أخيرا.. قررت محافظة الغربية فتح باب الترخيص للدراجات النارية ذات العجلات الثلاثة والمعروفة بإسم “التوكتوك ”، ويستهدف القرار التصدي لمخالفات التوكتوك ووقف نزيف الدم الذى يسببه والحوادث التى ترتكب بواسطته بما يخل بأمن المواطن المترجل والراكب.
وعلم مندوب - الوفد- بأنه لن يسمح لأي توكتوك يدخل الحضانة التابعة لإدارة المرور لارتكابه مخالفات سير أو حوادث بالخروج منها إلا بعد ترخيصه.


كما سيتم تحصيل المخالفة المقررة مع الترخيص له وتركيب الكود الخاص به وإصدار رخصة التوكتوك واسم المالك واسم السائق ان وجد. 
وكان الدكتور طارق رحمى محافظ الغربية قد وافق على فتح باب الترخيص للتكاتك بهدف مواجهة فوضى سيرة وقيادته بواسطة أطفال. 


بهذا الترخيص تكون الدرجات النارية دخلت منظومة المرور كبداية حقيقية للقضاء على فوضى السير وتحقيق أقصى درجات الأمان للمواطنين المترجلين -المشاة- وقائدى سيارات الاجرة والملاكى خصوصا ان هذه المركبة باتت ستارا لارتكاب جرائم عديدة، بالإضافة الى تحصيل رسوم تتجاوز الملايين من حصيلة الترخيص والمخالفات تذهب لخزينة الدولة.
وكانت إدارة المرور بقيادة العميد وائل حمودة مدير إدارة المرور قدبدأت فى تنفيذ عملية التسجيل للتكتوك مع اصدار رخصة وكود للمركبة وترخيص بإسم صاحبه.
وفى سياق متصل قامت ادارة ومباحث المرور بشن حملة موسعة لضبط الميكروباصات المخالفة لخط السير وتجزئة الخط بما يشكل عبء على الركاب لاسيما بعد تحريك تعريفة الأجرة بما يتناسب مع الزيادة الأخيرة فى اسعار الوقود فى طنطا والمحلة وقطور وكفر الزيات.
وأعلنت ادارة المرور عن استمرار الحملات لضبط حركة السيارات الأجرة والقضاء على مهزلة تجزئة خط السير، وان هذه الحملات ستكون على مدار اليوم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محافظة الغربية نزيف الدم

إقرأ أيضاً:

غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن

بعد غياب دام 11 عاما في المنفى، عاد الكاتب الصحفي والروائي السوري غيث حموّر، من مواليد دمشق 1982، إلى بلده سوريا عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي مقهى الروضة الدمشقي، أقام حمور حفل توقيع لستة من أعماله الأدبية التي كانت ممنوعة من النشر في عهد النظام السابق. حدث يصفه الروائي الشاب بالمختلف، ويضيف: "شعرت وكأنني أستعيد جزءا من هويتي المفقودة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فن اليوميات العربية.. نبش أسرار الكتابة الذاتية في دراسة نقدية جديدةlist 2 of 2أسئلة النسوية العربية وكتابة الذات في قصص أمل بوشاربend of list

وبرزت من تلك الأعمال رواياته الثلاث "أبيض قان" و"إمبراطورية فسادستان" و"غراب وصنمان" التي قارب من خلالها الأحداث السياسية والاجتماعية في التاريخ السوري المعاصر مقاربة سردية تتوخى إبراز عبث الحياة في ظل حكم شمولي واستبدادي عانى منه السوريون لعقود.

وبمزيج من التوثيق والتخييل، والسخرية والترميز، استطاع حمور ابتكار شخوص سردية متفرّدة، وأصوت روائية متنوعة تمكَّنت من نقل التجربة السورية بالكثير من الصدق والإبداع بعيدا عن التكلف والتصنّع الأدبيين.

