يواجه القطاع الزراعي في السودان الذي يُمثّل 40% من الناتج المحلي للبلاد ويوظّف 80% من اليد العاملة، صعوبات لوجتسية وأمنية في ظل استمرار الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي.

ووفق تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” والذي أعلنت وزارة الزراعة السودانية مصادقتها عليه، فإن تراجعاً كبيراً شهده القطاع الزراعي يصل في بعض المناطق إلى أقل من النصف، خاصة تلك التي ترزح تحت وطأة الحرب.

وقدّرت منظمة “فاو” الفجوة في الإنتاج خلال العام الجاري بأكثر من مليوني طن، يحتاجها السودان بشكل كبير لمنع ارتفاع معدلات الجوع، والوصول للمناطق التي لم تنتج القمح.

وقال وزير الزراعة السوداني أبوبكر عمر البشرى، إن وزارته واجهت “مشكلة كبيرة” في إيصال المدخلات الزراعية مثل “التقاوي” و”البذور المحسنة” لولايات الخرطوم وإقليم دارفور وغرب وجنوب كردفان، ولاحقاً مدخلات الحصاد لذات الولايات بالإضافة إلى ولاية الجزيرة التي اجتاحتها قوات الدعم السريع في ديسمبر الماضي.

ويمتلك السودان نحو 172 مليون فدان تصلح للزراعة، منها حوالي 6 ملايين فدان مروية ولا تحتاج لعناء كبير، إلا أنه لا يستثمر منها إلا مليون فدان فقط.

وأشار البشرى إلى أن مجموع ما تمت زراعته لمحصول الذرة 23 مليون فدان فقط، مبيناً أن الخطة كانت زراعة 36 مليون فدان في دارفور وحدها.

وأضاف: “بسبب الحرب تراجعت المساحات المزروعة خلال الموسم الشتوي بالتحديد في ولايات ذات إنتاجية عالية مثل الجزيرة وإقليم دارفور وجنوب وغرب كردفان إلى جانب مساهمة الخرطوم في الناتج الكلي”.

واتهم محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى، قوات الدعم السريع “بنهب 22 جراراً من مخازن مشروع الجزيرة، إلى جانب 16 مخزناً بمساحة 5 آلاف فدان”.

وأشار إلى أن “كل الكميات المخزنة من التقاوي تم تدميرها بواسطة قوات الدعم السريع ولم تسلم مدخلات الإنتاج”، معرباً عن خشيته حالياً على “الحصاد للموسم الشتوي”.

ولفت مصطفى إلى أن قوات الدعم السريع “استولت على التقاوي، بل وسربت بعضها إلى الأسواق للبيع على أساس إنها (بليلة) وهي نوع من البقوليات، وكادت أن تحدث كارثة لولا تنبيه وزارة الزراعة ومنع المواطنين من تناولها”.

وقال مصعب وهو مزارع من شمال الجزيرة وسط السودان لـ”الشرق”، إن “هذا الموسم ربما لم تصل المساحات المزروعة في شمال الجزيرة 10%، وأول مشكلة واجهتنا هي قطع الدعم السريع للمياه من قنطرة أبوعشر، وكنا في مرحلة الري الثانية لمحصول القمح”.

وتابع: “وقتها لم تكن الانتهاكات كبيرة طلبنا منهم (الدعم السريع) إعادة توصيل المياه، ولكن تم نهب الأليات الزراعية، ولم نتوقع أن يصل الأمر لدرجة نهب الحصاد الزراعي”.

وأشار إلى أن “عدم القدرة حالياً على حصد المحصول إلا بطريقة يدوية”، متطرقاً إلى صعوبة الوضع الأمني قائلاً: “نحن غير قادرين على الذهاب إلى الغيط بسبب الوضع الأمني والاعتداءات التي يمكن أن نتعرض لها”.

وبيّن مصعب أنه خرج مع أسرته من المنطقة بعد أن “فقد الأمل في حصاد ما تم زرعه”، مضيفاً أن “مناطق مثل اللعوتة والمعيلق فرضت عليها قوات الدعم السريع حصاراً وداهمتها لمرات، وتعذر على المزارعين فلاحة أرضهم”.

