كيف تحول داعش خرسان إلى أكثر فروع التنظيم المتطرف إثارة للرعب؟
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
أشرف الشاب، ثناء الله غفاري، (29 عاما)، زعيم داعش-ولاية خراسان، على عملية تحول جعلت من هذا الفرع الأفغاني أحد أكثر فروع الشبكة العالمية للتنظيم المتشدد إثارة للرعب وقدرة على تنفيذ عمليات بعيدة عن قواعده في المناطق الحدودية بأفغانستان.
وأعلن داعش، مسؤوليته عن إطلاق نار جماعي وقع، الجمعة الماضي، في قاعة للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو وأدى إلى مقتل 139 شخصا على الأقل.
وقالت واشنطن، إنها حذرت روسيا هذا الشهر من هجوم وشيك. وقال مصدر مطلع على هذه المعلومات، إن واشنطن استقت ذلك من تجسس على "دردشة" بين مقاتلي تنظيم داعش-ولاية خراسان. لكن وزارة الخارجية الروسية شككت في مسؤولية التنظيم.
وقال خبراء أمنيون، إن اكتشاف جوازات سفر طاجيكية مع المسلحين الذين اعتقلتهم السلطات الروسية يشير إلى وجود صلة محتملة بجماعة غفاري التي تستقطب أفرادا بكثافة من الدولة الفقيرة في آسيا الوسطى.
"نهج متشدد"وفي السنوات القليلة الماضية، دأب تنظيم غفاري على مهاجمة روسيا ردا على تدخلها الذي ساعد في إلحاق الهزيمة بعمليات داعش في الحرب الأهلية السورية.
وقال مصدران من طالبان الأفغانية والباكستانية لرويترز، إن تقارير أولية أفادت بمقتل غفاري في أفغانستان في يونيو حزيران الماضي لكنه هرب جريحا عبر الحدود إلى باكستان ويعتقد أنه يعيش في إقليم بلوخستان الحدودي الذي يغيب فيه تطبيق القانون. ولم ترد وزارة الخارجية الباكستانية على طلب للتعليق على مكان وجود غفاري.
وعُين غفاري أميرا لداعش- ولاية خراسان في عام 2020، وعزز سمعة التنظيم في تبنيه لنهج متشدد وتنفيذه لهجمات كبيرة.
وجذب تنظيم داعش-ولاية خراسان الاهتمام العالمي بتفجير انتحاري في عام 2021 في مطار كابول الدولي أثناء الانسحاب العسكري الأميركي، أدى إلى مقتل 13 جنديا أميركيا وعشرات المدنيين.
وفي سبتمبر أيلول 2022، أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري على السفارة الروسية في كابول أسفر عن سقوط قتلى.
لكن ربما وقعت العملية الأكثر جسارة حتى الآن في يناير بتفجير انتحاري مزدوج في إيران أدى إلى مقتل نحو 100 شخص أثناء تأبين قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، بالقرب من قبره في أكثر الهجمات دموية على الأراضي الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
ولم يكن يُعرف سوى القليل عن غفاري قبل الهجوم على مطار كابول عام 2021، مما دفع واشنطن إلى إعلان مكافأة قيمتها عشرة ملايين دولار لمن يأتي برأسه.
وقالت مصادر من طالبان، إنه أفغاني طاجيكي كان جنديا في الجيش الأفغاني وانضم لاحقا إلى تنظيم داعش-ولاية خراسان الذي تشكل في أواخر عام 2014.
"أداة استقطاب"وتحدثت رويترز إلى أكثر من 12 مصدرا، من بينهم مسؤولو أمن ومخابرات حاليون ومتقاعدون في أفغانستان وباكستان والعراق والولايات المتحدة، بالإضافة إلى أعضاء من حركة طالبان الأفغانية والباكستانية الذين قالوا إن تنظيم داعش، استغل عدم قدرة طالبان على القضاء على قواعده الآمنة في شمال وشرق أفغانستان للتوسع إقليميا.
وقالت المصادر، إنه في عهد غفاري، استخدم التنظيم هجمات كبيرة كأداة لاستقطاب الطاجيك والأوزبك في أنحاء آسيا الوسطى وليس الأغلبية البشتونية في أفغانستان التي تشكل العمود الفقري لطالبان.
واستمد التنظيم اسم خراسان من كلمة قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان بالإضافة، إلى مناطق من طاجيكستان وأوزبكستان. وتتعهد دعايتها التي تترجمها إلى اللغات الإقليمية بالإضافة إلى الإنجليزية بإقامة خلافة تمتد على ربوع هذه المنطقة.
وقال إسفنديار مير، الخبير الكبير في شؤون أمن منطقة جنوب آسيا في معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو مركز بحثي حكومي مقره واشنطن "يسعى تنظيم داعش-ولاية خراسان... إلى التفوق في الأداء على الجهاديين المنافسين عبر تنفيذ هجمات أكثر جرأة لتتميز رايته، وكي يقتنص وينتزع من المنافسين موارد من المؤيدين المحتملين".
