خالد منتصر يصدر «خلف خطوط الذاكرة».. سيرة ذاتية لجيل الآمال المؤجلة
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
أصدر الدكتور خالد منتصر، أحدث كتبه بعنوان «خلف خطوط الذاكرة.. سيرة ذاتية لجيل الآمال المؤجلة» عن دار ريشة للنشر والتوزيع، وحسب كلمة الناشر على ظهر الغلاف: «رحلة الحياة تترك على أرواحنا بصمات وشم، كما الجروح تترك على الجلد ندبات ألم ندبات الروح أقسى ألما، وأشد وجعا، الندبة هي نسيج متليف ليست لديه مرونة نسيج الجلد القديم، كذلك تجارب الحياة، تتركك مختلفا عما قبل غالبا ما تفقد مرونة الجسد وحيويته ولكنك أبداً لن تفقد مرونة الاحتواء، وحكمة التأمل، ومتعة الكسل اللذيذ، المغفور لك بصفتك من نادي المتقاعدين».
وأضاف الدكتور خالد منتصر لـ«الوطن»: عندما قررت كتابة تلك السيرة الروائية، قررت أن أكتبها ليس لأهميتها فهي في حد ذاتها ليست مهمة، ومن الممكن أن تطلق عليها عادية، لم أعش في الأحراش والغابات، ولم أحارب في الجبال أو الصحاري، ولم أتقلد سلطة سياسية من خلالها كنت الحاكم بأمره، ولم أمتلك «بيزنس» حرکت وحكمت البورصة من خلاله لست جيفارا أو هيمنجواي أو أوناسيس الذين تستحق لحظات حياتهم التسجيل والتوثيق.
الكتاب مجرد شاهد على زمن وجيلوتابع: الكتاب مجرد شاهد على زمن وجيل، زمن فرم جيلاً، وجيل شوهه زمن جيل الآمال المؤجلة والمصطلحات الغائمة المبهمة، جيل كأنه ولد في ضباب، وسيرحل في سراب، عاش أكثر من ثورة، لكنه حتى لحظة وداعه عن تلك الدنيا، لم يحدد بعد ما هي الثورة؟
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: خالد منتصر دار ريشة
إقرأ أيضاً:
حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يبقى المعلم هو العمود الفقري في جميع هياكل وأسس التربية والتعليم، فهو الذي ينفخ في عقولنا، ويُجري في عروقنا دماء العلوم والفنون والآداب. ففي عوالم التعليم هنالك عوامل شتى ومؤثرات كثيرة تجمع بين المناهج والمقررات والكتب والمحاضرات والإدارة والأجواء المدرسية والتوجيهية والواجبات البيتية والنشاطات الأخرى، تشترك كلها في التوجيه والتأثير بنسب متفاوتة، ولكن يظل المعلم هو العصب الحي للتعليم. .
وهنالك حالات بعيدة كل البعد عن هذه الأجواء، حالات يمكن ان نعدها صادمة أو غير عادلة. ولا تنتمي إلى الأوساط التربوية والتعليمية. .
اذكر في عام 1966 كنا طلابا في متوسطة الوحدة الواقعة خلف مستشفى الموانئ بالبصرة. وكان مديرها: الأستاذ (عدنان أحمد عبد الرحيم). واذكر ان الطائرة المروحية، التي كانت تقل الرئيس عبد السلام عارف، سقطت في منطقة النشوة، داخل الحدود الإدارية للبصرة، فخرج المدير (عدنان) يبكي ويذرف الدموع حزنا وألما على فراق السيد الرئيس، وكان بيده راديو ترانزستور يسمع منه الأخبار. .
كان المدير (عدنان) محسوبا على القوميين العرب، ومن المؤيدين لعبد الناصر وعبد السلام. فقرر في ذلك اليوم تعطيل الدوام الرسمي، وطلب من التلاميذ العودة إلى بيوتهم. .
كانت المدرسة تضم شريحتين متناقضتين من التلاميذ. بعضنا ينتمي إلى الطبقة الثرية المترفة، وبعضنا ينتمي إلى الطبقة الفقيرة المسحوقة. .
أنا بطبيعة الحال كنت من الطبقة المسحوقة جدا، وكان معي اثنان من أشقائي. فذهبنا في العام التالي إلى غرفة الإدارة لطلب المساعدة بغية الحصول على المقررات الدراسية بلا مقابل مادي. كان الأستاذ (عدنان) يجلس في الصدارة والى جانبه الأستاذ (حميد الفريح). قال لنا بنبرة حادة: ماذا تريدون ؟. قلنا له نريد أعفاءنا من مبالغ الكتب الدراسية ونحن اخوة. فزجرنا بغضب، وقال لنا: انتم من بيئة منحطة. .
لم نكن نعرف معنى مفردة (منحطة) فهي غير متداولة في القرى والأرياف. حتى اصدقائي لا يعرفون معناها، لكن تلك الكلمة ظلت عالقة في ذهني. . حزنت كثيرا عندما اكتشفت معناها، فالرجل كان يعامل أبناء الذوات بطريقة تختلف عن أبناء الفقراء، كان يكرهنا ويبغضنا دونما سبب. .
وفي بداية عام 1981 كنت اعمل بالموانئ بدرجة ضابط خفارة ملاحية، فلمحت الأستاذ (عدنان) من بعيد، واندهشت من عمله في القسم القانون بدرجة موظف في الأرشيف، ثم تبين لي أنهم طردوه من سلك التعليم بسبب تبعيته غير العراقية، وغير العربية. .
من كان يتوقع ان الرجل القومي المتشدد لم يكن عربيا !؟!. .
لم اكلمه ولم أعامله مثلما كان يعاملنا في تلك الأيام. ثم سألت عنه بعد حين، فقالوا انه طلب الإحالة إلى التقاعد، ورحل. . .
ظلت ارواحنا مقيدة بين شيئين: الذكريات والأقدار. فلا هذا يرحم، ولا ذلك نستطيع الفرار منه. ومع ذلك لا تفكر في الانتقام من أي إنسان، ولا تتشفى به. فقط راقب المشهد من بعيد وانظر لما سوف تفعله الأيام، فهي كفيلة بكل المتغيرات والانقلابات. .