قيمة غذائية استثنائية.. إليك اسرار لا تعرفها عن بئر زمزم في مكة
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
السومرية نيوز - منوعات
لطالما حملت بئر زمزم قيمة دينية وروحانية كبيرة لدى المسلمين من حول العالم؛ إذ يحظى ماء زمزم بفضل عظيم، فهي بئر مباركة وماؤها مبارك، حيث قال فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم "ماء زمزم لما شُرب له"، والدعاء يُستجاب عند شربه.
البئر تعود لعهد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل، عليهما السلام، وارتبطت بمعجزة إلهية نزلت على السيدة هاجر زوجة النبي 'إبراهيم، ومنها جاء سبب التقديس والتسمية؛ ما جعل زيارة البئر والشرب منها جزءاً من مناسك الحجيج كل عام.
ولكن قد يتساءل الكثيرون: كيف أن هذه البئر المقدسة لا تنضب منذ آلاف السنين؟.. في هذا التقرير نستعرض أسباب عدم جفاف أو نضوب بئر زمزم المقدسة عند المسلمين.
أولاً: كيف نشأت بئر زمزم وما سبب قدسيتها للمسلمين؟
تعود بداية بئر زمزم لعهد النبي إبراهيم -عليه السلام- قبل آلاف السنين؛ إذ عندما قدِم إلى مكة هو وزوجته السيدة هاجر، أم إسماعيل الذي كان طفلاً رضيعاً آنذاك، ترك النبي إبراهيم السيدة هاجر وإسماعيل ابنهما في مكان زمزم، وكان معها وعاء ماء سرعان ما نفد منها في حرارة مدينة مكة الشديدة، فجفّ إدرارها للبن لإرضاع طفلها؛ فأخذت هاجر تبحث بصورة شاقة عن الماء لتروي عطشها وتطعم ابنها إسماعيل، وركضت 7 مرات ذهاباً وإياباً بين تلّين هما الصفا والمروة لجلب الماء.
ثم نزلت المعجزة الإلهية عندما أرسل الله جبريل، الذي كشط الأرض ليخرج النبع وعندما ظهر الماء، قامت هاجر مخافة أن ينفد الماء بتطويقه بالرمل والحجارة مرددة "زمّي زمّي"، أي "توقفي توقفي" محاولةً احتواء ماءِ النبع.
ومن هنا تحولت المنطقة فيما بعد لبئر فائضة وأصبحت استراحة للقوافل؛ ما ساهم في تطوير مدينة مكة مسقط رأس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتصبح هذه الحادثة المعجزة شعيرة عند حج بيت الله، ويبدأ اقتداء المسلمين في سعيهم بين الصفا والمروة 7 أشواط بالسيدة هاجر.
*قيمة غذائية استثنائية
واليوم، تقع زمزم داخل فناء المسجد الحرام في مكة المكرمة على بُعد 20 متراً شرق الكعبة، ويصل عمقها لنحو 30.5 متر في باطن الأرض. تقع البئر من الناحية الهيدرولوجية في وادي إبراهيم الذي يمر عبر مدينة مكة.
وقد أثبتت الدراسات في مجال المياه أن ماء زمزم قلوي وغني بالمعادن المفيدة للجسم ويمده بقدر كبير من الطاقة، كما أنه مضاد قوي للأكسدة ومزيل قوي للسموم، ويساعد على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة أفضل في الجسم.
كما أثبتت أن الفرق بين ماء زمزم وماء الشرب الذي يضخ في المنازل هو نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم، فقد كانت نسبتها أعلى في ماء زمزم، وهذا هو السبب في أنها تنعش الحجاج المتعبين، والأكثر أهمية من ذلك هو أن ماء زمزم يحتوي على فلوريدات مضادة للجراثيم ما يمنعها من التلف والتلوث حتى في أشد الأيام حرارة.
وتشير الأبحاث المتخصصة التي أجريت على البئر على مر سنوات طويلة أن الطبقة الحاملة لمياه زمزم في البئر هي 12 متراً، وتوجد تحتها طبقة من الصخور المتكسرة، وتأتي موارد المياه لها من نقطة التقاء طبقة التربة الحاملة للمياه وطبقة الصخور الصلبة التي توجد في القاع.
تلك العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لتر من الماء كل ثانية تقريباً، وهي الكميات التي تضاعفت مع كل عملية توسعة.
*سبب غزارة ماء زمزم عبر الزمان
هناك أسباب دينية إعجازية في استمرار غزارة ماء زمزم بهذا الشكل. فقد روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث شريف: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم، أو قال لو لم تعرف الماء لكانت زمزم عيناً معيناً". وفي رواية: "لو تركته كان الماء ظاهراً"، وهذا يدل على غزارة الماء واستمراره.
وبالرغم من أن منسوب ماء زمزم انخفض عدة مرات خلال القرون الماضية، وتحديداً عام 223 هجرياً، ثم في عام 234، حتى كاد يجف، شهدت البئر أعمال توسعة وتعميق، بنحو تسع أذرع في الأرض، وهطل الكثير من الأمطار والسيول عام 235، فكثر ماء البئر مجدداً.
