قبل أن يُرفع أذان المغرب بدقائق، يدعو عبد القوي كل من يصادفه في طريقه إلى منزله للإفطار، في تقليد قائم منذ عقود، إذ يحرص الأهالي من التجار والميسورين في مدينة إب على دعوة الناس إلى موائد إفطارهم في شهر رمضان.

ولا تقتصر الدعوة على من يعرفهم من الباعة الجائلين أو العاملين في السوق، بل من بينهم متسوقون أدركهم موعد الإفطار وهم في متجره.

أهالي مدينة إب من التجار والميسورين يحرصون على دعوة الناس إلى موائد إفطارهم في شهر رمضان (الجزيرة) عادة متوارثة

ويقول إن هذه العادة الحسنة متوارثة منذ زمن بعيد، إذ يتنافس التجار على دعوة "ضيوف الطريق" إلى موائد الإفطار في منازلهم تعبيرا عن الكرم والتكافل.

ويضيف للجزيرة نت "هناك بركة في رمضان، ودائما ما يكون الطعام كافيا"، غير أن الأسرة تعد طعاما بما يكفي كونها تترقب ضيوفا جددا على المائدة كل يوم.

ويحتفظ الأهالي في مدينة إب بهذا التقليد، رغم الأوضاع الاقتصادية المتردية التي خلفتها الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عقد وتسببت في واحدة من الكوارث الإنسانية، في حين فاقم الصراع الدائر في البحر الأحمر من الأزمة الإنسانية الأشد، حيث ارتفعت كلفة تأمين السفن الواصلة للموانئ اليمنية لتنعكس في زيادة مفرطة في أسعار السلع الأساسية.

يمنيون في مائدة إفطار جماعي بمدينة المكلا في محافظة حضرموت (الجزيرة) ضيوف الطريق

وفي قرى وبلدات ريف محافظة إب، يتبارى الأهالي في إكرام "ضيوف الطريق"، إذ لا يُسمح للغريب بالمرور من القرية دون أن يفطر فيها، في حين يخرج البعض بالتمور والمياه إلى الطريق الرئيسي ويوقفون سيارات المسافرين، وبعد أن يفطروا تتم دعوتهم إلى المائدة.

وتفاجأ محمد عبد السلام، وهو شاب كان يسافر من صنعاء إلى إب إلى جانب 8 آخرين، حين بدا شخص على جانب الطريق يلوح لهم بإصرار من أجل التوقف، ويقول للجزيرة نت "أصر الرجل على أن نترجل من السيارة بعد أن أعطانا التمر والماء، ولم أدرك الموقف في البداية خصوصا أن المنطقة لم يكن فيها مطعم أو استراحة للمسافرين، لكننا كنا مدعوين إلى مائدة إفطار".

إفطار جماعي ينظمه أحد التجار اليمينين يدعو فيه العابرين (الجزيرة) تقليد قديم

ويضيف أن مضيفهم "كان شيخ المنطقة الذي أصر على أن نتناول الإفطار من العصيدة والدجاج واللحم الذي كان معدا لنا، وهي سفرة يومية تُعد للمسافرين الذين يدركهم وقت الإفطار".

ويقول أبو عمار الشلفي، وهو من محافظة إب، إن دعوة الغرباء إلى المنزل للإفطار تقليد قديم، إذ إن المنازل بموائدها تفتح للعابرين أو ممن حضر صلاة المغرب ولم يكن من أبناء الحي.

ويشير إلى أن هذه العادة لا تزال قائمة، رغم ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية والصعوبات الاقتصادية وتوقف صرف الرواتب لموظفي القطاع الإداري للعام الثامن، مما دفع بكثير من العادات الرمضانية للانحسار والتراجع.

إفطار جماعي ينظمه أحد التجار يدعو فيه العابرين وأهالي الحي من الفقراء (الجزيرة) تحويلات المغتربين

وفي مدينة إب، تغلق بعض المطاعم أبوابها في شهر رمضان بسبب تراجع الإقبال عليها، فموائد الإفطار التي يُدعون إليها تغني رواد المدينة عن الأكل في المطاعم، ويقول فيصل عبد الحميد، أحد أهالي المدينة، إن هذا التقليد السنوي يمنح اليمنيين أملا كبيرا.

ويضيف "في الأعوام السابقة، كان البعض يمر على عدة مساجد بسياراته ليدعو المصلين إلى منزله، صحيح أن هذه العادة لم تعد كما كانت، لكنها لم تغب أيضا، خصوصا لدى الأسر التي لا يزال لديها مداخيل من تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج".

وكان رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي يدير الحكومة المعترف بها دوليا، قال إن تحويلات المغتربين تسهم في إطعام ملايين السكان في اليمن، مع انهيار شبكة الحماية الحكومية وتفاقم الأزمة الإنسانية خصوصا في ظل توقف الصادرات النفطية جراء هجمات الحوثيين.

إفطار جماعي ينظمه أحد التجار في محافظة حضرموت (الجزيرة)

وفي آخر إحاطة لمجلس الأمن حول اليمن، يوم 14 مارس/آذار الجاري، قالت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إنه تم تخفيض عدد الأشخاص الذين يتلقون المساعدات وحجم الحصص الغذائية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في حين أوقف برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات الغذائية في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين.

