الحوثي: قادمون في العام العاشر بقدرات عسكرية متطورة لحماية اليمن ونصرة فلسطين
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
الجديد برس:
أكد قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، مساء الإثنين، أن الشعب اليمني قادم، في العام العاشر من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، بالقدرات العسكرية المتطورة لحماية اليمن، ومساندة الشعب الفلسطيني المظلوم، والتصدي لمؤامرات الأعداء.
وأشار الحوثي، في كلمة متلفزة، بمناسبة مرور تسع سنوات لحرب التحالف الذي قادته السعودية بدعم أمريكي في اليمن منذ 26 مارس 2015، وهو ما تسميه حكومة صنعاء “اليوم الوطني للصمود”، إلى أن “اليمن قادم بجيش مؤمن مجاهد، جمع بين التجربة الفعلية والبناء والتعبئة العامة، وبوعي شعبي غير مسبوق، وتماسك تام في الجبهة الداخلية”.
وقال الحوثي إن “العدوان على اليمن جاء بتخطيطٍ أمريكي بريطاني إسرائيلي، وبتنفيذ من جانب التحالف”، مضيفاً أن “العدوان على اليمن، منذ لحظته الأولى، كان غادراً، وبلا مبررات، وبلا مقدمات، ووحشياً وإجرامياً، ومن أجل أهداف خطيرة”. وتابع أن “هناك سعياً لإدخال المنطقة كلها في الحضن العبري، من خلال العدوان على اليمن”.
وأشار إلى أن “اليمن قدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، الذين سطروا البطولات وملاحم التضحية والفداء، والتي ستبقى للتاريخ ومدرسةً للأجيال”، مشيداً بدور كل من “تحركوا في المجالات الإنسانية والاقتصادية والتعبوية والتثقيفية والسياسية وغيرها”.
ولفت الحوثي إلى أن “العدوان على اليمن أتى في إطار خطة شاملة في المنطقة لإعادة ترتيبها تحت قيادة العدو الإسرائيلي وتصفية قضية فلسطين”، مضيفاً أن “من أهداف العدوان على اليمن تمكين العدو الإسرائيلي من قيادة المنطقة، وترتيب وضعها، كما ظهر في برنامج التطبيع، أو “صفقة القرن”.
وشدد على أن “العدوان على اليمن ليس له أي مشروعية، ولا أهداف مشروعة ولا ممارسات مشروعة”.
وقال الحوثي إن “تحالف العدوان استهدف الشعب اليمني عبر الحصار والتجويع، ومن خلال المؤامرات على العملة الوطنية”، كاشفاً أن ما أُحصي بشأن عدد الغارات الجوية بلغ 274302 من القنابل والصواريخ على الشعب اليمني، وهذا ليس إحصاء كاملاً.
وبيّن الحوثي أن “العداون على اليمن دمر 613992 منزلاً، و186 منشأة جامعية، والكثير منها دُمر تدميراً كلياً”، متسائلاً إن كانت حرب من “يدمر أكثر من نصف مليون منزل ويدمر المنشآت الجامعية، هي لمصلحة الشعب اليمني، أم لاستهداف فئة معينة من أبنائه”.
وأوضح أن “تحالف العدوان دمر 1843 مسجداً، على الرغم من قدسية بيوت الله”، مردفاً أن “العدوان دمر 427 مستشفى ومرفقاً صحياً على الرغم من محدودية الخدمات الصحية في اليمن، قتل الطواقم الصحية والمرضى”.
وكشف أن “العدوان دمر 1331 مدرسة ومركزاً تعليمياً، و146 منشأة رياضية و269 موقعاً أثرياً، و63 منشأة إعلامية”.
وعلى مستوى البنى التحتية، قال الحوثي إن “العدوان دمر أكثر من 12775 حقلاً زراعياً، واستهدف 15 مطاراً على الرغم من أن البنية التحتية كانت ضعيفة، ومع ذلك ظل مطار صنعاء يتعرض للغارات”.
وأشار أيضاً إلى أن “تحالف العدوان استهدف 354 محطة ومولداً كهربائياً، و7940 طريقاً وجسراً، وقتل أعداداً كبيرة من المواطنين”، موضحاً أنه جرى استهداف 647 شبكة ومحطة اتصال و3332 خزاناً وشبكة مياه، الأمر الذي يؤكد عدوانية التحالف وأهدافه السيئة.
