رؤية الحكومة السودانية لإنهاء تمرد ميليشيا الدعم السريع وإستدامة حالة السلم والأمن القومي.
منذ صباح الخامس عشر من أبريل واجهت الدولة السودانية تمرد ميليشيات الدعم السريع الذي بدأ بمحاولة إغتيال فاشلة لرأس الدولة حتى يتسنى لقائد الميليشيا إستلام السلطة ومن ثمَّ المُضي مع حلفائه السياسين في مشروع الإتفاق الإطاري الذي يهدف إلى تفكيك القوات المسلحة السودانية ومن ثمَّ إعادة بنائها وفقاً لمصالح دول أجنبية مُعادية ونزع السيادة الوطنية عن الدولة وإستتباعها.

بعد فشل محاولة ميليشيا الدعم السريع لإستلام السلطة وتطاول أمد الحرب قدَّرت الدولة السودانية أن تمرد ميليشيا الدعم السريع قد أخذ بُعدين رئيسيين أولهما هو البُعد العسكري والثاني هو البُعد الإجتماعي وهو ما سيتم توضيح مسار الدولة في التعامل معه بصورةٍ مُفصلة أكثر من الجانب العسكري ضمن هذه الرؤية وهنالك بعدٌ ثالث وهو البعد السياسي لكن لن يتم التطرق إليه في هذه الرؤية حيث أن الكتلة الفاعلة في ثورة ديسمبر وقعت في خطأ إستراتيجي قاتل لإنها تركت الأحزاب السياسية الموالية للتمرد تحتكر تمثيلها وتمثيل الثورة وبالتالي فإن هذه القوى الإجتماعية هي التي يقع عليها تصحيح هذا الخطأ والتعبير عن نفسها بالإصالة عبر بناء تنظيمات جديدة تتمتع بقدر من الديموقراطية والمؤسسية وخالية من الفوضى التنظيمية حتى تعبر عن أجندة هذه الكتلة في التغيير والإصلاح وتزيح القوى السياسية الموالية للتمرد من تمثيلها وليس للدولة أي دور في هذه العملية.

إن الإنتهاكات التي إرتكبها أفراد الميليشيا من قتل ونهب وتنكيل وإغتصاب وحتى بيع للنساء السودانيات في أسواق الرقيق كانت حتمية الوقوع يرجع ذلك بصورة كبيرة إلى خطاب التعبئة المعنوية العنصري الذي قام محمد حمدان دقلو بتعبئتهم به عبر أذرعه الإعلامية وعلي مدار خمس سنوات مثل الصحفي أحمد الضي بشارة وبقال وعلي دخرو وغيرهم مِن الواجهات الإعلامية التي كان قائد الميليشيا يستعلمها للتأثير على شريحة كبيرة من مجتمعات الرحل – هنا من المهم الإحتراس بقول شريحة لإن التمرد فشل في تمثيل هذه المجتمعات بدليل وجود الكثير من أبنائها مقاتلاً في صفوق القوات المسلحة و مدافعاً عن الدولة – مستهدفاً إياها بسبب قلة تعليم كثيرٍ من المُنتمين إلى هذه الشريحة وقابليتهم للإستجابة لمثل هذه الخطابات، وأيضاً كان قائد الميليشيا يعتمد على عدد من النُظار الذين إشتراهم بماله حتى يقوموا بتجنيد شريحة كبيرة من شباب مجتمعات العرب الرحل بإستخدام الإغراءات المادية للقتال تحت لواء الميليشيا.

خطاب التعبئة المعنوية الذي كان يستخدمه قائد الميليشيا والذي يقوم بصورة أساسية على التضليل ومداعبة عاطفة الحقد والحسد الموجودة لدى كل البشر وهتك النسيج الإجتماعي حتى يولّد بيئة مناسبة للحرب عبر إستحضار المظلومية وغياب العدالة ورفع شعور الإستحقاق لدى شريحة كبيرة من شباب مجتمعات الرحل حتى تطفو عند أفراد الميليشيا رغبة جامحة في الإنتقام تعززها عاطفة عمياء وذلك ما يفسر فظاعة الإنتهاكات التي إرتكبوها في حق الشعب السوداني دون أن تهتز لهم شعرة، فقد كان قائد الميليشيا يصور لمجتمعات الرحل أن مجتمعات الشمال والشرق والوسط قد قامت بظلمهم وأخذت حقوقهم وهمشتهم وجعلتهم أدنى درجة منها وأنهم هم مَنْ كانوا يحتكرون السلطة وأن نظام الإنقاذ في حقيقته هو نظام يمثل هذه المجتمعات، الجدير بالذكر هنا أن قائد الميليشيا عبر خطابه الهاتِك للنسيج الإجتماعي نجح في توظيف شريحة كبيرة من شباب مجتمعات الرحل في حربه التي شنها ضد الدولة مستغلاً حالة الأمية وغياب التعليم التي تُعاني منها تلك الشريحة.

