قال شهود عيان فلسطينيون من غزة، إن عشرات الجرافات والشاحنات العملاقة، والتي حرم القطاع منها رغم المناشدات من أجل انتشال الشهداء والمصابين من تحت الركام، تعمل بشكل متواصل، من أجل إنشاء الرصيف البحري الذي تحدثت عنه الولايات المتحدة.

وسبق للرئيس الأميركي جو بايدن أن أعلن في السابع من مارس/آذار الحالي أنه كلف جيشه بإنشاء ميناء مؤقت في سواحل غزة لإدخال المساعدات.



والشهر الماضي أعلن متحدث وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن تفاصيل الميناء الذي سيبلغ طوله 500 متر ويستغرق بناؤه نحو شهرين، فيما رحبت إسرائيل بالفكرة وزعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتصريحات صحفية له، أنه "صاحب فكرة الميناء".

المهندس المدني الفلسطيني فتحي رياض، يقول إن "بناء الرصيف البحري يحتاج إلى مئات آلاف الأطنان من ركام المنازل المدمرة وهذا يعني جمعه من جميع مناطق مدينة غزة باعتبارها الأقرب للميناء الجديد".

وأضاف رياض للأناضول: "نقل هذه الأطنان من الركام يحتاج إلى عدد كبير من الشاحنات والجارفات العملاقة وبالتالي لا يمكن الاعتماد على ما هو متوفر من آليات في القطاع لدى الشركات المحلية لأنها ذات إمكانيات ضعيفة".

ويشير إلى أن عشرات الآليات الضخمة دخلت إلى غزة خلال الأسابيع الماضية وبدأت بالفعل بنقل كميات هائلة من ركام المنازل إلى الميناء الجديد.

ويتوقع أن يتم الانتهاء من بناء الرصيف البحري الجديد خلال فترة لا تزيد عن 3 أشهر في ظل الإمكانيات الضخمة المتاحة لذلك سواء من آليات وقوات أمريكية تساهم في المشروع.

ويقول فلسطينيون نزحوا مؤخرا من مدينة غزة إلى جنوب القطاع عبر شارع "الرشيد" المحاذي لشاطئ البحر، إنهم شاهدوا عشرات الشاحنات تنقل ركام المنازل التي قصفتها إسرائيل في مناطق متفرقة من مدينة غزة إلى منطقة الميناء الجديد.



ويضيف الشهود أن مئات المنازل التي دمرتها إسرائيل ما يزال تحت أنقاضها جثث للشهداء لم تتمكن طواقم الانقاذ من انتشالهم بسبب ضعف الإمكانيات، ومن المؤكد أن كميات الركام الكبيرة التي يتم نقلها ممزوجة بأشلاء أو حتى دماء ضحايا العدوان.

وحسب تقرير أعده مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، نشره الخميس الماضي، حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فإن آلاف الأشخاص ما زالوا مفقودين جراء العدوان على غزة، مبينا أن كثيرا من المفقودين مطمورون تحت منازلهم المدمرة.

كما قال رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية، محمد اشتية، خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة في رام الله الاثنين، إن رصيف الممر المائي الذي يتم بناؤه على شاطئ غزة "رصيف برائحة الموت".

وأضاف اشتية: "هل يعقل أن رصيف الممر المائي الذي يتم بناؤه على شاطئ غزة من مخلفات المباني المهدمة معجون بجثامين الشهداء التي كانت مدفونة تحت الركام؟ هذا رصيف لممر مائي برائحة الموت".

ويقول المحلل السياسي الفلسطيني أسامة عبد الهادي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تتذرعان بالإنسانية فيما يتعلق ببناء الميناء الجديد على شاطئ بحر غزة وبالواقع هم بعيدون عن الإنسانية".

ويضيف عبد الهادي: "لو كانوا صادقين لقاموا بإدخال الشاحنات والجارفات العملاقة التي دخلت غزة لبناء الميناء، من أجل إنقاذ آلاف الجرحى الذين ظلوا ينزفون حتى الموت تحت أنقاض المنازل التي دمرتها دولة الاحتلال".