أما بشأن المنشآت الحكومية، فأوضح الحوثي أن “العدوان استهدف 2155 منشأة حكومية، و417 مصنعاً، و397 ناقلة وقود و12534 منشأة تجارية، و484 مزرعة للدجاج والمواشي”.
وبحسب الحوثي “استهدف العدوان أكثر من 10 آلاف وسيلة نقل، وأكثر من 1000 شاحنة غذاء، و712 سوقاً، مرتكباً فيها مجازر جماعية. واستهدف 493 قارب صيد، وجرى استهداف 1043 مخزن غذاء في سياق تجويع الشعب اليمني، وتجويعه واستهدافه في اقتصاده وغذائه، وجرى تدمير 434 محطة وقود”.
وقال قائد حركة أنصار الله إن “الاستهداف لليمن طال كل معالم الحياة ومقوماتها، الأمر الذي أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 50 ألفاً من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، من دون شهداء الميدان”.
وبشأن الخسائر التي تكبدها التحالف، أوضح الحوثي أن “عدد القتلى والجرحى من كل تشكيلات تحالف العدوان والمرتزقة بلغ 282,879 قتيلاً ومصاباً”.
وأشار إلى أن “خسائر تحالف العدوان في الآليات والمعدات بلغت 18,397″، مضيفاً أن “عمليات الدفاع الجوي اليمنية بلغت 4585 عملية، تمكنت من خلالها القوات اليمنية من إسقاط 165 طائرة حربية واستطلاع”.
وأوضح أن عدد عمليات القوات البحرية بلغ 38 عملية، وكانت ذات أهمية كبيرة جداً في ردع العدو، وأبرز تلك العمليات استهداف فرقاطة المدينة والسفينة الحربية “سويفت” وضبط سفينة “روابي”.
وبشأن القوة الصاروخية، أوضح الحوثي أن عدد العمليات الصاروخية بلغ 1828 عملية، منها 1237 عملية عسكرية وقتالية، و589 عملية خارج الحدود.
وأضاف أن “عمليات سلاح الجو المسيّر بلغت 12,009 عمليات هجومية واستطلاعية”، موضحاً أن “أغلبية عمليات سلاح الجو المسير كانت في إطار المهمّات القتالية الدفاعية والهجومية، ومنها 997 عملية خارج الحدود”.
وقال الحوثي “أما عمليات الإسناد للقوات البرية اليمنية فبلغت 211,136 عملية قنص واستهداف مدفعي وضد الدروع، إذ فشل العدو في تدمير القدرات العسكرية، وكانت النتيجة معاكسة تماماً”.
وكشف الحوثي أن “الأعداء حرصوا، منذ البداية، على حرمان اليمن من الحصول على السلاح للدفاع عن نفسه، بينما امتلك الأعداء كل أنواع السلاح، بما فيها المحرمة دولياً”، مضيفاً أن “المسار في تصنيع الأسلحة من الصواريخ ومختلف القدرات العسكرية الأخرى بدأ من نقطة الصفر ومن مراحل بسيطة جداً”.
وقال قائد أنصار الله إن الأمريكي حصل من السعودي والإماراتي على مبالغ مالية هائلة جداً، فكانت أكبر صفقات العصر، وتستحق أن يطلق عليها “صفقة القرن”.
وأوضح الحوثي أن “الحصار والتجويع عدوان موازٍ – إلى جانب العدوان العسكري – نتجت منه معاناة كبيرة جداً”، مشدداً على أن “تحالف العدوان استهدف الاقتصاد والعملية الوطنية والبنك المركزي بصورة منظمة، كما أنه سلب الثروتين النفطية والغازية”.
ولفت قائد حركة أنصار الله إلى أن “الشعب اليمني لا يزال يُعاني جداً نتيجة العدوان والحصار المفروضين عليه”، مردفاً بأن “تحالف العدوان فشل في عدوانه على الرغم من أنه أطلق عمليات عسكرية كبيرة لاجتياح كل المحافظات، ووفر لها غطاءً كبيراً، إعلامياً وسياسياً”.
