تتجه الولايات المتحدة واليابان نحو تعزيز تحالفهما الأمني الذي يعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وزاد خلال العقود الماضية من خلال العديد من أوجه التعاون مع اتساع نطاق التحديات الإقليمية، خاصة تلك المتعلقة بالتوسع الصيني في المنطقة.

وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز، الأحد، أن الولايات المتحدة واليابان تخططان لإجراء أكبر تحديث لتحالفهما الأمني منذ توقيع البلدين على معاهدة الدفاع المشترك في عام 1960.

ونقلت الصحيفة عن 5 أشخاص مطلعين إن الرئيس جو بايدن، ورئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، سيكشفان عن خطط لإعادة هيكلة القيادة العسكرية الأميركية في اليابان، أثناء القمة التي ستجمعهما في البيت الأبيض في العاشر من أبريل.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة اليابانية، يوشيماسا هاياشي، الاثنين، أن البلدين "سيناقشان سبل تعزيز تعاونهما في القيادة والسلطة لتحسين التآزر والاستعداد"، لكنه قال إنه "لم يتم اتخاذ أي قرار يتعلق بهيكلية الجانب الأميركي، ولاسيما بتعزيز مهام القوات الأميركية في اليابان".

وكانت صحيفة فاينانشال تايمز ووسائل إعلام يابانية قد نقلت عن مصادر دبلوماسية قولها إن مراجعة الاتفاقية الأمنية بين الحليفتين سيتم الإعلان عنها في القمة الأميركية اليابانية الشهر المقبل في واشنطن.

وتقول فاينانشال تايمز إن الحليفتين تريدان "تعزيز علاقاتهما الأمنية للرد على تهديد متزايد من الصين، الأمر الذي يتطلب من جيوشهما التعاون والتخطيط بسلاسة أكبر، خاصة في أزمة مثل صراع تايوان".

من القطيعة إلى التحالف

خلال الحرب العالمية الثانية، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة واليابان في أعقاب هجوم اليابان على بيرل هاربر، في هاواي، عام 1941.

وبعد سنوات من القتال في منطقة المحيط الهادئ، وقعت اليابان على وثيقة الاستسلام عام 1945.

ثم أعيد تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في عام 1952، وتطورت العلاقات حتى توقيع معاهدة التعاون والأمن المتبادل بين اليابان والولايات المتحدة، عام 1960، وفق موقع وزارة الخارجية الأميركية.

وتسمح المعاهدة بوجود قواعد عسكرية أميركية على الأراضي اليابانية، وتلزم البلدين بالدفاع عن بعضهما البعض في حالة تعرض إحداهما للهجوم "في الأراضي الخاضعة لإدارة اليابان".

وتنص المادة الخامسة: "يدرك كل طرف أن الهجوم المسلح على أي من الطرفين في الأراضي الخاضعة لإدارة اليابان سيكون خطيرا على سلامته ويعلن أنه سيعمل على مواجهة الخطر المشترك وفقا لأحكامه وعملياته الدستورية. ويجب إبلاغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فورا بأي هجوم مسلح من هذا القبيل، وبجميع التدابير المتخذة نتيجة له، وفقا لأحكام المادة 51 من الميثاق. وتنتهي هذه التدابير عندما يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لاستعادة السلم والأمن الدوليين والحفاظ عليهما".

وجاء في نص المادة السادسة: "لغرض المساهمة في أمن اليابان والحفاظ على السلام والأمن الدوليين في الشرق الأقصى، مُنحت الولايات المتحدة الأميركية استخدام قواتها البرية والجوية والبحرية للمنشآت والمناطق في اليابان".

وتقول الخارجية الأميركية إن "عمق التزام الولايات المتحدة تجاه التحالف الأميركي الياباني يتجلى من خلال تمركز ما يقرب من 55 ألف فرد من الأفراد العسكريين الأميركيين، والآلاف من المدنيين التابعين لوزارة الدفاع وأفراد أسرهم الذين يعيشون ويعملون معهم".

ونشرت الولايات المتحدة معدات عسكرية متطورة خلال العقود الماضية في اليابان، مثل مجموعة حاملة الطائرات "رونالد ريغان"، ومقاتلات أف-35.

ومنذ عام 1960، حافظت الولايات المتحدة واليابان على اتفاقية وضع القوات (SOFA) لتحديد المرافق والمناطق الممنوحة للاستخدام الأميركي.

وساعدت اليابان أيضا في دفع تكاليف تمركز القوات الأميركية هناك.

والبلدان في تشاور مستمر بشأن كوريا الشمالية، وتقوم الولايات المتحدة بالتنسيق مع اليابان وأستراليا تحت رعاية الحوار الاستراتيجي الثلاثي، ومنتدى التعاون الأمني والدفاعي.

وتحصل اليابان على أكثر من 90 في المئة من وارداتها الدفاعية من الولايات المتحدة، وفق الخارجية الأميركية.

