نصيحتي للسعوديين .. في ذكرى يوم الصمود التاسعة
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
صرح الأستاذ محمد علي الحوثي قائلا: أوصلنا رسالة للسعودية بأنها ستكون هدفاً لو سمحت للطيران الأمريكي باستخدام أراضيها أو أجوائها في العدوان على اليمن..
هذا التصريح ، وإشارة السيد القائد في خطابه الأسبوعي الماضي بشأن تطورات معركة الفتح الموعود، بأن المال السعودي يموّل الحملات المشبوهة والتحريضية في اليمن، وحوادث أخرى لا داعي لذكرها، يشير بشكل واضح إلى ضرورة إسراع السعودية والإمارات بدفع فاتورة العدوان على شعبنا اليمني العظيم؛ باعتبار ذلك هو الخيار الأسهل والأقرب والأفضل لهم، وربما لليمن أيضا.
إن انشغال اليمن بواجبها الشرعي والأخلاقي والقومي في سبيل نصرة غزة لا يعني أنها نسيت أوجاعها وآلامها والعدوان عليها منذ تسعة أعوام من قبل أدوات الأمريكان في المنطقة، وكيف تنساها وواقع الحال يشير إلى أن اليمن لا زالت واقعة تحت عدوان متعدد الجوانب، ومنها العدوان الاقتصادي، والإعلامي، ولا زالت مؤامرات النظام السعودي والإماراتي تحاك ليل نهار، بل وهناك عدوان عسكري مستمر وإن كان بشكل مخفّض..
في ذكرى يوم الصمود الوطني 26 مارس من المفيد أن يقيس السعوديون والإماراتيون بمسطرة الذكاء السياقي والمصالحي المساقة التي تحرك فيها اليمن الثوري من 2015م بداية العدوان إلى 2023م، ما الذي تحقق لهم؟ وما الذي لم يتحقق؟ وما الذي أنجزه اليمن؟ وما الذي م ينجزه؟ وما السيناريوهات المحتملة في حالة عودة الصراع نتيجة حالة الإحباط اليمنية من المراوغات السعودية؟
كما أنه من المهم التذكير للسعوديين بأن اليمن اليوم بفضل الله صارت أقوى بالله وبالتوكل عليه وبالتحرك في قضيتها العادلة، وفي قضايا أمتنا، وعلى رأسها قضية فلسطين، وبكونها قد أثبتت للجميع أن توجهها عربي إسلامي أخلاقي، وأنها لا تسعى للعدوان على أي شعب عربي مسلم، بل تسعى لإنجاز الاستحقاق الحضاري المبني على أساس الهوية الإيمانية اليمانية، وأنه يمكن للأمة أن تستثمر في إمكانات اليمن ومؤهلاتها وإنجازاتها الحضارية والقوية والشجاعة..
لا شك أن السعوديين والإماراتيين قد أدركوا أنهم تورطوا في الحرب على اليمن، ولكنهم مع ذلك يحاولون التملص والمماطلة في معالجة آثار هذا التورط، أو الاستمرار في العدوان على اليمن بطريقة التربص، وتغذية واختلاق المشاكل الداخلية، والعدوان الاقتصادي، لعل وعسى أن يخرج من بين أصابع هذه الاستثمارات غير المشروعة ما قد يفيد موقفهم التفاوضي ولو في ملف من الملفات التفاوضية المطروحة..
باعتباري مواطنا يمنيا اصطلى بنار العدوان على شعبنا وأمتنا، ويهمني تصفية المشاكل الداخلية البينية لصالح توحد الأمة تجاه قضاياها الكبرى، فإنني أنصح النظام السعودي أن يسارع اليوم قبل غد إلى الإسراع بالاعتذار للشعب اليمني، ومعالجة كوارث العدوان على شعبنا بشكل عادل ومنصف، وتوقيع اتفاق السلام، باعتباره مصلحة سعودية قبل كل شيء، وعليهم أن يغادروا اليمن سريعا، في ذات الوقت الذي يجب عليهم فيه أن يغادروا أوهامهم التاريخية، وأدوارهم الوظيفية التي أوكلت إليهم من قبل داعميهم ومشغليهم المستعمرين، وإذا رفض الإماراتيون التحرك معهم في هذا الاتجاه فإن العقول اليمنية قد أبدعت في صناعة وإنتاج الأدوية والأمصال المناسبة لكل الأمراض السياسية والعسكرية المستعصية، حتى للدول الكبرى في هذا العالم..
