عربي21:
2025-03-04@03:17:50 GMT

حرب الكتب في الغرب حول فلسطين

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

تعد حرب إسرائيل ضد غزة، أو ما يعرف في الأدبيات السياسية والعسكرية «طوفان الأقصى» مثل حرب أكتوبر، أو حرب أنوال من المنعطفات الكبرى في العلاقات الدولية، بحكم ما تحمله من تغييرات خاصة في رؤية الشعوب لممارسات الكيان، التي بلغت مستوى حرب الإبادة. ويدفع هذا المنعطف محللين وكتّابا إلى تأليف كتب حول الموضوع من باب التعاطف مع القضية، أو سد الحقائق بكل تجرد أو ممارسة التغليط.



وهكذا تنطلق حرب الكتب الجديدة حول القضية الفلسطينية، وإبان الحروب العسكرية أو بعد انتهائها تنطلق معركة الإعلام، لتحقيق النصر بشأن من سيفرض سردية، أو رواية رئيسية للأحداث. عملية فرض سردية واحدة، كما كان يحدث في الماضي، أصبحت عملية صعبة في وقتنا الراهن، إذ كان الإعلام الصهيوني بتأييد من الغرب يمتلك قوة في هذا الشأن بعد الحرب العالمية الثانية، نظرا لسيطرة اليهود على جزء مهم من الإعلام العالمي، وحاليا يسير الإعلام، كما يسير العالم نحو عالم متعدد الأقطاب، وتشهد الخريطة الجيوسياسية العالمية تغييرا، فخريطة الإعلام أو «الجيوإعلامية» تشهد تغييرا. علاوة على هذا، دور شبكات التواصل الاجتماعي في تقديم الحقائق، مهما كانت السيطرة على وسائل الإعلام الكلاسيكية.