أهداف الرؤية :
تهدف رؤية الدولة السودانية للتعامل مع تمرد ميليشيا الدعم السريع إلى تحقيق هدفين رئيسيين :
1- منع الإستقطاب المضاد لإستقطاب الدعم السريع القبلي عبر توضيح أبعاد الحرب حتى لا يتحقق لقائد التمرد هدفه الرئيسي بتحويل الحرب من تمرد على الدولة إلى حرب أهلية بين مكونات المجتمع السوداني.

2- معالجة الإشكالات المُتعلقة بالشباب المُنتمين إلى شريحة العرب الرحل عبر خطة إستراتيجية متكاملة ومتدرجة تبدأ بعملية التوطين والتمدين والتعليم حتى لا يتم توظيفهم من قبل أي أمير حربٍ آخر في حرب ضد الدولة والشعب وإزالة قابلية تلك المجتمعات للإستجابة لأي خطابات عنصرية عبر التعليم الإجباري.

مسار الدولة في التعامل مع تمرد ميليشيا الدعم السريع :
المسار العسكري : ستواصل الحكومة السودانية عبر الجيش والقوات النظامية الأخرى العمليات العسكرية لتحييد خطر ميليشيا الدعم السريع وتُعرِّف نهاية التمرد عسكرياً بإيقاف الإرهاب الممنهج الذي تمارسه الميليشيا وإنصباع قيادتها لشروط الحكومة السودانية والتي تتمثل في الخروج من كافة المدن والأعيان المدنية والتجمع في ثلاث معسكرات تحددها القوات المسلحة بعد تسليم الأسلحة الثقيلة، ويقتصر التفاوض مع قيادة الميليشيا على هذه الترتيبات.

المسار الإجتماعي : ترى الحكومة السودانية أن التعامل مع التعقيدات الإجتماعية التي نتجت عن خطاب قائد الميليشيا العنصري يجب أن يتم بحرص ، لذلك حددت الحكومة السودانية مسارها في التعامل مع هذه التعقيدات على إزالة قابلية الشباب المُنتمين إلى شريحة العرب الرحل للإستجابة لأي خطاب حرب عنصري عبر خطة إستراتيجية تبدأ بتوطين هذه الشريحة ومن ثمَّ تلتزم الحكومة ببناء المدارس وتعليم أبناء هذه الشريحة وفي المرحلة الثالثة تلتزم الدولة بمشاريع تنموية تستهدف توظيف أبناء هذه الشريحة بدخولٍ مجزية مثل مشاريع إنشاء المراعي الحديثة ومصانع الألبان والمسالخ.. إلخ ، كل ذلك لابد أن يحدث عبر تسوية إجتماعية تشارك بها جميع أطياف مجتمع دارفور وترعاها الدولة تحدد آليات التوطين والمشاريع التي تتوافر عوامل نجاحها في الإقليم وأيضاً تتطرق إلى آليات تدخل الدولة الدولة المركزية في الإقليم وتحديد فعاليتها في تحقيق الهدف المنشود وهو توطين الرحل وتعليمهم وتوظيفهم حيث أن هذه هي أولوية قصوى للأمن القومي السوداني.

