لجريدة عمان:
2025-01-30@22:29:35 GMT

صورة العربي في سرديات الواقعية السحرية

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

يبدو عنوان المقال مغريا بل مثيرا للفضول لمعرفة صورة العربي في واحدة من أهم السرديات الأدبية في العالم، ولكن قبل ذلك لا بد من الاعتراف بأن هذا العنوان مقتبس من كتاب «صورة العربي في سرديات أمريكا اللاتينية» للكاتب الكوبي ريجوبيرتو إرنانديث باريديس (1963) الصادر عن دار كلمة بترجمة المترجم المصري المبدع أحمد عبداللطيف (1978).

والكاتب الكوبي -حسب النبذة المكتوبة عنه في الكتاب- باحث وأكاديمي تولى إدارة «متحف بيت العرب» التابع لإدارة مؤرخ هافانا، وعني منذ بداية مساره البحثي بالكثير من جوانب الثقافة العربية ومسارها وتفاعلها في كوبا. نشر العديد من الأبحاث حول الموضوع نفسه منها كتاب بعنوان «العرب في كوبا» نشر في عام 2007م.

غنيّ عن التذكير بأن الأسباب التي دفعت بالعرب في بلاد الشام إلى الهجرة إلى قارات العالم الجديد تعود لأسباب سياسية واقتصادية، أما السياسية فنتيجة لاضطهاد العثمانيين للعرب وتجنيدهم الإجباري في الجيش لخوض صراعات الأتراك الخاسرة، وأما الأسباب الاقتصادية فنظرا للمجاعة الكبرى التي وقعت في عام 1915م، وحسبما يورد باريديس في كتابه فقد بدأت هجرات فردية عربية إلى الأمريكيتين «منذ بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ففي سنة 1854 وصل إلى بوسطن بالولايات المتحدة، طالب اللاهوت أنطونيو فريحة البشحلاني، وفي سنة 1859 وصل إلى البرازيل اللبناني يوسف موسى، ثم دخلت هجرات عربية جماعية كانت وجهتهم الأولى الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وتشيلي، أما الوجهة الثانية فكانت فنزويلا وكولومبيا والإكوادور».

ويذكر باريديس في مقدمة كتابه أنه «استطاع كُتّاب أمريكيا اللاتينية عبر الأدب، أن يستعيدوا صورا خاصة بهم، صورا عايشوها وعادة ما ظهر فيها بائع جوال سُمي (عربي) أو طبيب بلقب عربي. ليس غريبا إذن أن نجد في العالم السردي شخصيات، مثل سانتياجو نصار، ابن رجل عربي، أو ناثيب سعد سوري يحمل الجنسية البرازيلية، ولعل جابرييل جارثيا ماركيز (1927-2014)، وجورجي أمادو (1912-2001)، مثار فخر الآداب الأمريكية اللاتينية، كانا شاهدين في عالمهما الواقعي على الحضور المستمر للمهاجر القادم من المشرق أو لنسله».

استعرض الكاتب نماذج من صور المهاجر العربي الذي يسمى مرة بالتركي ومرة بالسوري، وكان العربي في هيئة بائع متجول كما هو مدوّن في السرد الكوبي، أو متعدد المهام والمهن في روايات الكولومبي ماركيز «ساعة نحس»، و«الكولونيل لا يجد من يكاتبه»، و«مئة عام من العزلة»، و«سرد أحداث موت معلن».

أما الكاتب البرازيلي جورجي أمادو -فهو كما يصفه المؤلف الكوبي- الكاتب الأمريكي اللاتيني الذي تناول العربي في رواياته بشكل أوسع، خاصة عمليه «جابرييلا والمسمار والقرفة» و«عن كيف اكتشف العرب أمريكا» وفيهما منح البطولة لصورة المهاجر العربي.

يحضر العربي، وتحديدا الدرزي، في واحدة من أجمل القصص البوليسية التي ابتدعها الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخس ( 1899-1986) في كتاب «ست مشكلات تواجه السيد إيسيدرو بارودي». أما في تشيلي فتأتي أعمال الكاتبة إيزابيل الليندي (1942) التي تتخذ من شخصية رياض الحلبي تميمة في أعمالها الروائية والقصصية، سواء في رواية «بيت الأرواح»، أو قصص أيفا لونا «ذهب توماس بارجس» و«ضيف المدرسة». وعن التشيلي أيضا يقول الباحث الكوبي: «إنها أكثر بلدان أمريكا اللاتينية في عدد المؤلفين من أصول عربية -فلسطينيون بالأساس- الذين عالجوا في أعمالهم السردية موضوع الهجرة العربية، وأشهرهم والتر غريب (1933)».

يختم باريديس كتابه برواية «حفلة التيس» للكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا (1936)، ويتحدث فيها عن الوجود العربي في الدومينيكان. ذكر يوسا في الرواية التي تتحدث عن ديكتاتورية رافائيل توروخيو (1891-1961) رئيس جمهورية الدومينكان، شخصية تركية/ لبنانية هو سلفادور إسترييا سعد الله «الذي يحلم من آن إلى آخر باليوم الذي فيه يزور جبل لبنان، يزور هذه المدينة وربما القرية المسماة باسكينته، مسقط رأس عائلة سعد الله التي انحدر منها أسلافه من جهة أمه».

