سواليف:
2024-07-05@04:14:23 GMT

تأملات_رمضانية

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

#تأملات_رمضانية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الاية 36 من سورة الأنفال: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ”.
الصراع الحقيقي في هذه الدنيا هو بين الحق والباطل، وليست الصراعات العسكرية الدولية ولا تلك التي بين المجتمعات، أو بين الاحتكارات الاقتصادية، ولا حتى تلك التي بين الأفراد، إلا أفرع من ذلك الصراع الأزلي الأساسي، والمتمثل دائما بمحاولة الشر قهر الخيرأو على الأقل اسكاته.


لذلك يبقى هنالك على الدوام فسطاطان يتقاتلان: أهل الحق الذين يريدون العدل والعيش بسلام، متسلحين بمنهج الله (الصراط المستقيم)، وأهل الباطل من يبغونها عوجا، ويريدون الاستئثار بكل شيء، متسلحين بالقوة والمال.
ومهما حاول أهل الباطل التحايل على هذه الحقيقة باختراع مسميات خادعة مثل الحفاظ على المصالح و الدفاع عن حقوق الإنسان أو الطفل أو المرأة والمساواة بين الناس والشرعة الدولية ..الخ، فكل ذلك تستر زائف، ينكشف فور استعمالهم سلاح القوة، إذ ينسون فورا كل تلك المبادئ والقيم التي ظلوا يتشدقون بها، ولا يوقفهم عن تحقيق مأربهم شرعة دولية ولا حقوق انسان ولا مثل عليا.. والدليل على ذلك ماثل الآن وبشكل صارخ وأمام أنظار كل العالم، في القطاع الصامد!.
فقد رأينا معسكر الباطل ينتظم بسرعة، ومثلما حدث في الحرب عل الإرهاب، فقد تشكل مرة أخرى أوسع تحالف في التاريخ، انتظم فيه كل معادي منهج الله على اختلاف مللهم وأعراقهم، وانضم إليه المنافقون من العرب، ويتخفون عنهم بادعاء اتباعهم منهج الله شكليا، هذا المعسكر هب كله لنجدة حليفه ورأس حربته –الكيان اللقيط – فور أن أحس أن فئة صغيرة ممن يتبنون منهج الله تجرأت على الهجوم على كيانهم المحصن، وكان سر قلقهم أن يحفز ذلك بقية الأمة المحبوسة في أقبية (سايكس – بيكو) على التحرر منها.
في هذه الآية الكريمة شمول لكل منتسبي فسطاط أهل الباطل، وهم الكفار على اختلاف أنواعهم، سواء كانوا من الملحدين المنكرين، أو المكذبين بالدين من المغضوب عليهم ومن الضالين، أو من المسلمين المنافقين، هؤلاء ينفقون أموالهم بسخاء عندما يكون في معاداة منهج الله وفي محاولة الصد عنه أو معاقبة المتمسكين به، فرأينا المليارات تتدفق بلا حساب على الكيان اللقيط، تمده بالسلاح الباهظ والذخائر المتقدمة، غير آبهين بالكلف الضخمة.
لكنهم لا يعلمون أن الله يمد لهم ويغريهم بهذا الإسراف، ويزين لهم أنها ستؤدي الى كسر شوكة أهل الحق وإخضاعهم، الى أن يفرغ خزائنهم المليئة بأموال السحت.
ولأن الله لن يسلم لهم أهل الحق: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، فسوف يبور كيدهم ويخيب مسعاهم، فلا ينتبهون الى سوء ما وقعوا فيه إلا بعد فقدانهم تلك الأموال سدى، وفوق ذلك يغلبون، فلا ينالون إلا حسرة في نفوسهم على خسارتهم المزدوجة، ثم يساقون الى عذاب أليم مقيم يوم القيامة.
إلا أن الخاسر الأكبر من بين كل أهل الباطل في موقعة الطوفان هم المنافقون، فأوجه الخسارة لديهم عديدة:
1 – فقد انكشفوا على حقيقتهم، ولم تنفعهم كل صنوف التخفي التي مارسوها خلال القرن المنصرم، بالحرص على مصلحة الأمة، وبحماية المقدسات تارة، وبتنقية الدين من الإرهاب تارة أخرى، كما لن ينفع إسرافهم على تزيين المساجد وزخرفتها، فقد كشف الكيان اللقيط أنهم هم من يطالبونه بعدم التوقف عن قتل المسلمين وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم قبل القضاء نهائيا على المجاهدين ووأد روح الجهاد لتيئيس المسلمين واجبارهم على الرضوخ لعدوهم تحت مسمى التطبيع.
2 – تقديم الدعم للعدو من غير أن ينالوا حمدا ولا شكورا، وذلك لأنهم مجبرون على إبقائه مخفيا كونه معيب أخلاقيا، ويعتبر خيانة وطنيا، ومن أكبر الكبائر شرعيا.
3 – القهر الذي سيشعرون به حين سيجبرون وحدهم على اعادة إعمار ما هدمه العدوان، ومن غير تحميل العدو المجرم شيئا من تلك الكلف.
4 – أموالهم الوفيرة ستزول، كما زالت أموال قارون، فأموال الخسيس لموازين إبليس.
5 – ستورثهم خسارتهم أموالهم من غير أن تحقق مأربهم حسرة وندامة، فوق أنهم سيحاسبون عليها في الدنيا والآخرة، كونهم اختلسوها من مقدرات الأمة التي وهبها الله إياها لتقوى على أداء واجب الدعوة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات رمضانية منهج الله

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الماليزي يحاوِر شيخ الأزهر حول وسطيَّة الإسلام

افتتح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، والسيد داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، مجلسًا خاصًّا لعلماء وشباب الباحثين الماليزيين؛ للتناقش والحوار حول وسطية الإسلام وسماحته، والمنهج الإسلامي في تعزيز الأخوَّة والوئام في المجتمعات.  

رئيس الوزراء الماليزي يستقبل شيخ الأزهر ويؤكدان أهمية تعزيز التعاون العلمي والدعوي

وفي بداية كلمته، أكَّد شيخ الأزهر أنَّ أكثر ما يميز المجتمع الماليزي تعدُّدُ الأعراق والأديان، محذرًا من خطورة استغلال بعض التَّيارات المتطرفة والمتشددة للتعددية، وتصويرها جهلًا على أنها خطر على الإسلام والمجتمعات، مفنِّدًا زيف هذه الادِّعاءات؛ حيث استشهد فضيلته بتعاليم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين أنفسهم، الَّتي لخصها في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتَنا، فذلك المسلمُ الذي له ذمَّة الله وذمة رسوله، فلا تَخفِرُوا الله في ذمته» أي: لا تخونوا.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أرسى قواعد العلاقة التي تربط المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى وحدودها، وهي العلاقة المبنيَّة على الاحترام والتَّعايش المشترك، والتَّحلِّي بأخلاق الإسلام الذي لم يكتف بتحريم الاعتداء على الإنسان أيًّا كان دينه أو جنسه أو لونه، وإنَّما حرَّم الاعتداء على الحيوان والنبات والجماد، إلا فيما بيَّنَتْه الشريعة مما لا يعد اعتداء كذبح الحيوان لغرض الأكل وسد الجوع وبمقدار محدَّد، وأنَّ الإسلام وضع قواعد لحماية البيئة والمناخ، بما لا يسمح له من الاستجابة لشهواته ورغباته المادية، بما يؤثِّر سلبًا على البيئة، وأنَّه إذا كان الإسلام قد عُنِيَ بكل هذه الجوانب فكيف تكون عنايته بالإنسان حتى ولو كان غير مسلم!

وأكَّد فضيلته أن مسؤولية إقرار وتعزيز التَّعايش السِّلمي بين أتباع الديانات المختلفة، تقع على عاتق كل فردٍ في المجتمع، ولا يمكن تحقيقُها إلا من خلال الفهم الصحيح لرسالة الإسلام بشكل خاص والأديان بشكل عام، التي جاءت لإسعاد الإنسان وانتشاله من مخاطر تأليه المادة والسعي لإشباع الغرائز دون التنبه لما قد ينتج عن ذلك من حروب وصراعات، وأنَّ الدين هو السبيل الأوحد للتحكم في غرائز الإنسان وتوجيهها بما فيه مصلحته ومصلحة المجتمع.

شيخ الأزهر يحذر من بعض التيارات التي تحاول تغذية التعصُّب والكراهية بين المسلمين

وحذَّر شيخ الأزهر من بعض التيارات التي تحاول تغذية التعصُّب والكراهية بين المسلمين، وتزكية الصِّراعات المذهبية وتوجيه اهتمامات الشباب المسلم لبعض القضايا التي تشغلهم عن النظر والاهتمام بقضايا أهم، وإعادة إحياء لصراعات وقضايا تؤرِّق المجتمع المسلم وتعمل على إضعافه وتشتته، وبث الفرقة والشقاق فيما بين أبنائه، مشددًا على أن الأولى في هذا الوقت الحرج أن تتجه الجهود لما فيه وحدة الأمَّة وتماسكها لتحقيق نهضتها المنشودة.

وحرص شيخ الأزهر على الاستماع لآراء بعض الشباب الماليزي ومناقشتهم فيها، والإجابة على تساؤلاتهم فيما يتعلق بالعلاقة بين مدارس الفكر الإسلامي، وكيفية استثمار التعدديَّة لما فيه صالح الأمة، كما ناقش فضيلته بعض الفتيات عن حقوق المرأة في الإسلام، وكيف كفل الإسلام للمرأة حقَّها في التعليم والمشاركة الإيجابيَّة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك من الموضوعات التي كانت محل نقاش من الشباب الماليزي المشارك.

من جهته، أعرب رئيس الوزراء الماليزي، عن سعادته بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر في هذا اللقاء المهم، وتقديره لحرص فضيلته على مناقشة الشباب الماليزي في أفكارهم ومحاورتهم دون قيود، مؤكدًا أن بلاده ممتنة لفضيلة الإمام الأكبر ولفكر الأزهر الوسطي الذي صدَّرَ للعالم -ولا يزال- علوم الدين والدنيا، وأن ماليزيا حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر الشريف، والاستفادة من برامج تدريب الأئمة التي تستضيفها أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتمنياته بأن تكون زيارة شيخ الأزهر لماليزيا بداية لعدد غير محدود من المشروعات والمبادرة المشتركة مع الأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • مؤشرات إيجابية في غزة تنتقل تداعياتها إلى لبنان
  • تأملات قرآنية
  • كيف أنقذ أختي من أزمة الطلاق التي حلّت بها..
  • رئيس الوزراء الماليزي يحاوِر شيخ الأزهر حول وسطيَّة الإسلام
  • ترك: الوقوف ضد القتلة ومجموعات السرقه والنهب وقوف ضد الباطل
  • سالم الشحاطي.. هل اقترب الإفراج؟!
  • لبنان رهينة السباق بين التسوية وتوسيع الحرب
  • معركة البحث عن الحقيقة !
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • لبنان بين حرب حقيقية وأخرى نفسية