فيما يتعلق بالعدالة الإنتقالية ومعاقبة مُشعلي الحرب والذين تسببوا بها تعي الدولة السودانية أن [ مثلث الشر الأكبر ] الذي يتمثل في أسرة آل دقلو، والنُظار الذين إشتراهم قائد الميليشيا، والوجوه الإعلامية التي قامت بالترويج لخطابات العنصرية هي المسؤول الأول عن جَرْ شريحة كبيرة من شباب مجتمعات العرب الرحل إلى حربٍ ليست حربهم وهذه الأطراف الثلاثة هي بالتحديد ما ستطالها يد العدالة فأسرة دقلو ومن معهم من قادة الميليشيا والنُظار الذين أشتروهم بالمال لأجل تجنيد الشباب والإعلاميون الذين روجوا لخطاب العنصرية هم معروفون بالضرورة لأجهزة الأمن والمخابرات السودانية وهم من سيتم الإقتصاص منهم وفتح بلاغات جنائية في نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة في مواجهتهم وجلبهم سواء عبر الشرطة الدولية أو عبر عمليات نوعية لجهاز المخابرات العامة ، هنا من المهم أن تتم الإشارة إلى حقيقةٍ مفادها أن الدولة من المستحيل مهما بلغت إمكانياتها أن تقوم بمحاسبة كل من أجرم وسرق ونهب وقتل من أفراد الميليشيا لذلك ذهبت في هذا الإتجاه ، ولسبب آخر وهو فتح المجال أمام مَن يريد العودة من الإجرام حتى يتم إنهاء التمرد في أسرع وقت وبأقل الأضرار الممكنة. كما ستلتزم الحكومة بمنح إعفاءات جمركية فيما يتعلق بالسيارات لكل من أبلغ عن فقدان سيارته وأيضاً فيما يتعلق بالأثاثات والأجهزة الكهربائية لكل مواطني العاصمة والولايات الذين تم نهبهم كنوع من التعويض.
——————————————————–
– ملاحظة : هذه الرؤية لا تمثل الحكومة السودانية وليست خطابها الرسمي ولكنها إجتهاد شخصي لتشكيل خطاب موحد ضد التمرد، وهي ليست رؤية نهائية وقابلة للنقاش والتنقيح.

شادي علي
١٩/٣/٢٠٢٤
#النصر_لجنود_وضباط_القوات_المسلحة
#حرب_التحرير

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة الدولة السودانیة القوات المسلحة هذه الشریحة التعامل مع

إقرأ أيضاً:

فُقَّاعَة الدعم السريع!!

قد لا يعلم كثيرٌ من النَّاسِ أن أشهر المعارك التی (كسبها) الدعم السريع ضد حركة العدل والمساواة، ونقصد معركة قوز دنقو، هذه المعركة قد قام بالتخطیط لها وتوفير المعلومات عن قوة العدو وتسليحه وآلياته وخط سيره ومحطات إرتكازه وساعة الصفر المناسبة لمهاجمته، قام بها الجيش السوداني بعقول جنرالاته ودقة إستخباراته وحركة طيرانه في مجال الإستطلاع والتصوير الجوي، فَيَد الجيش كانت هي الأعلیٰ ثم أُوكل إلی قوات الدعم السريع تنفيذ المهمة، تساندها قوة سيطرة وتحكم من جهاز الأمن والمخابرات، وقد تمكنت فی تلك المعركة بالفعل من سحق قوة كبيرة جداً من قوات حركة العدل والمساواة، وبذلك (شَالَت الشَّكْرَة) ونال قاٸدها ترقيةً إلی رتبةٍ أعلیٰ!!

هذه المقدمة تقودنا إلی النظر فی سٶال مُلِح جدا: أيُّهما أهم،الجيش أم الأسلحة؟
فالجيش يعنی (التدريب والتنظيم والتسليح) بكل مافي هذه الكلمات الثلاث من تفاصيل وما بينهما من لوجستيات، والأسلحة هی مختلفة الأنواع والقدرات وقد تتوفر لدی أي جهة دولة كانت أو مليشيا أو تنظيم أو عصابة، لكن وفرة السلاح وجودته وحداثته لا تعني بالضرورة أن يُحقق به النصر في اّی معركة!! والدليل أن أحدث الأسلحة وأشدَّها فتكاً وأطولها مَدیً، وذراعاً،كتلك المتوفرة لدی الولايات المتحدة الأمريكية،لم تحقق لها النصر فی فيتنام ولا فی أفغانستان ولا الصومال،وإلیٰ حدٍّ ما في العراق بل يمكن القول إن أمريكا لم تحقق النصر الصريح فی جميع حروبها الخارجية.

