العملات والأصول الرقْمية.. إلى أين يتجه العالم؟
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
يعيش العالم اليوم ثورة تكنولوجية سريعة وتحولًا تاريخيًا رهيبًا، حيث أصبحنا نتحدث الآن عن التحول الرقْمي، وعن رقمنة مجموعة من القطاعات الحيوية في حياتنا اليومية.
ناهيك عن الزخم الكبير الذي أصبحنا نراه ونسمعه عن العملات الرقْمية وعن NFTs، وأصبح أبناؤنا يتحدثون عن هذه الأمور ويحاولون امتلاك أدوات فهمها والاستفادة مما تتيحه من إمكانات وموارد.
مع التطور الملاحظ الذي نراه في العالم والتوجه الرقمي الذي أصبح الجميع يتحدث عنه، تهافتَ الكثيرون على ركوب الموجة ومحاولة فهم السوق الرقمي، خاصة مع سماعنا كل مرة عن أرباح خيالية وأرقام فلكية يحققها بعض المشتغلين في الميدان.
فالعملات الرقمية هي عملات افتراضية تعتمد على تقنية blockchain. وهي تهدف إلى تمكين المعاملات المباشرة من نظير إلى نظير دون وسطاء سواء كان شخصًا أو مؤسسة.
وتعد بِيتكوين (Bitcoin) وإيثريوم (Ethereum) وBNB وUSDT أمثلة بارزة على العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية. على عكس العملات التقليدية، لأنها مشفرة وتستخدم هذا التشفير لزيادة أمان المعاملات عبر الإنترنت. وبالإضافة إلى شراء العملات المشفرة، يرغب العديد من الأشخاص في تداولها لتحقيق الربح؛ لأن المضاربين يتحكمون في ارتفاع وانخفاض أسعارها.
وهي لا تصدر عن سلطة مركزية، مما يحميها من التدخل والتلاعب الحكومي. يؤدي تعدين Bitcoin إلى تقليل مكافآت القائمين بالتعدين، ويمكن أن يؤثر على ربحية تعدينها، مما يجبر القائمين بتعدين هذه العملة الرقمية على التكيف ويصبحون أعلى كفاءة.
تشير البيانات التاريخية أيضًا إلى أن تعدين البيتكوين يمكن أن يكون له تأثير كبير على السعر. في حين أن الاختراق التصاعدي، بشكل عام بالنسبة للبيتكوين، قد يؤدي إلى تقلبات الأسعار على المدى القصير؛ باعتبارها أكبر عملة مشفرة في العالم من حيث الشعبية والقيمة السوقية، ويمكن أن يكون لهذا الحدث الكبير أيضًا تأثير على سوق العملات الأخرى.
وإذا تأملنا مسار قيمة البيتكوين فسنجد أنها قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة وتاريخية، حيث لامست قيمة هذه العملة حاجز الـ 75 ألف دولار أميركي. وأظهر تقرير لشركة "CoinShares" الأوروبية المعروفة في مجال إدارة الأصول البديلة والمتخصصة في الأصول الرقمية، أن التدفقات الداخلية لأصول العملات المشفرة، ارتفعت إلى مستوى قياسي هذا العام مع تزايد اهتمام المستثمرين بهذه العملات. ويرجع هذا الارتفاع إلى اقتراب شهر أبريل/نيسان وهو موعد الانتصاف المقبل للبيتكوين.
يحدث الانتصاف كل أربع سنوات، وهو جزء من عملية تعدين العملة الرقمية، وأحد أهم البروتوكولات التي تحدد هوية العملة الأكثر قوة في العالم الرقمي. وهذا متأصل في كود مصدر البيتكوين، وهدفه التقليل من مكافأة الكتلة التعدينية بمقدار النصف لكل كتلة، مما يجعلها تتحكم بالتضخم وإبطاء معدل إنشاء عملات البيتكوين الجديدة، وهو ما يجعلها تحافظ على الندرة ومحاكاة انكماشية المعادن الثمينة مثل الذهب.
