أزمة غذائية حادة في الصومال بسبب التغيرات المناخية
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
أحمد مراد (مقديشو، القاهرة)
أخبار ذات صلةيشهد الصومال أزمة إنسانية حادة في ظل تفاقم تداعيات كارثة الفيضانات التي ضربته في الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2023، ما جعل ملايين الصوماليين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وكشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير مؤخراً عن احتياج نحو 6.
وأوضحت المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، وعضو لجنة الحكماء في «الكوميسا» السفيرة سعاد شلبي، أن الصومال نموذج للدول التي تتعرض دائماً لتقلبات مناخية متعددة، وقد شهد في الأعوام القليلة الماضية كوارث طبيعية عدة، بسب الفيضانات الناجمة عن ظاهرة «النينيو» أو مواسم الجفاف الطويلة التي تسبقها، وهو ما عرض السكان للتشرد وسوء التغذية، مشيرة الى أن المؤسسات المحلية لم تستطع تحقيق الأمن الغذائي لأكثر من 6 ملايين نسمة.
وذكرت شلبي في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العديد من الدول والمنظمات سارعت إلى تقديم مساعدات إنسانية للصومال لمواجهة تداعيات الأزمة التي سببتها الظواهر الطبيعية العام الماضي، وإنقاذ أكبر عدد من المتضررين، في صورة إعانات مالية، ومواد غذائية، ومستلزمات إغاثية من أغطية أو خيام للإيواء.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي أنه يحتاج إلى نحو 342 مليون دولار لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية في الصومال، وعُقد في أواخر العام الماضي مؤتمر برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأطلق نداءً لتقديم إغاثة عاجلة للصومال الذي يعاني من أزمتي جفاف ومجاعة تم وصفهما بـ«الكارثة المزدوجة».
وقالت عضو لجنة الحكماء في الكوميسا، إن الجهات المانحة طالبت بضرورة قيام الحكومة الصومالية بوضع حلول جذرية وبرنامج وطني للتعامل مع التقلبات المناخية بطريقة أكثر علمية بحيث توجه المساعدات المالية لتقوية البنية التحتية وتفادي حدوث الانهيار في منظومة الأمن الغذائي مستقبلاً، مع توجيه المساعدات لمستحقيها لضمان كفاءتها وحسن إدارتها.
وبدوره، أوضح مدير مشروع التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي، أن الصومال من أكثر البلدان المتضررة من تداعيات التغيرات المناخية، وشهد خلال الأعوام الماضية بعض الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف، وهو ما تسبب في أضرار بالغة لحقت بملايين السكان، إضافة إلى تدمير المحاصيل الزراعية.
وكان الصومال قد شهد خلال الفترة بين شهري أكتوبر وديسمبر من العام الماضي أمطاراً غزيرة تسببت في فيضانات مدمرة تأثر بها حوالي 2.4 مليون شخص، إضافة إلى تشرد مليون أخرين، كما تم إتلاف المحاصيل على طول نهري جوبا وشبيلي.
تحرك دولي
وذكر الخبير الأممي في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تداعيات التغيرات المناخية دائماً ما تتسبب في أزمات إنسانية حادة على النحو الذي يشهده الصومال، وبالتالي يتطلب الأمر تحركاً دولياً لتقديم مساعدات لتخفيف تأثيرات الأزمة، ومن المهم أن تشمل المساعدات برامج وخريطة طريق لكيفية التعامل مع التغيرات المناخية، وسبل مواجهتها، والتكيف معها، والتخفيف من تداعياتها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الصومال التغير المناخي الفيضانات برنامج الأغذية العالمي الأمم المتحدة التغیرات المناخیة العام الماضی
إقرأ أيضاً:
اليونيسف: السودان يواجه أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرا في العالم وأطفاله يدفعون الثمن
الأمم المتحدة: قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل إن أطفال السودان يكابدون "معاناة لا تُصدق وعنفا مروعا" - بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي والمجاعة وسوء التغذية وغير ذلك من الانتهاكات لحقوقهم الأساسية – فيما أنتج الصراع في البلاد على مدار قرابة عامين "أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرا في العالم".