وإلى جانب الكتابة الروائية، يتميز مشروع حمور الأدبي بأعمال تنتمي نقديا إلى جنس "اليوميات"، الذي يلجأ إليه الكاتب عندما "يكون الواقع أكثر عبثية من أن يُروى في قالب روائي، وأشد قسوة من أن يُختصر في مقال. وعندما تصبح الكتابة حاجة يومية لفهم ما يحدث من حولنا".

إعلان

وغيث حمور حاصل على بكالوريوس في الإعلام من جامعة دمشق في سوريا، وماجستير في التلفزيون والسينما من جامعة بهتشه شهير في تركيا، وله مئات المقالات في عدة مؤسسات إعلامية سورية وعربية، فضلا عن تأليفه لعدة كتب بحثية أبرزها "ثقافة الهيمنة" و"أفلام تحت المجهر".

وحول عودته إلى سوريا، ومشروعه الأدبي، واختياراته الفنية كان للجزيرة نت هذا الحوار مع غيث حمور:

غيث حمور في ساحة الكرامة في سوريا (مواقع التواصل) معركة شخصية مع الصمت أقمت في الثامن من الشهر الجاري حفل توقيع لستة من أعمالك الأدبية في مقهى الروضة بدمشق بعد 11 عاما أمضيتها مغتربا. فما الدافع؟ وكيف تصف لنا شعورك في تلك اللحظات؟

بعد 11 عاما و50 يوما من الغياب القسري، كان حفل التوقيع في مقهى الروضة لحظة استثنائية بكل معنى الكلمة. لقد أقمت حفلات توقيع عديدة في معارض الكتاب، خاصة في إسطنبول وغازي عنتاب، لكن هذا التوقيع كان مختلفا، لأنه الأول داخل سوريا، ولأنه جاء بعد أن أصبحت قادرا على العودة بسقوط نظام الأسد.

الكتابة كانت دائما انعكاسا لذاتي، وطريقتي لفهم العالم والتفاعل معه، لكن أن أعود بعد كل هذه السنوات لأوقع كتبي بين يدي القرّاء السوريين، في مدينة كنتُ بعيدا عنها لزمن طويل، جعلني أشعر وكأنني أستعيد جزءا من هويتي المفقودة.

كان اللقاء مع المهتمين داخل سوريا مزيجا من الحنين والانتصار، وكأن الأدب الذي كتبته في المنفى قد وجد طريقه أخيرا إلى المكان الذي وُلِدَت فيه كلماته.

أما عن شعوري خلال التوقيع، فقد كان مزيجا من الحنين والرهبة، فرؤية قرّاء يحملون كتبي، يتحدثون عن شخصياتي وكأنهم التقوا بها فعليا، جعلتني أدرك أن الكتابة ليست مجرد فعل فردي، بل هي جسر يمتد بين الكاتب والناس.

خَبُرتَ تجربة الاعتقال في سجون النظام وأنت في سنّ صغيرة في عام 2003 وكنت أصغر معتقل سياسي حينها. لو تخبرنا عن كواليس تلك التجربة؟ وكيف أثّرت في أعمالك الأدبية أو أسلوبك؟

لم يكن الاعتقال في سن صغيرة مجرد تجربة عابرة، بل كان جرحا غائرا وتشكيلا مبكرا للوعي. في 2003، كنتُ أصغر معتقل سياسي في العهد الجديد "عهد بشار الأسد"، كما وصفتني المغيبة قسرا رزان زيتونة في موقع سمير قصير.

إعلان

في ذلك العمر، لم أكن أفهم تماما معنى أن تكون سجين رأي بشكل كامل، رغم معرفتي بالكثير منهم، لكنني أدركت سريعا أن الخوف يمكن أن يصبح ظلّا ملازما، يطاردك حتى بعد الخروج من الزنزانة.

هذا الخوف لم يمنعني من الكتابة، لكنه منعني من النشر. كنت أكتب باستمرار، وكأنني أخوض معركة شخصية مع الصمت، لكن لم أتجرأ على نشر أي من أعمالي حتى عام 2022، رغم أن بعضها كان جاهزا منذ سنوات. كان الأمر أشبه بمحاولة استعادة الصوت الذي كُتم لسنوات طويلة.