إبان الحروب العسكرية أو بعد انتهائها تنطلق معركة الإعلام، لتحقيق النصر بشأن من سيفرض سردية، أو رواية رئيسية للأحداث وتعتبر فرنسا من الدول الغربية الأولى التي تشهد حرب الكتب، حول حرب قطاع غزة، بين كتب مؤيدة لفلسطين وأخرى موالية لإسرائيل، تعمل على تبرير همجيتها ووحشيتها. وكالعادة، اقتنص برنار هنري ليفي هذه الحرب ليصدر خلال الشهر الجاري كتابا بعنوان «عزلة إسرائيل»، وهو عنوان مخادع لا يعكس العزلة الحقيقية للكيان، بل يحاول أن يكسب تعاطف العالم معها. ويستهدف الكاتب الرأي العام الغربي، بعد أن بدأ ينتقد بقوة إسرائيل ويعتبرها مسؤولة عما يحدث، إذ يكفي رؤية مئات التظاهرات التي شهدتها المدن الأوروبية مثل باريس ولندن ومدريد وبرلين، والأمريكية مثل نيويورك وواشنطن وشيكاغو طيلة شهور الحرب للتنديد بإسرائيل. والاطلاع على الكتاب يعطي فكرة على أنه بيان، وليس كتابا فكريا  تحليليا، يتوخى المعالجة المنطقية للأحداث. ويبدو أنه مستوحى من برنامج الأحزاب المتطرفة اليهودية، وكذلك المسيحية التي تؤمن بالتفوق الأبدي للثقافة الغربية – اليهودية. لخداع القارئ الغربي، يقدم هنري ليفي الحرب ضد أوكرانيا وإسرائيل في كفة واحدة، بمعنى الدفاع عن العالم الغربي الحر، أمام موجة الأنظمة الشمولية، مستعيرا هذا التصور من أطروحات المفكرين التقليديين في الولايات المتحدة مثل صامويل هنتنغتون، ويروج لتآمر دول غير ديمقراطية مثل تركيا والصين وإيران وروسيا وحركات متطرفة مثل حماس وحزب الله لضرب الديمقراطيات الغربية. في المقابل، تشكل، وفق الكتاب، إسرائيل القلعة الحصينة لمواجهة هذه المخططات في الشرق الأوسط، وبناء على هذا، لا يتردد في تبرير حرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ولعل أشد انتقاد لعراب الحروب برنار هنري ليفي هو الصادر عن مواطنه الفرنسي المحلل الجيوسياسي باسكال بونيفاس، الذي قال في وصف الكتاب «يعد وثيقة لتبرير جرائم إسرائيل الوحشية». وسخر من هنري لأنه يدعي انتماءه إلى اليسار، بينما كتابه يعتبر ناطقا باسم حكومة نتنياهو التي تضم الأحزاب الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان الصهيوني. وفي المعسكر المضاد لهنري ليفي، أصدر الكاتب وعقيد الاستخبارات السويسري السابق جاك بود كتابا في فرنسا، خلال الشهر الجاري يحمل عنوانا مثيرا وهو «هزيمة المنتصر». الكتاب وثيقة تاريخية مهمة، يعالج قضية فلسطين منذ القرن التاسع عشر، وكان المؤلف بصدد تأليف كتابه حول فلسطين منذ أكثر من سنة، واندلعت الأحداث، ما جعله يقرر الإسراع في نشره مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الأخيرة التي تشكل منعطفا. الكتاب يعترف بقوة إسرائيل، لكنه يرى الكيان هو الخاسر الحقيقي، لأن الفلسطينيين ربحوا الحرب المعنوية والسياسية على المستوى العالمي، بعدما جعلوا القضية الفلسطينية تعود الى الأجندة الدولية من جهة، ومن جهة أخرى بدء تفكير العالم في ضرورة إيجاد حل لهذا النزاع قبل أن يؤدي إلى حرب شائكة في الشرق الأوسط. ونظرا لعمله السابق في الأمم المتحدة كمسؤول عن تطوير مخططات حل النزاعات، يعترف بتورط الغرب في خرق القانون الدولي مقابل دعم مطلق لإسرائيل رغم ارتكابها للجرائم. وأصدر المفكر الفرنسي ألان غريش نهاية الشهر الماضي، نسخة محينة من كتابه «إسرائيل وفلسطين، حقائق حول النزاع»، وهو كتاب صدر منذ سنوات وأصبح مرجعا حول منطقة الشرق، التي يسميها «الشرق المعقد». غير أن هذا المثقف الملتزم الذي كان مديرا للمجلة الشهرية الشهيرة «لوموند دبلوماتيك»، أكد أنه اضطر الى إصدار نسخة جديد من الكتاب بتحديث بعض فصوله، وإضافة أخرى نظرا للتأثير الجيوسياسي الكبير لطوفان الأقصى. ويؤكد في هذا الكتاب مواقفه الفكرية والسياسية السابقة، التي تتجلى في تحميل الغرب استمرار مأساة فلسطين لدعمه لإسرائيل، ويبرز كيف فقد الغرب الكثير من أخلاقه لدعمه إسرائيل التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية. في الوقت ذاته، لا يتردد في انتقاد مفكرين فرنسيين ينحازون للعدوان على حساب الحقيقة والقيم الفرنسية. وبالفعل، ترتكز أطروحته على وضع الأحداث ضمن إطار تحليلي يمنحها معنى عالميا من خلال استخدام بوصلة المنطق الإنساني.

في غضون ذلك، لا يمكن لإسرائيل الفوز في حرب الكتب حول النزاع، لأنه كما تتغير الخريطة الجيوسياسية بتراجع الغرب، تتغير خريطة الإعلام والسرد للأحداث، ولهذا، ستبرز غالبية الكتب المقبلة، أن العالم عرف حرب إبادة ومحرقة جديدة بعد الحرب العالمية الثانية. وهذه المرة، ارتكبها أبناء وأحفاد الناجين من المحرقة. لنستعيد في هذا الصدد كلمات الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا يوم 18 فبراير/شباط الماضي «ما يَحدث في قطاع غزة ليس حربا، بل مواجهة بين جيشٍ على درجة عالية من الجهوزية ونساء وأطفال، لقد وقع مثل هذا حين قرّر هتلر قتل اليهود».
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب الکتب

إقرأ أيضاً:

الدمار في غزة.. ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد البيئة

خلفت الحرب في غزة خسائر فادحة في البيئة، وتلوثت إمدادات المياه، وتدفقت مياه الصرف الصحي الخام إلى البحر الأبيض المتوسط، ودمرت التربة الخصبة، وجردت الأرض من الأشجار.

