القدس المحتلة – اقتحم 330 مستوطنا المسجد الأقصى صباح اليوم الاثنين وأمس للاحتفال بعيد المساخر اليهودي (البوريم)، حيث اقتحم في اليوم الأول 102 وفي الثاني 228 مستوطنا، تزامنا مع منتصف شهر رمضان المبارك (14 و15 رمضان).

ورغم اعتكافهم ليلتي الجمعة والسبت، فإن شرطة الاحتلال منعت الفلسطينيين من الاعتكاف في المسجد الأقصى ليلة الأحد (عشية الاقتحام)، وطردت بعد صلاة التراويح ليلة الاثنين كل من حاول الاعتكاف في المصلى القبلي، ثم قيّدت دخول المصلين بشكل ملحوظ على أبواب المسجد عند صلاة الفجر وصباح يومي الاقتحام.

اقتحم المستوطنون المسجد من الساعة السابعة وحتى الـ11 بحماية من شرطة وقوات الاحتلال التي ازدادت في يوم العيد الثاني والأخير، كما أفرغت الشرطة الساحة المقابلة للمصلى القبلي وصحن قبة الصخرة من المصلين تماما، وهما الساحتان اللتان تقابلان مسار المقتحمين.

ارتداء الأزياء التنكرية

في يوم الاقتحام الأول -الأحد- اقتحم عنصران من شرطة الاحتلال معظم المصليات المسقوفة قبل انطلاق الاقتحام وأبرزها المصلى القبلي والمرواني والأقصى القديم، كما فتحا باب المغاربة. وقد عبث الشرطيان بمقتنيات المصلى القبلي وخزائنه، وألقيا ببعضها على الأرض.

استؤنف الاقتحام اليوم الاثنين، حيث أدى المقتحمون -مثلما فعلوا في اليوم الأول- طقوسهم الدينية وصلواتهم شرقي المسجد، وبدا لافتا ارتداء بعض المقتحمين وأطفالهم تحديدا ثيابا تنكرية وزيّ "كهنة المعبد"، حيث يعد ارتداؤها أبرز طقوس عيد المساخر.

كما أكدت مصادر من داخل المسجد الأقصى للجزيرة نت طرد شرطة الاحتلال أكثر من 5 مصلين كانوا موجودين في محيط الاقتحام اليوم الاثنين، إضافة إلى اعتقال شابة مقدسية من داخل قبة الصخرة، والتحقيق معها في مركز شرطة القشلة، وتسليمها قرارا بالإبعاد عنه لمدة أسبوع قابل للتجديد.

وتزامنا مع اقتحام اليوم، أدى المستوطنون صلواتهم الاحتفالية قبالة حائط البراق المحتل غربي المسجد الأقصى، حتى ترددت أصواتهم في باحات المسجد مثلما يحدث بشكل شبه يومي خلال صلاتي العشاء والتراويح، حيث يتعمد المستوطنون رفع أصواتهم بالغناء للتشويش على المصلين.

وكان 211 مستوطنا اقتحموا الأقصى الخميس الماضي لإحياء يوم صيام "إيستر" الذي يعد يوم صيام تحضيري يسبق اليومين الاحتفاليين، اللذين يحتفل فيهما اليهود بذكرى هزيمتهم لأعدائهم في المملكة الفارسية خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى في عيد المساخر تتزامن مع انتصاف شهر رمضان (الجزيرة) موسم متواصل

ورغم هامشية عيد المساخر الديني وعدم ارتباطه بالهيكل المزعوم، فإن جماعات الهيكل دعت أنصارها لاقتحام المسجد خلاله، ليكون بذلك العيد اليهودي الثاني الذي يُقتحم الأقصى فيه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بُعيد عيد الأنوار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث سبق معركة طوفان الأقصى بأيام قليلة اقتحام عيد العُرش أيضا.

