لويس الـ15.. ملك حكم فرنسا وهو ابن 5 سنوات
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
لويس الـ15 ملك حكم فرنسا وهو ابن 5 أعوام وذلك من 1715 إلى 1774، أصبح ملكا لفرنسا ونافارا يوم الأول من سبتمبر/أيلول 1715 بعد وفاة جده الأكبر لويس الـ14 فأصبح وريثه.
لقّب بـ"المحبوب" لحسن معاملته رعيته، لكن سياسيا وجهت إليه انتقادات عدة، خصوصا أن فرنسا كانت تعيش حالة ضعف خلال فترة حكمه، إضافة إلى تزامن اندلاع حرب السنوات السبع التي امتدت من عام 1756 إلى 1763.
يعد الملك ما قبل الأخير في فرنسا، إذ بعد وفاته يوم 10 مايو/أيار 1774 ورث عنه الحكم حفيده لويس الـ16 الذي في عهده سقط النظام الملكي بسبب اندلاع الثورة الفرنسية ونجاحها عام 1789.
المولد والنشأةولد لويس الـ15 يوم 15 فبراير/شباط 1710 في مدينة فرساي شمال فرنسا، وترعرع في القصر الملكي.
توفي والده دوق بورغوندي عام 1712 وهو ابن السنتين، وبعده بقليل توفيت والدته ماري أديلايد دي سافوي، وورث الحكم عن جده لويس الـ14 لوفاة أبيه في فبراير/شباط 1712، قبل أن ينتهي حكم جده.
عاش طفولة حزينة بسبب فقدانه والديه، لكنه سرعان ما تسلم العرش عام 1715 وعمره لم يتجاوز 5 أعوام، وتولى دوق أورليانز الوصاية وناب عنه في الحكم إلى حين وصوله سن البلوغ.
عندما بلغ سن العاشرة من عمره بدأ إعداده لتقلد الحكم، وحرص دوق أورليانز على أن يحضر اجتماعات مجلس الحكومة، جعلت منه الظروف العائلية التي عاشها في طفولته في ما بعد إنسانا طيبا حساسا وخجولا وكتوما، وواجه صعوبات عديدة خلال توليه منصبه ملكا.
المسار التعليمياهتم بالتعليم منذ نعومة أظافره، وتلقى تعليما صارما من قبل المكلفين بأمور الملك، وفي عام 1726 شغل المارشال والكاردينال دي فيليروي منصب الحاكم باسم الملك، وكان معلمه والمشرف على مساره التعليمي، وكان يبلغ 73 عاما ويعد أكبر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا، واستمر في منصبه حتى وفاته عن سن يناهز 90 عاما.
توجه الاهتمام التعليمي للملك الشاب إلى العلوم الدقيقة وعلم النبات والطب وعلم الفلك والجغرافيا والتاريخ حتى أصبح مثقفا وشغوفا بالعلم منفتحا على عدد من العلوم، وتحديدا علم النبات، وحرص على إثراء حدائق قصر فرساي.
عشق قراءة الكتب بلغات متعددة (فرنسية وألمانية وإنجليزية) وفي مجالات مختلفة، في مقدمتها العلوم والتاريخ، وألح على تجميعها في مكتبته الخاصة داخل القصر الملكي.
الأسرة الملكيةينحدر من أسرة ملكية تعود جذورها إلى سلالة البوربون الجديدة التي بدأت حكمها منذ عهد الملك هنري دي بوربون ملك فرنسا ونافارا بعد اغتيال ملك فرنسا هنري الثالث.
وبهذا الانتماء دخل لويس الـ15 في زمرة الملوك الأقوياء الذين حكموا فرنسا إلى غاية سقوطها في عهد حفيده لويس الـ16، وبعد وفاة جده الملك لويس الـ14 ترك له التاج وتقلد حكم فرنسا في الأول من سبتمبر/أيلول 1715، لكن بسبب صغر سنه تمت ممارسة الحكم بالوصاية.
تضاربت الروايات في شأن زواجه، بين من يقول إنه دخل القفص الذهبي عام 1723 وعمره 13 سنة وبين من يرى أن ذلك كان عام 1725 (وكان سنه 15 عاما).
ورغم هذا الاختلاف فإن هناك إجماعا على أنه تزوج من ماري ليسزينسكا أميرة وابنة ملك بولونيا المخلوع التي تكبره بـ5 سنوات على الأقل، وأنجب منها 10 أطفال، وتشير بعض التقارير إلى أنهم ولدوا بين عامي 1727 و1737.
وكانت له 8 فتيات -بينهن توأم- وطفلان ذكران، الأول سماه لودوفان، ولد عام 1729 وكان يفترض أن يكون وريث العرش، لكنه توفي عام 1765، والطفل الثاني فيليب ولد عام 1730 وتوفي وعمره 3 سنوات.
عاش أبناء الملك في جناح الأمراء الذي أطلق عليه في ما بعد اسم الجناح الجنوبي، لكن بمجرد بلوغ ولي العهد وخليفة عرشه السادسة من عمره تقرر نقله إلى جزء آخر من القصر، حيث خصصت له شقق في الطابق الأرضي.