أدت الحرب إلى قطع إمدادات المياه وتعطيل مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، مما تسبب في تدفق النفايات الخام عبر الأرض، مما أدى إلى تلويث البحر الأبيض المتوسط واحتياطيات المياه الجوفية الضرورية لري المحاصيل.


كما تضرر أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية في غزة، بما في ذلك الآبار والدفيئات الزراعية، أو دُمر بسبب القصف والأعمال العسكرية.

وتظهر الصور التفصيلية التي التقطتها الأقمار الصناعية منذ بدء وقف إطلاق النار في التاسع عشر من يناير، أن 80% من أشجار غزة قد ضاعت. فضلاً عن ذلك، عانت الأراضي الرطبة الحيوية، والكثبان الرملية، والمياه الساحلية، والنهر الوحيد المهم، وادي غزة، من أضرار بالغة.


ويحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن تجريد الأشجار والشجيرات والمحاصيل من الأشجار ألحق أضراراً بالغة بالتربة في هذه المنطقة التي كانت خصبة ومتنوعة بيولوجياً وذات مياه وفيرة، مما يجعلها تواجه خطر التصحر على المدى الطويل.

قال سعيد باقري، المحاضر في القانون الدولي بجامعة ريدينج في المملكة المتحدة، إن الطبيعة هي “الضحية الصامتة لحرب إسرائيل على غزة”.

في ظل توقف مرافق المياه، تلجأ الأسر الفلسطينية إلى أخذ المياه من آبار ملوثة محتملة أو من صهاريج غير خاضعة للرقابة.

لجنة دولية لتقصي الحقائق وتقييم الأضرار

وفي الأسبوع الماضي، دعا العالم أحمد حلس، رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية، وهو مركز أبحاث فلسطيني رائد، إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق “لتقييم الأضرار ووضع الأساس لاستعادة البيئة والتعافي على المدى الطويل”.

وقال حلس، هذه اللجنة يجب أن “تعطي الأولوية لإعادة تأهيل مصادر المياه، وإصلاح التربة، واستعادة الأراضي الزراعية”.

وكشف تقرير تفصيلي لمنصة Yale Environment 360، الكثير من الأرقام والحقائق والوثائق والمصادر بشأن ما تتعرض لها البيئة في غزة، حيث تمتد أراضي غزة الفلسطينية على طول 24 ميلاً على طول ساحل شرق البحر الأبيض المتوسط، ورغم صغر مساحتها، فإنها تشكل نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي، حيث تلتقي الحياة البرية من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وتضم أكثر من 250 نوعًا من الطيور و100 نوع من الثدييات، من القطط البرية والذئاب إلى النمس وجرذان الخلد، وفقًا لأبحاث أجريت على مدى العقدين الماضيين من قبل الخبير الأول في حيوانات ونباتات المنطقة، عبد الفتاح عبد ربه من الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، حيث كانت احتياطيات المياه الجوفية الوفيرة سبباً في دعم الحياة البرية والبشرية في غزة.

فيما قال مارك زيتون، المدير العام لمركز جنيف للمياه، الذي يدافع عن السلام من خلال الدبلوماسية بشأن المياه: “لقد وفرت الآبار الرملية الضحلة إمداداً وفيراً من المياه العذبة التي تمنح الحياة”، وكانت هذه المياه، التي تغطيها تربة خصبة، السبب وراء فرار العديد من الفلسطينيين إلى غزة بعد طردهم من ديارهم على يد الميليشيات في أعقاب إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948.

ولكن عدد سكان غزة ارتفع منذ ذلك الحين إلى أكثر من مليوني نسمة، مما يجعلها واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض ــ وهي تنافس سنغافورة، ولكن من دون ناطحات السحاب.

أدى هذا إلى فرض ضغوط هائلة على المياه الجوفية، وكان الاستخراج قبل الحرب أكبر بثلاث مرات من إعادة تغذية المياه من مياه الأمطار والتسرب من وادي غزة، الذي تقلص بسبب السدود المقامة أعلى النهر في إسرائيل.

 المياه الجوفية

وتناولت مضة Yale Environment 360 ، وضع المياه الجوفية وما تسبب فيه من تسلل مياه البحر المالحة إلى طبقة المياه الجوفية، والتي وصلت إلى أن أكثر من 97% من المياه الجوفية التي كانت حلوة ذات يوم في غزة أصبحت مع 2023 غير صالحة للشرب، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وعلى نحو متزايد، اقتصر استخدام مياه الآبار على ري المحاصيل.