ويقول علي سالم، الذي تملك أسرته متجرا للأجهزة الذكية، للجزيرة نت إن والده كان يدعو معظم من في السوق للإفطار في منزلهم، "لكن اليوم بات الأمر مقصورا على الموظفين في المحل وبعض الأقرباء، وهذا يعود إلى الوضع الاقتصادي الصعب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مدینة إب

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: استهداف دقيق يصيب قطاع السياحة الصهيوني بالشلل”اليمنيون يضربون في الخاصرة الاقتصادية”

يمانيون../
كشفت صحيفة “ذا ميديا لاين” العبرية أن قطاع السياحة في الكيان الصهيوني يواجه خطر الانهيار مجددًا بفعل التهديدات المتصاعدة من قبل القوات المسلحة اليمنية، التي أعلنت في الآونة الأخيرة نيتها استهداف مطار بن غوريون، في خطوة يُنظر إليها كضربة مباشرة لشريان اقتصادي حيوي يعتمد عليه الكيان في تعزيز دخله القومي وتثبيت صورته “الآمنة” أمام العالم.

وبحسب التقرير، فإن وقف إطلاق النار المؤقت الذي أعقب جولة القصف على غزة قد منح قطاع السياحة فرصة قصيرة لالتقاط أنفاسه، إلا أن عودة التهديدات اليمنية، بالتزامن مع موسم عيد الفصح الذي يُعد ذروة النشاط السياحي، أدخلت القطاع في حالة من الارتباك والشلل. شركات الطيران الأجنبية التي بدأت في استئناف رحلاتها إلى مطار بن غوريون، أكدت أنها ستنسحب فورًا في حال تكررت الهجمات أو سقطت صواريخ بالقرب من المطار، حتى وإن لم تُسفر عن أضرار مادية مباشرة.

ونقل التقرير عن مارك فيلدمان، الرئيس التنفيذي لوكالة زيونتورز للسفر في القدس، قوله إن القوات المسلحة اليمنية “تعرف تمامًا ما تفعل”، موضحًا أن استهداف المطار يُلحق أضرارًا اقتصادية ونفسية جسيمة بالكيان، ويؤثر بشكل مباشر على حركة السياحة. وأكد أن هذه الاستراتيجية تؤتي ثمارها، خاصة في ظل تراجع ثقة السياح الأجانب واختيارهم تجنب السفر عبر شركات الطيران غير الصهيونية، تجنبًا للمخاطر.

الصحيفة العبرية نقلت أيضًا عن تالي تينينباوم، نائبة رئيس جمعية الفنادق الإسرائيلية، أن صناعة الفنادق سجلت انخفاضًا بنسبة تقارب 70% مقارنة بعام 2023، مؤكدة أن الوضع غير مسبوق منذ سنوات. فنادق فاخرة مثل “نورمان” في تل أبيب اضطرت إلى إعادة هيكلة كاملة لخدماتها، بما في ذلك تقديم عروض داخلية لسكان المدينة، وإلغاء رسوم الإلغاء، وتبني إجراءات أمنية مشددة تُشرح للضيوف عند تسجيل الوصول، مثل تعليمات استخدام الملاجئ وخطط الطوارئ.

إلى جانب التهديدات المباشرة، ساهمت البيروقراطية الحكومية في تعقيد المشهد. فقد فرضت السلطات الصهيونية مؤخرًا على المسافرين المعفيين من التأشيرات التسجيل المسبق للحصول على تصاريح سفر إلكترونية، ما تسبب في ارتباك واسع في صفوف الزوار، خصوصًا في ظل الوضع الأمني المتقلب. أحد مديري الفنادق عبّر عن استيائه من غياب الوضوح الحكومي، مؤكدًا أن التوقيت السيئ لهذه الإجراءات أضر بشكل كبير بثقة السياح.

وفي ما يتعلق بالوفود المسيحية التي كانت تُشكّل جزءًا أساسيًا من الحركة السياحية خلال موسم عيد الفصح، أشار التقرير إلى أن حضورها هذا العام سيكون شبه منعدم، وهو ما يعكس حجم المخاوف الأمنية والشكوك المحيطة بسلامة الأوضاع داخل الكيان. وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه اليمنيون استهداف منشآت ومصالح صهيونية في إطار ردهم العسكري على الحرب في غزة ودعمهم للمقاومة الفلسطينية، ما جعل من الحرب في البحر الأحمر ساحة لها انعكاسات اقتصادية مباشرة على الداخل الصهيوني.

الصحيفة خلصت إلى أن الكيان يواجه حربًا من نوع جديد، تتجاوز الصواريخ والطائرات المسيرة إلى العمق الاقتصادي، حيث تؤدي كل صفارة إنذار إلى إلغاء آلاف الحجوزات، وتحوّل الفنادق إلى ملاجئ، وتجعل صورة “إسرائيل الآمنة” تتلاشى شيئًا فشيئًا في نظر العالم.

مقالات مشابهة

  • دراسة: الإفطار البسيط يحسن الأداء العقلي طوال اليوم
  • تقليد المانتيلا في يوم خميس العهد.. مظهر إيماني يعكس الحزن والورع
  • بها جواسيس وعناصر إرهابية.. أحمد موسى: ضيوف قناة الحرة لهم مواقف معادية مع مصر
  • باحثة فرنسية: اليمنيون مواقفهم موحدة بشأن القضية الفلسطينية.. بينما الانتقالي يتحفّظ على ذلك (ترجمة خاصة)
  • للإفطار .. طريقة عمل الباف باستري بالزعتر والجبنة
  • 4 عادات صباحية تغيّر حياتك.. خسارة وزن وتحسّن في الصحة العامة
  • تحرير 37 محضرا ضد التجار المخالفين في حملة تموينية مكبرة بالإسكندرية
  • صحيفة عبرية: استهداف دقيق يصيب قطاع السياحة الصهيوني بالشلل”اليمنيون يضربون في الخاصرة الاقتصادية”
  • بعد تحريك أسعار الطاقة.. «روشتة اقتصادية» لمواجهة ارتفاع الأسعار وجشع التجار
  • السعودية تعلن ضوابط وإجراءات حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن