خطر «الإرهاق الإرهابي» في أوروبا
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
تمر على الاتحاد الأوروبي في هذا الشهر الذكرى العشرون للهجمات الإرهابية التي استهدفت قطارات للركاب في العاصمة الأسبانية مدريد لقي فيها مائة وتسعون شخصا مصرعهم وأصيب قرابة ألفين بما يجعل من تلك التفجيرات ثاني أكبر أعمال الإرهاب ضحايا في أوروبا منذ تفجير طائرة بوينج 747 فوق لوكيربي سنة 1988.
وإظهارا للوحدة والصمود في مواجهة التطرف العنيف اتخذ الاتحاد الأوروبي من يوم الحادي عشر من مارس يوما أوروبيا لذكرى ضحايا الإرهاب.
لقد كشف تفجير قطار مدريد سنة 2004 أن أوروبا لم تكن محصنة من الإرهاب الجهادي. وفقا للتحقيق، رتبت لتلك الهجمة جماعة من المتطرفين المسلمين من أبناء أوروبا أغضبهم إقرار الحكومة الأسبانية لحرب العراق. وضع الجناة أكياس المتفجرات في أربعة قطارات ركاب وفجروها في ساعة الذروة في صباح الحادي عشر من مارس.
وبعد انهيار خلافة داعش سنة 2019 والتناقص الكبير في الهجمات، تحولت المخاوف العامة إلى قضايا ملحة أخرى من قبيل كوفيد 19. وبدأ بعض المحللين الحديث عما يسمى بـ«إرهاق الإرهاب»، ثم أظهر الزمن أن هذه المشاعر كانت مشاعر مضللة.
فها هي حرب أخرى، وصعود جديد للأنشطة الإرهابية. في مطلع مارس، اعتقلت الشرطة الإيطالية ثلاثة أشخاص كانوا يخططون لهجمات إرهابية. فقد أنشأ المشتبهون خلية مرتبطة بكتائب شهداء الأقصى، وهي شبكة جماعات عسكرية مرتبطة بحركة فتح.
وفي ديسمبر، اعتقل أعضاء في حماس في الدنمارك، وفي ألمانيا، وفي هولندا وسط شكوك في التخطيط لهجمة على أهداف يهودية في أوروبا.
في الوقت نفسه اعترف سفير البوسنة والهرسك في الأمم المتحدة بويان فوجيتش أخيرا بأن تدفق الجهاديين الأجانب يمثل «خطرا إرهابيا خطيرا من البوسنة والهرسك». وأشار إلى تقارير للمخابرات الإيطالية تذهب إلى أن قرابة دزينتين من الجماعات الإرهابية نشطة حاليا في بلده.
قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفاصلة في الولايات المتحدة، كان ثمة تنويعات عديدة في استراتيجيات مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية الغربية. فبعض الدول، وبخاصة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، كانت قد شهدت من قبل عنفا إرهابيا، وإن لم يكن إرهابا جهاديا بصفة عامة. ونفذت حكومات تلك البلاد سياسات محكمة في مكافحة الإرهاب قبل وقت طويل من بدء الحرب العالمية على الإرهاب.
كانت فرنسا هي الأكثر تركيزا بين هذه الدول على الخطر الجهادي المتمثل في القاعدة. وبحلول ذلك الوقت، كان البلد قد تعامل بالفعل مع عدد من الهجمات التي نفذها متطرفون جهاديون في تسعينيات القرن الماضي. ويتعلق هذا أساسا بـ(الجماعة الإسلامية المسلحة) وهي جماعة متمردة حاربت الحكومات الجزائرية ونفذت العديد من الهجمات الإرهابية في فرنسا.
واعتبارا من اليوم، لا تزال ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة هي البلاد الأكثر تأثرا بالإرهاب في أوروبا بحسب مؤشر الإرهاب العالمي. والمجر وبلغاريا وجمهورية التشيك من أقل البلاد تأثرا في المنطقة. وبصفة عامة، بلاد أوروبا الشرقية والوسطى هي الأكثر بعدا عن الإرهاب بسبب نقص المصادر الداخلية اللازمة لنشأته.
وقد قال ياروسلاف كوتشاينا كبير زملاء مركز براغ للعلاقات عبر الأطلنطي إن «الإسلام الراديكالي لم ينعم قط بقاعدة عملياتية مريحة أو ملائمة هنا. فلا تعيش في المنطقة غير أقلية مسلمة صغيرة، وبلاد (في فور) أي جمهورية التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا ترفض منذ أمد بعيد قبول مهاجرين من الشرق الأوسط».
وقد قال ياروسلاف كوتشاينا لكاتبة هذا المقال إن «إجماع الساسة في أوروبا الوسطى من مختلف درجات الطيف الأيديولوجي يناهض الهجرة غير الشرعية من البلاد الإسلامية ولم يزل هذا موقفا صلبا هنا. والبلد الوحيد ذو الجالية المسلمة الكبيرة هو النمسا، والخطر الأمني المرتبط فيه بهذه الجالية أكبر وأوضح مما هو في بقية المنطقة بفارق كبير».
