نوف الموسى (الرياض)
إعادة التفكير بالفضاء الثقافي، باعتباره المشكل الأساسي للمساحات الاجتماعية، ذات التأثير الحيّ والمباشر لإحداث الحالة الإبداعية في التجربة الإنسانية، تمثل محوراً جوهرياً في جّل المناقشات المعرفية والفكرية والعلمية، وجاءت بمثابة بحث مستدام حول رمزية القيم والمعاني الإنسانية المرتبطة بالبيئة الطبيعية، ضمن جلسات «قمة العُلا لمستقبل الثقافة» لعام 2024، الذي أقيم في فبراير الماضي، بموقع «ديمومة» في محافظة العُلا بالمملكة العربية السعودية، وذلك بتنظيم من الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بالشراكة مع وزارة الثقافة السعودية، فلا يُمكن بشكل ما التفكير بالثقافة بمعزل عن الطبيعة الأم، بل وتكاد تكون الطبيعة مصدراً مهماً لإدراك الإمكانات الناتجة عن العلاقة الممتدة بين الديناميكية الجغرافية للغة الأرض والأشكال التعبيرية للهوية الإنسانية وتنوعها.

المحيط الإبداعي الطبيعي
الحديث عن المصالح البشرية وغير البشرية، وربطها بمقومات البنى التحتية الثقافية، وآلية صياغة حوار فني يحدث في ما يمكن أن نسميه بالمحيط الإبداعي الطبيعي، تصدر مشهد الرؤى الثقافية لمستقبل محافظة العُلا السعودية، ما يهدي القائمين على الثقافة، في منطقة الخليج العربي، نقاطاً ثقافية تنموية مشتركة، ففي دولة الإمارات، وتحديداً في العاصمة أبوظبي، وضمن فعاليات القمة الثقافية، التي أقيمت مؤخراً بمنارة السعديات، جاءت الموضوعات الرئيسية لإدراك لحظة التحوّل التاريخية التي نتعامل بها مع مفهوم «الوقت»، وتمثل السؤال المحوري للحدث حول «الزمن الثقافي» وكيفية تنسيقه على إيقاع «الوعي البشري» و«الطبيعة»، فالأخير بمثابة محرك وجودي ومرجعية إبداعية لمشهدية النمو الفني والثقافي، وأغلب ما يتم تداوله في المنصات النقاشية الإقليمية والدولية يدور هو مسألة الحفاظ على استدامة فعل الحياة الطبيعية، في ظل متغيرات الهوية الثقافية، ذات الارتباط التفاعلي بالتقنية ومنهجية الاقتصاد الإبداعي.
تكمن أهمية القراءة النوعية لمضامين «قمة العُلا لمستقبل الثقافة»، لاستشفاف أبعاد التفاعل اللحظي للفعل الثقافي، سواءً على مستوى التبادل البحثي والمعرفي في الجلسات النقاشية، إلى جانب الورش العملية، في كونها تعكس حضور «المحفزات الثقافية» في البيئة الطبيعية لجغرافيا العُلا، التي تمتاز بشكل رئيسي بالأراضي الزراعية، وتشهد بذلك مزارع النخيل الممتدة، إضافة إلى الإرث التاريخي والجمالي لآثارها، أبرزها «مدائن صالح»، و«منطقة الحجر» المسجلة لدى منظمة اليونسكو، وغيرها من المواقع الأثرية المفتوحة، واتصالها جميعها بالمجتمعات الفنية الجديدة في مدينة العُلا، مثل «مساحة العُلا للتصميم»، «حي الجديدة للفنون».