وتأتي إمدادات المياه العامة إلى حد كبير من محطات تحلية مياه البحر التي تم بناؤها بمساعدة دولية، بالإضافة إلى المياه التي يتم توصيلها من إسرائيل عبر ثلاثة خطوط أنابيب عبر الحدود.

ولكن منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، تقلصت الإمدادات العامة بشكل كبير ففي أكتوبر الماضي، أفادت سلطة المياه الفلسطينية بأن 85% من مرافق المياه أصبحت معطلة جزئيا على الأقل، وانخفض إنتاج ابار إمدادات المياه بأكثر من النصف، وتفتقر محطات تحلية المياه إلى الطاقة، في حين قلصت إسرائيل الإمدادات عبر خطوط الأنابيب.

ووجدت دراسة استقصائية، كشفت عنها منصة Yale Environment 360 ، أن 14% فقط من الأسر لا تزال تعتمد على الإمدادات العامة، وكان معظمهم يأخذون المياه من آبار مفتوحة ملوثة أو من صهاريج خاصة غير خاضعة للتنظيم.

وفي سبتمبر، اتهم بيدرو أروجو أجودو، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، تقييد الوصول إلى المياه النظيفة “بأنه يستخدم بوضوح كسلاح في غزة ضد السكان المدنيين الفلسطينيين”.

بعد بدء الحرب، أصبحت محطات معالجة مياه الصرف الصحي خارج الخدمة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية سحبًا من مياه الصرف الصحي تتدفق إلى البحر.

تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية
وأصبح مصير المياه الجوفية الوفيرة ذات يوم ــ شريان الحياة لكل من الحياة البشرية والطبيعية ــ معلقاً بخيط رفيع.

ومع توقف معظم الآبار حالياً عن الاستخدام في الزراعة المروية، ربما يكون سحب المياه من طبقة المياه الجوفية قد انخفض، ولكن الحرب أدت إلى زيادة تلوث ما تبقى من المياه.

وتتعدد التهديدات، إذ يحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن الجهود الإسرائيلية لاستخدام مياه البحر لإغراق ما يقدر بنحو 300 ميل من الأنفاق التي حفرتها حماس تحت غزة قد تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية تحتها.

كما تختنق البيئة البحرية بمياه الصرف الصحي، ففي عام 2022، نجح عالم البيئة الإسرائيلي جدعون برومبرج، الذي يرأس منظمة إيكوبيس الشرق الأوسط غير الحكومية العابرة للحدود الوطنية، في إقناع السلطات الأمنية الإسرائيلية بالسماح لغزة باستيراد الأسمنت لبناء ثلاث محطات جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي على طول الساحل.

واكتمل العمل، وفي الصيف التالي، تمكن الفلسطينيون والإسرائيليون، لأول مرة منذ سنوات عديدة، من السباحة بأمان من شواطئهم المتوسطية دون مواجهة مياه الصرف الصحي الخام في غزة.

وعادت الأسماك وتم تسجيل فقمة البحر الأبيض المتوسط لأول مرة على الإطلاق قبالة غزة.

ولكن بحلول بداية عام 2024، بعد بضعة أشهر من بدء الحرب، كانت جميع المحطات معطلة وأظهرت صور الأقمار الصناعية أعمدة من مياه الصرف الصحي تتدفق إلى البحر.

تدمير البيئة المبنية في غزة يشكل أيضاً تهديداً للبيئة الطبيعية. وتقدر وكالات الأمم المتحدة، أن الحرب خلفت أكثر من 40 مليون طن من الأنقاض، التي تحتوي على بقايا بشرية، وأسبستوس ومواد خطرة أخرى، وذخائر غير منفجرة.

يؤكد بعض المحامين الدوليين، أن إسرائيل مذنبة بارتكاب جرائم حرب ضد البيئة الطبيعية في غزة بقدر ما ترتكب جرائم حرب ضد شعبها، وتحظر اتفاقية جنيف الحرب التي قد تسبب “أضراراً واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة للبيئة الطبيعية”.