ومع سماح "لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" رسميًا بتداول عملة بيتكوين في صناديق الاستثمار المتداولة مع بداية هذه السنة، تم إدراج أحد عشر صندوقًا استثماريًا في البورصة، ما يفتح آفاقًا واعدة أمام الاستثمار في العملات الرقمية.
مخاطر الاحتيال والقرصنةتعتبر العملات الرقمية محمية بالتشفير، وبالتالي فهي مقاومة للاحتيال من حيث المبدأ، لكن هذا لم يمنع التعرض لمخاطر كثيرة، ولن يمنعها بالتأكيد مستقبلًا، خاصة مع التطور المذهل الذي تعرفه تقنيات الذكاء الاصطناعي واستعمالاتها المختلفة.
وبِغض النظر عن مخاطر الانهيار الكبير والمفاجئ لقيمة العملات المشفرة التي قد يواجهها الأشخاص والمؤسسات، تمامًا مثلما يحدث مع العملات الورقية بحكم عوامل متعددة يتداخل فيها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والجيوستراتيجي، فإن التعامل بالعملات الرقمية يبقى معرضًا لأخطار كثيرة.
تتمثل في عمليات القرصنة، حيث تتحدث الوقائع عن حالات كثيرة للقرصنة بلغت قيمة بعضها مئات الملايين من الدولارات. كما يعاني المجال من مخاطر الاحتيال عن طريق قيام بعض الجهات بإنشاء منصات رقمية غير موثوق بها تقوم بجمع استثمارات الأفراد والمؤسسات وتغلق بعد ذلك.
كما يواجه هذا القطاع إمكانية تلاعب أصحاب الشركات بالأرقام، وإعطاء أرقام غير صحيحة عن الأرباح لتضليل المؤسسات المالية والمستثمرين فيها؛ بهدف نهب مدخراتهم، مثلما وقع لمنصة (FTX)، بورصة العملات المشفرة في الولايات المتحدة التي أعلنت إفلاسها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ويحاكم مؤسسها "صامويل بانكمان فرايد" الذي يملك في نفس الوقت واحدة من أهم شركات تداول العملات الرقمية، بتهمة الاحتيال، مما كان له تأثير بالغ السلبية على ثقة المتداولين.
ماذا عن الرمز غير القابل للاستبدال؟تعتبر الـ NFTs شكلًا من أشكال الأصول الرقمية؛ لأنها فريدة ولا يمكن استبدالها بأي شيء آخر. على الرغم من أن العملات الرقمية مثل البيتكوين قابلة للاستبدال؛ لأنه يمكن استبدال عملة بأخرى بنفس القيمة. ومع ذلك، فإن NFTs هي أصول رقمية لكل منها قيمة مختلفة، ولا يمكن استبدالها بأصول أخرى. NFTs هي دليل على ملكية الأصول الرقمية، مثل الصورة أو الرسم أو التغريدة أو الفيديو الموسيقي.
يمكن لمالكي NFTs تحقيق الدخل من الملكية أو حقوق الملكية. ومع ذلك فإن امتلاك الـ NFTs لا يعني بالضرورة أن الشخص لديه حقوق حصرية، حيث يمكن نسخ أي شيء رقمي إلى ما لا نهاية.
إن ذلك شكل من أشكال الملكية الرقمية الجديدة، الذي شكل ثورة في عالم التكنولوجيا؛ إذ استطاع الكثير من الناس جني المال الكثير منه، ويتنبأ الكثير من المهتمين بمجال المال والأعمال أنه سيكون واحدًا من أهم مجالات الاستثمار المالي، حيث سيتحوّل الكثير من الأشخاص والشركات إلى الاستثمار فيه مما سيحقق له انتشارًا كبيرًا.
وعمومًا يمكن القول؛ إن عالم العملات والأصول الرقمية لم يعد مجرد حديث في العالم الافتراضي حين بدأت الظاهرة قبل سنوات قليلة، بل أصبح جزءًا من العالم الواقعي الذي يساهم في حركية الاقتصاد العالمي، خاصة مع قبول العديد من الشركات مبدأ الدفع بالعملات الرقمية مثل عملة البيتكوين.