أخبار ذات صلة رواندا تهزم مدغشقر بهدفين وديا الصين تنجح في وضع قمر "تشيويه تشياو2-" في مداره

تفسيرات فنية وإبداعية
واللافت في «قمة العُلا لمستقبل الثقافة»، ما سعى إليه القائمون على الحدث، بتقديم تفسيرات فنية وإبداعية للغة الحوارية بين المتخصصين أنفسهم والمبدعين والإعلامين والجمهور العام، وذلك من خلال الزيارات الميدانية لأبرز المواقع الفنية، وتنظيم عروض أداء حيّة، وتسجيل ملاحظات التفاعلات الإنسانية بين الزائر والأرض، ويبرز ذلك في مشروع «وادي الفن»، ومهرجان العُلا للفنون، ومعرض «رمي عيني» في قاعة مرايا، والمشروع الفني الأهم معرض «صحراء x العُلا».
بين الحوارات العامة في «قمة العُلا لمستقبل الثقافة» حول «تأثير وسائل الإعلام والإبداع على التواصل الثقافي» و«تعزيز الإبداع من خلال ريادة الأعمال والتعاون بين الثقافات»، أثارت نقاشات جلسة «البيئة الطبيعية: التنمية الثقافية والبيئة»، مسألة مهمة فيما يمكن أن تثيره أزمة المناخ العالمية من لقاءات بين الفن والمناظر الطبيعية، حيث أشارت أكيكو ميكي، المديرة الفنية الدولية لموقع بينيس للفنون ناوشيما في اليابان، إلى أنه من خلال تمازج الفن والهندسة المعمارية وسط الطبيعة اليابانية، أتيحت فرصة استثنائية لسكان المحليين لبناء علاقات جديدة وممتدة مع الطبيعية الأم، فمن خلال موقع بينيس للفنون ناوشيما، المصنف كأول حديقة وطنية في اليابان بمناظرها الطبيعية ضمن المدينة التاريخية، شهد المجتمع الثقافي والفني، تشجيعاً واسعاً نحو التفكير النقدي للمجتمع المعاصر، خاصةً أن الموقع بتضاريسه نتاج مسؤولية ثقافية واجتماعية وفنية، لمواجهة تحديات بيئية تضمنت الموروثات السلبية للتوسع الحضري المفرط والتلوث وانخفاض معدل المواليد.

ذاكرة جمعية
ودعماً للمناقشات العلمية فيما يتعلق بالتجارب البحثية في مجال دعم التنمية الثقافية والبيئة الطبيعية، شارك وائل الأعور، المعماري والمؤسس المشارك لوكالة واي واي للبحث والتصميم، في قمة العُلا لمستقبل الثقافة، بتجربته في مشروع «أرضٌ لَدِنة»، ضمن مشاركة الجناح الوطني لدولة الإمارات، الذي أقيم ضمن فعاليات بينالي البندقية لعام 2020، باعتباره قيماً على المعرض بالتعاون مع القيّم كينيتشي تيراموتو، موضحين وقتها أنه يمكن تسخير المكتشفات الطبيعية للأراضي المالحة في تطوير مواد بناء مستدامة، إلا أن المفهوم الأكثر إلتقاءً مع الموضوعات الرئيسية للقمة هو أن السبخات في مشروع «أرضٌ لَدِنة»، تحمل ذاكرة جمعية للمنطقة المحلية لدولة الإمارات مشكلةً مساحة اجتماعية تفاعلية، وعرض هذه التجربة يثري الفلسفة الفكرية والثقافية لمشروع الرؤية الثقافية لمدينة «العُلا»، والتي تتركز على المنظومة المجتمعية في كونها تساهم في بناء الهوية انطلاقاً من الطبيعة الجغرافية للمكان، والسعي لإدماج المجتمع المحلي في مشروعات تطوير الفضاءات الثقافية عبر البيئات الطبيعية، يُعد ركيزة أساسية لاستدامتها وتطورها.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

طرق استخدام الأقنعة الطبيعية للعناية بالبشرة

تحتاج البشرة إلى عناية خاصة للحفاظ على نضارتها وجمالها، خاصةً مع تعرضها اليومي لعوامل تؤثر على صحتها، مثل التلوث وأشعة الشمس. تأتي الأقنعة الطبيعية كحل بسيط وفعّال يمنح البشرة التغذية والترطيب الذي تحتاجه بمواد آمنة ومغذية، وفيما يلي نعرض لك كيفية إعداد بعض الأقنعة الطبيعية وفوائدها للبشرة.