وعلى خلاف الهجمات الانتحارية الكبيرة السابقة التي نفذها تنظيم داعش-ولاية خراسان، سعى المسلحون يوم الجمعة إلى الفرار واعتقلتهم السلطات الروسية على بعد نحو 300 كيلومتر غربي موسكو، مما أثار بعض الشكوك في روسيا حول مدى كونهم جهاديين حقا.
وفي صور لم يتم التحقق منها نشرتها وسائل إعلام روسية، قال أحد المشتبه في أنهم من المهاجمين لأحد المحققين، إنه عُرض عليه نصف مليون روبل (ما يزيد قليلا عن 5000 دولار) لتنفيذ الهجمات.
وقال كولين كلارك، من مركز سوفان البحثي المتخصص في قضايا الأمن العالمي ومقره نيويورك إن هناك عددا من الأمثلة على هروب مسلحين إسلاميين بدلا من تنفيذ عمليات انتحارية، مثل مسلحي داعش، الذين فروا بعد الهجوم على قاعة باتاكلان للحفلات الموسيقية في باريس في نوفمبر تشرين الثاني 2015.
وأضاف كلارك "ربما شغلهم تنفيذ هجوم لاحق"، وأن المهاجمين ربما تجنبوا أيضا شراء أو نقل متفجرات لتقليل فرص كشف أمرهم.
وقال فرانك ماكنزي، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية التي تغطي آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وأيضا جزءا من جنوب آسيا، إن هجوم موسكو يتسق مع الهدف البعيد لتنظيم داعش-ولاية خراسان المتمثل في زيادة عملياته الخارجية التي تتضمن استهداف الولايات المتحدة.
وقال ماكنزي الذي كان قائدا للقوات الأميركية في المنطقة أثناء الانسحاب من أفغانستان "ما زالوا مصممين على مهاجمتنا ومهاجمة وطننا... أعتقد أن احتمالات ذلك ربما تكون أعلى الآن مما كانت عليه قبل عامين".
مجندون دوليونوقالت وزارة الخارجية الأميركية في إعلان مكافأتها إن غفاري، المعروف باسمه الحركي شهاب المهاجر، قائد عسكري محنك دبر لهجمات انتحارية لتنظيم داعش-ولاية خراسان في كابول.
وقالت أيضا، إن عصمت الله خالوزاي الذي كان يدير شبكة من التحويلات المالية غير الرسمية، تُعرف باسم حوالة، من تركيا، هو "الميسر المالي الدولي" للتنظيم.
وجاء في تقرير صدر في يوليو 2023 مقدم إلى مجلس الأمن الدولي عن التهديد الدولي الذي يشكله تنظيم داعش، أن عدد أفراد تنظيم داعش-ولاية خراسان يتراوح بين أربعة آلاف وستة آلاف على الأرض في أفغانستان من بينهم المقاتلون وأفراد من أسرهم.
ويقول خبراء أمنيون، إن توسع التنظيم يعود إلى انهيار تنظيم داعش في الحرب في العراق عام 2017.
وقال مسؤول أمني عراقي كبير طلب عدم نشر هويته إن كثيرين من المقاتلين الأجانب فروا من العراق إلى أفغانستان وباكستان للانضمام إلى تنظيم داعش-ولاية خراسان، حاملين معهم خبرات في حرب العصابات طورت قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات في إيران وتركيا وأفغانستان.
وأضاف المسؤول، أن الأمن العراقي يعتقد أن تنظيم داعش-ولاية خراسان يعمل على إنشاء شبكة إقليمية من الخلايا المقاتلة الجهادية التي قد تساعد في تنفيذ هجمات دولية، بناء على معلومات من العشرات من مجندين كبار في تنظيم داعش اعتقلوا في العامين الماضيين.
ويتبع المسؤول العراقي وحدة أمنية تراقب أنشطة تنظيم داعش في العراق والدول المجاورة. ومضى يقول إن اثنين من كبار قادة تنظيم داعش العراقيين الذين اعتقلتهم تركيا في ديسمبر، وسلمتهم لبغداد، قالوا للمخابرات العراقية إنهما كانا يتواصلان مع غفاري للحصول على دعم مالي ولوجستي عبر تبادل رسائل مع عضوين طاجيكيين من تنظيم داعش-ولاية خراسان في تركيا.
وقال مسؤول مخابرات في طالبان، إن 90 بالمئة من قيادات تنظيم داعش-ولاية خراسان هم الآن من غير البشتون. والطاجيك والأوزبك هما المجموعتان العرقيتان الكبيرتان الأخريان اللتان تسكنان شمال أفغانستان.
وقال مولاي حبيب الرحمن، وهو زعيم كبير سابق لتنظيم داعش-ولاية خراسان استسلم لطالبان، لوسيلة إعلام أفغانية تدعى (المرصاد) في نوفمبر تشرين الثاني، إن التنظيم نجح أيضا في تجنيد مواطنين طاجيك.
