لم تكن النيجر حديث الصحافة والإعلام منذ نشأتها واستقلالها في عام ١٩٦١ حتي وقت قريب ولكن الانقلاب العسكري الأخير علي رئيس البلاد محمد بازوم  جعل منها مادة إعلامية دسمة في الصحافة العالمية. 

فلم تكن تلك الدولة الفقيرة المحصورة بين دول شمال أفريقيا لكل من الجزائير وليبيا بينما في الغرب  مالي وبوركينا فاسو وفي الجنوب كلا من نيجيريا وبنين ومن الشرق دولة تشاد ومنذ استقلال النيجر حتي يومنا هذا لم يستقر الحكم فيها فقد مرت البلاد بأكثر من خمسة انقلابات عسكرية علي الحكم الرئاسي وكان آخرها الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد عبد الرحمن تشيبانى وعين نفسه رئيسا للبلاد وقام بتعيين وزير المالية السابق علي لامين زين رئيسا للحكومة وعمل تشيباني علي أن تتخلص النيجر من الاستعمار الشكلي والتبعية الخفية لدولة فرنسا والتي ظلت تستورد كل مقدرات النيجر منذ إن كان الاستعمار الفرنسي متحكما في البلاد إلى وقت قريب والذي منح فيه العميد عبّد الرحمن وقت محدد يكون فيه رحيل آخر الجنود الفرنسيين الذين كانوا يقطنون قاعدة نيامي الجوية.

 

وطوال تلك السنوات من التواجد الفرنسي والذي كانت أهداف ذات توجه استراتيجي يخدم فيه المصالح الاقتصادية والسياسية للفرنسيين وخاصة أن النيجر من أغنى الدول في العالم الزاخرة بخام اليورانيوم الذي تستجلبه باريس من مناطق اغاديز بكميات كبيرة حيث يمثل الوقود الأساسي لكل محطات الطاقة النووية للجيل الثالث الفرنسي والتي تمثل عصب ال ٥٨٪؜ من صناعة الكهرباء المنتجه لفرنسا . وتعتمد النيجر علي مصادر دخل قومي محدود ومحصور للغاية حيث إن ٧٠٪؜ من حجم الصادرات لديها يتمثل في استخلاص وإنتاج خام اليورانيوم طبقا لآخر إحصائية صادرة من حكومة النيجر حيث وصل الإنتاج إلى ٢٠٠٠طن في عام ٢٠٢٢ وتحتل النيجر بذلك رابع منتج لليورانيوم عالميا وكذلك كأكبر دولة لديها مخزون استراتيجيين الخام  يصل إلى حوالي ١٠٠مليون طن منتشر في معظم الصحراء الكبري للنيجر.

 ويبدو ان الحكومة العسكرية المتوليه زمام الحكم في النيجر علي وفاق واتفاق حدودي لحكومات الانقلابات العسكرية في كلا من بوركينافاسو ومالي وكلاهما اتفاقا علي كارهي السيطرة والاستعمار الفرنسي الحديث لأراضيها تحت مسمي دعم باريس الاقتصادي والسياسي لتلك الدول والذي يخفي وراءه دعم الأشخاص الذين يصلون إلى سدة الحكم ولديهم التابعية إلى قصر الإليزيه وحريصين علي الخضوع والاستلام للمصالح الفرنسيه في بلادهم.  

 

ومن هنا فإن كل العسكريين لدي هذه الدول لكلا من النيجر  ومالي وبوركينا فاسو لديهم هدف واحد وهو السعي لإيجاد بدائل فرنسا في بلادهم ومن هنا ذهبت النيجر إلى طلب الدعم  الروسي بديلا الولايات المتحدة والتي لم تعطي اهتماما بالأحداث الجارية علي ارض النيجر من صراع علي سلطةُ وبالرغم من وجود قاعدتين عسكريتين لها في النيجر بعد مبادرة السلام في غرب افريقيا لوقف التمدد الإرهابي لحركة بوكوحرام إلا وأنها تجاهلت ما يحدث في البلاد ولهذا وجدت حكومة تشيباني مصالحها في اقامه علاقات مع اي دولة تستطيع دعم النيجر اقتصاديا.  

