خير من ألف شهر.. ليلة القدر 2024: موعدها.. علاماتها.. سبب إخفائها
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
ليلة القدر، تلك الليلة العظيمة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم كأهم ليالي العام، تحمل في طياتها بركات وخيرات لا تعد ولا تحصى. إنها ليلة تعتبر خيرًا من ألف شهر، حسب ما ورد في القرآن الكريم، حيث يُنزل فيها الملائكة وروح الأمر بأمر الله تعالى بجميع القضاء والقدر "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ · وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ · لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ · تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ · سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" سورة الفجر.
في العام 2024، ينتظر المسلمون حول العالم قدوم ليلة القدر بشغف ورجاء، فهي ليلة مباركة يتعبد فيها المؤمنون بالصلاة والذكر والدعاء، سعيًا للتقرب إلى الله وطلب الغفران والرحمة. ولكن هذه الليلة العظيمة ليست بسهولة تحديد موعدها، بل قد وردت العديد من العلامات التي تشير إلى قدومها، ومن بينها الهدوء والسكينة التي تسود الأجواء والشعور بالسكون الداخلي.
إن ليلة القدر تمثل فرصة لا تعوض لطلب الغفران والنجاة، وهي فرصة للتغيير والتوبة، ولذلك فإن المسلمون يبحثون عنها بكل جدية واجتهاد في هذه الأيام المباركة، عسى أن يتمكنوا من استحضار رحمة الله في هذا الشهر الفضيل والتمتع بالنعم الروحية والدنيوية التي يمنحها الله في هذه الليالي المباركة.
سورة القدرموعد ليلة القدروبعد معرفة علامات ليلة القدر، يتساءل الكثير عن موعد ليلة القدر، فهي تحدث في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، ولكن التحديد الدقيق لها لا يتم بشكل محدد في التقويم الإسلامي. ويرجع ذلك إلى الأحاديث النبوية التي لم تحدد بدقة تاريخها، ولكنها أشارت إلى أنها في العشر الأواخر من رمضان.
ووفق لتقاليد الإسلام، فإنه يشجع المسلمون على الاجتهاد في العبادة والدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الليالي الفرد منها (21، 23، 25، 27، 29)، حيث يعتقد البعض أن ليلة القدر قد تكون في إحدى هذه الليالي.
وتعد ليلة القدر من الليالي الفريدة والمباركة في الإسلام، حيث يُفضل فيها العبادة والتضرع إلى الله بكل إخلاص وخشوع، مع الاجتهاد في البحث عنها والتفكير في أهميتها العظيمة.
كما أنها فرصة لا تعوض للتواصل مع الله وطلب الغفران والرحمة. ففيها ينزل الملائكة وتمتلئ السماء بالبركة، ويُحدد الله فيها مصائر الخلق للسنة القادمة، وعلى الرغم من عدم تحديد الليلة الدقيقة للقدر، إلا أن العديد من المسلمين يجتهدون في البحث عنها في العشر الأواخر من رمضان، ويتضرعون إلى الله في كل ليلة منها، كما تُشجع ليلة القدر على التأمل في عظمة الله وفضله، وعلى زيادة العبادة والدعاء، وعلى التضرع إليه بقلوب خاشعة ومتواضعة.
هل لليلة القدر علامات؟ذكر الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 137، ط. دار الكتب المصرية) لسورة القدر قوله: [الثانية: في علاماتها: منها أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ». وقال عبيد بن عمير: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر، فأخذت من مائِه، فوجدته عذبًا سلسًا] اهـ.
سبب إخفاء ليلة القدرومع ذلك، فإن سبب إخفاء تاريخ ليلة القدر يعود إلى الحكمة الإلهية، حيث يؤكد العلماء أنه لو كانت معلومة بالتحديد لتهافت الناس على عبادة الله في تلك الليلة فقط، وتجاهلوا باقي ليالي الشهر الفضيل. لذلك، جاءت هذه الليلة مخفية لتحفز المؤمنين على العبادة والدعاء في كل ليلة من عشر الأواخر، مما يعزز الاجتهاد والاستمرار في الطاعة طوال الشهر الكريم.
أجابت دار الإفتاء، على سبب إخفاء ليلة القدر، بأن الله تعالى أخفى رضاه في طاعته؛ ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته؛ لينزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يُخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها؛ ليجد الإنسان في طاعة ربه، فينال رضاه، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].
كما أخفى الساعة في الزمن، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187].
كما أخفى االله ليلة القدر في رمضان لِيَجِدَّ الصائم في طلبها، وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا في أن توافقه ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 3 - 5]، فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته؛ لذلك أخفى الله ليلة القدر في أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في رمضان.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ليلة القدر 2024 ليلة القدر القرآن الكريم خير من ألف شهر علامات ليلة القدر موعد ليلة القدر فی العشر الأواخر من الله تعالى لیلة القدر ال ق د ر الله فی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
شارك الدكتور نظير محمد عيّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في احتفال وزارة الأوقاف بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة والذي أقيم بمسجد مصر الكبير بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور معالي الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، نائبًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ومحمود الشريف، نقيب الأشراف، و الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، بالإضافة إلى عدد من السفراء، وكبار علماء الدين، وعدد من المسؤولين.
وألقى المفتي كلمةً في هذا الاحتفال بذكرى تحويل القبلة أكد فيها ثلاثة من المعاني المستفادة من تلك الحادثة، أولها: أن ليلة النصف من شعبان تكتسب أهمية كبيرة؛ فهي تجسِّد سموَّ المنزلة وعلوَّ المكانة حيث تلاقت المشيئة الإلهية مع الإرادة المحمدية عندما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى القبلة الأولى التي تشتاق إليها النفس وتسكن إليها الروح، فجاء تحويل القبلة جبرًا لخاطر النبي صلى الله عليه وسلم وإزالةً لهمّه، وتأكيدًا لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه.
وأشار المفتي إلى المعنى الثاني المستفادة في هذه الذكرى، حيث حذَّر فضيلته من الشائعات مشيرًا إلى أنها سلاحٌ يستخدم لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات، وأنه لا يخلو زمانٌ من السفهاء المرجفين الذين يسفِّهون عظائم الأمور، مستشهدًا على ذلك بقول الله تعالى في خصوص هذه الحادثة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142].
وأكد المعنى الثالث المستفاد من تلك الحادثة وهو أن الإيمان ليس مجرد كلمةٍ تُقال بل هو التزامٌ وسلوكٌ يدفع الإنسان إلى الطاعة، وهو عهدٌ ثابت يلتزم به المؤمن، وليس مجرد حالةٍ تزول بمرور الوقت.
واستشهد بقوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51].
وفي ختام كلمته، دعا فضيلة المفتي الله عز وجل أن يحفظ ووطننا الحبيب مصر، وأن يؤيد قادتنا، وأن يعيد علينا جميعًا هذه الأيام بالأمن والأمان والإيمان، والسلامة والإسلام، وأن يرد لنا المسجد الأقصى من أيدي المحتل المعتدي.
ومن جانبه، أوضح الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، في كلمته في هذا الاحتفال أن الله قد وصف أمة النبي الخاتم بالوسطية؛ كما جاء في سياق الآيات التي تتحدث عن حادثة تحويل القبلة، وهو وصف لم يتحقق لأي أمة أخرى من الأمم.
كما أشار إلى أن الشرع جاء ليوازن بين مكونات الإنسان النفسية والروحية والعقلية والبدنية، وأعطى لكل جانب من هذه الجوانب حقَّه بما يحقق وظيفة الاستخلاف في الأرض كما أراده الله تعالى.