لا يزال العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يشعرون بالمفاجأة، حين يكتشفون أن الحساب الذي يتابعونه، وتعجبهم منشوراته، تم تخليقه بالكامل، عن طريق الذكاء الاصطناعي، وأن شخصيتهم المفضلة ليست سوى صورة تم تطويرها عبر التقنيات الحديثة، بحيث تمتلك خصائص جسدية، وميزات لشخصيات مشابهة للبشر الحقيقيين.

ظاهرة انتقلت أخيرا إلى داخل الوطن العربي، حيث لا يزال كثيرون يشعرون بالمفاجأة كل يوم، حين يكتشفون أن تلك السيدة المغربية الجميلة، المحجبة الراقية، التي تجيد تقديم النصائح، ونشر اليوميات، ليست سوى "شخصية خيالية" ينطمس معها الخط الفاصل بين الواقعين الافتراضي والحقيقي.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4على طريقة مارك زوكربيرغ.. لماذا يجب إخفاء وجه طفلك على الإنترنت؟list 2 of 4لماذا يحتفل المشاهير باليوم العالمي لفصل الكهرباء؟list 3 of 4لماذا يبدو الجيل "زد" أكبر من عمره؟list 4 of 4حملة عالمية للحد من تأثير مشاهير مواقع التواصل على العادات الشرائيةend of list ما القصة؟

لم يصدق كثيرون أن الفتاة المغربية الجميلة التي تدعى كنزة ليلي، التي تظهر لتقدم نصائح للفتيات بشأن موديلات الحجاب، وتشارك يومياتها، مجرد "روبوت"، وتحظى صفحتها على منصة إنستغرام بأسئلة استنكارية كيف لا تكون حقيقية، تتكرر مع كل منشور جديد، رغم حرص صناع الشخصيات المؤثرة الافتراضية على التأكيد أن السيدة التي يتابعها أكثر من 125 ألف شخص، تخاطبهم بشكل شبه يومي، غير حقيقية.

بحسب دراسة نشرت عام 2021، فإن المؤثرين الافتراضيين، عبارة عن هويات رقمية يتم إنشاؤها من قبل البشر، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لتظهر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتقوم بتقليد السلوك البشري من خلال، صور، ومقاطع فيديو، ومنشورات، وقد أوصت العديد من الدراسات، بضرورة استخدامهم كأدوات في التسويق والإعلام، نظرا لقدرتهم التغلب على مجموعة واسعة من القيود التي لا يستطيع البشر التغلب عليها، كما أن فرص نجاحهم ونموهم وتطورهم تتزايد مع الوقت، خاصة إذا تم الأخذ في الاعتبار العوامل الاجتماعية والثقافية للشعب الذي يقوم المؤثر الافتراضي بمخاطبته.

كنزة ليلي يتابعها أكثر من 125 ألف شخص على منصة إنستغرام (مواقع التواصل الاجتماعي) البعض يرفض التصديق!

تجني الإنفلونسر الإسبانية آيتانا، ما يصل إلى 10 آلاف يورو شهريا عبر صفحاتها بمنصات التواصل الاجتماعي، الفتاة الافتراضية، ذات الشعر الوردي، التي يفترض أنها تبلغ من العمر (25 عاما)، وتتلقى رسائل خاصة لا نهائية من متابعيها على إنستغرام.

الشخصية التي قام شخص يدعى روبين كروز بتصميمها، صارت لاحقا تقدم إعلانات لشركات عديدة، مكملات غذائية، وملابس داخلية، وغيرها، وتجني في الإعلان الواحد ما لا يقل عن ألف دولار.

فسرت دراسة علمية حول "التفاعل الاجتماعي بين الإنسان والروبوت" ما يحدث في تلك الحالات، وخلصت الدراسة التي نشرت عام 2019 إلى أن الروبوتات الاجتماعية، لديها القدرة على إقناع البشر بنفسها، ومن ثم الحصول على ثقتهم.

النتيجة ذاتها عادت لتؤكدها دراسة نشرت لاحقا في عام 2020، انتهت إلى أن استخدام المؤثرين الافتراضيين في الإعلان له فوائد إيجابية للعلامة التجارية، وهي نتائج مماثلة تماما لتلك التي ينتجها نظراؤهم من المؤثرين البشريين.

ربما لهذا اختارت إحدى شركات مستحضرات التجميل العالمية الشهيرة، المؤثرة الافتراضية، الهندية "كيراونيغ"، لتقدم إعلانا خاصة بالشركة، تظهر خلاله الشخصية الافتراضية، وهي في صالة تجميل، تجلس على مقعد استعدادا لتغيير مظهرها بالكامل، باستخدام منتجات الشركة، ويحمل مقطع الفيديو الذي لا يتعدى ثوان، تأكيدا على أن الشراكة بين الصفحة والشركة مدفوعة.

View this post on Instagram

A post shared by K Y R A ✨ (@kyraonig)

 

يتمتع المؤثرون الافتراضيون بعدد من المزايا التي لا تتوفر في أمثالهم من البشريين، من بين هذه المزايا:

إمكانية التحكم الإبداعي الكامل، بداية من مظهرهم مرورا بسلوكياتهم. معدلات مشاركة عالية للمحتوى الذي يقدمونه من باب الفضول تارة، ومن باب جودة المحتوى وتفرده من ناحية أخرى. القاعدة الجماهيرية العريضة من المتابعين، كما هو الحال مع المؤثرة الافتراضية شودو، أول عارضة أزياء افتراضية والتي يتابعها عبر موقع إنستغرام فقط 240 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم وهي قاعدة مستهلكين فريدة يقدرها المعلنون. كلفة أقل، فالمؤثر الافتراضي، لن يحتاج إلى تكاليف باهظة تتعلق بالسفر، وشراء الأدوات والملابس، والمعدات، المسألة بالكامل تنتهي بكبسة زر. قصص أغرب وأكثر ابتكارا حيث لا حدود للخيال ولا ضوابط لما يمكن أن يتم روايته على لسانهم سوى تلك التي يضعها صانع الشخصية. مخاطر مخيفة