اختار الملك الأب دير فونتيفرود لتعليم بناته، وعندما وصلن سن البلوغ عدن إلى فرساي، باستثناء ابنته الكبرى التي تزوجت عام 1739 من ابن عمها إنفانتي دوق بارما المستقبلي.
لويس الـ14 المعروف باسم لويس الكبير و"ملك الشمس" وهو جد الملك لويس الـ15 (غيتي) قرارات ملكيةعام 1722 قرر إرجاع الحكومة والمحكمة وإعادة تثبيتهما في قصر فرساي الذي ظل مهجورا منذ وفاة الملك لويس الـ14، وتخلى عنه من كانوا في السلطة في تلك الفترة.
لم يبدأ في الحكم عمليا حتى عام 1743 مباشرة بعد انتهاء مهمة الكاردينال دي فلوري القديم، وبوفاته تولى الملك شخصيا رئاسة مجلس الملك، لكن بعض الكتابات أشارت إلى ضعفه أمام وزرائه والأشخاص المفضلين لديه الذين يدعمهم البرلمان، ففي عام 1749 تم إفشال قراره الملكي الجريء الذي اقترحه بشأن إحداث إصلاح ضريبي يعرف بـ"العشرينية" يقر الضرائب على جميع المداخيل.
بعد فترة وجيزة من هذا القرار أعلن قرارا آخر يتم بمقتضاه إعادة استخدام شقق الملك وتجهيزها لتسمح له بالهروب من حشود المواطنين ومتاعب مهامه داخل البلاط.
التدريب السياسيتلقى لويس الـ15 تدريبا سياسيا عمليا على يد معلمه دوق أورليان وصي المملكة، ومنذ سن العاشرة بدأ يتابع اجتماعات المجالس الحكومية ويحضرها، كما شكلت الحروب التي خاضها الملك محطات عسيرة في حكمه استفاد منها دروسا سياسية في غاية الأهمية.
وطوال فترة حكمه كان يتعامل بحذر شديد ويتفادى الشطط في السلطة ويتحمل انتقادات المعارضة البرلمانية التي كانت من الناحية العددية محدودة، لكنها عمليا شرسة، خصوصا في ما يتعلق بمواجهتها إقرار الضرائب وبعض صلاحيات مجلس الملك.
وكشفت عدد من الكتابات أن الملك قبل وفاته ببضعة أعوام أجرى إصلاحات أخرى، مثل التوضيح التشريعي وتحديث الشرطة والشرطة الحضرية وغيرها من المقترحات التي لقيت ترحيبا من جميع المكونات السياسية.
وشكّل عام 1770 محطة سياسية عسيرة بالنسبة إليه بسبب إصدار قانون وصف بالسلطوي يقضي بإلغاء البرلمانات وتعويضها بمحاكم عليا شبيهة بمحاكم الاستئناف التي ظهرت في ما بعد بعدد من دول العالم.
وذهبت بعض التقارير الإعلامية الأخرى إلى اعتبار أن هذا الإجراء كان عصريا عقلانيا تلقاه الرأي العام بترحاب رغم أنه تطلب تغييرا دستوريا لم يتبنه الملك إلا بعد تردد كبير.
المارشال نيكولا دو فيليروي الذي شغل منصب الحاكم باسم الملك لويس الـ15 مؤقتا خلال وصايته عليه (غيتي) الحياة العسكريةتضاربت الكتابات في تقييم مرحلته من الناحية العسكرية، فقد ذهب فريق إلى القول إن مرحلته شهدت ضعفا عسكريا كبيرا استنادا إلى هزيمته في حرب السنوات السبع ضد المملكة المتحدة بين عامي 1756 و1763، وتداعيات الصراع الذي نشب بين فرنسا وإنجلتر، وما نتج عن ذلك من تغير في تحالفات فرنسا.
لم تقو فرنسا على منافسة بريطانيا من أجل الاستقرار في بعض مناطق أميركا الشمالية، وجلب هذا الصراع للملك متاعب كثيرة لم تنته إلا بعد التوقيع على معاهدة باريس عام 1763، والتي بموجبها انتهت الحرب بعد أن ألحقت المملكة البريطانية أضرارا فادحة بفرنسا، أبرزها ضياع جزء كبير من إمبراطورتيها الاستعمارية في أميركا الشمالية وخروجها منهكة اقتصاديا وسياسيا.
ورغم الانتقادات التي وجهت إليه في هذه الحرب بسبب الهزيمة التي لحقت بفرنسا فإن هناك بعض الكتابات اعتبرت أن خصمه لم يتمكن من اختراق أراضي المملكة باستثناء بعض الجزر وأن المعركة دارت خارج فرنسا.
واستنادا إلى بعض الكتابات اعتبر خصوم الملك أن فرنسا كتلة يصعب اختراقها، لأن قيادتها ذات خبرة وأنظمتها صلبة ومنضبطة تدافع عنها، وأنه تمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية لبلده، خصوصا في منطقتي لورين وجزر كورسيكا، وترك انطباعا مفاده أن الملكية بقيت صلبة وصمدت في وجه التهديدات.
