السودان.. الجوع يتفاقم والزراعة في مرمى نيران الحرب
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
يواجه القطاع الزراعي في السودان الذي يُمثّل 40% من الناتج المحلي للبلاد ويوظّف 80% من اليد العاملة، صعوبات لوجتسية وأمنية في ظل استمرار الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي.
ووفق تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” والذي أعلنت وزارة الزراعة السودانية مصادقتها عليه، فإن تراجعاً كبيراً شهده القطاع الزراعي يصل في بعض المناطق إلى أقل من النصف، خاصة تلك التي ترزح تحت وطأة الحرب.
وقدّرت منظمة “فاو” الفجوة في الإنتاج خلال العام الجاري بأكثر من مليوني طن، يحتاجها السودان بشكل كبير لمنع ارتفاع معدلات الجوع، والوصول للمناطق التي لم تنتج القمح.
وقال وزير الزراعة السوداني أبوبكر عمر البشرى، إن وزارته واجهت “مشكلة كبيرة” في إيصال المدخلات الزراعية مثل “التقاوي” و”البذور المحسنة” لولايات الخرطوم وإقليم دارفور وغرب وجنوب كردفان، ولاحقاً مدخلات الحصاد لذات الولايات بالإضافة إلى ولاية الجزيرة التي اجتاحتها قوات الدعم السريع في ديسمبر الماضي.
ويمتلك السودان نحو 172 مليون فدان تصلح للزراعة، منها حوالي 6 ملايين فدان مروية ولا تحتاج لعناء كبير، إلا أنه لا يستثمر منها إلا مليون فدان فقط.
وأشار البشرى إلى أن مجموع ما تمت زراعته لمحصول الذرة 23 مليون فدان فقط، مبيناً أن الخطة كانت زراعة 36 مليون فدان في دارفور وحدها.
وأضاف: “بسبب الحرب تراجعت المساحات المزروعة خلال الموسم الشتوي بالتحديد في ولايات ذات إنتاجية عالية مثل الجزيرة وإقليم دارفور وجنوب وغرب كردفان إلى جانب مساهمة الخرطوم في الناتج الكلي”.
واتهم محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى، قوات الدعم السريع “بنهب 22 جراراً من مخازن مشروع الجزيرة، إلى جانب 16 مخزناً بمساحة 5 آلاف فدان”.
وأشار إلى أن “كل الكميات المخزنة من التقاوي تم تدميرها بواسطة قوات الدعم السريع ولم تسلم مدخلات الإنتاج”، معرباً عن خشيته حالياً على “الحصاد للموسم الشتوي”.
ولفت مصطفى إلى أن قوات الدعم السريع “استولت على التقاوي، بل وسربت بعضها إلى الأسواق للبيع على أساس إنها (بليلة) وهي نوع من البقوليات، وكادت أن تحدث كارثة لولا تنبيه وزارة الزراعة ومنع المواطنين من تناولها”.
وقال مصعب وهو مزارع من شمال الجزيرة وسط السودان لـ”الشرق”، إن “هذا الموسم ربما لم تصل المساحات المزروعة في شمال الجزيرة 10%، وأول مشكلة واجهتنا هي قطع الدعم السريع للمياه من قنطرة أبوعشر، وكنا في مرحلة الري الثانية لمحصول القمح”.
وتابع: “وقتها لم تكن الانتهاكات كبيرة طلبنا منهم (الدعم السريع) إعادة توصيل المياه، ولكن تم نهب الأليات الزراعية، ولم نتوقع أن يصل الأمر لدرجة نهب الحصاد الزراعي”.
وأشار إلى أن “عدم القدرة حالياً على حصد المحصول إلا بطريقة يدوية”، متطرقاً إلى صعوبة الوضع الأمني قائلاً: “نحن غير قادرين على الذهاب إلى الغيط بسبب الوضع الأمني والاعتداءات التي يمكن أن نتعرض لها”.
وبيّن مصعب أنه خرج مع أسرته من المنطقة بعد أن “فقد الأمل في حصاد ما تم زرعه”، مضيفاً أن “مناطق مثل اللعوتة والمعيلق فرضت عليها قوات الدعم السريع حصاراً وداهمتها لمرات، وتعذر على المزارعين فلاحة أرضهم”.