كما تمت توسعة البئر في خلافة هارون الرشيد والمهدي وعدة مرات بعدهما، وصولاً للعام 1399 هجرياً، عندما سجل عمق الماء في البئر 15.6 متر، خلال القيام بأعمال التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام وما تبعتها من أعمال حفر حول البئر.
الإعجاز العلمي في بئر زمزم
وبالنسبة للتفسير العلمي للظاهرة، يقول عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث الأفريقية، إن "عدم نضوب آبار المياه بهذا الشكل في علم الجيولوجيا يعني أنها بئر من المياه المتجددة"، وأضاف: "الخزانات الجوفية غير المتجددة يعني أنها لا تأتي لها تغذية سواء عبر مياه الأمطار أو هناك رشح من الأنهار لها، وعلى العكس فإن الخزانات (المتجددة كبئر زمزم) تأتي لها المياه عبر المصادر المختلفة".
وتابع شراقي: "في منطقة زمزم يوجد 14 متر من الترسبات النهرية الناتجة عن سقوط مياه الأمطار على الجبال، يسقط فتات تلك الترسبات على المناطق المنخفضة وتتحول لرواسب أسمك"، والتي تعمل بمثابة فلاتر لتنقية وحفظ الماء. وقد تسبب حدوث تلك العملية على مدار ملايين السنوات في عمل طبقة يبلغ سمكها حوالي 14 متراً في نطاق زمزم، أسفلها صخور مصمتة ومتشققة، يتخللها الماء وتنزل أسفل الصخور ثم تتجمع على هيئة عين مياه جارية.
مشيراً إلى أن البئر أصبحت على عمق 35 متراً، أى أن هناك 14 متراً من الرواسب ثم 21 متراً أخرى داخل الصخور، والتي تُعد كالخزانات التي تحفظ الماء بشكل عميق في باطن الأرض وتنقّيها من الجراثيم والبكتيريا، وحتى تحافظ على درجة حرارتها.
وفي كتابه "زمزم"، يشرح يحيى كوشك، المدير السابق لمصالح المياه بالغربية، أن البئر يفيض مائها دون توقف أو انقطاع، ومهما سُحب منها تقوم بتعويض السحب بسرعة كبيرة، وهو ما شكل معضلة للمهندسين أثناء توسعة الحرم عندما احتاجوا لتجفيف البئر لوضع الأسس خلال إحدى مراحل التوسعة، فاستخدموا عددا من المضخات لإفراغ البئر من الماء فكانوا كلما سحبوا الماء للخارج تدفق من جديد بنفس القوة والكمية حتى وصل مقدار ما تسحبه المضخات للخارج واحدا وعشرين ألف لتر في الدقيقة الواحدة.
بدوره، كشف عبد الباسط سيد، رئيس جمعية الإعجاز العلمى للقرآن والسنة، أنه لم يكتشف أحدٌ حتى الآن منبعاً لمياه زمزم على وجه التحديد يكون هو مصدر المياه، مشيراً إلى أن تركيب المياه ثابت فى كل العصور ولا يتغير. بمعنى أن طبيعة المركز الذي يحفظ الماء في باطن الأرض لم يطرأ عليه تغير على مر التاريخ.
ونوّه الخبير بأن الأبحاث عن ماء زمزم قاصرة وتحتاج دوماً للتطوير.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: بئر زمزم ماء زمزم
إقرأ أيضاً:
هدي النبوة.. خطيب المسجد النبوي: يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرا
قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إنه ينبغي بذل الخير والسعي في إسعاد الناس ونفعهم، والتيسير على العباد، ودفع الضرر عنهم، والسعي في إصلاح ذات البين.
هدي النبوةوأضاف“ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الثالثة في جمادي الآخر اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن ذلك امتثالاً لما حثّ عليه دين الإسلام، وبما جاء في كتاب الله جل وعلا، وهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من القول والعمل.
وأوضح أن من هدي النبوة، ومن نور الرسالة الذي يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرًا وهدفًا، ويربط المسلم مجتمعه، ويجعله فاعلاً بينهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا) رواه الطبراني.
وأشار إلى أن هذا الحديث، يصحّح نظر المسلم للكون والخلق والحياة، ويقوّم المسار، ويوجه البوصلة، وهو جدير بأن نتأمل حروفه ونتبين مدلوله، ليتدفق في عروق الأفراد والمجتمعات طعم الإسلام، وحلاوة هذا الدين.
يصحّح نظر المسلموتابع: خاصة حين تغلب روح الأنانية والفردية، ويتضخم حب الذات، وتجمد العواطف، وتذبل العلاقات، وينشغل المسلم عن واجبه تجاه أمته، وعن رسالته في حق وطنه، وعن دوره في مجتمعه.
ولفت إلى أن أعظم وسام يناله المسلم؛ أن يكون أحبّ الناس إلى الله، وأعظم تحفيز للمسارعين إلى الله وطالبي رضاه، زرع البسمة على الشفاه، وكشفُ الكربة عن المكروبين، وبذل العون للمحتاج.