أما عن تأثير التجربة على أعمالي، فقد جعلتني أكثر ميلا إلى تشريح النفس البشرية، إلى اللعب على التناقضات، إلى السخرية السوداء التي تفكك القهر بدلا من الاستسلام له.

السجن جعلني أفهم كيف يمكن للخوف أن يتحول إلى قيد غير مرئي، وكيف أن الحرية الحقيقية لا تبدأ بالخروج من المعتقل، بل بكسر الحواجز التي يتركها بداخلك. لهذا، تجد في كتاباتي ذلك الصراع الدائم بين الحرية والقيد، الحقيقة والوهم، الصوت والصمت، وكأن كل نص هو محاولة جديدة لاختبار حدود الخوف والانتصار عليه.

غيث حمور: لم أتجرأ على نشر أي من أعمالي حتى عام 2022 (مواقع التواصل) السرد لتفكيك الاستبداد أصدرتَ روايتك البكر "أبيض قانٍ" في نهاية عام 2022، ورصدت من خلالها حكاية الشابة السورية سناء أثناء الثورة، وكانت أشبه بضحية ناجية هي مجاز عن سوريا نفسها. فما سرّ اختيار هذا العنوان؟ وكيف نفهم هذه العلاقة بين التخييل والتوثيق، والتي حضرت أيضا في رواياتك اللاحقة؟

العنوان "أبيض قانٍ" يحمل تناقضا مقصودا، يعكس جوهر الحكاية السورية نفسها. الأبيض هو لون النقاء، لون البدايات، وربما لون الأمل، لكنه هنا مغموس بالدم، محمّل بالعنف والقهر والفقد. العنوان هو صورة مجازية عن سوريا، التي كانت دائما نقية في جوهرها، لكنها تحوّلت إلى ساحة للدماء والمعاناة.

إعلان

أما عن العلاقة بين التخييل والتوثيق، فهي لم تكن خيارا فنيا فحسب، بل كانت ضرورة. في ظل التشويه المستمر للحقيقة، يصبح الأدب وسيلة لكشف ما يتم التعتيم عليه. التوثيق يمنح القصة ثقلها الواقعي، الجروح الحقيقية التي لا يمكن إنكارها، أما التخييل فهو الذي يسمح بإعادة بناء هذه الجروح بطريقة أعمق، تمنحها بُعدا إنسانيا وشعوريا يتجاوز الأرقام والتقارير.

في "أبيض قانٍ"، كانت سناء أشبه بضحية ناجية، لكنها ليست فردا بقدر ما هي مجاز لسوريا كلها، لجيل عاش الحلم وانكسر تحت وطأة العنف والقمع. هذا المزج بين التوثيق والتخييل لم يكن محصورا في هذه الرواية فقط، بل امتد إلى أعمالي اللاحقة، لأنني أؤمن أن الكتابة عن الواقع لا تعني استنساخه فقط، بل إعادة تفكيكه وإبرازه بطريقة أكثر كثافة، تُشعر القارئ بأنه جزء من هذه الحكاية، لا مجرد شاهد عليها.

العنوان "أبيض قانٍ" يحمل تناقضا مقصودا يعكس جوهر الحكاية السورية نفسها (الجزيرة) أتبعت "أبيض قان" بـ"إمبراطورية فسادستان.. دولة خيال الظلّ" عمل رمزيّ ساخر يستعيد سيرة وطنٍ استولى عليه ملك بانقلاب تحرسه أجهزة أمنية يقودها أشخاص وضيعو الثقافة والمعرفة. فما الغرض من هذه المقاربة السردية للحياة تحت وطأة نظام شمولي؟ وما دور السخرية في الخطاب الروائي؟

في "إمبراطورية فسادستان.. دولة خيال الظلّ"، حاولت تفكيك آليات الاستبداد والفساد، ليس عبر السرد الواقعي المباشر، بل من خلال الرمز والسخرية، لأن الأنظمة الشمولية لا تتعامل مع الواقع فقط، بل تخلق واقعًا زائفًا، مسرحية ضخمة يصبح فيها الجميع مجرد دمى في يد الحاكم وأجهزته الأمنية.