وأفادت وزارة الزراعة السودانية بأن 220 ألف فدان هو ما تم زراعته من جملة 550 ألف فدان كانت معدة لزراعة القمح في مشروع الجزيرة.
انعدام الأمن
وقال آدم تُرك المزارع بمنطقة هبيلا بولاية جنوب كردفان لـ”الشرق”، إنه “بسبب الحرب لم أتمكن من زراعة أرضي حيث لم تصل لا مدخلات زراعية ولا غيرها من احتياجاتنا بسبب انعدام الأمن على طول الطريق من الأبيض بشمال كردفان إلى جنوب كردفان”.
ولفت إلى أن “الكثيرين حاولوا الإنتاج بما لديهم، لكن غياب الأسمدة والبذور المحسنة أدى إلى تراجع الإنتاج إلى أقل من النصف”.
المزارع الطاهر حماد من شرق دارفور، أوضح لـ”الشرق”، أن “الزراعة تأثرت بالحرب الجارية بين الجيش والدعم السريع، فهناك تقليص للمساحات المزروعة بنسبة 50% هذا العام خاصة لمحصولات الفول السوداني والذرة”.
وهنالك غياب للمنتجين وكبار التجار، حيث لا يوجد سوق كبير لبيع المحاصيل، أما بالنسبة للخضروات والموالح فانعدام الأمن والوقود وارتفاع أسعار البذور ساهم أيضاً في عدم إنجاح الموسم الزراعي.
واعتبر بدر الدين من مشروع “الحماداب” الزراعي بالولاية الشمالية لـ”الشرق”، أن “تأخر الأسمدة والتقاوي، ساهم في تعثر الموسم الزراعي والتحضير الجيد له، أضف إلى ذلك التأخير الذي صاحب التمويل من البنوك للمزارعين نحاول الآن الخروج بحصاد جيد”.
ويزرع السودان القمح في ولايات الجزيرة وهي الأكبر إنتاجاً، وفي النيل الأبيض وكسلا والشمالية وحلفا الجديدة.
أحمد العربي – الشرق للأخبار
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ملیون فدان لـ الشرق إلى أن
إقرأ أيضاً:
فك الخلاف ما بين تحالف السودان التأسيسي و”الديمقراطيين السودانيين” والدعم السريع
بقلم: على كمنجة
تواصل معنا العديد من الأصدقاء بشأن الخطوة التي أقبلت عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ، بتوقيها على ميثاق السودان الجديد التأسيسي ، مع عدد من الأحزاب السياسية، والدعم السريع .
وأغلب المتواصلين كانو من المؤيدين للخطوة بقوة. بينما البعض ، وهم موضوع هذا المقال ، انتقدوا موقف الحركة الشعبية ، مقدمين بعض الحُجج ، أهمها حُجتين :
الحُجة الأولى : يقولون فيما معناه " أن الحركة الشعبية كان الأصح أن تحتفظ بتحالفاتها مع القوى الديمقراطية ، بدلا من تأسيها لتحالف جديد يتكون من عناصر مشكوك في ديمقراطيتها - حسب قولهم " .
اما الحجة الثانية : " لماذا تتحالف الحركة الشعبية مع الدعم السريع الذي يعتبر " حسب قولهم ايضا " مسؤولا عن الانتهاكات التي ارتكبت ضد المواطنين خلال حرب ١٥ ابريل الجارية.
وفي هذا المقال نريد ان نناقش هاتين الحُجتين بشئ من الحكمة ، وبعقل مفتوح ، عسى ولعل أن نضفي نوع من " الموضوعية " على النقاشات التي دارت حول هذا الأمر خلال الفترة السابقة
اولا : حسب ما درج في السودان ، فأن وصف " الديمقراطيين " يطلق على القوى التي قاومت شمولية الإنقاذ طوال فترة حكمها ، ابتداءا بالتجمع الوطني الديمقراطي ، الذي أُسس في تسعينيات القرن الماضي ، ومرورا بتحالفات الإجماع الوطني ، والفجر الجديد ، والجبهة الثورية ، ونداء السودان ، حتى تحالف الحرية والتغير .