إن الإرادة اليمنية القوية المتوكلة على الله والمستبشرة بنصره التي دخلت في أتون صراعات هذا العالم بأسس ومبادئ متقدمة وغريبة على المستوى المتداول، والتي فرضت قواعد اشتباك سياسي وعسكري جديدة لا عهد للنظام العالمي بها، لقادرة على تكريس الهزيمة التي ألحقتها بدول العدوان على مدى تسع سنوات، ومن المؤكد أن حرب تكريس الهزيمة سيكون مدويا وكبيرا أكبر من الهزيمة ذاتها..
لقد آن الأوان للسعوديين أن يصفوا حسابهم الخاسر في اليمن، وآن لكم أن يغيروا سياستهم التقليدية فيه بالشكل الذي يحفظ الكرامة والسيادة والعزة والمصالح المشتركة لجميع بلداننا..
إن هذا ليس مصلحة يمانية بقدر ما هو مصلحة سعودية وإماراتية وخليجية وعربية خالصة في ظل ظروف عالمية جديدة، وقواعد اشتباك يمانية متطورة، وقيادة إيمانية شجاعة وحكيمة، وشعب يماني أبي وشجاع وحي متوحد في معظمه تجاههم، ويحتشد خلف قيادة ثورية مجاهدة، أثبتت الأحداث أنها وشعبها بقدر مواجهة قوى كبرى كالأمريكان والبريطانيين، فهل تعقلون أن السلام مع اليمن الشجاع والقوي هو الأصلح لكم قبل غيركم؟
لا تراهنوا على أي قوى كبرى يمكن أن تفيدكم في صراع قادم، فمن لم يفد نفسه، وأعلن فشله أمام اليمن القوية والفتية، لن يفيدكم في شيء، وقد ساق الله إليكم أحداث غزة دروسا مجانية يمكنكم التتلمذ عليها والاستفادة منها بشكل أكثر من غيركم..
اليمن ليست عدوا لكم، بل هي ذخر قومي وإسلامي عميق لكم وللأمة كلها حينما تتحولون إلى قوى ودول تمثل شعوبها، اللهم إلا إذا أصررتم على التجند خلف رايات المستكبرين من الأمريكان والغربيين ضد آمال وحقوق شعوب أمتنا، فإن المؤشرات الكثيرة تشير بأن هذه القوى في طور انكفائها وانسحابها أو طردها من المنطقة برمتها، ومن الأفضل لكم نسج تحالفات جديدة، وتنويع مصادر قوى متطورة، وتذكروا دائما أنه في صباح كل يوم سيصبح العريس منفردا مع عروسته، وقد عاد الجميع إلى بيوتهم، ومن أعانكم على (القتل) لن يعينكم على (الدية)..
اللهم إني بلغت ونصحت فاشهد..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العدوان الإسرائيلي على اليمن.. ما احتمالات توسيع دائرة الأهداف وتصعيد العمليات؟
فيما أكدَّت جماعة الحوثي أن موقفهم الإسنادي لغزة لن يتزحزح مهما كانت الاعتداءات الإسرائيلية على اليمن، كان وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، قد أكد أن الغارات الجوية الإسرائيلية، الخميس، على موانئ وبنى تحتية في اليمن “لن تكون الأخيرة”، فيما توعد وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، “برد فعل مضاعف” على أي اعتداء على إسرائيل، الأمر الذي يدفعنا للوقوف أمام إمكانات توسيع ميدان الفعل ورد الفعل واحتمالات التصعيد.
بالنظر إلى الإمكانات التي تُسند إسرائيل؛ فهي تمتلك قدرات عسكرية لا يمكن تجاهلها، لكنها تخوض معركة في مضمار يبعد عنها أكثر من ألفي كيلومتر، ومع طرف يتحرك في نطاق اللامعقول ويمتلك بيئة جغرافية تعزز من امكاناته، وهذا يزيد من احتمال استمرار انحصار العمليات في دائرة (الفعل ورد الفعل)، أي بقاء الوضع على ما هو عليه، من خلال غارات خاطفة تستهدف أهدافا حيوية مرتبطة بالبُنى التحتية مع احتمال توسع دائرة الأهداف في اليمن بالنسبة للمقاتلات الإسرائيلية لتشمل أحياء مدنية مع استمرار العمليات اليمنيّة في العمق الإسرائيلي ووصولها لأهداف حساسة.