وانطلاقا من هذه المعطيات ذهب فريق إلى القول إنه إلى غاية نهاية عهد لويس الـ15 لم تقهر فرنسا عسكريا، وخاض شخصيا حرب الخلافة النمساوية التي امتدت من 1740 إلى 1748، وحققت بلاده سلسلة من النجاحات.
الوضع الاقتصاديعندما تولى الحكم وهو صغير السن كان الوضع المالي والاقتصادي للبلاد مضطربا، لكن بعد عام 1726 وبعد انتهاء فترة الوصاية سرعان ما بدأت بعض المؤشرات الاقتصادية الإيجابية تلوح في الأفق، مثل استقرار العملة المحلية وإعادة إحياء بعض المصانع التي كانت تعاني صعوبات.
طوال فترة حكمه لم تتوقف عملية تشييد الطرق وبناء الجسور وتطوير شبكة القنوات، وانطلقت عملية تجديد المدن واختفت المظاهر العمرانية التي تعود إلى عهد القرون الوسطى، وتم بناء مدينتي بوردو ونانت اللتين أصبحتا تعرفان بأنهما مدينتا الملك لويس الـ15.
كما أدى التقدم العلمي الذي اهتم به الملك إلى تسجيل آثار إيجابية على الصناعة، واتخذ تدابير مهمة لمكافحة المجاعة من خلال بناء مخازن للحبوب في منطقتي ليون وليل، لتفادي الاضطرابات التي كانت تشهدها تجارة القمح بسبب التقلبات المناخية التي تعرّضها للصعود والهبوط غير المتحكم فيهما.
ماري ليسزينسكا زوجة الملك لويس الـ15 وهي أميرة وابنة ملك بولونيا المخلوع (آرت نت) اهتماماته المفضلةرغم مكانته ملكا حاكما فإنه كان يمارس عددا من الهوايات، وتشير بعض التقارير إلى اهتمامه بصناعة الساعات والأشياء الدقيقة، وبأوامره انكب في عهده عدد من الجغرافيين وعلماء الفلك على رسم خريطة البلاد.
كما كان يشجع الرحلات البحرية وتنظيم البعثات العلمية لجلب أنواع من النباتات من البلدان البعيدة، وفي حديقة قصره وفي حديقة تريانون النباتية أمر باعتماد تصنيف النباتات للعالم النباتي السويدي ليني.
وامتد اهتمامه بالأبحاث الأولى التي عرفها مجال الكهرباء، ففي عام 1746 أجرى أمامه داخل قصر فرساي العالم الفيزيائي الفرنسي جون أنطوان أبي نوليت -وهو أحد أشهر المحاضرين في باريس وصاحب كتب عديدة في الفيزياء- تجربة الزجاجة التي مكنت من الحصول على التفريغ الكهربائي.
عام 1763 أقنعته السيدة دو بومبادور ببناء قلعة جديدة أطلق عليها اسم "الجناح الصغير"، ليكون مقرا مستقبليا للملكة ماري أنطوانيت، فوافق الملك وأعطى أوامره بتجهيزه.
وذكرت تقارير عدة أن السيدة دي بومبادور كانت عشيقته وصديقته وأيضا مستشارته، ولعبت دورا أساسيا في حياته، كما أثرت عليه في الجانب الفني، ووُضع الرسام فرانسوا بوشيه رهن إشارتها، ودعمت عددا من الفنانين مثل النحات جون بابتيست بيكال.
الوفاةتوفي يوم 10 مايو/أيار 1774 في مقر إقامته بقصر فرساي بسبب إصابته بمرض الجدري، ودفن في مقبرة كنيسة بازيليك سان دونيس حيث قبور ملوك وملكات فرنسا.
وبما أن ابنه ولي العهد دوفين لويس ووريثه المفترض للعرش توفي قبله عام 1765 فقد خلفه حفيده أوغست لويس الـ16 الذي كان آخر ملوك فرنسا، وأسقطته الثورة الفرنسية عام 1789 وأعدمته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات
إقرأ أيضاً:
لماذا توترت العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وأذربيجان مؤخرا؟
الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ندد خلال مؤتمر المناخ بتاريخ الاستعمار الفرنسي وبما سماه "جرائم نظام الرئيس ماكرون" في أقاليم ما وراء البحار، خصوصًا في كاليدونيا الجديدة المستعمرة الفرنسية في المحيط الهادي التي تتهم باريس باكو بالتدخل في شؤونها.
تصريحات علييف أثارت استياء الوزيرة الفرنسية للتحول الطاقي الحاضرة في المؤتمر إذ عدّتها هجمات "غير مقبولة" على بلدها ورئيسها، مطالبة بوقف ما سمته "أعمال أذربيجان العدائية"، وألغت على إثرها حضورها في فعاليات "كوب29".
22/11/2024