المقاربة السردية جاءت من الحاجة إلى إظهار العبث الكامن في قلب الطغيان. الأنظمة الاستبدادية غالبا ما تتستّر خلف شعارات ضخمة، لكن في جوهرها تعتمد على أشخاص وضيعي الثقافة والمعرفة، ممن يتم ترقية ولائهم بدلا من كفاءتهم. لهذا، كان لا بد من سرد حكاية وطن مسلوب، تحرسه دولة بوليسية يقودها الجهلة، وتُدار بمنطق الخرافة والخوف.

إعلان

أما عن دور السخرية في الخطاب الروائي، فهي ليست مجرد أداة للتخفيف من وطأة الألم، بل هي سلاح لكشف تناقضات السلطة، وتعريتها أمام القارئ. السخرية قادرة على تقويض هيبة الطغاة وكسر هالتهم المصطنعة، وعلى تحويل الواقع المرعب إلى كوميديا سوداء تكشف سخافة الاستبداد وابتذاله.

في الرواية، لم أكن أروي فقط قصة ملك مستبد، بل كنت أرسم كاريكاتيرا ساخرا لنظام اعتاد أن يتحكم في مصائر الناس وكأنه مسرح للدمى، بينما هو نفسه لا يدرك مدى هشاشته أمام التاريخ.

غيث حمور: كتبت "إمبراطورية فسادستان" و"أبيض قان" في فترتين مختلفتين، لكنهما كانتا امتدادا للحالة النفسية والسياسية التي عشتها (الجزيرة) في الرواية نفسها، تبلغ المفارقة ذروتها بتنصيب الملك حماره حاكما للبلاد بصفته وريثا شرعيا وتنتهي دون أي أمل بالتغيير، بينما تترك في خاتمة "أبيض قان" سؤالا مفتوحا حول مصير البلاد. هلا حدثتنا عن فترة كتابتك العملين؟ وما إذا كنت فاقدا الأمل باليوم الذي يسقط فيه نظام الأسد؟

كتبت "إمبراطورية فسادستان" و"أبيض قان" في فترتين مختلفتين، لكنهما كانتا امتدادا للحالة النفسية والسياسية التي عشتها، ففي "إمبراطورية فسادستان"، كان العبث قد بلغ ذروته، وكنت أرى أن الأنظمة القمعية لا تسقط بالضرورة عندما تنكشف حقيقتها، بل قد تستمر في حكمها رغم وضوح فسادها، بل وربما تبلغ مرحلة تجعل فيها حتى "حمارا" قادرا على أن يصبح الحاكم الشرعي، دون أي مقاومة تُذكر. كان ذلك انعكاسا لمرحلة شعور بالخنق واليأس من أي تغيير قريب، حيث يتحول الناس إلى متفرجين في مسرحية عبثية لا نهاية لها.

أما "أبيض قانٍ"، فقد كُتبت من زاوية أخرى، أكثر ارتباطا بالمصير الإنساني والبحث عن الأمل حتى وسط الخراب. رغم كل العنف الذي شهدته الرواية، ورغم أن سناء كانت أقرب إلى ناجية مكسورة، فإنني لم أشأ أن أغلق الباب تماما. لهذا، تركت النهاية مفتوحة، كأنني أقول إن مصير سوريا لم يُحسم بعد، وإن التاريخ ليس سطرا واحدا يكتبه الطغاة، بل هو صراع مستمر بين الاستبداد والرغبة في الحياة.