تقدر اليونيسف أن أكثر من 30 مليون شخص في السودان - أي ما يعادل ثلثي السكان - سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، منهم 16 مليون طفل.
وفي كلمتها أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، أشارت راسل إلى أن حوالي 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة يعيشون في بؤر المجاعة، وأن ثلاثة ملايين طفل في نفس الفئة العمرية "معرضون لخطر وشيك من تفشي الأمراض المميتة"، بينما 16.5 مليون طفل - أي "جيل كامل تقريبا" – أصبحوا خارج المدرسة.
وأضافت: "هذه ليست مجرد أزمة، بل هي أزمة متعددة الجوانب تؤثر على كل القطاعات، من الصحة والتغذية إلى المياه والتعليم والحماية".
أذى مروع يلحق بالأطفال
قالت المديرة التنفيذية إن اليونيسف تتلقى تقارير مثيرة للقلق عن انتهاكات جسيمة ضد الأطفال المحاصرين في هذا الصراع، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة. وقالت إنه بين حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر 2024، تم الإبلاغ عن أكثر من 900 حادثة انتهاك جسيم ضد الأطفال، لكنها أكدت أنه "للأسف، نعلم أن هذه الأرقام ليست سوى جزء بسيط من الواقع".
وأضافت أن الاستخدام واسع النطاق للأسلحة المتفجرة له تأثير مدمر على الأطفال وسيستمر تأثيرها على المجتمعات بعد انتهاء الحرب. وقالت السيدة راسل إن الصراع يشهد أيضا انهيارا لسيادة القانون "وإفلاتا تاما من العقاب على الأذى المروع الذي يلحق بالأطفال".
وأضافت: "في السودان اليوم، ينتشر العنف الجنسي. ويُستخدم لإذلال شعب بأكمله والسيطرة عليه وتفريقه وإعادة توطينه قسرا وإرهابه. وفي الوقت الحالي، يُقدر أن 12.1 مليون امرأة وفتاة وعددا متزايدا من الرجال والفتيان معرضون لخطر العنف الجنسي. هذه زيادة بنسبة 80 في المائة عن العام السابق".
ووفقا للبيانات التي حللتها اليونيسف، تم الإبلاغ عن 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال في عام 2024 في تسع ولايات. وفي 16 من هذه الحالات، كان الأطفال دون سن الخامسة وأربعة رضع دون سن عام واحد.
وقالت السيدة راسل إن البيانات لا تقدم سوى لمحة عن أزمة أكبر وأكثر تدميرا، حيث لا يرغب الكثيرون أو لا يستطيعون الإبلاغ، بسبب تحديات الحصول على الخدمات، أو الخوف من الوصمة الاجتماعية، أو خطر الانتقام.
وقالت: "قصصهم المؤثرة تتطلب العمل. أخبرتنا إحدى الفتيات كيف تعرضت للاغتصاب من قبل أربعة رجال مسلحين وملثمين عندما كانت بمفردها في الخرطوم بعد وفاة والديها. حتى بعد تحمل الكثير من الأهوال الأخرى، وصفت ذلك بأنه أعظم محنة واجهتها. إن الصدمة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال والندوب العميقة التي خلفتها لا تنتهي بتوقيع وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام. سيحتاجون إلى رعاية ودعم مستمرين للتعافي وإعادة بناء حياتهم".
"يجب حماية الأطفال"
قالت المديرة التنفيذية لليونيسف إن حجم وخطورة هذه الأزمة يتطلبان تهدئة عاجلة للنزاع، واستئناف حوار سياسي يُنهي النزاع نهائيا، ووصولا إنسانيا غير مقيد عبر الحدود وخطوط النزاع لمكافحة المجاعة والتخفيف من حدتها، وتلبية الاحتياجات العاجلة لملايين الأشخاص الضعفاء.
وقالت راسل: "يجب على العالم أن يقف متحدا في الدعوة إلى حماية الأطفال والبنية التحتية التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة - بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الأساسية".
