مساهمة الذكاء الاصطناعي في القضاء على مرض السل
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
يبدو أن التكنولوجيات الجديدة الرائدة بدأت تتطور بوتيرة متزايدة في الوقت الحاضر. منذ إطلاقها في نوفمبر عام 2022، أثارت روبوتات المحادثة المولدة بالذكاء الاصطناعي شات جي بي تي» أو «شات بوت» التابعة لشركة «أوبن ايه آي» (OpenAI)، ضجة كبيرة على مستوى العالم، حيث نجحت في جذب أكثر من 100 مليون مُستخدم وإلهام العديد من المُقلدين.
ليس من الصعب فهم السبب. ومن خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركات خاصة مثل «أوبن ايه آي»، يمكن للحكومات ومنظمات المجتمع المدني اتخاذ خطوات فعلية نحو معالجة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وعدم المساواة الاقتصادية. على نحو مماثل، يمكنها إحداث ثورة في مجال مكافحة الأمراض المعدية، وضمان وصول الرعاية المنقذة للحياة إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها. يُعد مرض السل خير مثال على ذلك. يودي مرض السل، وهو مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه، بحياة أكثر من 3000 شخص في المتوسط يومياً.
وعلى الرغم من أن آليات انتقال مرض السل مفهومة بشكل جيد، وأن نظم العلاج عالية الفعالية - بما في ذلك الأدوية الجديدة والمحسنة - مُتاحة في جميع أنحاء العالم، إلا أن مرض السل تسبب في وفاة 1.3 مليون شخص على مستوى العالم في عام 2022.
يمكن أن تلعب أدوات الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في الجهود العالمية للقضاء على مرض السل. وتحقيقا لهذه الغاية، يسعى الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا إلى إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص بهدف تطوير ونشر أدوات رقمية مبتكرة للصحة العامة.
خلال رحلتي الأخيرة إلى بنجلاديش، على سبيل المثال، التقيت بفريق من مُقدمي الرعاية الصحية من القطاعين العام والخاص، جنبا إلى جنب مع شركاء من المجتمع المحلي، الذين يستخدمون الأشعة السينية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والتطبيب عن بعد لتسهيل الفحص السريع لمرض السل. ويمكن للمرضى الذين تُظهر نتائج الأشعة السينية لديهم علامات على الإصابة بمرض السل إرسال عينات فورية من البلغم لتحليلها وتلقي العلاج على مستوى المجتمع المحلي مجانًا. يتم إطلاق مبادرات مماثلة في جميع أنحاء العالم. وفي إقليم البنجاب الباكستاني، تستخدم منظمة المساعدات الإنسانية ميرسي كوربس أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد «النقاط الساخنة» ــ المناطق النائية أو الريفية حيث قد لا يتم اكتشاف حالات الإصابة بمرض السل ــ وإنشاء مخيمات متنقلة للرعاية الصحية لتقديم خدمات التشخيص والعلاج للسكان المحليين بشكل مباشر.
في سجن بادري دي لا فيغا في باراغواي، يستخدم العاملون في مجال الرعاية الصحية أجهزة الأشعة السينية المحمولة خفيفة الوزن «فوجي فيلم» وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإجراء فحوصات سريعة ودقيقة لمرض السل.
على نحو مماثل، يقوم الأطباء في المركز الوطني لمكافحة السل والجذام في كمبوديا في العاصمة بنوم بنه بإحضار أجهزة الأشعة السينية المحمولة من طراز «ديلفت» إلى المقاطعات المُجاورة لفحص الأفراد غير القادرين على السفر إلى العاصمة. وفي إندونيسيا، تهدف شراكة جديدة بين الصندوق العالمي وشركة «سيمنس هيلثينيرز» والبرنامج الوطني لمكافحة السل في البلاد إلى توسيع نطاق جهود الكشف المبكر من خلال الجمع بين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتعلم العميق وتحليل الأشعة السينية لتمكين أخصائيي الأشعة من قراءة الفحوصات وصور الأشعة عن بعد.
تُشكل مثل هذه المشاريع المُبتكرة والفعالة أهمية بالغة للتغلب على أوجه عدم المساواة المُستمرة التي تغذي انتشار الأمراض المعدية: الفقر، والنزوح المرتبط بالصراعات والتغيرات المناخية، والاكتظاظ، ومحدودية الوصول إلى المرافق الصحية. علاوة على ذلك، تفسح هذه المشاريع المجال أمام نظم صحية مرنة قادرة على تلبية احتياجات كل شخص. على سبيل المثال، بالإضافة إلى فحوصات مرض السل، تقدم المخيمات المتنقلة للرعاية الصحية في باكستان الخدمات الأساسية التي تركز على النساء والأطفال الصغار.