إعلان

هل كنت فاقدا للأمل تماما خلال تلك الفترة؟ ربما لم أكن أؤمن بإسقاط النظام بالمعنى الفوري، لكنني كنت أدرك أن الأفكار لا تموت، وأن الدكتاتوريات، مهما بدت راسخة، تحمل في داخلها بذور فنائها. الفرق بين العملين هو المسافة بين لحظة اليأس المطلق، ولحظة الشك في أن التغيير قد يكون ممكنا، ولو بعد حين.

تأملات في الزمن والسلطة "غراب وصنمان .. قصّة طائر تجرّأ على الحلم" منحتَ فيها للغراب صوتا سرديا يروي وقائع الحياة في دمشق، لماذا وقع اختيارك على الغراب راويا للأحداث وهل لذلك علاقة بمقولة "الرؤية" في السرد؟ وما القيمة المضافة؟

اختيار الغراب راويا في "غراب وصنمان.. قصة طائر تجرّأ على الحلم" لم يكن صدفة، بل جاء من رمزية هذا الطائر التي تحمل دلالات متناقضة. الغراب في الميثولوجيا مرتبط بالموت والفأل السيئ، لكنه في الوقت نفسه رمز للحكمة والرؤية الخارقة، فهو الطائر الذي رأى جريمة قابيل وعلّمه كيف يدفن أخاه، وهو الذي يحلق فوق المدن، يراقب التاريخ من علٍ، ويرى الأشياء التي يعجز البشر عن رؤيتها.

منح الغراب صوتا سرديا في الرواية كانت طريقة لتجاوز الرؤية التقليدية للسرد، والانطلاق إلى مستوى أوسع من التأمل. الغراب ليس مجرد شاهد، بل مؤرخ ساخر، يسجل التحولات التي مرت بها دمشق عبر عقود، دون أن يكون محكوما بمنظور إنساني ضيق.

أما من ناحية الرؤية السردية، فكان الغراب هو الخيار الأمثل لأنه غير مقيد بالزمن أو بالعواطف البشرية، فهو يسافر بين العقود دون أن يُستهلك، يرى الأشياء من الأعلى، يسخر من عبث البشر، ويظل موجودا حتى بعد أن يتغير كل شيء. هذا الاختيار أضاف بُعدا فلسفيا وساخرا للنص، حيث جعل الرواية تبدو وكأنها سرد للتاريخ من وجهة نظر كائن خارج اللعبة، لكنه متورط فيها بحكم مراقبته الدائمة.

القيمة المضافة في هذا الاختيار تكمن في أنه حرر النص من كونه شهادة بشرية محدودة، إلى أن يصبح تأملا في الزمن والسلطة والمصير الإنساني، حيث يصبح الغراب ليس مجرد طائر، بل مرآة للمدينة وأهلها، يعكس تناقضاتهم وخيباتهم، لكنه في النهاية يبقى الطائر الوحيد الذي لم يفقد القدرة على الحلم، رغم كل شيء.

إعلان

أما الرواية ككل، فهي ليست فقط قصة غراب يروي تاريخ دمشق، بل هي حكاية عن مدينة تتغير بين أيدي الطغاة، عن أصنام تحكم وتُعبد، وعن أحلام تتكسر لكنها لا تموت.

في "غراب وصنمان"، حاولت أن أجمع بين التاريخ والمجاز، بين الواقع والرمزية، بين التوثيق والتخييل، لأصنع نصا يفتح أسئلة أكثر مما يقدّم أجوبة. هي ليست فقط رواية عن ماض، بل عن حاضر يعيد نفسه، وعن مستقبل لا يزال معلقا بين الأمل والخوف.

يوميات عبثية الواقع كتبت بنفَس رمزي "يوميات حمار وقطّ" وبآخر واقعي "فولار وعصا غليظة.. يوميات طالب في عصر القيود". متى يلجأ حمور إلى اليوميات؟ وهل لذلك علاقة بالذاتي؟

اليوميات بالنسبة لي ليست مجرد تسجيل يومي للأحداث، بل هي مساحة للتأمل، ولحوار داخلي لا يخضع لقواعد السرد التقليدية أو شروط الرواية. أجد نفسي أكتبها عندما يكون الواقع أكثر عبثية من أن يُروى في قالب روائي، وأشد قسوة من أن يُختصر في مقال. حين تصبح الكتابة حاجة يومية لفهم ما يحدث، أو لالتقاط تفاصيل قد تبدو عابرة لكنها تختزل مرحلة كاملة، ألجأ إلى اليوميات كجنس أدبي أكثر مرونة وأقل ادعاء، يسمح لي بالتقاط الفوضى دون ترويضها.