وأفادت وزارة الزراعة السودانية بأن 220 ألف فدان هو ما تم زراعته من جملة 550 ألف فدان كانت معدة لزراعة القمح في مشروع الجزيرة.
انعدام الأمن

وقال آدم تُرك المزارع بمنطقة هبيلا بولاية جنوب كردفان لـ”الشرق”، إنه “بسبب الحرب لم أتمكن من زراعة أرضي حيث لم تصل لا مدخلات زراعية ولا غيرها من احتياجاتنا بسبب انعدام الأمن على طول الطريق من الأبيض بشمال كردفان إلى جنوب كردفان”.

ولفت إلى أن “الكثيرين حاولوا الإنتاج بما لديهم، لكن غياب الأسمدة والبذور المحسنة أدى إلى تراجع الإنتاج إلى أقل من النصف”.

المزارع الطاهر حماد من شرق دارفور، أوضح لـ”الشرق”، أن “الزراعة تأثرت بالحرب الجارية بين الجيش والدعم السريع، فهناك تقليص للمساحات المزروعة بنسبة 50% هذا العام خاصة لمحصولات الفول السوداني والذرة”.

وهنالك غياب للمنتجين وكبار التجار، حيث لا يوجد سوق كبير لبيع المحاصيل، أما بالنسبة للخضروات والموالح فانعدام الأمن والوقود وارتفاع أسعار البذور ساهم أيضاً في عدم إنجاح الموسم الزراعي.

واعتبر بدر الدين من مشروع “الحماداب” الزراعي بالولاية الشمالية لـ”الشرق”، أن “تأخر الأسمدة والتقاوي، ساهم في تعثر الموسم الزراعي والتحضير الجيد له، أضف إلى ذلك التأخير الذي صاحب التمويل من البنوك للمزارعين نحاول الآن الخروج بحصاد جيد”.

ويزرع السودان القمح في ولايات الجزيرة وهي الأكبر إنتاجاً، وفي النيل الأبيض وكسلا والشمالية وحلفا الجديدة.

أحمد العربي – الشرق للأخبار

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ملیون فدان لـ الشرق إلى أن

إقرأ أيضاً:

هجوم لقوات الدعم السريع يخلف 40 ضحية مدنية في السودان

أدى هجوم لقوات الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو، الشهير بـ"حميدتي"، على قرية وسط السودان إلى مقتل 40 مدنيا على الأقل، أمس الأحد.

وقالت لجنة مقاومة أبو قوتة بولاية الجزيرة في بيان إن قوات الدعم شنت هجوما الأحد على قرية قوز الناقة الواقعة بمنطقة أبو قوتة، مما أسفر عن مقتل 40 شخصا على الأقل.

وأضافت أن "عددا من الجثامين ما زالت في العراء بالقرية"، في حين يمنع الدعم السريع سكان القرية من دخولها لدفن الجثامين بعد نزوحهم منها.


وطالبت اللجنة من منظمات المجتمع المدني بالضغط على قوات الدعم السريع ليتمكن المواطنون من الدخول للقرية ودفن القتلى.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من قوات الدعم السريع على الهجوم.

ومنذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي تسيطر قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة وسط السودان، بعد انسحاب الجيش السوداني من مدينة واد مدني عاصمة الولاية.


ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلفت نحو 16 ألفا و650 قتيلا، وتسببت في تشريد ملايين الأشخاص.

وتستمر المعاناة في السودان جراء حرب متواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، خلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وتتزايد دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء، بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • «منصة نداء الوسط»: أزمة معيشية وإنسانية بسبب احتلال الدعم السريع لولاية الجزيرة
  • ???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • هجوم لقوات الدعم السريع يخلف 40 ضحية مدنية في السودان
  • مبارك الفاضل: الدعم السريع مغامرة وانتهت، وهو الآن يريد الخروج من المأزق بعد أن تحول لعصابات للنهب والسلب
  • هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • الجيش يتوقع إنهاء الحرب في السودان قبل نهاية العام الجاري و يكثف غاراته الجوية على “الدعم السريع” في مدن عدة
  • السودان.. معارك عنيفة في الفاشر بعد هجوم الدعم السريع
  • تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»
  • شركات النفط الكبرى تحت مرمى نيران الدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ
  • القوة المشتركة والجيش يصدون لعناصر من قوات الدعم السريع بعد محاولتهم الهروب من ولاية الجزيرة