ودعت بإلحاح إلى وقف جميع أشكال الدعم العسكري للأطراف، وضمان استمرار اليونيسف وجميع المنظمات الإنسانية الأخرى بتقديم خدماتها للأطفال في السودان، مؤكدة أن التعبئة المكثفة للموارد وحدها "يمكن أن تنقذ حياتهم ومستقبلهم".
حرب على الناس
من جانبه، قال الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود كريستوفر لوكيير، إن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية وأطرافا أخرى في النزاع لا تفشل فقط في حماية المدنيين - "بل إنها تفاقم معاناتهم بنشاط"، مشددا على أن الحرب في السودان "هي حرب على الناس – وهذه حقيقة تزداد وضوحا يوما بعد يوم".
وقال إن العنف ضد المدنيين يزيد الاحتياجات الإنسانية، مؤكدا أن هذا "ليس مجرد نتيجة ثانوية للصراع - بل هو أمر أساسي لكيفية شن هذه الحرب في جميع أنحاء السودان، وهي حرب يتم تأجيجها من الخارج". وقال لوكيير إن الآثار المدمرة للحرب تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية "سواء كانت مفروضة عمدا أو نتيجة للشلل البيروقراطي أو انعدام الأمن أو انهيار الحكم والتنسيق".
كريستوفر لوكيير، الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، يلقي كلمة أمام مجلس الأمن.
عملية إنسانية معقدة
وفي حين تم إحراز بعض التقدم على بعض الجبهات، إلا أنه قال إن هذه المكاسب لا تزال ضئيلة مقارنة بحجم الاحتياجات الهائل. وأضاف: "على الرغم من إلحاح الوضع الواضح، لا يزال إيصال المساعدات الإنسانية في السودان معقدا للغاية، وبشكل مُتعمّد في بعض الحالات".
وضرب لوكيير مثالًا بالعقبات البيروقراطية التي تفرضها قوات الدعم السريع من خلال "الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية"، مؤكدا أن منظمات الإغاثة التي تحاول إيصال المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعة تواجه "خيارا مستحيلا".
"إما الامتثال لمطالب الوكالة بإضفاء الطابع الرسمي على وجودها ومخاطرة طردها من قِبل السلطات في بورتسودان، أو الرفض وإيقاف عملياتها من قِبل الوكالة. وفي كلتا الحالتين، تبقى المساعدات المنقذة للحياة على المحك. لا يمكن الاستمرار في استغلال مزاعم السيادة لتقييد تدفق المساعدات. ولا يمكن الاستمرار في استغلال المساعدات ووكالات الإغاثة لاستخلاص الشرعية".
أزمة تتطلب تحولا جذريا
وقال الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود إن دعوات مجلس الأمن المتكررة لإنهاء النزاع وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق "ليس لها أي وقع".
وأضاف: "بينما تُدلى البيانات في هذه القاعة، يظل المدنيون مغيبين عن الأنظار، بلا حماية، يتعرضون للقصف والحصار والاغتصاب والتشريد، محرومين من الطعام والرعاية الطبية والكرامة. تتعثر الاستجابة الإنسانية، حيث تشلها البيروقراطية وانعدام الأمن والتردد، وبسبب ما يمكن أن يصبح أكبر سحب للاستثمارات في تاريخ المساعدات الإنسانية. بالنسبة لزملائي في الخرطوم، وفي طويلة، وفي نيالا - ولمرضانا في جميع أنحاء السودان - فإن فشل هذا المجلس في ترجمة مطالبه إلى أفعال يبدو تخليا عنهم في مواجهة العنف والحرمان".
وقال لوكيير إن إعلان جدة كان ينبغي أن يكون لحظة فاصلة، لكنه أصبح "أكثر بقليل من مجرد درع خطابي مناسب - يُستدعى للتعبير عن القلق فيما يعفى المسؤولون والمؤثرون من اتخاذ إجراء حقيقي".
ودعا إلى ميثاق جديد يصون بقاء الشعب السوداني وكرامته، ويخضع لمراقبة مستقلة، تدعمه آلية مساءلة قوية تضمن التزام جميع أطراف النزاع بتعهداتها. وقال: "إن الأزمة في السودان تتطلب تحولا جذريا عن نهج الماضي الفاشل. ملايين الأرواح تعتمد على ذلك".