تحالفات وصراعات: حكومة كردستان تتأرجح بين القرارات القضائية وضغوط الشارع
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
25 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث: في إقليم كردستان العراق، تتفاقم الأزمات وتتعاظم التحديات التي تواجه الشعب الكردي يومًا بعد يوم.
وتقف الأمانة الإعلامية على مشارف التقرير لتوثيق الواقع المرير الذي يعانيه المواطنون، ولنلق نظرة على أبرز التطورات والأحداث التي شهدتها المنطقة مؤخرًا.
في ظل الأزمة السياسية العميقة والخلافات القائمة بين القوى الكردية، وبعد اندلاع احتجاجات شعبية عارمة نتيجة لأزمة الرواتب وسوء البنية التحتية، يبدو أن صورة إقليم كردستان تختلف عما كانت عليه في السابق.
وفي هذا السياق، أبدى عدد من المواطنين تحفظاتهم واستيائهم من الأوضاع الراهنة. صرح أحد المواطنين، وهو موظف حكومي يفضل عدم ذكر اسمه، قائلاً: “نعيش في زمن مضطرب، حيث يسود الفساد والتقصير في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، ونحن بحاجة ماسة إلى تغيير جذري في الإدارة والسياسة”.
من جانبه، أشار ناشط كردي مناصر لحكومة الاقليم الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن قرار المحكمة الاتحادية العليا بربط رواتب الموظفين الكرد ببغداد مباشرة يعد انتهاكًا لحقوق الإقليم، مؤكدًا استعداد الأحزاب للمقاومة السلمية لهذا القرار.
لكن هناك من يرى العكس، اذ يعتبر موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني بتجاهل إرادة الشعب ورفض القرار المحكمي، مما أثار استياء العديد من المواطنين وأدى إلى زيادة التوترات السياسية.
في هذا السياق، تفيد تحليلات بتراجع الحلم الكردي بسبب الفساد المستشري وفشل السياسات الداخلية والخارجية لحكومة الإقليم، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
و يبقى السؤال المطروح هو: هل يمكن أن تجد القيادة الكردية مخرجًا لهذه الأزمات المتفاقمة، أم أن الشعب الكردي ماضٍ في طريق الصراع والتوتر؟
وكان الآلاف من المعلمين والمدرسين والمحاضرين المجانيين في السليمانية قد بدأوا إضرابا عن الدوام مع بدء العالم الدراسي في أيلول سبتمبر 2023 بسبب عدم صرف رواتبهم لعدة أشهر، لينضم إليهم لاحقا موظفو عدد من الدوائر، وطالبوا في حينها بأن يتم صرف رواتبهم من قبل الحكومة الاتحادية مباشرة من دون المرور بحكومة إقليم كردستان.
ويقول الكاتب عمر شاهر من بغداد: “نحن مشاهدين للأزمات التي تعصف بإقليم كردستان، ونشعر بالقلق والحزن لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. نحن بحاجة إلى حكومة تعمل على تلبية احتياجاتنا اليومية بشكل فعال وفي الوقت المناسب.”
واعتبر عبدالله طارق، موظف حكومي أن: “قرار ربط الرواتب ببغداد يثير القلق بين الموظفين، ويعيدنا إلى فترة من عدم اليقين والتوتر. نأمل في حل سريع لهذه الأزمة لضمان استقرارنا المالي وراحتنا النفسية.”
ويقول المدون عمر عادل: “لا يمكننا أن ننكر الجهود التي بذلتها الحكومة الكردية في الماضي، ولكن الوقت قد حان لتحقيق تغيير جذري وإصلاح شامل. نحن بحاجة إلى قيادة تعمل بجد لتلبية احتياجاتنا الضرورية بدلاً من الانخراط في الصراعات السياسية.”
وتعتبر المحكمة الاتحادية العليا منبرًا لحل النزاعات بين الحكومات المركزية والإقليمية.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في 21 شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بإلزام رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بتوطين رواتب جميع موظفي الجهات الحكومية في المركز والإقليم في المصارف الاتحادية خارج إقليم كردستان.