وحتَّیٰ لا نذهب بعيداً عن موضوعنا الأساس، فقد إمتلكت مليشيا الدعم السريع من الأسلحة ما لم يتوفر لدی الجيش السوداني،وجنَّدت في صفوفها مِٸات آلاف من المرتزقة الأجانب أو من أبناء القباٸل المتحالفة معها، لكن مليشيا آل دقلو لم تُحسِن تدريبهم أو لم تهتم بتدريبهم أصلاً،بعد أن توفرت لديها الملابس والمركبات والمرتبات، وكان منظر الدعامة علی ظهور التاتشرات التي تنتصب فوقها الدوشكات يكاد لا يغيب عن عينِ من يتجول في شوارع العاصمة المثلثة، وقد سألتُ صديقاً لی من عشيرة حميدتی وقلت له: عساكر الدعم السريع ديل ساكنين في التاتشرات دی كيف؟ فقال لی: ديل الواحد منهم زمنو كلو يحلم بأنه يلقیٰ ليهو ناقة،كيف ما يفرح بعد لِقیٰ ليهو تاتشر!!

هذه تخريمة ضرورية عن عساكر المليشيا تقودنا لقادتهم الذين فرحوا بالرتب الرفيعة علی أكتافهم وعلقوا النياشين علی صدورهم – وإسمها فی الجيش(اليومية) – دون وجه حق فی قانون الأوسمة والأنواط وهي في نظرهم زينة ونفخة وقَشْرَة وبس. ولم يكلفوا أنفسهم مشقة المعرفة؛ وقال كبيرهم في خطاب جماهيری وهو يهز أكتافه (الدبابير ديل ما دخلنا ليهن الكلية الحربية جاتنا كده من الله!!) واستعانوا بضباط من الجيش (ملحوقات) ليقوموا بسد النقص فی مهام القيادة والإدارة. وهذا يُفسِر لماذا تحولت مليشيا آل دقلو مجرد فقاعة بددتها أشعة شمس الحقيقة فی ميادين حرب الكرامة.

وقد إستغرب الناس أيُّما إستغراب من الجيش وهو يتصدیٰ لهذه القوة الغاشمة ويبدد أحلامها ويشتت عديدها بالرغم من القلة العددية للجيش مقارنة بالألوف المٶلفة للمليشيا والسلاح النوعي المتوفر لديها والمركبات القتالية والمدرعات الأماراتية ومنظومات التجسس الإسراٸيلية وأجهزة التشويش الأمريكية، والصواريخ الذكية، والذخاٸر المتنوعة !!

لو كانت الأسلحة تحارب إذاً لكان الفلنقاي أركان نهب دمباري حميدتي أميراً علی إمارة العطاوة القبلية، لتعترف به دويلة الشر كأول دولة رسمياً، ولكان حمد الجنيبي هو المندوب السامي الأماراتي في دولة العطاوة الجنيدية السودانية، ولكان الفلنقاي الأهطل عبد الرحيم قاٸداً عاماً للقوات المسلحة السودانية ولكان إبراهيم سرج بغل والياً علی ولاية الخرطوم.

أما وقد أعلن الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان رٸيس مجلس السيادة الإنتقالی القاٸد العام للقوات المسلحة الخرطوم خالية من المليشيا، فإن ذلك يأتي إيذاناً بإستصال شأفتها من ساٸر الأرض السودانية بإذن الله

-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خزان جبل أولياء.. آخر نقاط الدعم السريع في الخرطوم
  • الحكومة السودانية تفرج عن آلاف الأسرى من سجون الدعم السريع
  • متحدث الحكومة السودانية: الدعم السريع يستخدم المدنيين العزل دروعا بشرية
  • الحكومة السودانية: الدعم السريع يستخدم المدنيين العزل دروعا بشرية ويستهدف المواطنين
  • الحكومة السودانية : أربعة آلاف أسير محرر من سجون الدعم السريع بالخرطوم
  • فُقَّاعَة الدعم السريع!!
  • الحكومة السودانية تتعهد بحماية المدنيين والتصدي لأي انتهاكات فردية ضدهم
  • استعادة الجيش للخرطوم هل تكشف حالة «الإنهاك» في صفوف الدعم السريع؟
  • الخارجية السودانية تقرر مصير مقرها في الخرطوم
  • شاهد بالفيديو.. الجيش السوداني ينجح في الوصول إلى المدافع التي يتم بها قصف المواطنين بمدينة أم درمان بعد أن تركتها مليشيا الدعم السريع داخل المنازل وهربت