وتأتي الظروف التي تمر بها النيجر من الناحية الاقتصادية ملاذا  تسعي الية طهران حيث وجدت ان مصالحها في اقامه علاقات خفية لدعم حكومة تشيباني بالسلاح والعتاد والتدريب وكذلك الدعم الاقتصادي التجاري الذي شمل كثير من المنتجات الزراعية والسيارات والاجهزةالكهرباءيية وفي المقابل الحصول علي اليورانيوم بطرق ليست رسمية تفاديا لتدخل وكالة الطاقه ومنعها ولذا ظهر ذلك التعاون منذ يناير ٢٠٢٤  حيث بينت التقارير في ٢٠٢٣ الصادرة من الوكالة الطاقة النوية التابعة للأمم المتحدة من أن وتيرة تخصيب اليورانيوم الايراني كانت قد تباطأت قليلا منذ نهاية العام الماضي، الا ان إيران لا تزال تقوم بالتخصيب بمعدل مرتفع يبلغ حوالي سبعة كيلوجرامات من اليورانيوم شهريا بنسبة نقاء 60 بالمئة. 

 

وبينما يعد التخصيب بنسبة 60 بالمئة في كون ان اليورانيوم قريبا من درجة صنع الأسلحة، وهو ليس ضروريا للاستخدام التجاري في إنتاج الطاقة النووية. وتنفي إيران سعيها للحصول على أسلحة نووية لكن لم تقم أي دولة أخرى بالتخصيب إلى هذا المستوى دون إنتاجها. 

 

وبموجب اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية، والذي لم يعد ساريا، كان على إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 بالمئة فقط.

وبعد أن سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات على طهران، وهنا انتهكت إيران القيود النووية للاتفاق وتجاوزتها. وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق أن إيران أبطأت في الفترة بين يونيو حزيران ونوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى ثلاثة كيلوجرامات شهريا، لكنها قفزت مرة أخرى إلى معدل تسعة كيلوجرامات في نهاية العام. وجاءت هذه الزيادة بعد وقت قصير من قيام طهران بمنع ثلث فريق التفتيش الأساسي التابع للوكالة، ومنهم كبار الخبراء، من المشاركة في المراقبة المتفق عليها لعملية التخصيب. 

ويبدو أن الخداع السريع الذي استهدفته إيران من دورة التباطؤ والتسريع كان وراءها اتجاه مستقر ومستمر في زيادة مخزون اليورانيوم من مصادر ليست معلومة لدي الوكالة وان المصادر الجديدة أعطت كميات كبيرة للإيرانيين سمحت لهم بزيادة كميه التخصيب المنتظم شهريا وايضا أعطت الثقة في انهم بدأوا بالفعل في انتاج القنابل النووية ابتداء من يناير ٢٠٢٤ تماشيا مع الأحداث في النيجر والتواجد المفاجىء لإيران والجيش الثوري الايراني والذي يقوم بتدريب الحرس الخاص النيجري والذي يقوم علي حراسة عبد الرحمن التشيباني .

 

وهنا يظهر جليا أن التواجد الإيراني في النيجر والذي استطاع من خلال الظروف الاقتصادية الصعبه التي تواجه حكومه الانقلاب العسكري ان يكون طوق النجاة في حكومة تشيباني  ويمد يد العون والدعم من اجل الحصول بأمان علي كميات اليورانيوم في وقت قصير وقد يمتد هذا العون والدعم من ايران الي بقية حكومات بوركينافاسو ومالي وهي حكومات تسعي الي دعم اقتصادي وتسلحي بعيدا عن فرنسا وحلفاءها الأوربيين بل وبعيدا عن الولايات المتحده وهنا يكون فرص سانحه لتوجه عربي مصري  يأخذ دورا استراتيجيا في وسط القارة السمراء  ... وإلى تكملة قادمة. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النیجر من فی النیجر

إقرأ أيضاً:

مؤمن الجندي يكتب: البنطلون في وزارة الهوى

في زاوية مظلمة من النفس البشرية، تقبع مرآة مُعوجّة.. لا تعكس الحقيقة كما هي، بل تُعيد تشكيلها وفق أهواء صاحبها، فتُظهر الجَميل قبيحًا، والقبيح مُبررًا، حسب ما يروق للناظر إليها.. هنا تبدأ الحكاية، حكاية الحكم الذي لا يعرف عدلًا، والمعايير التي تنحني عند أول عاصفة مزاج.

ذات يوم، جلس رجلان على طاولة واحدة.. ارتكب أحدهما خطأً بسيطًا، فانبرى الآخر يُلقي عليه المواعظ كأنما يمسك بميزان العدل! لكن بعد أيام، ارتكب نفس الرجل الموعِظ خطأً مشابهًا، هل تصدق؟! برر لنفسه ما لا يُغتفر لغيره، وقال: "الظروف تختلف، والوضع هنا خاص".