ومنذ عام 1997، أجرت القوات الأميركية واليابانية مناورات مشتركة لزيادة الاستعداد القتالي في إطار التحالف.

ويقول مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إن التحالف بين البلدين بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، وتعهدت حينها الولايات المتحدة بالدفاع عن اليابان، التي تبنت دستورا سلميا، مقابل الحفاظ على وجود عسكري أجنبي كبير في البلاد.

وهناك أكثر من 80 منشأة عسكرية أميركية في اليابان، ويتمركز عدد من العسكريين في اليابان أكثر من أي دولة أجنبية أخرى.

وفي السنوات الأخيرة، تبادلت الحليفتان الآراء بشان هيكلية القواعد العسكرية الأميركية وتقاسم التكاليف.

وتشير فاينانشال تايمز إلى أنه على مدى العامين الماضيين، زادت اليابان قدراتها الأمنية بشكل كبير، وأنفقت المزيد على الدفاع، وتخطط في هذا الصدد لشراء صواريخ توماهوك الأميركية.

ويعكف الجيش الياباني على إنشاء "قيادة العمليات المشتركة" في العام المقبل لتحسين التنسيق بين فروع قوات الدفاع الذاتي اليابانية.

وتعمل اليابان على زيادة إنفاقها الدفاعي لتلبية مطالب حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتغطية نسبة 2 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي بحلول عام 2027.

وعن الخطط الجديدة للولايات المتحدة واليابان المتعلقة بالتحالف، أشارت صحيفة يوميوري اليابانية، الاثنين، إلى أنه من المحتمل تشكيل فريق أميركي ياباني دائم في اليابان لضمان تنسيق عسكري أوثق، بينما تتعامل اليابان حاليا مع القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ المتمركزة في هاواي، لاتخاذ قرارات مختلفة.

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز، من جانبها، أن "البنتاغون لم يتخذ قرارا بعد"، لكن اليابان والولايات المتحدة ترغبان في تعزيز علاقاتهما "للرد على ما تعتبرانه تهديدا متزايدا من الصين".

وتشير الصحيفة البريطانية إلى ما يعرقل التنسيق بين البلدين لأن طبيعة القوات الأميركية في اليابان لم تتغير منذ بدء التحالف بينهما، وبات يتعين على اليابان أن تتعامل بشكل أكبر مع القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في هاواي، بفارق 19 ساعة عن طوكيو وعلى مسافة 6200 كيلومتر.

ولطالما حثت طوكيو الولايات المتحدة على منح قائد القوات الأميركية في اليابان المزيد من السلطة التشغيلية، قائلة إن هناك حاجة إلى تنسيق أوثق على الأرض.

وكان أحد العوامل المحفزة هو زلزال تسونامي، عام 2011، عندما نفذت القوات الأميركية واليابانية عملية إنقاذ مشتركة.

وقال ريويتشي أوريكي، رئيس الأركان المشتركة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية آنذاك، إنهم اضطروا إلى التنسيق مع القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ في هاواي، بدلا من قائد القوات الأميركية في اليابان.

وأحد النماذج التي تدرسها إدارة بايدن يتضمن إنشاء قوة عمل عسكرية أميركية مشتركة جديدة، سيتم إلحاقها بالأسطول الأميركي في المحيط الهادئ،

وبموجب الخطة، سيتمكن قائد الأسطول من قضاء وقت أطول في اليابان مما هو عليه في الوقت الحاضر، وبمرور الوقت، ستنتقل قوة العمل، التي ستضم قطاعات مختلفة من الجيش الأميركي، إلى اليابان.

وقال كريستوفر جونستون، المسؤول الكبير السابق في البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي أيه)، إن تحديث القيادة الأميركية سيكون "خطوة كبيرة في بناء تحالف عسكري ثنائي أكثر مصداقية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة والیابان الخارجیة الأمیرکی القیادة الأمیرکیة فاینانشال تایمز الیابان على فی هاوای

إقرأ أيضاً:

طائرات عسكرية تهبط في أكبر قاعدة أمريكية بسوريا.. ماذا يجري؟

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوصول عدة طائرات شحن عسكرية تابعة لقوات "التحالف الدولي" إلى قاعدة حقل العمر النفطي، أكبر القواعد الأمريكية في سوريا، الواقعة بريف دير الزور الشرقي.

وحملت الطائرات معدات عسكرية ولوجستية في إطار تعزيز القدرات الدفاعية ورفع الجاهزية القتالية لمواجهة التهديدات المتزايدة من إيران وأجنحتها العسكرية في المنطقة.

والجمعة، قالت قناة "الميادين" إن هجوم صاروخي عنيف استهدف القاعدة العسكرية الأمريكية في حقل غاز كونيكو بريف دير الزور الشرقي. وأكدت المصادر سقوط صاروخ على ساحة الدعم والإمداد في الأطراف الشمالية للقاعدة.