وأضاف حبيب الرحمن "قيل لهم أنكم كنتم كفارا وأصبحتم الآن مسلمين من جديد" بعد انضمامهم إلى تنظيم داعش-ولاية خراسان. وأضاف أن المجندين يقولون إن الحكومة الطاجيكية مؤلفة من "كفار" وأن تنظيم داعش-ولاية خراسان يريد إنقاذ المسلمين المضطهدين.
وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر في يناير 2024 حول التنظيم إلى أن التنظيم كثف جهوده لتجنيد مقاتلين أجانب وأعضاء خاب أملهم في طالبان، مع التركيز بشدة على الطاجيك. وجاء في التقرير إن المواطن الطاجيكي، خوكوماتوف شامل دوديودويفيتش، الملقب بأبو مسكين، أصبح مسؤولا نشطا عن الدعاية والتجنيد.
ويبلغ عدد سكان طاجيكستان، وهي دولة ناطقة بالفارسية وأغلبية سكانها من المسلمين السنة، عشرة ملايين نسمة. وبعد حرب أهلية طاحنة في التسعينيات، ما زالت واحدة من أفقر الجمهوريات السوفيتية السابقة. ويعتمد اقتصادها كثيرا على التحويلات المالية لأكثر من مليون عامل مهاجر في روسيا.
وقال مسؤولون طاجيك إن كثيرين من الطاجيك المقيمين في روسيا يشتكون من سوء المعاملة مما يجعلهم أهدافا أسهل للمتطرفين لاستقطابهم أثناء وجودهم بعيدا عن وطنهم.
روسيا والغرب في مرمى نيران التنظيمقبل يوم واحد من هجوم موسكو، قال مسؤول عسكري كبير للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي إنه تبين أن جهود طالبان لقمع تنظيم داعش-ولاية خراسان في أفغانستان ليست كافية.
وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، في شهادة مكتوبة إن طالبان استهدفت بعض كبار قادة تنظيم داعش-ولاية خراسان، لكن لم تكن لديها القدرة أو النية لمواصلة الضغط على التنظيم. وأضاف أن هذا سمح لتنظيم داعش-ولاية خراسان بتجديد شبكاته.
وقال كوريلا في جلسة استماع للجنة بمجلس الشيوخ هذا الشهر "يمتلك تنظيم داعش-ولاية خراسان القدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في الخارج في غضون نحو ستة أشهر، دون إنذار أو بقليل منه".
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم إدارة طالبان في كابول، إن حملة أمنية أضعفت بشدة تنظيم داعش-ولاية خراسان، ولا ينفذ التنظيم إلا عمليات نادرة ضد المدنيين. ونفى أن التنظيم يتخذ من الأراضي الأفغانية قاعدة، لكنه قال إن مكان تمركزها غير واضح.
وقال تقرير الأمم المتحدة الصادر في يناير، إن تراجع هجمات تنظيم داعش-ولاية خراسان داخل أفغانستان ربما يكون تجليا لتغير في استراتيجية غفاري، فضلا عن جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها طالبان.
ونفذت السلطات في كثير من الدول الأوروبية سلسلة من الاعتقالات لأشخاص يعتقد أنهم من تنظيم داعش-ولاية خراسان في يوليو وديسمبر من العام الماضي، لاتهامهم بالتدبير لهجمات إرهابية.
وقالت كريستين أبي زيد، مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أمام لجنة بمجلس النواب الأميركي في نوفمبر الثاني، إن تنظيم داعش-ولاية خراسان استخدم حتى الآن "مجندين غير محنكين" في محاولات تنفيذ هجمات في أوروبا.
وقالت فرنسا التي تستضيف دورة الألعاب الأولمبية بدءا من أواخر يوليو، في وقت متأخر من مساء الأحد، أنها رفعت مستوى التحذير من الإرهاب إلى أعلى مستوى بعد إطلاق النار في موسكو.
وقال خبراء أمنيون، إن تنظيم داعش-ولاية خراسان ركز اهتمامه على روسيا في العامين الماضيين وانتقد التنظيم بوتين لتغييره مسار الحرب الأهلية السورية بدعمه الرئيس بشار الأسد ضد داعش.
وقال آرون زيلين، الزميل الكبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز بحثي أمريكي، "خطط تنظيم داعش-ولاية خراسان لشن هجمات داخل روسيا منذ فترة". وأضاف أن محاولات التنظيم في الآونة الأخيرة لضرب روسيا باءت بالفشل.
وقال جهاز الأمن الاتحادي الروسي (إف.إس.بي) في السابع من مارس آذار، إنه أحبط هجوما مسلحا شنه التنظيم على معبد يهودي بالقرب من موسكو.
وقال زيلين إن شبكات تنظيم داعش-ولاية خراسان وسط مجتمعات الطاجيك وآسيا الوسطى ربما يسرت جهود تنفيذ عمليات في موسكو حيث يوجد عدد كبير من المهاجرين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی أفغانستان تنفیذ هجمات آسیا الوسطى
إقرأ أيضاً: