا الهدف ليس خافيًا على أحد، فـ"التقاطع" القائم مع باسيل على إسقاط مرشح الحزب للرئاسة سليمان فرنجية ما عاد كافيًا، ولا سيما بعدما أصبح واضحًا أنّ المشكلة مع الحزب لا يمكن حصرها في شخص فرنجية، بل هي تنطلق من القوة والنفوذ اللذين يتمتع بهما، واللذين يستندان إلى السلاح الذي يمتلكه ويوظّفه متى وكيفما شاء، علمًا أنّ هذه الأوساط لا تخفي انطباعها بأنّ باسيل قد يعود لأحضان الحزب بمجرد "سقوط" ترشيح فرنجية.
 
هل "يفعلها" باسيل؟
 
لكن، هل يفعلها باسيل ويصل به الأمر لحدّ الانضمام إلى المطالبين بتسليم سلاح الحزب، علمًا أنّ "التيار" كان أصلاً من عرّابي القرار 1559 وفق ما يقول كثيرون، قبل أن "ينقلب عليه" بصورة أو بأخرى بموجب تفاهم مار مخايل؟ هل حان وقت "الانقلاب المضاد"، إن صحّ التعبير، والذي قد تكون "حُجّته قائمة"، بأنّ "التيار" حاول معالجة الأمر من خلال الاتفاق مع الحزب على "بناء الدولة"، وأنّ الأخير هو من فرّط بهذه الطروحات؟!
 
بمعزل عن موقف "التيار" الفعلي من الحزب والسلاح، بعيدًا عن "المصالح" التي قد تحكم أداءه أو موقفه لفترة من الوقت، يقول العارفون إنّ الوقائع لا توحي حتى الآن بأنّ باسيل جاهز لمثل هذا "الانقلاب" في الموقف، بدليل ما تسرّب عن محاولته في لقاءات ممثلي الأحزاب المسيحي، أن يقلّل من وقع البند المرتبط بسلاح الحزب، لاعتقاده بوجوب "عدم استفزاز" الحزب، ولقناعته بأنّ "الشراكة" التي ينشدها تتطلب مقاربة من نوع آخر.
 
أكثر من ذلك، يقول العارفون إنّ باسيل ليس مستعدًا لكسر الجرّة مع الحزب، للعديد من الأسباب والاعتبارات، لكن أهمّها أنّه يعتقد أنّ "مصلحته تقتضي ذلك" في المقام الأول، بمعزل عمّا يقوله "التيار" عن أنّ موقفه يستند إلى "الثوابت"، علمًا أنّ معادلة "إن عدتم عدنا" التي أطلقها قبل أيام تبدو خير تعبير عن هذا الأمر، فهو كان واضحًا بأنه سيقابل أيّ "انفتاح" من جانب الحزب بانفتاح مقابل، وكأنّه يقول إنّه جاهز لطيّ الصفحة بشروط محدّدة.
 
يقول البعض إنّ محاولات إحداث "الشرخ" بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" كانت قائمة في فترة "ذروة" التفاهم بينهما، وبالتالي فمن الطبيعي أن "تنشط" اليوم في مرحلة "القطيعة" بين الجانبين. لذلك يُحكى عن "ضغوط" على باسيل لفضّ العلاقة بالمُطلَق، بالترغيب بالدرجة الأولى، من بوابة الرئاسة إلى الشراكة والوحدة المسيحية وغيرها، لكن هل يخدم منطق "الاستفزاز" هذا البلد، أم أنّ المطلوب تعزيز مناخ الحوار والتفاهم؟!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: باسیل على حزب الله من جانب

إقرأ أيضاً:

تفاوض إيجابي بين الحزب والعهد حول ملف شمالي الليطاني

سادت أجواء غير تفاؤلية الأيام الماضية عندما تعثر تشكيل الحكومة حيث بدت التعقيدات التي تشوب هذا التشكيل مشابهة للتعقيدات التي مرت بها الحكومات السابقة، وعندما جرى تأجيل الانسحاب الاسرائيلي 18 يوما بطلب إسرائيلي وموافقة أميركية. وبدا المشهد وكأنه أخد باتجاه التشاؤم، لكن أوساطاً سياسية متابعة لا تزال تعتبر بأن هذه التعقيدات هي موقتة ومرحلية وستعود الأمور إلى نصاب التهدئة والانفراج فتتشكل الحكومة وينسحب الإسرائيليون في 18 شباط المقبل.