من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى سماع دوي ثلاث انفجارات قوية قرب القاعدة الأمريكية في معمل كونيكو للغاز، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران المروحي في المنطقة.

وتأتي هذه الهجمات بعد تقارير سابقة عن انفجارات مشابهة في منطقتي حقلي كونيكو للغاز والعمر للنفط، اللتين تضمان قاعدتين عسكريتين للقوات الأمريكية.


حتى اللحظة، لم تصدر القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" أو وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أي تأكيد أو نفي بشأن الهجمات أو طبيعة الأضرار التي قد تكون لحقت بالقواعد المستهدفة.

وشهد يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري٬ هبوط طائرة شحن أمريكية أخرى في قاعدة استراحة الوزير بريف الحسكة، حيث كانت محملة بإمدادات عسكرية ولوجستية إضافية، مما يعكس تصاعد الاستعدادات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا.

القوات الأمريكي في سوريا
بدأ التدخل العسكري الأمريكي في سوريا في أيلول/ سبتمبر 2014 بشن ضربات جوية استهدفت تنظيم "داعش" الإرهابي. ومنذ نهاية العام ذاته، انتشرت القوات الأمريكية في عدة مواقع بمحافظات دير الزور والرقة والحسكة، ضمن إطار حملة مكافحة التنظيم.

ومع مرور الوقت، تصاعدت التوترات في المنطقة، حيث تشهد الضفة الغربية لنهر الفرات مواجهات متكررة وهجمات متبادلة بين القوات الأمريكية والفصائل المدعومة من إيران. في ظل هذه التحديات، لجأ الجيش الأمريكي إلى تعزيز قواعده العسكرية بأنظمة دفاع جوي لتحصين مواقعها وتأمين قواتها.

وتنتشر القوات الأمريكية في عدة قواعد استراتيجية داخل سوريا وهي:


قاعدة رميلانتقع في مطار رميلان شرق مدينة القامشلي قرب الحدود العراقية. وأُنشئت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وتعد أولى القواعد الأمريكية في سوريا، حيث تستقبل الطائرات الأمريكية وتضم عدد من الجنود والخبراء.

قاعدة المبروكةتقع غرب مدينة القامشلي، وتعد من المواقع الداعمة للعمليات الأمريكية في الشمال الشرقي.

قاعدة خراب عشقتقع غرب مدينة عين عيسى، وتستخدم لدعم العمليات اللوجستية والعسكرية في المنطقة.

قاعدة عين عيسى
 تُعد كبرى القواعد الأمريكية من حيث المساحة وتقع شمال سوريا. تشير التقارير إلى وجود أكثر من 100 جندي أمريكي فيها.


قاعدة عين عرب (كوباني) تقع في ريف حلب الشمالي، وتضم أكثر من 300 جندي أمريكي، بينهم خبراء يشرفون على جزء من عمليات التحالف. تغطي مساحة تُقدر بـ355 هكتارًا.


قاعدة تل بيدر تقع شمال محافظة الحسكة، قرب مدينة القامشلي الحدودية.

قاعدة تل أبيضتقع على الحدود السورية التركية، وتضم نحو 200 جندي أمريكي. رفعت القوات الأمريكية علمها فوق عدد من المباني الحكومية في المنطقة.

قاعدة التنف تقع قرب الحدود مع العراق والأردن. شهدت توسعات في حزيران/ يونيو 2017، حيث أُرسلت منظومات صواريخ إليها، وسط تقارير عن تعزيزات عسكرية إضافية.

قاعدة الزكف أنشأتها الولايات المتحدة على بعد نحو 70 كيلومترًا شمال شرق قاعدة التنف، بهدف منع جيش النظام السوري وحلفائه المدعومين من إيران من التقدم شمال التنف نحو الحدود العراقية.

مقالات مشابهة

  • بسبب اتهام نتانياهو.. إسرائيل تقسم التحالف الغربي
  • صادرات الكهرباء الأميركية ترتفع بنسبة 70%
  • واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبين واليابان لمواجهة الخطر الصيني
  • بعد عودة ترامب.. كيف ستتعامل الصين مع متغيرات السياسة الأميركية؟
  • اليابان وأمريكا تستعدان عسكرياً للطوارئ في تايوان
  • تعرّف على العقل المدبر لأكثر الهجمات تعقيدا ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق
  • حصري- عبدالملك الحوثي ينقل صلاحياته إلى عمه في خطوة مفاجئة تُشعل صراعاً داخل القيادة وتُغضب أبو علي الحاكم
  • قائد القيادة المركزية الأميركية يصل إلى إسرائيل
  • القيادة المسلحة السودانية تهنئ الشعب بتحرير مدينة سنجة
  • طائرات عسكرية تهبط في أكبر قاعدة أمريكية بسوريا.. ماذا يجري؟