 

تعد الأقنعة الطبيعية خيارًا رائعًا للعناية بالبشرة، حيث تعتمد على مكونات متوفرة في المنزل وغنية بالعناصر الغذائية، وتساعد على تنظيف البشرة بعمق وتغذيتها دون الحاجة لاستخدام المنتجات الكيميائية. ومن أبرز هذه الأقنعة:


 

قناع العسل والأفوكادو:

يعد العسل مرطبًا طبيعيًا ومضادًا للبكتيريا، فيما يحتوي الأفوكادو على زيوت وفيتامينات تغذي البشرة. لتحضير القناع، يتم هرس نصف حبة أفوكادو مع ملعقة كبيرة من العسل، وتُوضع العجينة على الوجه لمدة 15 دقيقة قبل شطفها بالماء الفاتر. يساعد هذا القناع في ترطيب البشرة وتخفيف الالتهابات.


 

قناع الزبادي والشوفان:

الزبادي يحتوي على حمض اللاكتيك الذي يعمل كمقشر لطيف، فيما يعتبر الشوفان ملطفًا ومهدئًا للبشرة. لعمل القناع، تُمزج ملعقة كبيرة من الزبادي مع ملعقة صغيرة من الشوفان حتى يتجانس الخليط، ويُوضع على البشرة لمدة 10-15 دقيقة. يعمل هذا القناع على تنظيف المسام وتقشير الجلد بلطف، مما يجعل البشرة أكثر نعومة وإشراقًا.


 

قناع الخيار والصبار:

الخيار يحتوي على مضادات أكسدة تساعد في تهدئة البشرة وتقليل الالتهابات، فيما يمتاز الصبار بخصائصه المرطبة والمهدئة. لتحضير القناع، يتم خلط نصف خيار مبشور مع ملعقتين من جل الصبار، ويوضع المزيج على الوجه لمدة 20 دقيقة. يساعد هذا القناع في ترطيب البشرة وتخفيف التهيجات، ويعد مثاليًا للبشرة الحساسة.


 

قناع الطماطم والعسل:

تحتوي الطماطم على مضادات أكسدة تساعد في تفتيح لون البشرة وتحميها من أضرار الشمس، بينما يمنحها العسل الترطيب والتغذية. يتم هرس قطعة صغيرة من الطماطم ومزجها مع ملعقة صغيرة من العسل، ويوضع القناع على الوجه لمدة 10 دقائق قبل غسله. يساعد هذا القناع على توحيد لون البشرة وتقليل البقع الداكنة.


 

استخدام الأقنعة الطبيعية بانتظام، مثل مرة أو مرتين في الأسبوع، يمكن أن يُحدث فرقًا ملحوظًا في صحة البشرة وإشراقتها. تُعد هذه الأقنعة خيارًا طبيعيًا وفعالًا يعزز من جمال البشرة دون التعرض للمواد الكيميائية القاسية.

مقالات مشابهة

  • ضمن البرامج التثقيفية.. أسرار فن النحت والتفكير الإبداعي في ندوات بمواقع الغربية الثقافية
  • بالفيديو.. جبال الدولوميت مقصد محبي الطبيعة بالشمال الإيطالي
  • وزير الثقافة يضع إعلاميين مصريين في صورة مستجدات المشهد الثقافي
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: نقل 5 مصابين منذ اقتحام قوات الاحتلال لمدينة طولكرم
  • بالفيديو... شاهدوا لحظة إستهداف إسرائيل لمدينة الهرمل
  • وزيرا الثقافة والتجارة يوقعان مذكرة تفاهم لتمكين روّاد الأعمال في القطاع الثقافي
  • اليافعي: ترشيد الخطاب الثقافي هو السبيل للتغلب على مؤامرات قوى الاستكبار
  • طرق استخدام الأقنعة الطبيعية للعناية بالبشرة
  • قرية الهجير.. وجهة المغامرة بين الطبيعة الخلّابة والتضاريس الجيولوجية
  • جبال مسندم .. أرض العجائب الجيولوجية والمناظر الطبيعية والتاريخ العريق