التغيرات المناخية والقارة الأفريقية
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
اتجاهات مستقبلية
التغيرات المناخية والقارة الأفريقية
أعلنت دولتا ملاوي وزيمبابوي مؤخرًا حالة الكارثة الطبيعية في البلاد؛ وذلك بسبب موجة الجفاف الشديدة الناجمة عن ظاهرة “النينو” المناخية، الأمر الذي أثر بشدة على الأمن الغذائي في كلتا الدولتين.
وتشير التقديرات الأولية في دولة مالاوي إلى أن ما يقارب مليونَيْ أسرة تنشط في القطاع الفلاحي قد تأثرت بالجفاف، كما تضرر نحو 750 ألف هكتار من الذُّرة؛ أي 44 في المئة من المساحة المزروعة على المستوى الوطني، الأمر الذي اضُّطر معه رئيس البلاد إلى مناشدة كلٍّ من المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المعنية والبنك الدولي والمنظمات غير الحكومية، تقديمَ الدعمِ من أجل تجاوز هذه الكارثة.
وتعتبر ظاهرة النينيو ظاهرة مناخية تحدث بشكل طبيعي، وترتبط باضطراب في أنماط الرياح؛ ما يعني ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في شرق ووسط المحيط الهادي. ويحدث ذلك – في المتوسط – كل سنتين إلى 7 سنوات، ويستمر عادةً من 9 إلى 12 شهرًا، ويمكن أن يؤدي إلى طقس متطرف مثل الأعاصير المدارية، والجفاف الطويل، وحرائق الغابات اللاحقة. وبذلك، فإنه من المؤكد تأثُّر المزيد من الدول الأفريقية جنوب الصحراء بهذه الظاهرة، خلال الأيام القادمة.
ومع أن القارة الأفريقية تتسبب في أقل من 4 في المئة من الانبعاثات الكربونية العالمية، إلا أنها تُعدُّ أكثر القارات تأثرًا وتضرُّرًا بشدة بسبب آثار تغير المناخ؛ ومنها زيادة معدل الاحتباس الحراري، وفقدان قابلية الأراضي للزراعة، ونزوح بعض السكان إلى المناطق المجاورة، فضلًا عن ظهور المزيد من الأمراض والأوبئة. وطبقًا، لتقديرات تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغير المناخ، فإنه بحلول العام 2030، يمكن أن يعيش نحو 116 مليون أفريقي في مناطق ساحلية منخفضة الكثافة السكانية؛ الأمر الذي يقتضي ضرورة سرعة اتخاذ إجراءات منسَّقة لمعالجة ارتفاع مستويات سطح البحر في مختلف أنحاء القارة.
وفي السياق ذاته، توقّع مركز سياسات المناخ الأفريقي أن تتراوح تكاليف خسائر تغيُّر المناخ وأضراره في “القارة السمراء” ما بين 290 إلى 440 مليار دولار، حيث تأثر في العام 2022 – بشكل مباشر – أكثر من 110 ملايين شخص في القارة بالمخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه؛ ما تسبب في أضرار اقتصادية تزيد على 8.5 مليارات دولار. وهناك بعض التقديرات تؤكِّد أن أفريقيا تحتاج إلى أكثر من 50 مليار دولار (45.5 مليار يورو) سنويًّا، حتى عام 2030، لكي تواجه بشكل كافٍ تحديات التكيف مع آثار تغير المناخ. وبرغم ذلك، فإن القارة حصلت إجمالًا على 11.4 مليار دولار فقط، بين عامي 2019 و2020، وإن فجوة تمويل التكيف الحالية تتراوح ما بين 194- 366 مليار دولار سنويًّا.