وأضاف أن “تحالف العدوان فشل في احتلاله العمق الجغرافي والاستراتيجي لبلدنا على رغم سيطرته على مساحة واسعة”، مؤكداً أن “تحالف العدوان سيطر على الثروة السيادية والنفطية والغازية لبلدنا وعلى كثير من الموانئ، ومساحة واسعة من الساحل”.
وتابع أن “الفشل الحتمي للعدوان في تحقيق أهدافه اتضح من خلال عدم مقدرته على السيطرة التامة على اليمن وعلى شعبه”، مضيفاً أن “تحالف العدوان كان يعول على أنه سيحسم المعركة في البداية خلال أسبوعين، لكن خابت آماله وآمال الذين خططوا له”.
وأكد الحوثي أن “العدو حاول أن يضغط بصورة كبيرة على الشعب اليمني من خلال تضييق الوضع الاقتصادي عبر الحصار وحرمانه من إيرادات ثرواته النفطية والغازية”.
وقال إن “تطوير القدرات العسكرية كان ولا يزال مسألة مهمة ومطلباً أساسياً لتحقيق الانتصار ودحر العدوان واستعادة ما احتله تحالف العدوان”، داعياً سائر الدول إلى مراجعة حساباتها الخاطئة وسياساتها العدوانية تجاه اليمن.
وعقّب الحوثي بقوله إن “الشعب اليمني حريص جداً، ومهتم بالأمن القومي العربي وبأمن الأمة الإسلامية”، داعياً إلى استقرار الأمن في الدول العربية والإسلامية على أساس الأمة الواحدة.
وأكد الحوثي أن “من المحن الكبرى للأمة أن توظف مجموعة من الدول العربية إمكاناتها لخدمة المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية”، مضيفاً أن “العداء الإسرائيلي للعرب عداء معروف وواضح وصريح في ثقافته ومدارسه ومناهجه وسياساته”.
وشدد على أن “الأمريكي لا يزال مُستمراً في سياسة توريط بعض الأنظمة العربية في الاتجاه العدائي الداخلي وإثارة الفتن والصراعات داخل الأمة”، مؤكداً أن “العدوان على اليمن هو عدوان بإشراف وتخطيط من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، في سياق مخطط استهداف المنطقة بصورة عامة”.
وأكد الحوثي حرص اليمن على التفاهم والسلام مع كل الدول العربية والإسلامية، وليس لديه أي توجه عدائي تجاه أي بلدٍ عربي.
وأوضح أن “التكفيريين افتضحوا أمام العدوان الإسرائيلي على غزة فلم يكن لهم أي موقف جاد حتى على مستوى إصدار الفتاوى”، مضيفاً أن “اليمن الآن في مواجهة مباشرة مع ثلاثي الشر، أمريكا وإسرائيل وبريطانيا”.
ودعا الحوثي السعودي والإماراتي إلى أن ينتقلا من خفض التصعيد إلى تحقيق السلام الشامل، مضيفاً أن “استحقاقات السلام واضحة وتتمثل بإنهاء الحصار والعدوان والاحتلال وتبادل الأسرى وتعويض الأضرار”، ناصحاً البلدان العربية بالتحرر من التبعية العمياء لأمريكا.
وتوجه قائد حركة أنصار الله بالتحية إلى كل من وقف مع اليمن في محنته، وفي المقدمة إيران وحزب الله والعراق وكل الأحرار في العالم.
وبشأن الدعم اليمني لفلسطين، قال الحوثي إن العمليات العسكرية لنصرة الشعب الفلسطيني ستستمر، مضيفاً أن اليمن وقف موقفاً مشرفاً إلى جانب الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الإعلام اليمني موجّه بكل طاقته وإمكاناته لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.
وفي وقتٍ سابق، أكد قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي أن اليمن لديه مخططات ذات أهمية في المستقبل لضربات أكثر تأثيراً، للاحتلال الإسرائيلي أو الأمريكي.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: قائد حرکة أنصار الله العدوان على الیمن الشعب الفلسطینی العدوان استهدف تحالف العدوان الشعب الیمنی على الرغم من العدوان دمر الحوثی أن الحوثی إن أکثر من من خلال على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
على خطى السعودية.. أمريكا في اليمن إجرام وتخبط وهزيمة [الحقيقة لا غير]
يمانيون../
تتزايد البراهين والأدلة يومًا بعد يوم على مدى الارتباك والعجز الذي يعيشه العدو الأمريكي في مواجهته للشعب اليمني العظيم، الذي يتميز بقوة إيمانه وثباته وإرادته القوية.