يوسا أيضا ذكر العرب في باريس ومدريد ودبي، في روايته «شيطنات الطفلة الخبيثة» التي ترجمها المرحوم صالح علماني (1949-2019)، والصادرة عن منشورات الجمل في عام 2021م، وقبلها صدرت عن دار المدى للمترجم ذاته في عام 2014م. في هذه الرواية يتحدث البطل ريكارديتو سوموكوريثو عن زيارته لمدينة الإسكندرية، إذ يقول: «قمت بجولة في المدينة القديمة التي أسسها الإسكندر، وزرت متحفها الذي يضم آثارا رومانية، وبقايا مدرجها الروماني، وقمت بنزهة طويلة على كورنيشها البحري الجميل الممتلئ بالمقاهي، والمطاعم، والفنادق، ومتاجر السياح، حيث تمور حشود صاخبة وكوزموبوليتية، وبينما أنا جالس في أحد مقاهي الرصيف تلك جعلتني أفكر في الشاعر كافاني -لم يكن بالإمكان زيارة بيته في الحي اليوناني المختفي والمتعرب الآن- فهناك لافتة بالإنجليزية تشير إلى أن البيت يخضع للترميم من قبل القنصلية اليونانية».

تبقى صورة الإنسان العربي المنفلتة من التأطير النمطي كأي إنسان آخر في الكون لا يُقدس ولا يُدنس، بل إنسان له سلوكيات وأفعال يتخذها وفق قناعات ورغبات معينة، ولكن سعينا إلى الإنصاف يجعلنا نبحث عمن يكتب عن الشخصية العربية دون زيف مثلما هي بألقها وكبريائها وهزائمها وخيباتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العربی فی فی عام

إقرأ أيضاً:

الكاتب التركي Ali Aycil بمعرض الكتاب: أشعر أنني في بلدي الثاني

في إطار فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، نظمت القاعة الدولية ندوة بعنوان "الثقافة والحداثة والأدب على ضفتي البحر الأبيض المتوسط"، ضمن محور "تجارب ثقافية"، بحضور الكاتب التركي "Ali Aycil"، وتحت إدارة الإعلامية نهى توفيق.

افتتحت الإعلامية نهى توفيق الندوة قائلة: "سنتحدث اليوم عن شعوب البحر الأبيض المتوسط، وهي من أقدم الشعوب على وجه الأرض. بدأنا كشعب واحد، ثم تفرقنا، لكننا نظل نحمل نفس التاريخ والحضارة والملامح. ونحن اليوم بصدد الانطلاق في رحلة لربط ضفتي البحر الأبيض مع الكاتب "Ali Aycil"، الذي سيعطينا لمحة عن الثقافة والحداثة والأدب في تركيا".

من جانبه، بدأ "Ali Aycil" حديثه بالشكر لإدارة المعرض، نيابةً عن نفسه وبلده تركيا، مشيرًا إلى أنه رغم زياراته لعدة دول، فإن شعوره في زيارته الأولى لمصر كان مختلفًا، حيث لا يشعر أنه قد خرج من تركيا. وأضاف: "في تركيا، ينشأ الناس على حب مصر، خاصة أن هناك العديد من الروابط التاريخية والدينية التي تجمع بين الشعبين".

وأكد "Aycil" أن هناك أيضًا تقاربًا كبيرًا بين مصر وتركيا في الأدب. فمع بداية النصف الأول من القرن الثامن عشر، بدأت حركات التحديث في البلدين، فتقدما معًا، وحاولا مواكبة التقدم الذي شهدته أوروبا الغربية. ومع ذلك، أشار إلى وجود بعض القلق والصدام لدى الشعبين من الحداثة الأدبية، خوفًا من فقدان الهوية والاصطدام بالتقاليد الموروثة. وأضاف: "لذلك، فإنني أدرك أن الصراع بين الشرق والغرب يبدو أكثر وضوحًا، وهو ما تناولته في روايتي الأولى".

وتابع "Ali Aycil" قائلاً إنه يجد تطابقًا بين الأدب والتراث في مصر وتركيا، سواء في الماضي أو الحاضر. وأوضح أنه في الماضي، تشابهت المصادر الأدبية بين البلدين، مثل "كليلة ودمنة" و"ألف ليلة وليلة" و"طوق الحمامة". أما في الحاضر، فقد شهدت الأدبيات المعاصرة تطابقًا أيضًا، حيث حرص العديد من الكتاب المعاصرين على مواكبة الحداثة، مثل نجيب محفوظ في مصر، وأورخان باموق في تركيا، واللذين فازا بجائزة نوبل للأدب.

واختتم "Aycil" كلمته قائلاً: "نحن الآن نواجه هجمة موجهة من عالم أصبح أكثر ارتباطًا بالشبكات الرقمية منه بالأدب. ونحن بحاجة إلى الفنون والآداب لتجاوز هذه الفجوة الغربية".

جدير بالذكر، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يقام في الفترة من 23 يناير حتى 5 فبراير، تحت شعار "اقرأ.. في البدء كان الكلمة"، ويشارك فيه 1345 ناشرًا من 80 دولة، مع تنظيم 600 فعالية.

مقالات مشابهة

  • انطلقت دورتان تدريبيتان في المعهد الإكليريكي للبطريركية اللاتينية
  • رحيل الكاتب محمد جبريل عن عمر يناهز 87 عامًا
  • معرض الكتاب يناقش قوة البرازيل الاقتصادية في أمريكا اللاتينية
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. شتاء تحت الإقامة الجبرية
  • عبد الرحيم علي ينعى الكاتب محمد جبريل
  • وفاة الكاتب والروائي الكبير محمد جبريل عن عمر 87 عاما
  • زوجة أحمد الشرع في أول ظهور علني: ما الذي قاله عنها؟ (صورة)
  • حسام موافي يرد على مقال هاجمه: الكاتب شخص ميعرفش أي حاجة .. فيديو
  • الخارجية الفلسطينية جرائم الهدم في الضفة نسخة متدحرجة من صورة الدمار الذي ارتكبه العدو في قطاع غزة
  • الكاتب التركي Ali Aycil بمعرض الكتاب: أشعر أنني في بلدي الثاني