في "يوميات حمار وقطّ"، كان الرمز هو المفتاح، فالكتابة من خلال حيوانات تحمل تناقضات البشر سمحت لي بطرح أسئلة جريئة حول السلطة، القطيع، والحرية، بينما في "فولار وعصا غليظة.. يوميات طالب في عصر القيود"، كنت أكتب بشكل أكثر واقعية وذاتية، أستعيد تجربة شخصية مع القمع والرقابة على الفكر والتعبير.

اختياري لليوميات يرتبط بشكل وثيق بالذاتي، لكنها ذاتية ليست انعزالية أو متقوقعة على تجربتي فقط، بل ذاتية متصلة بالعام. حين أكتب يومياتي، لا أكتب عن نفسي فقط، بل عن جيل، عن مرحلة، عن تناقضات يعيشها الجميع لكن لا أحد يلتقطها في حينها. ربما لهذا، تبدو اليوميات أقرب إلى مقاومة النسيان، إلى تسجيل ما تحاول الأنظمة القمعية محوه، وإلى منح التفاصيل الصغيرة أهميتها وسط صخب الأحداث الكبرى.

غيث حمور: "الرئيس شريكا" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي تفكيك لعلاقة السلطة بالفرد (الجزيرة) في مجموعتك القصصية "الرئيس شريكا"، يظهر الرئيس كظل حاضر في حياة شخصيات مختلفة، دون أن يكون بالضرورة الشخصية الرئيسية. ما الذي أردت تقديمه من خلال هذا الشكل السردي؟ وكيف يخدم فكرة المجموعة؟ إعلان

"الرئيس شريكا" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي تفكيك لعلاقة السلطة بالفرد، وللكيفية التي يصبح فيها الحاكم شريكا غير مرئي في تفاصيل الحياة اليومية. لم يكن الرئيس في القصص شخصية مركزية دائما، لكنه كان خلف كل حدث، حاضرا حتى في غيابه، يتغلغل في الوعي الجماعي، في القرارات البسيطة، في الأحلام والمخاوف.

اختيار الشكل المنفصل المتصل لم يكن عبثيا، بل كان وسيلة لكشف كيف تتكرر الأنماط الاستبدادية في حيوات مختلفة، وبطرق متباينة. ربما يعيش أحد الأبطال تحت وطأة الرقابة المباشرة، بينما آخر يعاني من أثر الخوف المترسخ داخله منذ الطفولة، وآخر يتصرف بناء على ما يتوقعه الرئيس حتى دون أن يُطلب منه ذلك. هذا البناء يخدم الفكرة الأساسية للمجموعة: الرئيس ليس شخصا فقط، بل منظومة، فكرة، شبح يعيش داخل العقول قبل أن يكون على كرسي الحكم.

المجموعة، في جوهرها، محاولة لسرد كيف يمكن للسلطة أن تتحول من شيء خارجي إلى حالة نفسية، وكيف يصبح المواطن العادي شريكا في إعادة إنتاج الاستبداد، حتى عندما يكون الضحية الأولى له.