هم شخصيات خيالية، بلا أخطاء تٌذكر، يشهدون على براعة منشئيهم، ولكن هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فبالنسبة للدكتورة منة دياب، الأستاذة المساعد بكلية الإعلام جامعة بني سويف، تحمل صفحات المؤثرين الافتراضيين مخاطر عدة للمستخدمين، لا تتوقف عند حدود المثالية المطلقة في تجسيد معايير الجمال بشكل يمثل خطرا على الصحة العقلية والنفسية للمتابعين، خاصة من هم في أعمار صغيرة، حيث تقدم تلك الشخصيات معايير بعيدة المنال، ومستويات من المثالية تمثل خطرا على متابعيهم.

تقول دياب للجزيرة نت "أجري مزيدا من الأبحاث حول هذا الموضوع، ولعل أكثر ما يبدو لي مخيفا بشأنهم هو إمكانيات انتهاك خصوصية البيانات الشخصية الخاصة بالمستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمع تزايد المؤثرين الوهميين، وعدم وجود قوانين واضحة، ورادعة، أصبح من الممكن سرقة السمات البايومترية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وجمهور تلك الصفحات بالذات، هكذا يمكن أن يستيقظوا شخصا ما عادي في يوم، ليكتشف أن وجهه صار ملكا لمؤثر افتراضي، مع احتمالات لا نهائية للتضليل والتحيز، وبعيدا عن أي اعتبارات أخلاقية أو ضمانات تذكر".

وتضيف الباحثة التي تخصصت في دراسة إمكانات التزييف العميق، أن نشر صور ذات جودة عالية فضلا عن بقية المعلومات الدقيقة جدا عن حياة الشخص، والتي يتم استخدامها واستغلالها عبر ما يسمى بـ"التأثير البايومتري" والذي يعني بصمة الصوت والوجه والعين وغيرها، هكذا يتم الاستيلاء عليها ويتم انتهاك الخصوصية بالكامل، بدون ردع، حيث لا يوجد ما يسمى بـ"الخصوصية البايومترية".

وتتابع دياب حديثها قائلة "بات الخطر قريبا مع ظهور نماذج غربية، ككنزا، الفتاة المحجبة، الرقيقة، العربية، التي يرفض الناس تقبل أنها ليست حقيقية، ربما لهذا نحن بحاجة إلى مزيد من التوعية الرقمية، وإمكانات انتهاك البيانات البايومترية، فهذا هو الخطر القادم، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحتى من أدرك الحقيقة، وتوقف عن نشر صوره وبيانات، لا يملك صورة واضحة بشأن مصير منشوراته القديمة ومعلوماته المخزنة بالفعل لدى شركات مواقع التواصل المختلفة، كيف سيتم استغلالها لاحقا، في إنتاج نسخ إلكترونية، حيث الأمر يذهب لأبعد من مجرد خداع المتابعين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مواقع التواصل الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

برلمان بريطانيا ينوي استدعاء مسؤولي مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص المعلومات المضللة

ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن مجلس النواب البريطاني يخطط لاستدعاء إيلون ماسك، مالك منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، للإدلاء بشهادته حول دور المنصة في انتشار المعلومات المضللة التي ساهمت في أعمال شغب داخل المملكة المتحدة، إضافة إلى انتشار محتوى ضار يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كما يُتوقع استدعاء كبار المسؤولين التنفيذيين من شركة "ميتا"، التي تدير منصات فيسبوك وإنستغرام، إلى جانب مسؤولي منصة "تيك توك"، وذلك في إطار تحقيق تجريه لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم البريطاني.

ويركز التحقيق على دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات الخاطئة والتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي في هذا السياق، في ظل تصاعد القلق بشأن تأثير هذه المنصات على الأمن الاجتماعي والسياسي في المملكة المتحدة.




في سياق متصل، انتقد الملياردير الأمريكي ماسك، قانونا مقترحا في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاما وتغريم المنصات بما يصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار) بسبب الخروقات النظامية.

وتخطط الحكومة لتجربة نظام للتحقق من العمر للسماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أحد أكثر الضوابط صرامة تفرضها دولة حتى الآن.

وقال ماسك، الذي يعد نفسه مدافعا عن حرية التعبير، ردا على منشور رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي على منصة إكس "تبدو كأنها وسيلة غير مباشرة للتحكم في اتصال جميع الأستراليين بالإنترنت".

مقالات مشابهة

  • وزارة الداخلية: غير صحيح ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتعديلات تخص الجنسية على تطبيق “هويتي”
  • جهود الداخلية لمواجهة الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • ماسك يرفض مقترح أسترالي بحظر منصات التواصل الاجتماعي عن الأطفال
  • برلمان بريطانيا ينوي استدعاء مسؤولي مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص المعلومات المضللة
  • محمد موسى: مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة خصبة لتداول الشائعات والمعلومات الكاذبة
  • هل مواقع التواصل الاجتماعي تُنهي مشاهدة التليفزيون؟.. خبير إعلامي يجيب
  • هل مواقع التواصل الاجتماعي ستُنهي مشاهدة التلفزيون؟.. ياسر عبد العزيز يجيب
  • أستراليا تحظر مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين
  • هل نشر الصور والأخبار السعيدة على مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الحسد ؟
  • لماذا أحالت النيابة البلوجر هدير عبد الرزاق للمحاكمة؟.. تفاصيل