إنه تعبير موجز معبر فى ايجاز عن حالة كثير من الناس الذين أفلسوا إفلاساً حقيقياً، وذلك هو الإفلاس الذى يستحق التأمل والتدبر فى حالة هؤلاء الذين شغلوا أنفسهم بباطل جعلهم يسيرون فى طريق الشيطان الذى زين لهم سوء أعمالهم فأغواهم وأعماهم عن رؤية الحق وختم على سمعهم وأغشى أبصارهم فأدمنوا المعاصى وظلوا عليها عاكفين دون أوبة وتوبة والمصيبة المجلجلة أنهم يتكلمون بعد ذلك عن المغفرة وقد ضحك عليهم شيطانهم حتى قضوا حياتهم وهم على حالة الإفلاس هذه دون أن ينتبهوا ويعودوا إلى ربهم يائبين راجعين إلى الله.
وما أجمل ما قاله الحسن البصرى رضى الله عنه: إن قوماً ألهتهم الأمانى حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة ويقول أحدهم: إنى أحسن الظن بربى وكذب، ولو أحسن الظن لأحسن العمل، وتلا قول الله تعالى: «وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين».
إنه سر هذا الداء وذلك الإفلاس الذى جعلهم يعكفون على تلك الآثام لا ينفكون عنها ولا يستطيعون الفكاك عنها تلك الأمانى التى كانوا يمنون أنفسهم بها وذلك الظن الذى ظنوه ولم يترجموا ذلك عملا صالحا إذ الإيمان والعمل صنوان لا يفترقان ولا قيمة لقول لم يتبعه صاحبه بعمل بل الأدهى من ذلك وأمر ذلك الذى أدمن المعصية ولا يتوب من تلك المعصية وربما تاب عليها وبعد ذلك يتكلم عن مغفرة الله ورحمته وقد سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى قول الله تعالى: «وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين» هؤلاء قوم كانوا يدمنون المعاصى ولا يتوبون عنها ويتكلمون على المغفرة حتى خرجوا من الدنيا مفاليس ثم قرأ الآية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
بورتسودان لا توجد بها منطقة وسطي مابين الجنة والنار (٢) !!..
الأمر الواقع وطبيعة الاشياء بعد أن حرمنا حتي من إلقاء نظرة علي ( قمرتنا بالدرجة الثانية ( السكندو ) كما يحلو لنظار المحطات تسميتها وهي درجة واسطة العقد مثل المرحلة الوسطي المدرسية والطبقة الوسطي في المجتمع وهذه كلها صمام أمان من الشحن الزائد والبغضاء إذا تحكمت في المجتمع الطبقات العليا وتلاشت الطبقة الوسطى وصارت المواجهة مثل قتال الوعول في الجبال بين أناس نالوا كل شيء لدرجة التخمة الطويلة الممتازة وآخرين تعطلت ابارهم بسبب قصر مشيد !!..
توجد تعليمات واضحة منحوتة علي لوحة مثبتة علي الباب تقرأ :
( ممنوع منعا باتاً الجلوس علي السلم والوقوف أمام الباب ومن يخالف هذه التعليمات يخضع للعقاب المنصوص عنه قانونا في هذه الحالات ولا عذر لمن أنذر ) !!..
رغم المنع الواضح والقانون الباتع وقفنا أمام الباب ولو كان السلم خاليا لم يسبقنا عليه آخرون لكنا تحكرنا عليه مثل ملوك السلطنة الزرقاء مع اعتمار الطاقية ام قرينات !!..
عادة قطارات الاكسبريس عندنا ايام زمان في عهد الإنجليز وبعدهم بقليل كانت مواعيدها مضبوطة مع ساعة ( بق بن ) ... ولكن يوم نوينا الزيارة للشرق وجئنا لرصيف محطة الخرطوم الشهير وجدنا الزحام ولم نجد ساعة ( بق بن ) وكان ناظر المحطة الذي من مهامه إطلاق صافرة التحرك في حيرة من أمره وقد شل تفكيره هذا التكدس غير المحسوب ... وبعد تأخير دام عدد من الساعات تحرك القطار ببطيء يجرجر عجلاته مثل المحكوم عليه بالاعدام وارجله مكبلة بثقل الحديد ويومها لو أن الإنجليز مازالوا في بلادنا يسرحون ويمرحون لحصل استجواب في مجلس العموم البريطاني للحكومة ( عمالية ام محافظة ) عن سبب تأخير اكسبريس بورتسودان لعدد من الساعات وهذا يعتبر كارثة في تاريخ الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وربما بعد استجواب وزير المستعمرات ووزير النقل أن يتقدم الوزيران باستقالتيهما مع اعتذار للملكة والشعب السوداني وشعوب اسيا وأفريقيا ودول الكاريبي ودول عدم الانحياز وفي هذه الحالة من الوارد أن تتقدم الحكومة باستقالتها علي أن تجري الانتخابات في موعد لا يتعدى الشهرين تتحول فيه الحكومة المنصرفة غير مأسوف علي شبابها الغض الي حكومة تصريف أعمال !!..
تحرك القطار وقد استغل بعض الركاب الحمامات وسكنوا فيها بوضع اليد ولم يجد خرطوم المياه ( ولو بصيص أمل ) ليضع عنقه داخل الازيار ليمدها بالماء الزلال فرجع كاسف البال الي قواعده سالما قرب ( الحنفية الرئيسية ) حيث ( تكوم ) مثل الرماد الذي ( كال حماد ) !!..
ومر القطار علي محطات ومحطات يقف عندها بالساعات لكنه يتغافل عن ( السندات ) الصغيرة فلا يلقي لها بالا ويكرمها فقط بصافرة طويلة من حنجرته المبحوحة ثم بعد ذلك ( يعطيها عجاج كرعية ) !!..
لا ادري كيف نمنا أو اكلنا وشربنا وكيف تجاذبنا أطراف الحديث بين بعضنا البعض وقد انقضت المدة بخيرها وشرها ولم يبق أمامنا لمعانقة تاجوج الشرق بورتسودان إلا بعض المحطات ومنها محطة ( اوبو ) التي تحولت إلي مقابر ورحل عنها ناظرها وأركان حربه ورحلت كل مظاهر الحياة فيها فصار القطار يمر بها ويمضي مسرعا حتي أنه لا يعطي الوقت الكافي للركاب للترحم علي شهداء حادث القطارين الشهير الذي هز البلاد الذي وقع إبان حكم الفريق ابراهيم عبود !!..
تفاصيل هذا الحادث الفظيع ومواصلة الحلقات في المرة القادمة بإذن الله سبحانه وتعالي .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com