وكانت الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين الأول أكتوبر 2021 بمثابة مرحلة جديدة للخلافات الكردية الكردية، فبعد أن كانت تجري مناقشتها بين الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان بعيدا عن العلن، أصبحت بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة خلافا علنيا وأشبه بالانقلاب على العرف السياسي الذي اعتمدته جميع الأحزاب السياسية من حيث تقاسم المناصب، إذ أصر الحزب الديمقراطي على أن رئاسة الجمهورية العراقية حق للمكون الكردي عموما، فيما كانت في السابق من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: إقلیم کردستان
إقرأ أيضاً:
القمة العربية.. بين الشعارات والأفعال
د. جمالات عبد الرحيم
تُعد القمة العربية حدثًا بارزًا يجمع الدول العربية لمناقشة القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه المنطقة. ومع ذلك، تثير العديد من هذه المؤتمرات تساؤلات حول جدوى القرارات المتخذة وكيفية تطبيقها، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية.
في الآونة الأخيرة، انعقدت القمة العربية في القاهرة، وكانت الأضواء مسلطة على الأوضاع الراهنة في غزة والأزمة الإنسانية التي يواجهها سكانها. وكما هو معتاد، كان هناك حديث عن تقديم الدعم والمساعدة لإعادة إعمار القطاع المتضرر من الصراعات المستمرة. لكن المفاجئ كان عدم تقديم الحكومات العربية أي التزام صارم للحكومة الأمريكية بضرورة تحمل مسؤولياتها المالية في إعادة الإعمار.
إن التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة تتطلب تضامنًا فعليًا من جميع الدول العربية، وليس مجرد تصريحات تظهر في بيانات القمة؛ فالحديث عن الدعم لا يكفي، خاصة في ظل ما يُعانيه الفلسطينيون من تدمير ممنهج لأماكن سكنهم وبنيتهم التحتية. وكان من المتوقع أن يكون هناك تنسيق عربي موحد للضغط على الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، كي تقوم بدورها في الإيفاء بالتزاماتها الإنسانية.
وفي نفس السياق، كانت هناك قرارات عن عدم دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإسرائيل بالمعدات الحربية. ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستتحقق هذه القرارات على أرض الواقع؟ فالأفعال غالبًا ما تكون أكثر دلالة من الأقوال، ولا يمكن لمجرد الإعلان عن المواقف أن يغير من الأوضاع إذا لم يتم اتخاذ خطوات فعلية لتطبيقها.
إن الفشل في ترجمة هذه القرارات إلى أفعال يتسبب في تزايد التحديات على المستويات الإنسانية والسياسية. فهل ينظر القادة العرب إلى ما يحدث في غزة ويتحملون مسؤولياتهم تجاه أمتهم؟ أم أن الأمر سيبقى في حدود الكلمات والشعارات، بينما يبقى الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات الحرب والاحتلال؟
يتضح أن الإصلاح يبدأ من الاعتراف بالمشكلات واتخاذ خطوات جادة نحو الحل. والوضع في غزة يحمل في طياته الكثير من الآلام والمعاناة التي تتطلب تفاعلًا حقيقيًا من كافة الأطراف المعنية. لذا، فإن القول بأن "أليس من أفسد شيئًا فاعليه إصلاحه" يحمل في طياته دعوة للتحرك قبل أن ندرك أن الأمور قد تصل إلى حد يصعب إصلاحه.
يجب أن تكون القمة العربية منصة للحوار الفعّال والخطط المدروسة، وليست مجرد حدث يتكرر دون أثر حقيقي على الواقع. والفعل العربي الموحد هو الطريق الوحيد نحو السلام والاستقرار في المنطقة، ويجب أن نكون على استعداد لتحقيق ذلك.
وإذا لم تتم محاسبة أمريكا وإسرائيل والدول التي تشارك معهم في حروب ضد فلسطين وسوريا وأي بلد آخر فسوف ينهار الوضع العالمي والاقتصادي والاجتماعي بسبب هؤلاء وسوف يستمرون في الحرب ضد أهل فلسطين أو غيرهم.
ومن هم المطلوب منهم تعمير وإعادة الحياة إلى قطاع غزة وكل فلسطين. وأين المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الصهاينة وأمريكا والغرب حتى لا يصدر من هؤلاء المجرمين أي اعتداءات إجرامية ضد أهل غزة، وأي أحد آخر؟ أم أن الدنيا أصبحت فوضى والقوي يأكل الضعيف كأننا في عصور جاهلية؟!