من المتوقع استمرار استهداف إسرائيل للأهداف المدنية في اليمن، بما فيها مستقبلا الأحياء السكنية؛ لأن إسرائيل لو كانت تمتلك بنك أهداف حساسة غير البنى التحتية والمواقع المدنية في اليمن كانت ضربتها، وهذا أمر لا يمكن مناقشته في ظل التحرز الشديد من قبل الحوثيين على مواقعهم العسكرية الهامة، علاوة على افتقاد إسرائيل لقدرات تجسسية في الداخل، كما صار إليه وضع واشنطن، ما يضطر الأخيرة للاعتماد على الطائرات المسيّرة ذات الكفاءة الاستطلاعية، لكن كثيرا من هذه الطائرات يقع فرائس سهلة لصواريخ “أنصار الله”.
علاوة أن الأهداف العسكرية الواضحة والمعروفة في اليمن سبق واستهدفتها طائرات التحالف العربي طوال ثماني سنوات بعشرات ومئات الغارات، بما فيها الأهداف الواقعة في صنعاء والحديدة؛ فضلا أن الحوثيين بارعون في الإعداد لمواقعهم التي يصعب كشفها واستهدافها في الغالب؛ وخاصة ذات العلاقة بعملياتهم الاستراتيجية؛ علاوة على قدرتهم على التكيف مع أوضاع الحرب والبيئة الجغرافية؛ وهو ما ثبت في حربهم مع التحالف العربي، ولاحقا مع عمليات تحالف واشنطن ولندن.
كما أنَّ استمرار التصعيد من الحوثيقد يشمل بالاستهداف مواقع أكثر أهمية داخل إسرائيل؛ وقبل ذلك فإن استمرار هذه العمليات في عمق إسرائيل يهز صورة الأخيرة أمام مواطنيها ويضعها في موضع العاجز عن إيقاف عمليات “أنصار الله”، في الوقت الذي عجزت فيه إسرائيل عن إيقاف عمليات المقاومة الفلسطينية في الداخل، بما فيها المقاومة اللبنانية على الحدود؛ الأمر الذي قد ينذر بمزيد من التصعيد المتبادل؛ إلا أنه على مستوى استهداف إسرائيل لأهداف في اليمن قد يدفع تل أبيب في حال لم يتوقف تصعيد الحوثي لاستهداف مواقع مدنية داخل المدن كما سبقت الاشارة؛ وهذا ليس بمستبعد على إسرائيل، التي يمثل قصف الأهداف والمواقع المدنية جزءًا من استراتيجيتها الحربية منذ نشأتها؛ الأمر الذي قد ينذر بتوسع – حينئذ – الحرب الإقليمية في المنطقة، وقد يذهب بها بعيدًا؛ لكنها، في الوقت الراهن، لن تتجاوز العمليات الخاطفة؛ لأن العمليات الإسرائيلية المتوالية تتطلب دعمًا لوجستيا أمريكيًا من خلال طائرات التزود بالوقود جوًا وغيرها من القدرات اللوجستية، وقبل ذلك ضوءا أخضر من واشنطن؛ وهنا من المحتمل ألا تتدخل واشنطن بأي مستوى من الدعم، إلا أن ذلك الدعم متوقع أن يحصل بعد أن يتولى الرئيس المنتخب ترامب زمام أمور البيت الأبيض؛ لاسيما وأن عمليات واشنطن ولندن، التي بدأت منذ كانون الثاني/يناير الماضي، لم تحقق أهدافا عملية حتى الآن؛ الأمر الذي قد يدفع بواشنطن إلى تغيير استراتيجيتها في اليمن في عهد ترامب، على الرغم من وعوده الانتخابية بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط؛ إلا أن وعود الانتخابات شيء والواقع شيء آخر؛ ما قد ينذر بمنح إسرائيل ضوءًا أخضر وخدمات تمكنها من توسيع عملياتها في اليمن؛ لكن يبقى التحدي الأهم وهو أنها لن تستطيع التأثير على قدرات “أنصار الله”، وقد سبقتها في ذلك واشنطن من خلال مئات الضربات الصاروخية والغارات الجوية؛ وقبل ذلك فإن تلك العمليات في حال توسعت ستكون مصالح أمريكا في المنطقة في مرمى صواريخ الحوثيين؛ وبالتالي تكون المنطقة كلها مهددة بحرب إقليمية سيكون من الصعب احتوائها؛ وستكون المستفيد بلاشك هي إسرائيل.