وبالرغم من ان مصطلح " الديمقراطيين " يستخدم للاشارة الى القوى السياسية والمجتمعة التي تعمل من أجل تعزيز الديمقراطية في السودان ، لكن في حقيقة الامر هذه القوى يوجد بداخلها تباينات حول " تصور الديمقراطية " الذي يختلف من حزب لأخر .
الحركة الشعبية شمال مثلا ، تعتبر أنه لا وجود للديمقراطية بدون فصل الدين عن الدولة ( العلمانية ) ، بينما هناك قوى اخرى لم تحسم أمرها بعد بشأن هذه القضية .
وهناك العديد من القضايا الأخرى لا تزال غير متفق حولها ،كقضية العدالة الانتقالية / والعدالة التاريخية ، واسباب المظالم التاريخية التي وقعت ضد شعوب معينة في السودان ، وتماهي الدولة القديمة مع علاقات القرابة ، بدلا من علاقات المواطنة ، والكثير من التفاصيل الأخرى، التي ظلت محل خلاف بين " الديمقراطيين " طوال الثلاثين عاما الماضية .
وبالتالي فأن ادعاء أي طرف بأنه صاحب " الجلد والرأس " الوحيد للقوى الديمقراطية ، يعتبر ادعاء باطل ، وهذه ليست المرة الأولى التي تتباين فيها مواقف القوى الديمقراطية ، على سبيل المثال ، عقب اندلاع الثورة الشعبية الظافرة في ديسمبر ٢٠١٨ ، واطاحتها بنظام البشير ، اعتبرت الحركة الشعبية شمال أن سقوط نظام الأسلاميين في السودان يمثل لحظة تاريخية وفرصة لمعالجة أزمات الدولة ، التي تتجلى في العلاقة الملتبسة بين " الدولة والمجتمع " ، وعندما نقول المجتمع نعني بذلك الشعوب السودانية المتنوعة التي تقطن في داخل الحدود الجغرافية للسودان الحالي ، وايضا العلاقة الملتبسة بين الدين والدولة ، وبين القبيلة والدولة ، وبين الثقافة والدولة ، بين الحكومة والدولة ، وما تسببت فيه هذه الألتباسات من كوارث ، أدت إلى تعثر الديمقراطية في السودان ، واشعال الحروب الأهلية ، وتصدع لُحمة النسيج الوطني الذي يجمع بين السودانيين على أسس العدالة والمساواة .
لكن القوى المحسوبة على " الديمقراطيين السودانيين " والتي تشكلت في تحالف " الحرية والتغير " ذهبت في اتجاه مختلف تماما ، بقبولها للشروط التي وضعها المجلس العسكري حينها ، والتي اشترطت عدم المساس بطبيعة الدولة القائمة ، بالرغم من الاختلالات الفاضحة التي تقوم عليها هذه الدولة كما اسلفنا .
وقد رأئينا كيف سكتت اعداد كبيرة من " الديمقراطيين " عن الإجراءات الأنتقالية المهمة التي من شأنها أن تضع حدا " للدولة القديمة " القائمة على " اخضاع " الشعوب السودانية عبر العنف المفرط .
بالرغم من كل ذلك ، لم يحدث أن وصفت الحركة الشعبية شمال هذه القوى بأنها فارقت طريق الديمقراطية ، كما يصف الان البعض الحركة الشعبية بعد مشاركتها في تحالف السودان التأسيسي .
اضافة الى ذلك ، لا اعتقد اننا مضطرين بأن نُذًكر البعض " ان الشعب السوداني لم يعد في ذاك العصر الذي يمتلك فيه شخص واحد " مفاتيح التحالف الديمقراطي " في جيبه ... هذا زمانا ولى ولن يعود ".
أن تحالف قوى السودان التأسيسي يجمع في طياته قوى وطنية وديمقراطية وثورية لا تقل شأنا عن الديمقراطيين السودانيين الآخرين ، ولذلك فأن المزايدات والاتهامات العبثية ، والتشكيك في مواقف وتقديرات الأخرين ، لن تفيد بشئ ، وانما ما يفيد هو توجيه جهودنا نحو هدفنا المشترك كقوى تؤمن بضرورة تعزيز الديمقراطية في السودان ، بالرقم من التباين في المواقف ، التي يمكن ان نقلصها عبر معالجة قصورنا الذاتي ، و الاستمرار في الحوار فيما بيننا .