غيث حمور: هناك موضوعات لم تأخذ حقها بعد بالكتابة، مثل دور المرأة خلال الثورة وما بعدها (الفرنسية) المثقفون بعد الأسد هيمنت المتون الروائية السورية التي تتناول وقائع الثورة والاستبداد والحرب على المشهد الروائي السوري في العقد الأخير. ما الموضوعات التي على الرواية السورية أن تسلّط الضوء عليها في مرحلة ما بعد سقوط النظام؟

مرحلة ما بعد سقوط النظام تفتح الباب أمام الرواية السورية للخروج من ثنائية القمع والمقاومة إلى أفق أوسع، حيث يمكنها تفكيك المآلات، لا مجرد تسجيل الوقائع. وفي العقد الأخير، ركزت المتون الروائية على الاستبداد، والثورة، والحرب، واللجوء، وهي موضوعات كانت ضرورية لفهم ما جرى، لكنها لم تعد كافية وحدها في مرحلة ما بعد الطغيان.

على الرواية السورية أن تتجه إلى ما بعد السقوط، إلى الخراب النفسي والمجتمعي، إلى الأسئلة الصعبة التي تبدأ عندما ينتهي الطغيان: كيف نعيد بناء هوية فردية وجمعية بعد عقود من القمع؟ كيف نتعامل مع إرث الكراهية والانقسامات؟ ما مصير من تورطوا في العنف، سواء من الجلادين أو حتى الضحايا الذين لجؤوا إلى العنف بدورهم؟

إعلان

الرواية المقبلة يجب أن تخوض في التعافي، وفي المواجهة، وفي العدالة الانتقالية، وفي الصراع بين الرغبة في الانتقام والحاجة إلى المصالحة. علينا أن نكتب عن حياة السوريين بعد الطاغية، عن المدن التي تحاول أن تنهض، عن الأفراد الذين يحاولون أن يجدوا معنى لما حدث.

كذلك، هناك موضوعات لم تأخذ حقها بعد، مثل دور المرأة خلال الثورة وما بعدها، الصدمات النفسية العميقة التي خلفها الاستبداد، تجارب الأجيال الجديدة التي نشأت في المنفى أو في ظل الحروب، وكيف تعيد تشكيل هويتها بعيدًا عن وطن مشوه ومكسور.

باختصار، على الرواية السورية ألا تكون شهادة على الماضي فقط، بل تصبح نافذة على المستقبل، أن تطرح الأسئلة التي سنواجهها في اليوم التالي للدكتاتور، لأن سقوط النظام ليس نهاية القصة، بل بداية فصل جديد لم يُكتب بعد.

غيث حمور: على الأدباء والمثقفين أن يكونوا حراسا للذاكرة دون أن يصبحوا أسرى لها (الفرنسية) تنعم سوريا بالحرية التي طال انتظارها بعد مضي ما يربو على 5 عقود من حكم الاستبداد. فأي دور للأدباء والمثقفين عموما في هذه المرحلة؟

مع تنعّم سوريا أخيرا بالحرية التي طال انتظارها بعد أكثر من 5 عقود من الاستبداد، يصبح دور الأدباء والمثقفين أكثر تعقيدًا من مجرد الاحتفاء بالنصر. ولم تعد مسؤوليتهم تقتصر على تسجيل القمع والتوثيق فحسب، بل بات عليهم المساهمة في إعادة بناء الوعي، وتحفيز الأسئلة الكبرى حول المستقبل.

في مرحلة ما بعد الطغيان، تتغير معادلة المثقف. لم يعد الخصم واضحًا كما كان في ظل الاستبداد، حيث كانت المعركة تدور بين السلطة والقلم، بين القمع والصوت الحر. واليوم، يقع على عاتق المثقف مسؤولية أصعب: تفكيك إرث الماضي، فضح رواسب الاستبداد التي بقيت في النفوس، والتصدي لمخاطر استنساخ الطغيان بأشكال جديدة.

على الأدباء والمثقفين أن يكونوا حراسا للذاكرة دون أن يصبحوا أسرى لها، وأن يسهموا في خلق خطاب جديد يقوم على إرساء قيم الديمقراطية، وقبول الاختلاف، ورفض الإقصاء، لأن الحرية لا تُضمن بمجرد سقوط المستبد، بل تتطلب جهدا فكريا مستمرا لحمايتها من التشويه والاختطاف.