العدوان الأمريكي المستمر على العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية لا يعكس سوى حقيقة واحدة، هي الفشل الكبير الذي يدفع العدو الأمريكي إلى الوقوع في مأزق حقيقي أمام هذا الشعب، الذي يجسد من خلال موقفه الديني والأخلاقي والإنساني تجاه غزة موقفًا ومثالًا فريدًا في تاريخ الإنسانية.
وبسبب جهل العدو الأمريكي لطبيعة الشعب اليمني وقوة عزيمته وصمود أبنائه، يواصل شن غاراته العدوانية على الأحياء السكنية في صنعاء، مستهدفًا منازل المدنيين الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالأهداف الأمريكية المعلنة في اليمن.
لذا، فإن العدوان الأمريكي، خاصة في ظل إدارة المجرم ترامب، يمر بنفس الظروف التي واجهها العدو السعودي في عام 2015، عندما شن عدوانًا غاشماً جائرًا على الشعب اليمني، متجاهلًا صمود اليمنيين ومطمئنًا إلى تفوقه العسكري وقدرته الاقتصادية وعلاقاته الدولية.
وفي الوقت الحالي، يرتكب العدو الأمريكي نفس الخطأ الذي ارتكبه العدو السعودي سابقًا، والذي سيؤدي إلى عواقب وخيمة، وهو الخطأ المتمثل في التقليل من شأن الشعب اليمني وتضحيات أبنائه، والاعتقاد الخاطئ بأن طرق القوة والتصلب والوحشية، إلى جانب الغارات العدوانية والتدمير، ستكسر إرادة الشعب اليمني وتجبر أبنائه على الخضوع ورفع راية الاستسلام أمام العدوان الأمريكي والإسرائيلي.
تشكل الجرائم التي يرتكبها العدوان الأمريكي في العاصمة صنعاء وكافة المحافظات اليمنية جانبًا آخر من مظاهر الإجرام الوحشي الأمريكي، وتعكس حالة الفوضى والتخبط التي تعاني منها الولايات المتحدة، والتي لا تؤدي إلا إلى المزيد من الفضائح والانكسارات. ولا شك أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، حيث تواصل قواتنا المسلحة تقويض هيبة هذه الإمبراطورية الظالمة، وتعليمها دروسًا قاسية في البحر وفي جميع الاشتباكات مع قطعها البحرية والعسكرية، حتى بلغت مرحلة الانهيار والفشل، وهو ما يؤكده الواقع على أرض الميدان. وهذا ما يشهد به جميع الخبراء المهنيين في العالم، بما فيها تقييمات العدو الأمريكي نفسه، حول نتائج العدوان الأمريكي على اليمن.
هذا وزير خارجية المجرم ترامب، الذي يعاني من خيبة أمل وإحباط مماثل لرئيسه، أشار إلى أن العدوان على اليمن يُعتبر خدمةً للعالم. هذا التصريح يعكس محاولة ليّ ذرائع المجتمع الدولي واستعطافه للوقوف بجانب العدو الأمريكي، ويُذكرنا ذلك بخطاب العدو السعودي الذي كان يبرر عدوانه على اليمن بحجة الدفاع عن العالم.
لقد كشفت دولة العدوان أمريكا من خلال عدوانها على الشعب اليمني للعالم فشلاً ذريعًا يفوق توقعات الكثيرين. فكلما ارتكب العدو الأمريكي جريمةً ضد المدنيين أو استهدف منشأةً مدنيةً أو مؤسسةً حكوميةً في اليمن، انكشفت حقائقه أكثر وتهاوت مكانته، ليس فقط من الناحية الأخلاقية، بل أيضًا من الناحية العسكرية والأمنية. وبفضل الله تعالى، فإن تصرفات هؤلاء المجرمين والإرهابيين الأمريكيين تدل على أنهم لا قيمة لهم، وهي حقًا كما وصفها الشهيد القائد -رضوان الله عليه– “أن أمريكا قشة”.
