الأزهر للفتوى: طلب الرّاحة في الانتحار وهم وهو من كبائر الذنوب
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن طلب الرّاحة في الانتحار وهم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، والمؤمن الحق يعلم حقيقة الابتلاء الذي قد يحمل الشَّر من وجه، ويحمل الخير من وجوه، وأن الدنيا دار اختبار ومكابدة، وأن الآخرة هي دار الجزاء والمستقر.
الأزهر للفتوى: الدعاء هو العبادة الأزهر للفتوى: الصوم يربي في الإنسان التعاون على فعل الخيرأضاف الأزهر للفتوى، أن الإسلام جعا حفظ النفس مقصدًا من أَولى وأعلى مقاصده حتى أباح للإنسان مواقعة المحرم في حال الاضطرار؛ ليُبقي على حياته ويحفظها من الهلاك، وقد جاء الإسلام بذلك موافقًا للفطرة البشرية السّوية، ومؤيدًا لها.
وتابع: لذا كان من العجيب أن يُخالِف الإنسان فطرته، وينهي حياته بيده؛ ظنًا منه أنه يُنهي بذلك آلامه ومُشكلاته، ولكن الحق على خلاف ذلك؛ لا سيما عند من آمن بالله واليوم الآخر، فالمؤمن يعلم أنّ الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار الخُلود والمُستقَر، وأن الموت هو بداية الحياة الأبدية، لا نهايتها.
أوضح الأزهر للفتوى، أن الآخرة دار حساب وجزاء، وأن الدنيا لا تعدو أن تكون دار اختبار وافتتان ومكابدة؛ قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 165].
وأكد ان هذا بلا شك يوضح دور الاعتقاد والإيمان في الصبر على الحياة الدنيا وبلاءاتها، وتجاوز تحدياتها، فالمؤمن يرى وجود الشَّدائد والابتلاءات سُنّة حياتيّة حتميّة، لم يخلُ منها زمانٌ، ولم يسلم منها عبد من عباد الله سبحانه؛ بَيْدَ أنها تكون بالخير تارة، وبالشَّر أخرى، بالعطاء أوقاتًا، وبالحرمان أخرى، قال سُبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}. [الأنبياء: 35]، ويعلم حقيقة الابتلاء الذي يحمل الشَّر من وجه، ويحمل الخير من وجوه؛ إذ لا وجود لشرٍّ محض.
وأردف: يستطيع ذَووا الألباب والبصائر أن يُعددوا أوجه الخير في كل محنة، والله سبحانه وتعالى قال عن حادثة الإفك في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ...} [النور: 11]، رغم ما كان فيها من الشِّدة والبلاء على سيدنا رسول الله ﷺ، وزوجه أم المؤمنين السّيدة عائشة رضي الله عنها، والمجتمع الإسلامي كله، موضحًا أن سنَّة الله سُبحانه في الابتلاء أن جعله اختبارًا وتمحيصًا؛ ليظهر صدقُ إيمان المؤمنين وصبرُهم وشكرُهم، وليظهر السّاخطُ عند البلاء، الجاحدُ عند النّعماء؛ كي يتفاضل النّاس ويتمايزوا، ثمَّ يُوفَّى كلٌّ جزاءَه في دنياه وأخراه؛ قال سُبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}. [محمد: 31]
وبين مركز الفتوى، أنه إذا عَلِم العبدُ هذا هدأت نفسه، واطمأن قلبه، وعلم أنّ كل قَدَر الله له خير، إنْ هو آمن وصدّق وصبر وأحسن؛ قَالَ سَيِّدنا رَسُولُ الله ﷺ: «عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلَّا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ». [أخرجه مسلم]
أما طلب الراحة في الانتحار فوهمٌ، وهو كبيرة، ولا راحة في الموت لصاحب كبيرة، وليس بعد الموت توبة أو مُستعتب.
والتخلص من الحياة بإزهاق الروح التي هي ملكٌ لله سبحانه جريمةٌ لا مبرر لها على الإطلاق، قال الله تعالى: {...وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ...} [هود: 101]، واعتداءٌ على خلق الله، واستعجال ما قَدّر.
لذلك توعد اللهُ سبحانه وتعالى المُنتحر بالعقاب الأليم، فقال تعالى: {...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. [النساء: 29 -31]
وقال رسول الله ﷺ: «كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ به جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فأخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بهَا يَدَهُ، فَما رَقَأَ الدَّمُ حَتَّىٰ مَاتَ، قالَ اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عليه الجَنَّةَ». [أخرجه البخاري]
كما عاقب النبي ﷺ مرتكب هذا الجُرم بعدم صلاته عليه، فعن جابر بن سَمُرة، قال: «أُتِيَ النبيُّ ﷺ برَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عليه». [أخرجه مسلم]
حكم الانتحار المذكور لا يعارض النظر إليه كنتيجة لاضطراب نفسي قد يحتاج في بعض الحالات لمعالجة طبيةوبيان حكم الانتحار المذكور لا يعارض النظر إليه كنتيجة لاضطراب نفسي قد يحتاج في بعض الحالات لمعالجة طبية مُتخصّصة، أو لمعاملة أُسرية ومُجتمعية واعية، فالدين يدعم العلم ولا يُناقضه، ويدعو الأسرةَ إلى تحمل مسئولياتها إزاء تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة إيمانية سوية وسطية، ويعتمد الحوار الهاديء البنّاء كأحد أهم أدوات وأساليب العلاج.
ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إذ يقدم هذه الإضاءات يسعد بتواصل الجمهور معه، ويستمع إلى الشباب، ويجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم، ويقدم المشورة والنصيحة الصادقة، والدعم النفسيّ والمعنويّ لهم، ويستقبل الاتصالات على هاتف رقم: 19906.
كما يستقبل الزيارات، ويعقد مقابلات للشباب مع أعضاء المركز بمقر وحدة الدعم النفسي بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية - مشيخة الأزهر الشريف.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الانتحار الأزهر للفتوى مركز الأزهر العالمي للفتوى كبائر الذنوب الأزهر للفتوى
إقرأ أيضاً:
نائب أمير منطقة مكة المكرمة يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك
رفع نائب أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بمناسبة عيد الفطر المبارك.
وسأل سموه الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة السعيدة على القيادة الرشيدة -أيدها الله- بموفور الصحة والعافية، وأن يعيدها أعوامًا عديدة على الوطن وقيادته في أمن ورخاء وازدهار.
ونوه نائب أمير منطقة مكة المكرمة بما تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى من نجاحات لأعمال الجهات ذات العلاقة التي هدفت للتسهيل على قاصدي المسجد الحرام خلال شهر رمضان المبارك، مؤكدًا أن القيادة الرشيدة -أعزها الله- لم تدّخر جهدًا لخدمة المقدسات وقاصديها، مثمنًا في ذات الوقت جهود جميع العاملين التي تكللت ولله الحمد بالنجاح.
وسأل سموه المولى سبحانه أن يجزل للجميع المثوبة، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين نظير ما يقدمانه للإسلام والمسلمين.