الحوار المسيحي وشرط المعارضة.. هل ينقلب باسيل على حزب الله؟!
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
صحيح أنّ ما عُرِف بـ"تفاهم مار مخايل" الذي جمع بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" لسنوات، أصبح في حكم "الساقط"، بل إنّ "التيار" نفسه يتعامل معه وكأنّه أصبح "في خبر كان"، وهو ما يترجمه بـ"ضوء أخضر" لجمهوره خصوصًا على منصّاته الافتراضية للهجوم "الشرس" على الحزب، لكنّ ذلك لم يترجَم حتى الآن "انقلابًا" من جانب باسيل على "الحزب"، خصوصًا على مستوى الموقف الاستراتيجي منه.
فعلى الرغم من أنّ "افتراق" الحزب والتيار وصل إلى بعض "التفاصيل" التي ترتبط بالموقف الاستراتيجي، وهو ما تجلّى في رفض باسيل ومن معه لمنطق "وحدة الساحات"، واعتراضه بالتالي على منطق الحزب الذي فتح بموجبه "الجبهة" في جنوب لبنان إسنادًا للفلسطينيين في قطاع غزة، إلا أنّ الأمر لم يصل لحدّ الآن لتبنّي "التيار" أدبيّات خصوم الحزب، لجهة التشكيك بدور سلاحه، أو المطالبة بتسليمه من دون قيد أو شرط.
إلا أنّ المتابع للكواليس السياسية في الأيام الأخيرة، خصوصًا على مستوى "الحوار المسيحي"، أو ما بات يُعرَف بـ"وثيقة بكركي"، يشعر أنّ هناك من يرغب فعليًا بخوض مثل هذا النقاش مع "التيار"، أو ربما جرّه بالكامل لصفوف معارضة الحزب، فهل يبدو مثل هذا السيناريو واقعيًا؟ هل "ينقلب" باسيل على الحزب من بوابة مبادرة البطريركية المارونية، فينضمّ إلى المطالبين بتطبيق القرار 1559 وتسليم سلاح الحزب؟
"هدف" المعارضة
ليس سرًّا أنّ المعارضة وبمختلف قواها وعلى رأسها "القوات اللبنانية"، تعتبر مثل هذا "الانقلاب" من جانب "التيار الوطني الحر" على "حزب الله" وسلاحه هدفًا مشروعًا، بل هي في مكانٍ ما تحاول توظيف مختلف الاستحقاقات في سبيل تحقيقه، حتى إنّ بعض أطراف الحوار بات "يرهن" علنًا أيّ تقارب مع الوزير السابق جبران باسيل أو انفتاح عليه، بحسم موقفه من الحزب تحديدًا، وليس فقط من مرشحه للرئاسة سليمان فرنجية كما حصل سابقًا.
في هذا السياق، يبرز مثلاً الموقف من الحوار المسيحي الذي كان قد طالب به باسيل قبل أيام، من بوابة أنّه "لا يوجد سبب حتى لا نجتمع"، ليأتيه الجواب، ولو بشكل غير رسميّ، من جانب "القوات" و"الكتائب" وغيرهما، بأنّ الحوار معه غير مُجدٍ، إذا لم يتّخذ موقفًا صريحًا من سلاح "حزب الله"، وهو الأمر نفسه الذي أخذ حيّزًا واسعًا من لقاءات ممثلي الأحزاب المسيحية في بكركي، كما يتصدّر الاتصالات القائمة خلف الكواليس بين بعض هذه القوى.
تقول أوساط المعارضة إنّ هذا الهدف ليس خافيًا على أحد، فـ"التقاطع" القائم مع باسيل على إسقاط مرشح الحزب للرئاسة سليمان فرنجية ما عاد كافيًا، ولا سيما بعدما أصبح واضحًا أنّ المشكلة مع الحزب لا يمكن حصرها في شخص فرنجية، بل هي تنطلق من القوة والنفوذ اللذين يتمتع بهما، واللذين يستندان إلى السلاح الذي يمتلكه ويوظّفه متى وكيفما شاء، علمًا أنّ هذه الأوساط لا تخفي انطباعها بأنّ باسيل قد يعود لأحضان الحزب بمجرد "سقوط" ترشيح فرنجية.
هل "يفعلها" باسيل؟
لكن، هل يفعلها باسيل ويصل به الأمر لحدّ الانضمام إلى المطالبين بتسليم سلاح الحزب، علمًا أنّ "التيار" كان أصلاً من عرّابي القرار 1559 وفق ما يقول كثيرون، قبل أن "ينقلب عليه" بصورة أو بأخرى بموجب تفاهم مار مخايل؟ هل حان وقت "الانقلاب المضاد"، إن صحّ التعبير، والذي قد تكون "حُجّته قائمة"، بأنّ "التيار" حاول معالجة الأمر من خلال الاتفاق مع الحزب على "بناء الدولة"، وأنّ الأخير هو من فرّط بهذه الطروحات؟!
بمعزل عن موقف "التيار" الفعلي من الحزب والسلاح، بعيدًا عن "المصالح" التي قد تحكم أداءه أو موقفه لفترة من الوقت، يقول العارفون إنّ الوقائع لا توحي حتى الآن بأنّ باسيل جاهز لمثل هذا "الانقلاب" في الموقف، بدليل ما تسرّب عن محاولته في لقاءات ممثلي الأحزاب المسيحي، أن يقلّل من وقع البند المرتبط بسلاح الحزب، لاعتقاده بوجوب "عدم استفزاز" الحزب، ولقناعته بأنّ "الشراكة" التي ينشدها تتطلب مقاربة من نوع آخر.