لكن عندما يقف أصحاب الحق بثباتٍ وإيمانٍ وقرارٍ حازم، يصبح الباطل ضعيفًا أمامهم، كما هو حال أمريكا اليوم في مواجهة الشعب اليمني. فالباطل لا يستمر ولا يثبت، على عكس أصحاب الحق والقضايا العادلة الذين هم سند القوة والديمومة.
كان المجرم ترامب، الذي يُعتبر مجرمًا، يسخر من إدارة بايدن وينعتها بالفشل، أما اليوم فقد أصبح المجرم ترامب نفسه موضوع سخرية أكثر منه، وذلك بسبب كثرة تهديداته. إذ تحول المجرم ترامب إلى مجرم وقاتل وفاشل في نظر العالم، الذي يشاهد يوميًا جرائمه ضد النساء والأطفال في غزة واليمن.
وكان يُقال إن المجرم ترامب كان يطمح للفوز بجائزة نوبل للسلام، راغبًا في جعل ولايته الأخيرة، أو ولايته هذه، رمزًا للحضارة الغربية والإنسانية، متعهدًا بإنهاء النزاعات والحروب. لكنه سقط في بداية ولايته الرئاسية الثانية، التي لم تمضِ عليها إلا بضعة أشهر قليلة، حيث يعيش حالة من الارتباك واليأس، ما دفعه إلى استهداف المنازل والأسواق والموانئ، وحتى السفينة “جلاكسي” في عرض البحر.
تشير الجرائم التي ارتكبها العدوان الأمريكي في العاصمة صنعاء بحق المدنيين إلى فشل العدوان الأمريكي المستمر وتخبطه المتواصل، كما تُبرز حجم الحقد الذي يكنّه العدو الأمريكي الذي يسعى للانتقام من الشعب اليمني، الذي لا تزيده هذه الجرائم إلا صلابة وعزيمة وإصرارًا على المواجهة والثبات والصمود. ولن يثنيه ذلك عن مواقفه الإنسانية والدينية والتاريخية تجاه غزة.
إن تضحيات وصبر الشعب اليمني في هذه المرحلة الحاسمة سيكون لهما أثر يعود بالنصر على المظلومين، وبالهزيمة والخسران على الظالمين. وتداعيات وأثر العدوان الأمريكي على اليمنيين تظهر كيف أن هذه الجرائم تعود بالسوء والخسارة على من يقترفها، كما حدث مع العدوان السعودي في جولة العدوان الأمريكية السابقة التي لم تحقق أي هدف، رغم ما ارتكبه من قتل النساء والأطفال وتدمير المنازل والمنشآت المدنية والحكومية.
وعلى الرغم من ذلك العدوان، تحوّل اليمنيون إلى بركان من الغضب في صدورهم، وزاد من وعيهم وحماسهم ونشاطهم للبحث عن وسائل القوة والمواجهة مع أولئك الأعداء والمجرمين، الذين لا يردعهم إلا الشجاعة والقوة والثبات والحضور الدائم في ساحات وميادين الجهاد في سبيل الله.
هناك فرق جوهري بين أن تتلقى الأذى من عدوك، وبين أن تضحّي وتواجه الألم بينما يُدمّر بيتك أو مصدر رزقك وأنت في موقع الجهاد ومواجهة العدو، تهاجمه بكل قوتك وتُعلّمه دروساً في الشجاعة والكرامة، تسقط هيبته أمام الأنظار، وتُلحِق به خسائر كبيرة على الأصعدة العسكرية والمادية والمعنوية.
بينما الاستسلام والخنوع لا يضمنان لك الحماية من العدو، فالتضحية في سبيل الجهاد هي فترة تكون مليئة بالصبر والكفاح، يتبعها النصر المؤزر، حينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. أما إذا رضيت بالهروب من تحمل المسؤولية، فستخسر بلا نهاية، وضحاياك ستكون دون فائدة أو تحقيق أهداف.