اما ما يتعلق بمشاركة الدعم السريع ، كعضو مؤسس في تحالف قوى السودان التأسيسي " تأسيس ) ، والحديث الكثيف الذي صاحب ذلك ، يجب أن نتفق اولا أن الدعم السريع حتى صبيحة ١٥ ابريل ٢٠٢٥ كان طرفا في حكومة السودان الانتقالية ، وقبل ذلك كان طرفا في الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس ٢٠١٩ ، وقبلها كان طرفا في تطورات الأحداث بعد إسقاط نظام البشير ، التناقض الوحيد الذي أثير وقتها ، هو وجود الدعم السريع كقوى منفصلة عن الجيش ، وهو ما تشكل على اثره توافق سياسي بضرورة مشاركة الدعم السريع في العملية السياسية المفضية إلى ادماجه في القوات المسلحة السودانية ، بالتالي فأن مسألة عزل الدعم السريع من العملية السياسية الانتقالية تعتبر قضية غير مطروحة من ضمن الاجندة ، على الاقل في حقل القوى الديمقراطية ، وهذا ما يهمنا .
ثانيا : الدعم السريع ليس حزب سياسي ، وهو بنفسه، لم يقول انه حزب سياسي ، وبالتالي فأن التسأولات التي يطرحها البعض حول ، كيف الحركة الشعبية شمال تعقد تفاهمات مع تنظيم ليس لديه رؤية سياسية معروفة ولا منفستو ولا هياكل تنظيمية ، تصبح تساؤلات لا مكان لها من الأعراب .
حقيقة الأمر هي أن الدعم السريع كان طرفا في حكومة الأمر الواقع في السودان ، التي تفاوضت معها الحركة الشعبية شمال حول السلام ، في عدد من الجولات منذ العام ٢٠١٩ ، والحرب التي اندلعت في ١٥ ابريل هي حرب بين طرفي المكون العسكري لحكومة الأمر الواقع ، وفي هذا السياق فأن الدعم السريع لا شك انه يلعب دور رئيسي في إيقاف الحرب وتحقيق السلام على مستويين ، المستوى الأول إيقاف حرب ١٥ ابريل المستمرة بينه وبين الجيش ، والمستوى الثاني إيقاف الحروب المستمرة في السودان منذ سنوات سبقت حرب ١٥ ابريل ، في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، وكل هذه العمليات تتحرك ضمن اطار أوسع يعمل من أجل وقف الحروب وتحقيق السلام في السودان ، تشارك فيه بأشكال مختلفة قوى داخلية ، وقوى اقليمية ودولية .
في هذا السياق تتحاور الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ، مع الدعم السريع ، ومع جميع المكونات السياسية والمجتمعية الأخرى ، لأحلال السلام في السودان ، وللمعلومية أن الحركة الشعبية شمال ظلت منفتحة منذ العام ٢٠١٩ ، على الحوار مع المكونات التي ساهمت في ثورة ديسمبر المجيدة ، سوى كانت القوى السياسية الديمقراطية ، او المكون العسكرى ، او مجموعات المقاومة النقابية و الشعبية المستقلة ، إلى أن تتوج ذلك بميثاق قوى السودان التأسيسي " تأسيس " ، الذي خاطب القضايا الجذرية للأزمة في السودان .
هذا ما يتعلق بدور الدعم السريع ، وموقعه في العملية السياسية الانتقالية المقبلة في السودان ، والذي ذكرنا انه ليست محل اختلاف ، إلا لمن أراد ان " يختلق " اختلافا من العدم ، وبالتالي لا أحد يمكن ان يزايد على الحركة الشعبية شمال في هذا الأمر ، اما اؤلئك الذين يحاولون شن سهامهم تجاه تحالف قوى السودان التأسيسي عبر بوابة انتهاكات حرب ١٥ ابريل ، التي يحملون مسؤوليتها ( بضربة واحدة ) للدعم السريع ، فهؤلا إما خصوم ، ممن يهدد الميثاق التأسيسي امتيازاتهم غير المشروعة ، وهؤلا في الغالب هم كيزان او متملقين / انتهازيين مستفيدين من الحرب .