قد يكون هناك صلة بين التعثر الحكومي وتأجيل الانسحاب الاسرائيلي، بحسب أوساط سياسية، طالما أن واشنطن تمسك بمقاليد الملفين معاً، وحيث تم الاتفاق بين الجانبين اللبناني والأميركي على زيارة مرتقبة للوسيطة الأميركية مورغان لمتابعة ملف الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بما في ذلك ملف الأسرى اللبنانيين. وكان واضحاً خلال الأسابيع الماضية محاولات تشكيل الحكومة قبل الانسحاب الاسرائيلي، فإذا تعذر التشكيل يتعذر الانسحاب، من زاوية أن التشكيل في مرحلة بقاء الجرح الجنوبي مفتوحاً من شأنه أن يشكل عاملاً ضاغطاً على "الثنائي الشيعي"، بينما حصول الانسحاب الاسرائيلي من شأنه أن يحسن في الموقع التفاوضي لحزب الله وحركة أمل، لذلك من المرجح، بحسب هذه الأوساط أن تشهد الاسابيع الثلاثة المقبلة تشكيلاً للحكومة واتماماً للانسحاب الإسرائيلي.

في واقع الحال، إن الحاجة للتهدئة موجودة عند الأميركيين والدولة اللبنانية وحزب الله، تقول هذه الأوساط، فالإدارة الأميركية تتخذ من التهدئة عنواناً عاماً للسياسة الشرق أوسطية، والمقصود هنا التهدئة العسكرية من دون أن يعني ذلك بالضرورة أبداً التهدئة على مستوى المواقف السياسية أو على مستوى سياسة العقوبات الاقتصادية، أما الدولة اللبنانية فتريد التهدئة بصورة ملحة تأكيداً على صدقية العهد وتدشيناً للمرحلة الجديدة التي يتحدثون عنها، في حين أن حزب الله من جهته يحتاج إلى التهدئة بشدة من أجل إطلاق عملية إعادة الاعمار وتأمين مصادر التمويل ويعتبر هذا الأمر من الملفات التي تضغط على الحزب بقوة والتي لا تحتمل المزيد من التباطؤ والتأجيل نظرا لارتداداتها السلبية عليه.

ان الكلام عن احتمالات التهدئة لا يلغي، بحسب هذه الأوساط، كون ملف شمالي نهر الليطاني ملفاً إشكالياً، من ناحية التفاهمات التي ستجري بين الحكومة اللبنانية وحزب الله، ومسؤولو الحزب أعلنوا مراراً وتكراراً أن ورقة الاجراءات التنفيذية للقرار 1701 تختص فقط بجنوب النهر أما شماله فهو على طاولة المعالجة بينه وبين الحكومة اللبنانية. ولغاية اللحظة يمكن القول، بحسب الأوساط نفسها، إن هذه المعالجة تجري بطريقة إيجابية مع العهد ومن دون ضجيج وبالطريقة التي تناسب الطرفين، علماً أن موضوع شمالي نهر الليطاني سيكون محل متابعة دقيقة من قبل الحكومة الإسرائيلية واللجنة الدولية الأمر الذي يثير مخاوف من أن تلجأ إسرائيل إلى استهدافات بين الحين والآخر بذريعة عدم قيام الجيش اللبناني بما هو مطلوب منه وفقاً للقراءة الاميركية - الاسرائيلية لورقة الاجراءات التنفيذية.
وتشدد مصادر معنية بملف الجنوب على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية بوصفها الضامن الذي يتيح للبنانيين إدارة المرحلة الشديدة التعقيد على النحو الذي يقلل من مستوى المخاطر ويتيح فعلاً الانتقال الى مرحلة جديدة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ماذا كان يقول الرسول مع استقبال أول أيام شعبان ؟
  • ما جديد ملف أسرى حزب الله؟
  • تفاوض إيجابي بين الحزب والعهد حول ملف شمالي الليطاني
  • إعلام الاحتلال: حزب الله لم يُهزم ويستعيد نشاطه
  • نعيم قاسم أعلنها.. حقائق عن مصير حزب الله
  • عيوننا المرابطة...بيان حزب الله تحذيري
  • ترامب: المصالح الأمريكية تدهورت خلال الفترة الماضية.. ولكن هذا الأمر انتهى
  • الأمين العام لحزب الله: نشكر العراق على الدعم الذي قدمه إلى لبنان
  • وفاة الفكر السياسي الذي أدمن المعارضة وتربى عليه الناشطون في الجامعات وأركان النقاش
  • حزب الله يفرض التوازن.. الى ما قبل السابع من تشرين !