تؤكد هذه الأمثلة على أهمية تعزيز التعاون بين الشركات وقادة الصناعة والحكومات ومقدمي خدمات الرعاية الصحية المحليين لابتكار أساليب جديدة لمعالجة المشاكل القابلة للحل والأمراض القابلة للعلاج مثل مرض السل. لهذا السبب، يُخصص الصندوق العالمي، الذي يساهم بنسبة 76% من إجمالي التمويل الدولي للقضاء على مرض السل، أكثر من 150 مليون دولار سنويًا لتطوير أدوات رقمية تهدف إلى تعزيز المساواة ومساعدة المجتمعات النائية في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية التي تمس الحاجة إليها.
مع ذلك، هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به. ويتطلب ابتكار حلول مستهدفة وفعّالة ومُستدامة المشاركة النشطة مع المجتمعات المحلية للتخفيف من حدة مجموعة واسعة من التهديدات الأخرى التي تهدد الصحة العامة، مثل الأوبئة ومقاومة مضادات الميكروبات.
ولذلك، من الأهمية بمكان وجود شركاء ملتزمين قادرين على تصور وتطوير الأدوات الرقمية المتطورة. من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الخبرة الطبية المحلية، لدينا فرصة للتغلب على مرض السل بشكل نهائي. في عالم يعج بالأفكار المبتكرة والتكنولوجيات الناشئة التي كانت حتى وقت قريب تفوق تصوراتنا، أصبح إنهاء هذه الآفة العالمية، وربما غيرها من الآفات، في متناول اليد أخيرًا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الرعایة الصحیة الأشعة السینیة على مرض السل
إقرأ أيضاً:
"ديب سيك" الصيني يقلب موازين الذكاء الاصطناعي.. مفاجأة عن مميزاته
قلبت شركة "ديب سيك" الصينية للذكاء الاصطناعي سوق التكنولوجيا الأمريكية رأسًا على عقب، حيث تمكن تطبيقها الذي كلف 5.6 مليون دولار من التفوق على العديد من المنتجات الكبرى في وادي السيليكون، والتي تم إنفاق مئات المليارات عليها.
وقد أدى ذلك إلى تراجع أسهم التكنولوجيا في وول ستريت، مما كبد السوق خسائر تجاوزت تريليونين و2 مليار دولار في يوم واحد، من جهته، أعلن البيت الأبيض أنه يدرس تداعيات هذا التطبيق على الأمن القومي الأمريكي، وأكد أن الرئيس دونالد ترامب يؤمن بضرورة استعادة الولايات المتحدة هيمنتها على قطاع الذكاء الاصطناعي.
آبل تتيح دعم شبكات الأقمار الصناعية T-Mobile وStarlink على iPhone GoDaddy Airo تمكن رواد الأعمال في مصر باستخدام الذكاء الاصطناعيالدكتور محمد محسن، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات، نوه إلى أن العقوبات الأمريكية لم تضعف قدرات الصين في هذا المجال، بل على العكس، بدأت الصين تكتب سطورًا جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي.
ولفت خلال مداخلة مع قناة “المشهد” إلى أن تطبيق "ديب سيك" قد جذب انتباه العالم بشكل كبير، حيث استخدمه العديد من المستخدمين، مما أدى إلى خسائر كبيرة للشركات العالمية بسبب سرعة الأداء التي يتمتع بها.
وأكد أن أي مستخدم يحتاج إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاته، وقد كان "بي تي" جيدًا، لكن مع ظهور "ديب سيك" وسرعته، أصبح الأمر مختلفًا، فالتطبيق سهل الاستخدام، لكن هناك مخاوف أمريكية بشأن أمانه بالنسبة للأمن القومي.
وطالب بالحذر عند استخدام أي تطبيق عبر الإنترنت، ذاكرا أن "ديب سيك" تعرض لهجمات متعددة، وقد حذرت الشركة المستخدمين من ضرورة توخي الحذر عند تسجيل الدخول، يمكننا نصح المشاهدين باستخدام بريد إلكتروني افتراضي لضمان أمانهم أثناء استخدام التطبيق.
أما بالنسبة لفكرة أن الذكاء الاصطناعي يتطلب موارد طاقة هائلة، أفاد أن "ديب سيك" قد أثبت العكس، حيث استخدم أدوات أقل تكلفة لتطوير التطبيق، ما يفتح المجال أمام المبرمجين والشركات العالمية لاستخدام تقنيات بسيطة في إنتاج تطبيقات ضخمة.
فيما يتعلق بالمنافسة، أكد أن البيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي؛ إذ أن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، لديه كمية هائلة من البيانات من منصات مثل فيسبوك وواتساب وإنستغرام، مما يمنحه ميزة كبيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي.
أما عن تطبيق "آر 1" الخاص بـ "ديب سيك"، لفت إلى أنه يعد من أعلى مستويات التطبيقات المتاحة حاليًا، حيث يعتمد على تحليل البيانات بشكل لحظي. ورغم أن التطبيق موجود منذ عام 2023، إلا أنه سيستمر في التطور، حيث من المتوقع أن يتم إضافة ميزات جديدة مثل الاعتماد الصوتي.