او إما ضحايا للخطاب السائد الذي تبثه الأجهزة الدعائية لجيش البرهان ، وهو خطاب مسموم ، مقصود به دق طبول الحرب تحت رايات العنصرية والكراهية التي ستحرق " البيت " على رؤوس الجميع .
هناك الكثير من " المسكوت عنه " .بشأن انتهاكات حرب ١٥ ابريل ، ومن مصلحة وطننا أن لا نغمض أعيننا عن ذلك . كما يعلم الجميع ، ان اغلب هذه الانتهاكات حدثت في ولايتي الخرطوم والجزيرة ، وهي من أكثر الولايات في السودان التي تظهر فيها تقسيمات المجتمع الطبقية متماهية مع التقسيمات الاثنية والقبلية في السودان بشكل صارخ ، وتظهر الفوارق في نوعية العيش بين الاحياء الفارهة التي تقطنها مكونات اجتماعية بعينها ظلت تتمتع بميزات اقتصادية وسياسية أفضل ، والحواري والكنابي التي تقطنها مجموعات مهمشة ظلت لسنوات طويلة يمارس ضدها ظلم شنيع تحت سمع ونظر الدولة ، فماذا يمكن ان نتوقع بأن يحدث بعد ان انهار الجيش والشرطة والأمن من أول طلقة .
الدعم السريع نفسه كان جزءا من مؤسسات حفظ الأمن وحماية ممتلكات المواطنين ، ولكن هذه المؤسسات بما فيها الدعم السريع والجيش وغيرها ، تشظت ودخلت في حرب فيما بينها .ولذلك من منظورنا أن مسألة الأنتهاكات التي تعرض لها المواطنين خلال حرب ١٥ اكتوبر كانت نتيجة لأزمة الدولة نفسها ، التي انهارت أجهزتها في غمضة عين ، في ظل وضع اجتماعي ملئ بالمظالم ، وقابل للانفجار في اي لحظة ، وليس كل من سرق ونهب هو من الدعم السريع ، هذه حقيقة بائنة للعيان ، الا من كان في عينه رمد .
شئ آخر ايضا ، ما يتعلق بالانتهاكات ونهب ممتلكات المواطنين التي حدثت في ولاية الجزيرة ، وسنار وسنجة هل المسؤول عنها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو " حميدتي " ، ام ابوعاقلة كيكل قائد قوات " درع السودان" التي كانت موالية للجيش عند اعلانها ، ثم اصبحت فيما بعد مع الدعم السريع ، و هزمت الجيش في هذه المناطق ؟؟ .
واين يصطف " كيكل " الآن؟؟ .
لذلك ، فأن المشلكة لم تبدأ مع الدعم السريع ، بل هي مشكلة قائمة في عضم الدولة القديمة منذ سنين خلت ، وعلينا ان نتذكر أن ممارسات النهب والانتهاكات ضد المدنيين ظلت ترتكب ضد السودانيين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، وقبلها جنوب السودان طوال السبعين عاما الماضية ، وحينها لم يكن الدعم السريع موجودا .
اغلب سكان هذه المناطق أخذتهم دوامة النزوح واللجوء اللعينة ، لا يتحدثون عن " منزل او مكان أقامة " من اساسه ، فذلك عندهم نوع من الترف .
هاولاء ايضا هم اُسر واطفال وأباء وامهات ، فقدوا كل شئ قبل اربعين وثلاثين عاما ، مثلما فقدت اُسر ومجتمعات وسط السودان " الخرطوم والجزيرة ، ممتلكاتهم ومنازلهم خلال حرب ابريل الجارية حاليا ، فكل هذه المآسي هي نتائج للحرب ، واذا اردنا معالجة ذلك يجب مخاطبة أسباب الحرب ، بدلا من البكاء على النتائج .
اخيراً وليس اخراً ، ان مشروع السودان الجديد التأسيسي " تأسيس " كما اسلفنا ، هو مشروع يستهدف " قلب قواعد اللعبة " chang the game ، وبالتالي فهو لا يتماشى مع اهواء عقلية " تكرار التجارب الفاشلة " the train track " ، لذلك فأن هذا المشروع ربما يأخذ وقتاً ، لكنه على أي حال لن يسرق سبعين عام أخرى من عمرنا .
ولنا عودة
aosman@alhagigasouthsudan.com