وكذلك توجُّه بعض الدول نحو إصدار عملات رقمية، مثل الدولار الأميركي الرقمي واليوان الرقمي الذي أصبحت دوائر القرار الاقتصادي تتحدث عنه في الصين. والحبل على الجرار، ما دام أن القوتين اللتين تحددان مسار العالم على الصعيد الاقتصادي، قد شقّتا طريقهما على هذا الصعيد.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات العملات الرقمیة العملات المشفرة الأصول الرقمیة فی العالم الکثیر من
إقرأ أيضاً:
جولد بيليون: الذهب يتجه للهبوط بعد إعلان فوز ترامب
شهد الذهب انخفاض خلال تداولات اليوم الأربعاء بسبب تأثير إعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أظهرت فوز دونالد ترامب لفترة رئاسية جديدة، الأمر الذي دفع الدولار الأمريكي إلى الارتفاع ليتأثر الذهب بشكل سلبي، وقد يستمر هذا التذبذب خلال تداولات اليوم مع مراقبة الأسواق للمستجدات.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي انخفاض اليوم بنسبة 0.7% ليسجل أدنى مستوياته منذ قرابة 3 أسابيع عند 2701 دولارات للأونصة قبل أن يقلص خسائره ليتداول حالياً عند المستوى 2724 دولار للأونصة وكان قد افتتح تداولات اليوم عند المستوى 2743 دولار للأونصة، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.
بعد تسجيله أدنى مستوى في 3 أسابيع عاد السعر إلى التحرك بين مستويات 2750 - 2720 دولار للأونصة التي تسيطر على التداولات للجلسة الرابعة على التوالي، ومن المتوقع أن يستمر التذبذب في أسعار الذهب الذي يميل إلى الهبوط حتى تضح الصورة النهائية لتأثير فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية.
التأثير اللحظي لفوز ترامب جاء سلبي على أسعار الذهب، وذلك بسبب القفزة التي حققها الدولار الأمريكي وتسجيله أعلى مستوى منذ 4 أشهر ونصف مقابل سلة من العملات الرئيسية، وبالطبع كان لهذا تأثير سلبي على الذهب الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الدولار منذ كونه سلعة يتم تسعيرها بالدولار الأمريكي.
ومن المتوقع أن يظل انتعاش الذهب على المدى المتوسط إلى الطويل بدعم سياسات الرئيس الجديد دونالد ترامب الذي يشجع المزيد من الإنفاق حتى في ظل العجز والدين الضخم للولايات المتحدة الأمريكية حالياً، بالإضافة إلى السياسة الخارجية الغامضة للولايات المتحدة والتي ستدفع الأسواق إلى الذهب كملاذ آمن وتحوط بشكل كبير.
من جهة أخرى تنتظر الأسواق اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين للبنك الاحتياطي الفيدرالي والذي يختتمه يوم الخميس، إلى جانب تصريحات رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول في محاولة لمعرفة المزيد من التوجهات بشأن أسعار الفائدة.
تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هذا الأسبوع بعد الخفض الكبير بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر.
الجدير بالذكر أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتأثر بإعلان دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسة جديدة، وقد يدفعه هذا إلى الاستمرار في خفض أسعار الفائدة كما هو متوقع، ولكنه قد يتجنب الإشارة إلى مزيد من الاهتمام بالنمو تحسباً لسياسات ترامب التي سينتج عنها تأثير تضخمي.
الذهب يعد تحوط ضد عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي ويميل إلى الازدهار في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. ولذلك التوقعات على المدى القصير إلى المتوسط تبقى في صالح الذهب.
اقرأ أيضاًالبنك المركزي: احتياطي النقد الأجنبي في مصر يرتفع إلى 46.942 مليار دولار بنهاية أكتوبر
سعر الفضة يتراجع عالميا مع تقدم ترامب في الانتخابات الأمريكية 2024