مؤمن الجندي يكتب: مواجهة لا تعرف الرحمة مؤمن الجندي يكتب: وصفة للفوضى مؤمن الجندي يكتب: انكسار روح مؤمن الجندي يكتب: عرّافة الكواكب في شقة "سِباخ"

هكذا، لا يُصبح الخطأ خطأً، بل وجهة نظر! والأعذار تُصاغ فقط لمن نحب، بينما الآخرون يُحاكمون بلا رأفة.. أليس ذلك حُكمًا بمعيارين؟ بل قل حُكمًا بلا معيار.

في الساعات الأخيرة، يتعرض نادي الأهلي لمسلسل درامي غير معتاد سواء من هجوم جماهيري أو أزمات لاعبين وتخبط إداري، لكن كل هذا ليس ما لفت انتباهي! الحقيقة استغربت بانشغال البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقاد محمد رمضان، المدير الرياضي للنادي الأهلي، ليس بسبب أدائه أو قراراته الإدارية، بل بسبب ارتدائه بنطالًا ضيقًا من أسفل القدم! فجأة، تحوّل النقاش من كفاءة الرجل إلى جدل حول مظهره، وكأن "البني آدم" يُقاس بنوع القماش.

لكن هذا المشهد ليس غريبًا؛ فهو انعكاس لظاهرة أعمق وهي ازدواج المعايير.. فكل شخص يرى فيها ما يريد أن يراه، ويُديرها كيفما أراد! المُحب يرى حبيبه بريئًا مهما ارتكب، والمُعادي لا يرى في عدوه خيرًا ولو حمل الشمس بين يديه.. وكأن المعيار الحقيقي هنا ليس الحق والباطل، بل الهوى والمصلحة.

قصة العدالة الضائعة

ذات مساء، وقف حكيم في ساحة صغيرة، تجمع الناس حوله يسألونه عن معنى العدل.. ابتسم وقال: "العدل كالشمس، لا تُفرق بين من يكرهها ومن يُحبها.. تُنير للجميع بميزان واحد"، ثم أضاف بنبرة حزينة: "لكن متى رأيتم الشمس تُحكم بالمزاج؟".

ساد الصمت، لأن الجميع يعرفون الجواب.. نحن من نطفئ شمس العدل بأيدينا، ونستبدلها بمصابيح خافتة تُضيء فقط حيث نريد.

إذا أردت أن تكون مرآتك صافية، لا تُخضعها لأهوائك.. تذكر أن العدل ليس حكمًا على الآخرين فقط، بل هو امتحان مستمر لنزاهتك أنت.

وفي النهاية، الحياة تُشبه ميزانًا حساسًا؛ كل انحراف فيه يُفقدك توازنك، ويُكسر ثقتك بنفسك قبل أن تكسر ثقة الآخرين بك.. اجعل ميزانك ثابتًا، لأن العدل وحده هو الذي يُعيد ترتيب الفوضى، ويُضيء الطريق وسط الظلال.

رسالة لي قبل الجميع، إذا كنا ننادي بالحرية الشخصية، فلنجعلها للجميع، بلا انتقائية أو ازدواجية، وإن كانت النصيحة حقًًا من أجل الإصلاح، فمكانها على انفراد، لا أمام الملأ.. فلنتعلم قيمة الحكمة والأصول والأخلاق، ولنعِ أن الاحترام لا يعني دائمًا الموافقة، بل هو الاعتراف بحق الآخر في الاختلاف، ورغم اعتراضي على مظهر "البنطلون الضيق" للكابتن محمد رمضان، رجل له من المقام والسن ما يستوجب التقدير، فإنها في النهاية حرية شخصية يجب أن تُحترم.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء: جار استخراج تراخيص وحدة منتجات اليورانيوم
  • ترحيل مهاجرين غير شرعيين من النيجر
  • الطاهر التوم يكتب: يا الأعيسر
  • المحامي محمد احمد المجالي يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ
  • الفلاحات يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ
  • مؤمن الجندي يكتب: إعدام حصان
  • إيران تدين الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على اليمن
  • إبراهيم النجار يكتب: غليان في العالم!
  • مؤمن الجندي يكتب: البنطلون في وزارة الهوى
  • مالي والنيجر وبوركينا ترفض مهلة «إكواس»