كيف تؤثر مشاهد الطفولة والشهداء والجرحى على شعوب العالم كله، وهم يدركون أن اليمني يقدم هذه التضحيات نتيجة مواقفه الداعمة لغزة، ونتيجة إصرار شعب اليمن على تثبيت هذا الموقف مهما بلغت التضحيات وقسوة العدوان الأمريكي؟.
هذا الموقف له أثر عميق في نفس ووجدان الملايين من شعوب العالم، ولذلك تنطبق على جرائم العدوان الأمريكي بحق الشعب اليمني الآية الكريمة: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
المجرم ترامب ومن يقف خلفه من المنافقين من أبناء الأمة يعتقدون أن جرائم العدوان الأمريكي بحق المدنيين ستعوض إخفاقاتهم العسكرية، وأن هذه الجرائم ستساعدهم في تحقيق أهدافهم، من بينها إرهاب الشعب اليمني وإجباره على الاستسلام ورفع راية الهزيمة أمام العدوان الأمريكي والإسرائيلي وعملائهم وأدواتهم ومرتزقتهم، وهذا تصور خاطئ تمامًا.
ومن لا يعرف طبيعة الشعب اليمني، عليه أن يعود للدراسة الدقيقة لتجربة العدوان السعودي على اليمن التي دامت تسع سنوات، والتي لا تزال حية في الذاكرة وقريبة الوقت، كما بيّن ذلك الشهيد القائد ـــ رضوان الله عليه ـــ إذا كنت تسير في طريق الحق، حتى عدوك حين يتصرف ضدك بأي فعل، رغبةً في إيذائك، قد ينتهي به الأمر إلى إفادتك من حيث يعتقد أنه يضرك، وبطريقة غير مقصودة.
لذلك، لنتأمل حجم الدعم والوقوف الشعبي العربي، الإسلامي والدولي تجاه اليمن في المراحل السابقة، حيث لم يكن موقف اليمن إلى جانب غزة آنذاك قد بلغ هذه الدرجة من التضحية والعطاء. فقد كان الشعب اليمني حينها لا يزال في طور المشاركة بالمظاهرات والمواكب الجماهيرية الكبيرة، إضافة إلى العمليات العسكرية التي تشكل الركيزة الأساسية لهذا الموقف.
أما الآن، فإن العالم بأجمعه، شعوبًا وأممًا، يراقب اليمنيين الذين تطوروا في عطائهم وإخلاصهم وجديتهم بشكل واضح في موقفهم الراهن. بالرغم من تعرض منازلهم للقصف واستشهاد أطفالهم ونسائهم، يؤكدون تمسكهم بفداء غزة ولن يتراجعوا عن مواقفهم الثابتة.
قال تعالى: [وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ]، إنَّ التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني، والتي عبر عنها الجرحى المتأثرون بالعدوان الأمريكي، ترتقي بمكانتهم عند الله فوق مكانة الذين يقتصر عطاءهم على مجرد مشاركة الطعام والشراب، وفق ما جاء في كتاب الله العزيز عن عظمة المُنفقين.
على مدار عام ونصف من الدعم والإسناد اليمني لغزة، حاول البعض التشكيك والتشويش، بل وتعمد بعضهم السخرية بالقول إن ما قدمه اليمن لغزة هو مجرد استغلال. هذا هو سلوك العملاء والمرتزقة الذين يسعون إلى تشويه الموقف اليمني الحقيقي.
لكن الجرائم الأمريكية، والمشاهد المروعة لقصف المنازل والأسواق والمقابر، وألم الضحايا والشهداء، قد صنعت صورة أوضح وأصدق عن الشعب اليمني في وعي الشعوب حول العالم، أكثر مما كان عليه قبل العدوان الأمريكي.
إن دولة العدوان أمريكا من خلال جرائمها تُثبت للعالم أن الشعب اليمني يتميز بالإخلاص والثبات والصدق والكرامة والنقاء، وأنه لا نظير له عبر التاريخ البشري. كما تؤكد أن اليمن لا يتاجر بمعاناة غزة كما يزعم العملاء والمنافقون.
لقد زاد احترام العالم وتقديره للموقف اليمني خلال عام ونصف، واليوم في خضم الجرائم الأمريكية، بات الناس أكثر إيماناً ومحبةً للشعب اليمني. ولهذا، فإن التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني لها أثر كبير يتجاوز مجرد التعاطف، إذ أصبحت اليوم سبباً في إيقاظ واستنهاض أحرار الأمة وكافة شعوب العالم، وتوحيد صفوفهم حول اليمن وموقفه وقيادته، وأضحى الشعب اليمني، بصموده ودعمه لغزة، مصدر إلهام وحافز لمن لا يزال يملك نبض الحياة في جميع أنحاء العالم.
بعون الله تعالى وإرادته، يكون المذنب والمجرم قد أتم كامل ذنوبه وتراكمت عليه الذنوب، ونضجت جرائمه التي تؤدي إلى سقوطه، فلا يبقى سوى السبب الذي يهيئه الله لإسقاطه والقضاء عليه. لذا فإن الأبطال المؤمنين الثابتين الشجعان هم الذين يتحقق على أيديهم تنفيذ الوعد الإلهي بسقوط الطغاة والمجرمين، وهذا من السنن الإلهية الثابتة في هذا الكون.
لقد تصاعد ظلم أمريكا وارتكبت المزيد من الجرائم، وأصبحت مكروهة في نظر العالم، ولهذا فإن العدوان والجرائم الأمريكية بحاجة إلى موقف أبر هيمي مستوحى من موقف نبي الله إبراهيم عليه السلام، إذ قال لأبيه وقومه: “ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟” فقد كان قومه يعبدون الأصنام كما يعبد البعض أمريكا في يومنا هذا.
فأجاب قوم إبراهيم: (جَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ)، لم يكن هناك مجال لتغيير النظام العالمي في ذلك الزمان، فأجابهم إبراهيم: (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاوْكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ). وفي هذه الأيام، أيّ ضلال أعظم من طاعة أمريكا والولاء لها ولليهود، الذين يرتكبون أبشع الجرائم في غزة وغيرها.
كان موقف سيدنا إبراهيم حازماً وقوياً بلا تردد، حيث أعلن قاطعاً: (وَتَاللّٰهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) أي: سأقضي على أصنامكم. وهذا هو الموقف الإبراهيمي الذي يجسده شعب اليمن في وجه إمبراطورية الظلم والجرائم واستعباد البشر، أمريكا التي ورثت تاريخاً طويلاً من الإجرام والظلم.
لذا، فإن من يواجه دولة العدوان أمريكا في هذا العصر يحمل راية الحق التي تعتبر امتداداً لرسالات الأنبياء عبر التاريخ، وهذا ما يجسده الشعب اليمني كحامل لهذه الراية.
لا بد للشعوب العربية والإسلامية من اتخاذ موقف واضح تجاه جرائم ومجازر العدو في غزة، وإذا تأخرت في ذلك فإنها معرضة للخزي في الدنيا والعقاب في الآخرة. ولهذا، فإن هناك بعض التفسيرات الدينية المغلوطة التي ساهمت في ترسيخ موقف الضعف والهوان بين المسلمين، معتبرةً ذلك زهدًا في الدنيا وطاعةً لله، وهو فهم يرفضه القرآن الكريم.
والأمر نفسه كما قال الشهيد القائد -رضوان الله عليه- إن الذل والهوان في الدنيا الناتج عن التقصير يؤدي إلى عذاب في الآخرة، لأن المؤمن يجب أن يكون قويًا وكريمًا، فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وعلى المؤمن أن يجسد في حياته قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
في ظل ما نشهده حالياً من تخاذل عربي تجاه قضية غزة وفلسطين، يتضح حجم الأزمة الخطيرة التي تواجهها أمتنا، والتي قد تكون قد وصلت إلى نقطة نهايتها، وقد يُستبدل الله بها بأمة أخرى. وبناءً عليه، دخلت الأمة في مرحلة من العقاب الإلهي، حيث تُسَلَّط عليها أعداؤها ليعذبوها أشد العذاب.
لذا فإن ما يحدث في واقع المسلمين اليوم أمر غير طبيعي، فالشعوب التي تفتقر إلى الدين تعيش في حياتها بحرية، تدافع عن نفسها، وتبني اقتصادها ومستقبلها، بينما واقع المسلمين والعرب مخزٍ ومزرٍ إلى أقصى الحدود.
عباس القاعدي| المسيرة