أكثر من ذلك، يقول العارفون إنّ باسيل ليس مستعدًا لكسر الجرّة مع الحزب، للعديد من الأسباب والاعتبارات، لكن أهمّها أنّه يعتقد أنّ "مصلحته تقتضي ذلك" في المقام الأول، بمعزل عمّا يقوله "التيار" عن أنّ موقفه يستند إلى "الثوابت"، علمًا أنّ معادلة "إن عدتم عدنا" التي أطلقها قبل أيام تبدو خير تعبير عن هذا الأمر، فهو كان واضحًا بأنه سيقابل أيّ "انفتاح" من جانب الحزب بانفتاح مقابل، وكأنّه يقول إنّه جاهز لطيّ الصفحة بشروط محدّدة.
يقول البعض إنّ محاولات إحداث "الشرخ" بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" كانت قائمة في فترة "ذروة" التفاهم بينهما، وبالتالي فمن الطبيعي أن "تنشط" اليوم في مرحلة "القطيعة" بين الجانبين. لذلك يُحكى عن "ضغوط" على باسيل لفضّ العلاقة بالمُطلَق، بالترغيب بالدرجة الأولى، من بوابة الرئاسة إلى الشراكة والوحدة المسيحية وغيرها، لكن هل يخدم منطق "الاستفزاز" هذا البلد، أم أنّ المطلوب تعزيز مناخ الحوار والتفاهم؟!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: باسیل على حزب الله من جانب
إقرأ أيضاً:
هذه سياسة حزب الله الآن.. هل ستعود الحرب؟
لا يُحبّذ "حزب الله" الإنجرار إلى معركة جديدة مع إسرائيل حتى وإن انتهت مهلة الـ60 يوماً التي من المفترض أن تشهد انسحاباً إسرائيلياً من جنوب لبنان بعد سريان وقف إطلاق النار يوم 27 تشرين الثاني.يوم أمس، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي قد يبقى في جنوب لبنان حتى بعد فترة الـ60 يوماً، ما يطرح علامات تساؤل عما يمكن أن يُقدم عليه إثر ذلك.. فما الذي بإمكانه فعله؟
ترى مصادر معنية بالشأن العسكري إنَّ "حزب الله" قد لا ينجرّ إلى اشتباك جديد مع إسرائيل حتى وإن بقيت الأخيرة داخل الأراضي اللبنانية، وتضيف: "على الصعيد الميداني، ينشط الحزب على أكثر من صعيد. في الجانب المالي، فإن الحزب يقوم بتسديد مستحقات تأهيل المنازل وبدلات الإيواء للمتضررين، وهو ما يجعله مُقيداً بمبالغ معينة، وبالتالي قد يكون من الصعب عليه ترتيب أعباء مالية جديدة على نفسه مع التزامات شعبية إن حاولَ فتح بوابة المعركة للرد على عدم حصول انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان".
تعتبر المصادر أيضاً أن "الحزب لن يُجازف مرة جديدة، أقله في الوقت الحالي، في تهجير سكان جنوب لبنان"، مشيرة إلى أنَّ التفاوض هذه المرة سيكون استناداً للقرارات الدولية التي سيمنحها "حزب الله" المسار الواسع لإبراز قدرتها على ردع إسرائيل، وتضيف: "إن لم تنجح الأساليب الدبلوماسية مع إسرائيل، عندها من الممكن أن تتكرر سيناريوهات الرد العسكري المحدود من قبل حزب الله، لكن الخوف هو في أن تستغل إسرائيل ذلك لتُعيد توسيع عدوانها على لبنان. وعليه، فإن حزب الله قد لا يجنح كثيراً نحو تلك الفكرة".
من ناحية أخرى، تبرز الأولويّات العسكرية على طاولة البحث، وما يتبين، من خلال المراقبة، هو أنَّ الحزب لا يميل الآن إلى تجديد إرهاق مقاتليه وقادته، ذلك أن عملية ترميم قواعده تحتاج إلى وقتٍ متاح أمامه، فيما المشكلة الأكبر تكمنُ في أنَّ الحزب يسعى الآن إلى إراحة عناصره من جهة وإلا تجديد مجموعاته بالقدر المطلوب. لهذا السبب، فإن "انشغالات الحزب الداخلية" في تنظيم صفوفه، لا تدفعه إلى إحداث انتكاسة جديدة، ما يمنع أو يؤجل إمكانية انخراطه مجدداً على الجبهة القتالية.
ضمنياً، فإن المصادر ترى أن إسرائيل بدأت تسعى لـ"حشر حزب الله" في الزاوية، فالترويج لسيناريوهات عدم الإنسحاب قد تجعل الأخير يندفع نحو العمل لتشكيل استنفار داخلي والتحضير لهجمات جديدة وهذا ما قد تعتبره إسرائيل فرصة لها. لكن في المقابل، فإنّ ما يظهر في العلن يُوحي بأن الحزب مُنكفئ عن التجيهز لحرب جديدة، ما قد يعطي انطباعاً لدى الإسرائيليين مفاده أن الحزب تراجع في الوقت الراهن.
وإلى الآن، فإن "حزب الله" يتريث كثيراً في الكشف عن الحسابات العسكرية كاملة، وما يظهر هو أنَّ "حزب الله" يريد الحفاظ على خطوط ترسانته العسكرية ومحتواها بعيداً عن الاستهدافات، ذلك أن أي مقومات للصمود قد تتعرض لأي قصفٍ بشكل أعنف من السابق.
لهذا السبب، فإن ما يجري قد يقود الأمور نحو التوتر والتأزم، لكن الانخراط الأميركي في لعبة التفاوض مُجدداً ستعطي الضمانات المطلوبة، وما سيحصل هو أن حزب الله سيقبل بكل ذلك حفاظاً على بيئته أولاً ومناطقه ثانياً. المصدر: خاص لبنان24