وستتوج تلك المواسم الدينية بعيد هو الأطول أياما والأخطر وفق مراقبين على المسجد الأقصى، والذي سيأتي بعد نحو شهر يوم 23 أبريل/نيسان المقبل، حيث سيمتد لمدة 7 أيام وسيحاول فيه المستوطنون ذبح القربان الحيواني داخل الأقصى.

ويأتي التقاطع بين عيد المساخر ومنتصف شهر رمضان المبارك استكمالا لتقاطعات سابقة مهدت الطريق لاقتحام الأقصى خلال أقدس الشهور عند المسلمين، كما تقاطعت مع اليوم الـ28 من رمضان ذكرى ما يسمى "توحيد القدس"، أي ضمّها بشقيها المحتلين إلى السيادة الإسرائيلية، وتكرر ذلك التقاطع في أعوام 2019 و2020 و2021، حيث أدى التقاطع الأخير إلى اندلاع معركة "سيف القدس".

تقاطع أيضا عيد الفصح اليهودي مع الأسبوع الثالث من رمضان في عامي 2022 و2023، حيث استطاع خلالهما المصلون منع ذبح القربان وتثبيت الاعتكاف في غير العشر الأواخر، بعدها تم فض الاعتكاف والاعتداء على المصلين واعتقال المئات منهم.

الليلة أيضاً، وبعد صلاة التراويح، اقتحمت قوات الاحتلال #المسجد_الأقصى وأجبرت المصلين بالقوة على مغادرته، حتى تضمن تغييب #الاعتكاف قبيل اليوم التالي من اقتحامات عيد المساخر اليوم الإثنين، فالاعتكاف بوابة التصدي لأي اقتحام ولذلك تحديداً كان عنوان صدامٍ في رمضان الماضي. pic.twitter.com/o5pZGQUAZG

— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) March 25, 2024

خطورة اقتحام المساخر

وعن خطورة اقتحام عيد المساخر الحالي على المسجد الأقصى، قال المختص في شؤون القدس والأقصى زياد ابحيص، في تصريح وزعه على الصحفيين ووصل الجزيرة نت نسخة منه، إن العيد "تجديد لنهج اتخاذ الأعياد التوراتية منصة للعدوان على الأقصى".

وأضاف ابحيص، في حديثه للجزيرة نت، أن جماعات الهيكل ترى في الاقتحام "اختبارا لإرادتها ولصبرها، ولقدرة الصهيونية الدينية على تجديد العمل بسياسة الإحلال الديني في الأقصى، وهو يشكل بالتالي منصة مهمة للتحضير للفصح العبري".

وقال إن "تقاطع مناسبة توراتية مع شهر رمضان هو فرصة لتكريس التقسيم، للتأكيد عمليا أن الأقصى ليس مقدسا إسلاميا خالصا بل هو مقدس مشترك، وأن الاعتبار الإسلامي فيه لا يسمو على الاعتبار اليهودي، وهذا ما يزيد في الممارسة من وزن أي مناسبة تتقاطع مع شهر رمضان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات المسجد الأقصى عید المساخر شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

كيف يمر رمضان على مرابطة مبعدة عن الأقصى؟

في منزل يبعد بضع خطوات عن باب الحديد، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، تعيش المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي، بعد زوجها  من مقدسي عام 1976 وانتقالها من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية إلى مدينة القدس المحتلة، التي تربع مسجدها على عرش قلبها منذ طفولتها.

ولدت عايدة عام 1961 في مدينة الخليل، لكنها كانت تتردد على المسجد الأقصى مع والدتها في طفولتها وهما في طريق العودة من زيارة والدها المعتقل في سجون الاحتلال.

كان المسجد محطة الراحة قبل العودة إلى الخليل، وظلّ لهذا المسجد منزلة استثنائية في قلب عايدة التي عاشت طفولتها وشبابها وتعيش شيخوختها الآن بقربه، رغم أن الاحتلال يصرُّ على سلخها عنه بعقوبة الإبعاد التي ترضخ لها قسرا منذ عدة أعوام.

المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي خلال توقيف سابق من قبل قوات الاحتلال (الجزيرة) أُكبّر والحجارة تُكبّر معي

في منزلها الصغير المكوّن من غرفة واحدة تراها عايدة جنّة لأنها تجاور الأقصى، نبشت ذاكرتها للحديث للجزيرة نت عن علاقتها الممتدة مع هذا المقدس، وقالت إنه وجهتها التاريخية اليومية منذ سبعينيات القرن الماضي لأداء الصلوات الخمس، وإن أول مرّة اعتُقلت بسبب الدفاع عنه كانت عام 2007 عندما بدأت سلطات الاحتلال بهدم الجسر الحجري التاريخي المؤدي إلى باب المغاربة، أحد أبواب المسجد الأقصى.

"بعد انقضاء صلاة الفجر غادر عدد كبير من المصلين لكنني في ذلك اليوم بقيت جالسة في رحابه، وسمعت بانطلاق أعمال هدم الطريق الأثرية المؤدية للأقصى، فصدحت حنجرتي بالتكبيرات بشكل لا إرادي، ثم تجمع المصلون حولي ونظمنا وقفة داخله.. كلما سمعت حجرا يسقط حينها شعرت وكأنني أفقد شيئا من جسدي، ومع كل تكبيرة شعرت أن حجارة المسجد تُكبر معي" تقول المواطنة المقدسية.

كانت تكبيراتها كفيلة بأن تخطط شرطة الاحتلال لاعتقالها في ذلك اليوم، فحرصت على التخفي والخروج من الأقصى بعد صلاة العصر، لكن المخابرات الإسرائيلية داهمت منزلها واعتقلتها واقتادتها إلى مركز "القِشلة" في البلدة القديمة، وهناك سُلمت أول قرار إبعاد عن هذا المقدس لمدة 3 أشهر، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم توالت قرارات الإبعاد، ويعتبر شهر رمضان هذا العام هو الثامن الذي تُبعد فيه عايدة عن أولى القبلتين.

عايدة (يسار) ممنوعة من التواصل مع صديقتيها المبعدتين أيضا هنادي الحلواني وخديجة خويص (الجزيرة-أرشيف) ما قبل الإبعاد

وعن روتين حياتها اليومي في شهر رمضان قبل الإبعاد عن الأقصى، تقول إنها كانت تحرص على جلب طعامها وتناول وجبة الإفطار في الساحات، حتى في تلك الأيام التي كانت تُقيم بها ولائم للأقارب كانت تصحبهم لتناول الطعام في المسجد.

إعلان

وتضيف "كنت أصلي المغرب والعشاء وصلاة التراويح كاملة في الأقصى وأشعر أن الله يمدني بقوة استثنائية لأداء 20 ركعة من التراويح يوميا، رغم أن صحتي تراجعت في السنوات الأخيرة، كل من يسألني عن عمري أقول له داخل الأقصى أبلغ من العمر عشرين عاما، لأنني أشعر نفسي خفيفة كفراشة تطير في رحابه ولا تريد أن تهبط إلى الأرض من شدة الفرح".

هذا الفرح لا يدوم منذ سنوات سوى لأيام معدودة، وبمجرد سؤال هذه المسنة عن روتينها الرمضاني في السنوات التي تكون مبعدة فيها عن الأقصى ومن بينها هذا العام، تنهدت ثم قالت "آه يا خالتو آه.. لو تشوفي حالتي الأقصى بجواري ولا يمكنني دخوله رغم أنه يحبني وأحبه".

أجهشت باكية وأكملت حديثها "الأقصى أغلى من بيتي وهو روح الروح.. بالنسبة لي فليذهب كل شيء ويختفي من حياتي ويبقى الأقصى.. متعتي الجلوس في الساحات وتأمل جمال المصليات والقباب والأروقة والمآذن.. أشعر بكل مرة أشد الرحال فيها إليه أن الله يبارك في عمري وصحتي ومالي وبيتي".