إعلان

كما أن هناك مسؤولية في إعادة تشكيل المشهد الثقافي السوري بعيدًا عن المركزية السابقة، بحيث تُتاح المساحة للأصوات الجديدة، والتجارب المهمشة، وتُعاد قراءة الرواية السورية بعيدًا عن رقابة الخوف أو التسييس.

باختصار، دور المثقف اليوم ليس أن يكون ناطقًا باسم السلطة الجديدة، ولا أن يتحول إلى مؤرخ جامد للماضي، بل أن يكون مبدعًا للغد، ناقدًا لكل أشكال الاستبداد، حتى تلك التي قد تنشأ في صفوف من كانوا ضحايا الأمس، فالحرية ليست شعارا يُرفع، بل مسؤولية تُمارس، ومن دون المثقفين، قد تنزلق إلى مجرد وهم جديد.

ما مشاريعك المقبلة؟ وهل يمكننا أن نتوقع استمرارك في المزج أسلوبيا بين السخرية والرمز؟

لدي حاليا مشروعان روائيان قيد العمل، كل منهما يحمل طابعا مختلفا لكنهما يشتركان في المزج بين الرمزية والواقع، وبين السخرية والطرح العميق.

الأول هو "انتفاضة القوارض"، وهي رواية تعتمد على الفانتازيا الساخرة، حيث أتخيل عالمًا تسيطر فيه القوارض على الأرض بعد أن أسقطت الحضارة البشرية.

الرواية ليست مجرد عمل خيالي، بل هي إسقاط على الأنظمة القمعية، على الثورات والانقلابات، وعلى كيف يتحول الضحايا إلى طغاة جدد بمجرد وصولهم إلى السلطة. ومن خلال شخصيات القوارض، أطرح أسئلة حول السلطة، والأيديولوجيا، وصراع الطبقات، لكن بأسلوب كاريكاتيري ساخر يجعل القارئ يضحك بينما يدرك فداحة المأساة.

أما المشروع الثاني فهو "الطائرة 313″، وهي رواية نفسية مشوقة، تدور أحداثها على متن طائرة، حيث يختلط الواقع بالوهم، والجريمة بالمصير المحتوم. بطل الرواية، آرام، هو شخصية تحمل ماضيًا معقدًا، وتجسد الصراع بين العدالة الذاتية والندم، وبين الهروب من الماضي ومواجهته. الرواية تستكشف تأثير الذنب، والوعي الجمعي، والأقدار التي تبدو وكأنها تكرر نفسها بلا توقف، مع حبكة مشدودة تجعل القارئ في حالة ترقب دائم.

إعلان

ما زلت أؤمن أن السخرية أداة قوية لتفكيك الواقع، وأن الرمزية تمنح القصة بُعدًا يتجاوز حدود الحدث المباشر، لذلك ستظل هذه العناصر حاضرة في مشاريعي المقبلة، لكن بأساليب وأشكال جديدة، تتناسب مع كل قصة وما تحمله من أفكار.

مقالات مشابهة

  • غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن
  • شرطة المرور تواصل عملها في شوارع مدينة طرطوس لتنظيم السير والحد من الازدحام المروري
  • الدفاع السورية لشفق نيوز: قسد ستسلمنا ادارة مخيم الهول والحدود مع العراق
  • احذر مخالفة مرورية.. تعرف على قواعد السير أثناء الدورانات منعا للحوادث
  • إيران: 60 ألف إصابة بالإعاقة سنويا بسبب حوادث السير
  • مجلس النواب يوافق على حالات إلغاء الترخيص في قانون العمل
  • حماس تكشف فحوى مفاوضاتها مع ادارة ترامب
  • سلطات التجهيز بالحسيمة تقطع حركة السير ببعض الطرق حتى لا تتحول رحلة المرور إلى مأساة
  • بعد تشديد عقوبة السير عكس الاتجاه.. حبس قائد السيارة 7 سنوات بهذه الحالة
  • للوقاية.. المرور يحدد قواعد السير أثناء الدورانات منعا للحوادث.. تفاصيل