وأخيرًا، يمكننا القول إن على المجتمع الدولي أن يلعب الدور المنوط به لمساعدة سكان القارة السمراء على الصمود والبقاء في ظل المعاناة التي تشهدها القارة من تداعيات تغيرات المناخ، ويجب أن تقدِّم وكالات الأمم المتحدة المعنيّة بأعمال الإغاثة – على وجه السرعة – المساعدات والإعانات للدول التي أعلنت حالة الكارثة الطبيعية فيها، والتي من المتوقع أن تزداد خلال الفترة المقبلة.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
إيفاد: استثمار 1.28 مليار دولار بمشروعات تدعم صغار المزارعين للتكيف مع تغير المناخ
قام الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وهو وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومؤسسة مالية دولية، بزيادة أهدافه في تقديم التمويل بشكل ملموس إلى السكان الريفيين والسكان الضعفاء، و استثمر الصندوق حتى اليوم أكثر من 1.28 مليار دولار أمريكي في مشروعات تدعم صغار المزارعين من أجل التكيف مع تغير المناخ وإنتاج الغذاء بشكل مستدام للفترة 2022‑2024. ويمثل ذلك 47 في المائة من برنامج القروض والمنح التابع للصندوق، ويتجاوز الهدف المحدد بنسبة 40 في المائة.
«ايفاد» يعين نائبة جديدة لرئيس الصندوق للعلاقات الخارجية بسبب تغير المناخ.. إيفاد: انخفاض غلة المحاصيل بنسبة 25% بحلول نهاية القرن
وقرر الصندوق زيادة إنفاقه على مشروعات التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره من 25 في المائة من برنامجه للقروض والمنح خلال الفترة 2019-2021 إلى 40 في المائة للفترة من عام 2022 إلى عام 2024. وستعمل دورة التمويل القادمة للصندوق من عام 2025 إلى عام 2027 على زيادة حصة الأنشطة المتعلقة بالمناخ في قروضه ومنحه إلى 45 في المائة، و ذلك استجابة للحاجة الملحة المتزايدة إلى اتخاذ إجراءات بشأن المناخ.
وقد صدر تقرير الصندوق عن العمل المناخي لعام 2024، بعنوان "آفاق خضراء: عام من العمل المناخي من أجل الناس والقدرة على الصمود والتنوع البيولوجي"، مسلطا الضوء على التزام الصندوق المعزز بدعم صغار المزارعين الأكثر ضعفا في العالم. ويوثق التقرير الجهود التي يبذلها الصندوق لمساعدة هؤلاء المزارعين على التكيف مع آثار تغير المناخ، وحماية النظم الإيكولوجية، وتعزيز الزراعة المستدامة.
ويبين التقرير أن الصندوق قد أنفق 502.7 مليون دولار أمريكي على تمويل التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره خلال الفترة 2022-2023. وتظهر أحدث الأرقام تسارعا قويا في وتيرة العمل، إذ تكشف أن الصندوق قد استثمر حتى الآن في عام 2024 أكثر من 750 مليون دولار أمريكي من التمويل المناخي لمشروعات الصندوق التي تدعم صغار المزارعين من أجل بناء قدرتهم على الصمود في وجه مناخ متغير.
وفي الفترة 2022-2023، صُممت 78 في المائة من المشروعات لتحسين قدرة صغار المزارعين على التكيف. وحصلت المشروعات في شرق أفريقيا وغربها ووسطها والجنوب الأفريقي على 330.4 مليون دولار أمريكي من المبلغ الإجمالي.
وينتج صغار المزارعين، الذين يعملون في أراضٍ تصل مساحتها إلى خمسة هكتارات، ما يقرب من نصف الغذاء في العالم، وهذه النسبة أعلى بكثير في العديد من البلدان النامية وتصل إلى 70 في المائة في أفريقيا. ووجودهم ضروري للأمن الغذائي والتغذية والحد من الفقر على الصعيدين العالمي والمحلي. وتوفر الزراعة الصغيرة النطاق الغذاء وسبل العيش لجزء كبير من ثلاثة مليارات شخص يعيشون في المناطق الريفية. ومع ذلك، فهم في الخط الأمامي لتغير المناخ، والذي تشير التقديرات إلى أنه سيقلل غلة المحاصيل بنسبة تصل إلى الربع بحلول نهاية هذا القرن.