إن مما لا شك فيه أن الغارات الإسرائيلية تلحق باليمن خسائر مادية كبيرة، وكذلك خسائر بالأرواح أكثر مما تلحقه عمليات الحوثي داخل العمق الإسرائيلي؛ إلا أن استمرار استهداف إسرائيل لليمن في الوقت الذي ما زالت فيه إسرائيل تستهدف العمق السوري واللبناني أيضًا بالإضافة إلى استمرار جرائم الإبادة الجماعية في غزة… سيعمق من ثقافة الكراهية في الشارع العربي والإسلامي واليمني تجاه إسرائيل، وسيسهم ذلك في تعثر مشاريع التطبيع، حتى في البلدان التي لديها اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل؛ لكن إسرائيل تنظر، دائمًا، في قراءتها للأوضاع في المنطقة من أعلى؛ كثقافة دونية تتحكم بقرارها؛ ولهذا الحرب الوحشية دائمًا ضمن استراتيجيها.
يقول عادل دشيلة، وهو باحث في المركز الشرق أوسطي للأبحاث في جامعة كولمبيا لـ”القدس العربي”: إذا استمر الحوثيون في استهداف إسرائيل فإن هناك احتمالات كبيرة لتوسيع العمليات العسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي تبقى الأمور مفتوحة أو يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه لعدة سيناريوهات منها التصعيد العسكري الكبير ضد اليمن.
وأضاف: الحوثيون يسيطرون على جغرافيا كبيرة ووعرة في شمال ووسط وغرب البلاد وهذا يمنحهم القدرة على التكيف وعلى الاستمرار في الاستهداف العسكري للكيان الصهيوني.
وفيما يتعلق بالمسافة بين إسرائيل واليمن وتأثير ذلك على الإمكانات والاحتمالات… يقول دشيلة: لقد اعترفت إسرائيل بأن المسافة بين اليمن وإسرائيل تؤثر على مسار توسيع دائرة الصراع وعلى الاستهداف الدقيق للعمليات. ورأينا مؤخرًا أن الضربات الإسرائيلية الاجرامية الأخيرة استهدفت المصالح الحيوية لليمنيين مثل الموانئ، وبالتالي هذه تؤثر بشكل كبير على حياة المواطن العادي، وتؤثر على المستشفيات وعلى المرضى وعلى الحياة اليومية، ولهذا أنا في تصوري الشخصي بأنه حتى وأن بعدت المسافة، هناك الأسطول الأمريكي الخامس يتواجد في المنطقة، وهناك كذلك قواعد أمريكية في المنطقة.
ونتوقف في الأخير أمام الأهداف التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في الموجات الثلاث من العدوان على اليمن؛ إذ استهدفت الموجه الأولى في 20 تموز/يوليو خزانات الوقود في ميناء الحديدة ومحطة كهرباء رأس كثيب بمدنية الحديدة، واستهدفت الموجة الثانية في 29 أيلول/سبتمبر خزاني الوقود في ميناء رأس عيسى وميناء الحديدة ومحطتي طاقة الحالي وراس كثيب بالحديدة، واستهدفت الموجة الثالثة في 19 كانون الأول/ديسمبر موانئ الحديدة (الحديدة، راس عيسى، والصليف)، واستهدفت، لأول مرة، محطتي طاقة مركزيتين في العاصمة صنعاء، في أول استهداف للعاصمة اليمنية.
نلاحظ أنه في كل موجة من موجات العدوان الإسرائيلي على اليمن يتم توسيع دائرة الأهداف، الأمر الذي قد تشمل الأهداف في الموجات التالية أهدافا غير متوقعة؛ وصولاً إلى استهداف إحياء سكنية، كوسيلة من وسائل صنع انتصار زائف، وفي محاولة لخلق استياء شعبي داخلي؛ وهي رؤية إسرائيلية غير منطقية بالمطلق، لكنها تؤمن بها.