ليست لجمهورية التشيك خبرة مباشرة تذكر بالإرهاب، حسبما قال أولدريتش بوريس رئيس مركز الدراسات الأمنية بجامعة متروبوليتان في براغ الذي أضاف أن عددا محدودا من المقاتلين الأجانب التشيكيين منضمون إلى الجماعات الإسلامية في سوريا والعراق.
وأضاف أولدريتش بوريس لكاتبة هذه السطور أن «هذا يعني أيضا أن مكافحة الإرهاب لم تكن قط أولوية قصوى، وأن أغلب الإطار القانوني والمؤسسي القائم مترتب على عضوية الاتحاد الأوروبي وضرورة تنفيذ إجراءات على مستوى الاتحاد الأوروبي والتعاون مع هيئات الاتحاد الأوروبي. حتى التعريف الإجرائي القانوني للإرهاب يوشك أن يكون نسخة مترجمة حرفيا من تشريع الاتحاد الأوروبي في عام 2002».
في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، عززت بلاد أوروبية كثيرة قدرات أجهزة المخابرات لديها وشاركت الولايات المتحدة في مهام مكافحة الإرهاب بالخارج. غير أن ضعف التنسيق والتعاون بين البلاد الأوربية لم يزل يمثل قضية ذات شأن.
وقد ألزم الخطر ذو الطراز القاعدي ـ بوصفه ظاهرة جديدة ـ بعض الحكومات على العمل بمزيد من التقارب، سواء على المستوى الثنائي أو داخل الاتحاد الأوروبي. ومن ثم تمثلت خطوة إلى الأمام في تبني قرار المجلس الإطاري في 13 يونيو 2002 بشأن مكافحة الإرهاب. وقد أعدت هذه الوثيقة لمساعدة الدول الأعضاء في زيادة تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب ومن ذلك مكافحة تمويل الإرهاب.
في عام 2019، تأسس السجل القضائي الأوروبي لمكافحة الإرهاب. وتتيح هذه الأداة العملياتية النافعة لسلطات إنفاذ القانون الأوروبي تحديد جهات الاتصال بين الأفراد والشبكات الإرهابية والتحقيقات سواء الجارية والسابقة. وتم تحقيق تحسن ملحوظ آخر في مجال الكشف المبكر عن الجرائم المتطرفة ومنعها. وحتى الآن، لعب هذا النهج دورا أساسيا في الحرب ضد الإرهاب الداخلي.
ومن بين إجراءات أخرى، تأسس مجلس الاتحاد الأوروبي التوجيهي المعني بالتطرف لمنع انتشار الدعاية المتطرفة على الإنترنت ووضع خطابات مضادة. وعلى المستويات الوطنية، أجرى المشرعون في جميع أنحاء أوروبا تغييرات تركز على الوقاية في سياسات مكافحة الإرهاب.
وفي حين يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز قدراته في مجال مكافحة الإرهاب، فإن الاتحاد يراقب الامتثال لحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. ولا يتعلق الأمر بحقوق الإرهابيين المشتبه فيهم فحسب، وإنما يتعلق أيضا بحريات الأبرياء.
في عام 2018، أقر الاتحاد الأوروبي اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع الإرهاب، التي تهدف إلى دعم الحرب على الإرهاب. وبصرف النظر عن تحسين سياسات مكافحة الإرهاب في المنطقة، تضمن الوثيقة أن تحترم جميع الممارسات والقوانين ذات الصلة حقوق الإنسان والحريات.
تاتيانا كانونيكوفا صحفية روسية خريجة معهد موسكو الحكومي للشؤون الدولية.
عن آسيا تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی مکافحة الإرهاب الحادی عشر من الإرهاب فی فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
ترامب مهددا دول الاتحاد الأوروبي: اشتروا المزيد من نفطنا وغازنا أو واجهوا التعريفات الجمركية
(CNN)-- هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برفع التعريفات الجمركية على دول الاتحاد الأوروبي ما لم تزيد من مشترياتها من النفط والغاز الأمريكيين لتضييق الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة.
وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشال"، ليلة الخميس بالتوقيت المحلي: "أخبرت الاتحاد الأوروبي أنه يجب عليهم تعويض عجزهم الهائل مع الولايات المتحدة من خلال زيادة شراء نفطنا وغازنا. وإلا، فإن التعريفات الجمركية ستطبق كاملة".
وواصل ترامب استخدام التهديد بالتعريفات الجمركية كتكتيك تفاوضي مع الدول الأجنبية التي يعتقد أنها تعامل الولايات المتحدة بشكل "غير عادل".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية ضخمة بنسبة 25% على جميع السلع المستوردة من كندا والمكسيك ما لم تكثف تلك الدول ما اعتبره تساهلاً في تطبيق قوانين المخدرات والحدود، في نظر ترامب.
ويزيد شبح الرسوم الجمركية أو حتى الحرب التجارية من الارتباك وعدم اليقين الذي يواجه قادة الأعمال في الولايات المتحدة والخارج.