حاولت عايدة وضع سجادة الصلاة قبل أيام لأداء الصلاة جماعة مع إمام الأقصى أمام باب الحديد، لكن شرطيا احتلاليا منعها وقال لها فورا إنها موقوفة، ورغم محاولاتها إخبارهم بأنها غير مبعدة عن رواق باب الحديد لأنها تسكن فيه فإنها مُنعت من الصلاة، وأجبرت على الدخول إلى منزلها.

صور أرشيفية لمجموعة مرابطات مبعدات عن المسجد الأقصى (الجزيرة) العتبات ممنوعة

وفي الأعوام الماضية كانت عايدة وعدد من المرابطات المبعدات يعددن طعام الإفطار ويتجمعن في طريق المجاهدين في البلدة القديمة لتناوله، وإكرام المصلين الوافدين من مناطق بعيدة، وبعدها يؤدين هن والمبعدون صلوات المغرب والعشاء والتراويح جماعة مع أئمة الأقصى على أعتاب المسجد، إلا أنهن منعن هذا العام من هذا أيضا، كما أن عايدة ممنوعة من التواصل مع المرابطتين هنادي الحلواني وخديجة خويص.

تُصلي هذه المرابطة وحيدة في منزلها كل يوم في رمضان، وقرب أبواب الأقصى أحيانا، وما يعزيها هو أنها تشاهد عبر شاشة التلفاز بثا مباشر لصلاتي العشاء والتراويح من مهوى قلبها الذي يبعد بضعة خطوات عنها.

قبل أن نودعها سألناها عن أمنيتها، فاغرورقت عيناها بالدموع وقالت "أمنيتي أن أدخل الأقصى وأصلي فيه خلال رمضان الحالي.. الأقصى عقيدة، ويؤلمني أن أرى مصيره كمصير المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي أذكر خلال طفولتي أن المستوطنين كانوا يصلون أمامه من الخارج ولا يجرؤون على دخوله، واليوم يستبيحونه ليلا ونهارا".

إعلان

رغم عمق ألمها بالبعد عن المسجد الأقصى فإن عايدة الصيداوي تبدي إصرارا على إكمال درب الرباط والدفاع عن مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بدأته منذ انتقالها للعيش في البلدة القديمة، وفي سبيله تجرعت مرارة إجراءات الاحتلال القمعية بدءا من عام 2007 مرورا برحلة "مصاطب العلم" عام 2013 وما ذاقه خلالها المرابطون وما زالوا بسبب تصديهم لاقتحامات المستوطنين للمسجد، وليس انتهاء بملاحقتها في الأروقة والأزقة المؤدية إليه واستدعائها بين الحين والآخر ومحاكمتها.

"لم أشهر يوما سلاحا في وجه المستوطنين والشرطة سوى المصحف الشريف.. جميعنا عُزّل، لكننا متسلحون بحب المسرى" تختم عايد الصيداوي عن قصتها وحبها للأقصى.

مقالات مشابهة

  • ما وراء سماح إسرائيل بالصلاة في المسجد الأقصى في رمضان
  • 60 ألف مصل بالأقصى ورقصات استفزازية متزامنة لمستوطنين بالقدس
  • كيف يمر رمضان على مرابطة مبعدة عن الأقصى؟
  • انتهاكات الاحتلال للمقدسات في شهر رمضان عرض مستمر.. اقتحام 8 مساجد في نابلس وتصعيد مستمر في الأقصى.. «الخارجية الفلسطينية» تدين تخريب دور العبادة وإحراق مسجد النصر بالبلدة القديمة
  • أول تعليق من حماس على اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى
  • رغم قيود الاحتلال.. آلاف الفلسطينيين يؤدون أول صلاة جمعة في رمضان بالأقصى
  • آلاف الفلسطينيين يتوافدون لصلاة الجمعة بالأقصى وسط قيود إسرائيلية مشددة
  • قيود إسرائيلية مشددة على الوصول للأقصى خلال أيام الجمعة في رمضان
  • قيود إسرائيلية على دخول المصلين المسجد الأقصى خلال رمضان
  • إسرائيل تُشدد الخناق على صلاة الجمعة في الأقصى خلال رمضان