ويتابع: "هذه الآليات والمعدات دخلت غزة من أجل بناء ميناء يحقق مصالح إسرائيل بالسيطرة على شاطئ غزة ومحاولة تهميش معبر رفح البري على الحدود مع مصر وانتزاع السيادة الفلسطينية عليه، إضافة لتشجيع الفلسطينيين على الهجرة عبر الرصيف الجديد".

ويعتقد عبد الهادي أن الترحيب الإسرائيلي بإنشاء الميناء وتفعيل الممر البحري يثير شكوكا، فإسرائيل تحاصر غزة وتغلق معابرها وتعرقل دخول المساعدات ومن غير المعقول أن تقدم على هذه الخطوة إلا إذا كانت تحقق لها مصلحة خفية ويبدو أنها مرتبطة فعلاً بتشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع.

وكان نتنياهو قد صرح بذلك الأسبوع الماضي، وفقا لقناة كان الإسرائيلية، خلال اجتماع خاص للجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست.

وفي نقطة أخرى، يرى المحلل السياسي، أن الميناء وإدخال المساعدات الإنسانية عبره سيكون ذريعة للولايات المتحدة وإسرائيل للسيطرة على جزء من شاطئ غزة تحت حجة حماية الميناء وتسهيل وصول المساعدات ومنع حركة "حماس" من السيطرة عليها.

ويقول: "شاطئ بحر غزة هو المتنفس الوحيد لسكان القطاع وكان قبل الحرب يزدحم بالمقاهي والمطاعم والأماكن الترفيهية وتواجد قوات أمريكية أو إسرائيلية للحماية المزعومة للميناء سيعني منع الفلسطينيين من الوصول إلى مساحة واسعة من الشاطئ وهي المساحة الأهم لأن الميناء يتم بناؤه في أكثر منطقة حيوية".

واعتبر أن هذا الميناء الأمريكي هو أداة لتشديد الحصار على الفلسطينيين، موضحا أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي حضور لحماس ومؤسساتها أو حتى المؤسسات الفلسطينية المحلية في آلية عمل الميناء وبالتالي فإن الميناء سيعمل وفقاً للرغبة والقيود التي تريدها إسرائيل.

ورأى أن "هذا الميناء احتلالي ويسمح بدخول الجيش الأمريكي لتخوم غزة".

وقال فخري: "إنها المرة الأولى التي أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني".

ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه "خبيث" جاء استجابة لمصالح انتخابية، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الرصيف البحري الاحتلال امريكا غزة الاحتلال رصيف بحري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة على شاطئ شاطئ غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

بين ركام الحرب وأمواج البحر.. "عوض" يوفر "لحظة استجمام" للصامدين في غزة

غزة - آية صمامة - صفا

لم تعد رؤية "استراحة سياحية" على شاطئ بحر مدينة غزة أمرًا اعتياديًا كما كان سابقًا، لكن الشاب محمد عوض أصر على توفير متنفس بسيط للمواطنين الذين يعيشون حرب إبادة إسرائيلية، رغم المخاطر والصعوبات التي تكاد لا تحصى.

رفض خريج الصحافة والإعلام الاستسلام للظروف القاهرة التي فرضتها الحرب، ورفع أنقاض مشروعه المُدمّر على ساحل المدينة الحزينة، وبدأ من جديد، "لا بهدف الربح"، كما يقول، "بل لتثبيت الصامدين".

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، حصدت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة، أكثر من 41500 شهيد، و96 ألف جريح، و10 آلاف ما زالت جثامينهم تحت الأنقاض، عدا عن تدمير نحو ثلثي المباني السكنية، والبنية التحتية والخدمية، والمنشآت الاقتصادية.

استثمر عوض (32 عامًا) حياته العملية في مجال الترفيه وخدمات الاستراحات على شاطئ بحر غزة منذ صغره، إذ بدأ العمل في هذا المجال حين كان طالبًا في المرحلة الإعدادية.

على مدار 18 عامًا، اكتسب عوض خبرة في إدارة المشاريع الترفيهية، وأطلق مشروعه الخاص في سن الـ26، وكان يوفر للمصطافين خيامًا وطاولات وكراسٍ ومظلات، كما أدار "كافتيريا" وأكشاكًا تقدّم المأكولات والمشروبات على شاطئ غزة.