وأفاد بأنه بمثل هذه التوجيهات الربانية والنبوية يربّي الإسلام أفراده على العطاء، ويجعل كل واحد منهم نبعًا يفيض بالخير والعطاء، فمن سلك هذا المسلك فإن حياته تتّسع، وصدره ينشرح، وتحلّ عليه البركة.
ونبه إلى أن أبواب النفع ليست محدودة في نطاق محصور، ولا في مجال ضيق، مشيرًا إلى وظيفة النبوة التي جُعلت لنفع الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام، فترك لنا الأنبياء والصالحون أمثلة عظيمة على المشاريع الحياتية التي كرّسوا حياتهم من أجلها.
أبواب النفعونوه بأنه قام كل نبيٍ بدعوة قومه لتوحيد الله، وأرسى معالم ومنارات اهتدى بها الناس من بعدهم، فنبي الله نوح عليه السلام يبني سفينة النجاة لأمته، ونبي الله إبراهيم عليه السلام يلبّي نداء ربه ويمتثل أمره ببناء الكعبة لتكون قبله للتوحيد وللعبادة للأجيال القادمة.
واستطرد: ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ويرسي فيها مكارم الأخلاق وقيم التربية ومحاسن الأمور، ولما رجع صلوات ربي وسلامه عليه من غار حراء قد عرته الدهشة للملك الذي جاءه في الغار.
وأردف : يقول لخديجة رضي الله عنها: "قد خشيت على نفسي" فقالت له: "كلا، أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" متفق عليه.
وبين أن هذه الأحوال كلها مشتملة على نفع متعدٍّ للآخرين، فكانت عاصمة له بإذن الله من أن يصيبه خزيٌ أو حزن أو أذى، كما تعلم الصحابة من نبيهم هذا الدرس ووعوه جيدًا وضربوا أروع النماذج في النفع، واستثمر كل واحد منهم ما وهبه الله من قدرات ومواهب في مشاريع حياتية تركت آثارًا خالدة على الأمة الإسلامية.
تعلم الصحابة هذا الدرسوبين الشيخ الثبيتي أن نفع الأمة له أشكال عديدة، فتارة بنشر الإسلام وبناء قيمه السامية، وتارة بإغاثة الملهوفين، ودعم الفقراء والمساكين، ومرة ببناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمؤسسات الخيرية.
وواصل: ثم بنفع الوطن الذي عاش على ترابه واستنشق هواءه ونهل من معينه بالإسهام في بناء مؤسساته، والعمل على ازدهاره ورفع شأنه، والانخراط في تنميته والعمل على استقراره وتعزيز لحمته.
وأفاد بأن من بين الناس من يجعل حياته مشروعًا يحمل الخير للناس، يضع نصب عينيه تجاوز حدود الوقت والمكان، فيكون سببًا في نفع أجيال متعاقبة حتى بعد أن يودع هذه الدنيا.
وذكر أن هؤلاء هم أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة، الذين يبذلون حياتهم لمشروع واحد عظيم، وهدف سامٍ كبير يملأ حياتهم، ويملأ حياة الناس من بعدهم، فينتفع به الناس أيّما انتفاع، ويسعى دومًا بالارتقاء بشأن المجتمع بخدمة يقدمها في مجال العلم أو الاقتصاد أو الصحة أو أي مجال من مجالات الخير والتطوع والتطوير والبناء.
مشروع الحياةوأكد أن مشروع الحياة حتى لو كان صغيرًا فإنه كبير بالنية الصادقة، وهي رسالة يحملها صاحبها طيلة حياته، يعمل من أجلها في كل لحظة من لحظات عمره، يبذل في سبيلها من جهده ووقته وماله؛ ليكون أثره ممتدًا بعد وفاته، ونفعه وأجره مدرارًا في ميزان حسناته، ومن أخلص النية وكان هدفه إرضاء ربه؛ نال مراده وبارك الله في جهده.
وأشار إلى أن مشروع الحياة قد يستغرق سنوات حتى يؤتي ثماره، لكن أصحاب الهمم العالية لا تثنيهم العقبات، ولا يحبطهم الفشل، بل يتعلمون ويمضون قدمًا بالصبر ومداومة العمل والعطاء وبذل الخير، مذكرًا بمن ساهموا في نفع الناس وتطوير المجتمعات بتأسيس المدارس والجامعات والمستشفيات، وتطوير العلوم والمعارف، ونشر العلم، وغرس القيم والدعوة إلى الله، فخلّد التاريخ أسماءهم، وحفظ الرب أجرهم، لا لأنهم بحثوا عن المجد الشخصي، ولكن لأنهم اختاروا نفع الناس، والارتقاء بأمتهم ووطنهم، ولا ينقطع أجرهم بوفاتهم.
ودعا إلى استشعار هذه المفاهيم العظيمة في تطوير المجتمع، وتأسيس المبادرات التي تنهض بالوطن، وتعزز من قوة الأمة، مشيرًا إلى حاجة الأمة اليوم إلى كل جهد نافع، ولكل مشروع يحمل الخير للأجيال القادمة.