ووجدت تحليلات صور الأقمار الصناعية التي أجرتها مجموعة Forensic Architecture، وهي مجموعة متعددة التخصصات من الباحثين في كلية جولدسميث، وهي جزء من جامعة لندن، مكرسة لكشف “عنف الدولة والشركات”، أن أكثر من 2000 مزرعة ودفيئة ومواقع زراعية أخرى قد دمرت، “غالبًا لتحل محلها أعمال ترابية عسكرية إسرائيلية”.

ومن بين الكنوز البيئية الأخرى التي لحقت بها أضرار بالغة منطقة المواصي، وهي شريط ضيق خصيب من الكثبان الرملية بالقرب من الحدود مع مصر.

ففي الماضي كانت قليلة السكان وغنية بالحياة البرية التي تجتذبها المستنقعات الصغيرة التي تتشكل وسط الكثبان الرملية حيث تطفو المياه الجوفية على السطح.

وقد سجل 135 نوعاً من الطيور هناك، بما في ذلك العديد من طيور الشمس الفلسطينية، فضلاً عن 14 نوعاً من الثدييات و20 نوعاً من الزواحف، وتكشف صور يين للمنطقة عن فقدان شبه كامل للأشجار منذ مايو، والتي حلت محلها في بعض الأحيان حفر القصف.

كل هذا يشكل نبأ سيئاً ليس فقط بالنسبة للناس، بل وأيضاً بالنسبة للحياة البرية، فالمساحة المتاحة للطبيعة للازدهار في غزة محدودة للغاية، ومع ذلك، فقد توصلت الأبحاث طويلة الأمد التي أجراها عبد ربه إلى أنه على الرغم من الضغوط السكانية البشرية، فقد انتعشت بعض الأنواع في السنوات الأخيرة.

فبعد إخلاء سلسلة من المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة في عام 2005، “تسللت العشرات من الذئاب العربية وغيرها من الحيوانات آكلة اللحوم بشكل متقطع عبر ثغرات في الحدود إلى الشرق من قطاع غزة”.

حفرت الحيوانات جحورًا تحت الأسوار الأمنية الإسرائيلية للوصول إلى الماشية والدواجن المنزلية، بالإضافة إلى الفرائس الصغيرة التي تعيش في مكبات النفايات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

ولكن هناك أيضًا عوامل جذب طبيعية للحياة البرية، فوادي غزة، الذي يقسم المنطقة، يعد محطة توقف مهمة للطيور المائية المهاجرة، بما في ذلك طيور البلشون واللقالق وطيور النحام والطيور الجارحة، فضلاً عن كونه موطنًا لطائر الشمس الفلسطيني، الطائر الوطني للمنطقة.

ولا يزال الوادي يتمتع بجاذبية كبيرة على الرغم من معاناته الشديدة في العقود الأخيرة من تحويلات المياه إلى المنبع ومياه الصرف الصحي التي يتم تصريفها من مخيمات اللاجئين.

وفي عام 2000، جعلت السلطة الفلسطينية من الوادي المحمية الطبيعية الوحيدة في المنطقة، وفي عام 2022، بدأ العمل في مشروع للأمم المتحدة بقيمة 50 مليون دولار للحد من التلوث واستعادة بيئته.

ولكن مع بدء الحرب توقفت هذه الأعمال، وعلى مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، تحول الوادي مرة أخرى إلى مجاري صرف صحي ومكب نفايات

مقالات مشابهة

  • الدمار في غزة.. ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد البيئة
  • إسرائيل و أمريكا وجهان لعملة واحدة.. التفنن المشترك في مختلف أنواع الجرائم في فلسطين والمنطقة
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • خارجية فلسطين تطالب بإجبار إسرائيل على إدخال المساعدات لغزة
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • الكرملين: بيان قمة لندن لا يهدف لتسوية الحرب الروسية الأوكرانية
  • دار الكتب والوثائق تطلق موقعًا إلكترونيًا لحملة المحبة والسلام بالتعاون مع مجلة سماء الأمير
  • رئيس دفاع النواب: فلسطين قضية مصر الأولى التي خاضت من أجلها حروب كثيرة
  • مسؤولين إسرائيليين: إسرائيل طلبت تمديد الاتفاق بـ42 يومًا دون التطرق في وقف الحرب