لكن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية لم تُمهل عوض- كما كل الفلسطينيين في القطاع- طويلًا؛ فتعرض مشروعه للتدمير الكامل جرّاء القصف، ولم تنجُ أيّ من مرافقه أو تجهيزاته.

حين عاد عوض إلى موقع مشروعه بعد انسحاب قوات الاحتلال من مدينة غزة، اصدم بمشهد مؤلم، إذ اختفى كل ما بناه على مدار سنوات.

ورغم صعوبة الموقف وشعوره بالحزن العميق، تقبّل الشاب الأمر بصبر ورباطة جأش، ولم يرضخ للإحباط، وجرت على لسانه كلمات: "الحمد لله.. زينا زي الناس".

رفض محمد النزوح قسرًا إلى جنوبي القطاع حيث توجد عائلته، وأصرّ على البقاء في مدينة غزة، والعمل على إعادة بناء مشروعه، إيمانًا منه بـ"أهمية استمرار الحياة حتى في أحلك الظروف".

واجه عوض تحديات كبيرة في إعادة بناء مشروعه، خاصة مع الارتفاع الهائل في أسعار المواد والمستلزمات بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد.

ويقول لوكالة "صفا": "ارتفع سعر لوح الخشب من 100 شيكل إلى 300، وسعر الكرسي الواحد من 15 و30 شيكلًا، إلى 70، حتى المظلات والأراجيح الخشبية تضاعفت تكلفتها بشكل لا يُصدق".

كان عوض يقضي يومه كاملًا في البحث عن الكراسي والمظلات، حتى المستلزمات البسيطة مثل السكر الذي يُحلي فيه شاي زبائنه وسط الواقع المُر، ويقول إنه يحاول "الاستمرار في تقديم الخدمات بأسعار معقولة".

ورغم الأوضاع المتوترة والقصف الإسرائيلي الذي لا يتوقف، شهد مشروع عوض إقبالًا جيدًا من العائلات التي تقصد شاطئ بحر المدينة الحزينة لتسترق لحظات بعيدًا عن ركام المنازل والدمار.

ويضيف عوض "لا أضع نصب عيني الربح الكبير، بل تقديم تجربة ترفيهية للناس تسهم في تخفيف معاناتهم؛ فالبحر هو المنفذ الوحيد في غزة للهرب من أجواء حرب الإبادة".

يؤمن محمد أن ما يفعله أكثر من مجرد عمل تجاري؛ "بل مساهمة صغيرة لإعادة الحياة، وإدخال البهجة في نفوس الزبائن الذين يبحثون عن بصيص أمل وسط الظروف الصعبة، وإعطائهم فرصة للابتعاد عن الواقع الأليم ولو للحظات قليلة من الزمن".

وترتسم البسمة على وجوه زبائن عوض الذين يقصدونه في ساعات العصر، ويغادرون مع مغيب الشمس، لكن ملامح المدينة الحزينة لا تفارق وجوههم.

يضرب الشاب، الذي أصبح مصدر إلهام للكثيرين حوله، مثالًا حيًا على قوة إرادة الفلسطينيين وصمودهم في أرضهم؛ فما فعله ليس قصة شاب يعيد بناء تجارته، بل قصة مجتمع بأكمله ينتزع الحياة من أنياب الموت.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تكشف نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل لاغتيال نصر الله
  • الرئيس السريلانكي الجديد وإجراءات التقشف التي فرضها الغرب
  • من بينها قناع مُذهَّب.. هذه هي القطع الأثرية التي استردتها مصر من أمريكا
  • فيفا يكشف عن ملاعب كأس العالم للأندية 2025 التي ستقام في أمريكا
  • العرفي؛ المحافظ الجديد مُطّلع ويعلم خبايا السوق الموازي والاعتمادات والشركات التي تتعامل مع المركزي
  • هل تحاول إسرائيل جر أمريكا إلى حرب ضد إيران؟
  • وصول ناقلة وقود “الديزل” إلى رصيف طبرق البحري لتعزيز إمدادات الوقود
  • امريكا “صديقة”العراق تقف ضده وتنضم للكويت بغلق منفذه البحري الوحيد وانتهاك سيادته
  • بين ركام الحرب وأمواج البحر.. "عوض" يوفر "لحظة استجمام" للصامدين في غزة
  • “باعور” يجري عدة لقاءات على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك