الجزيرة:
2024-12-25@18:21:05 GMT

أزمات باكستان الاقتصادية تمزق الطبقة الوسطى

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

أزمات باكستان الاقتصادية تمزق الطبقة الوسطى

تتجه باكستان إلى فرض المزيد من الإجراءات التي ستمس بشكل مباشر الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وذلك لمواجهة الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وتطبيقا لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج إقراض، ومن هذه الإجراءات فرض المزيد من الضرائب وتخصيص الشركات الحكومية.

في عام 2017، خلال فترة نادرة من الاستقرار، كان يُنظر إلى الطبقة الوسطى في باكستان على أنها صاعدة، وقدرت إحدى الدراسات أنها تشكل نحو 40% من السكان.

بيد أن البيانات الرسمية لعام 2019، تشير إلى أن حوالي 30% من الباكستانيين لديهم دخل يزيد عن 10 دولارات في اليوم، وهو معيار يستخدمه بعض الاقتصاديين كعتبة للدخول إلى الطبقة المتوسطة العالمية.

الطبقة الوسطى تكافح

ونقلت صحيفة أميركية عن جاويد غني نائب مستشار جامعة الغزالي في كراتشي، الذي أجرى أبحاثا حول الطبقة المتوسطة في باكستان، "لقد تضررت الطبقة المتوسطة بشدة في السنوات القليلة الماضية".

وتقول أسر كثيرة في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 250 مليون نسمة، إنها تكافح للتشبث بالطبقة المتوسطة وسط معاناة من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وفق تقرير توجهات المستهلك الصادر عن مجموعة أبحاث السوق "إبسوس"، التي وجدت أن واحدا فقط من بين كل 10 باكستانيين يرى أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.

وفي الوقت نفسه -وفق الصحيفة- فقدت الأسر التي لم تعد فقيرة، لكنها ليست من الطبقة المتوسطة، كذلك وضعها. ففي السنة المالية الباكستانية التي انتهت في يونيو/حزيران الماضي، سقط أكثر من 12 مليون شخص في براثن الفقر، بحسب البنك الدولي، قياسا بمعيار الدخل اليومي (3.65 دولارات في اليوم). ويعكس عدد الأشخاص أيضا تأثير الفيضانات المدمرة في عام 2022.

ويمثل إصلاح الاقتصاد المنهار أولوية الحكومة الجديدة التي يرأسها رئيس الوزراء شهباز شريف، الذي تولى منصبه هذا الشهر بعد الانتخابات التي يزعم المرشحون السياسيون ومراقبو المجتمع المدني أنها شهدت تزويرا، فقد توقف النمو الاقتصادي وبلغ متوسط التضخم ما يقرب من 30% في السنة المالية الحالية في باكستان، كما أن الديون تتصاعد.

جانب من اجتماع مسؤولين باكستانيين (يسار) مع بعثة صندوق النقد في إسلام آباد قبل أيام (الفرنسية) نمو سالب

وقال إعجاز نبي، المدير التنفيذي لاتحاد أبحاث سياسات التنمية، وهو مركز أبحاث اقتصادي في باكستان، "النمو الاقتصادي الحقيقي، بعد أخذ الزيادات السكانية في الاعتبار، قد يكون بالسالب"، داعيا الحكومة إلى التركيز على السيطرة على التضخم وكسب مجال للمناورة من خلال خفض العجز.

وأضاف أن "الاقتصاد لا يولد فرص العمل، وليس لديك الحيز المالي لإصلاح المشاكل الطويلة الأجل".

وفي اعتراف بالضائقة الصعبة التي تمر بها البلاد، عين محمد أورنغزيب وزيرا للمالية، وهو شخصية من خارج الأحزاب السياسية. وقال شريف في أول اجتماع لمجلس الوزراء "نحن بحاجة لعملية جراحية، ولا يمكننا الاكتفاء بالمضادات الحيوية".

وأورنغزيب، الذي عمل سابقا في بنك "جيه بي مورغان" وترأس أحد أكبر البنوك الخاصة في باكستان، مكلف بوضع برنامج إنقاذ طويل الأجل مع صندوق النقد الدولي، الذي تعتبر قروضه أساسية لتمكين باكستان من سداد ديونها.

ولدى باكستان احتياطات من العملات الأجنبية تبلغ 8 مليارات دولار، في حين يتعين عليها توفير 22 مليار دولار لمدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري للسنة المالية المقبلة، التي تبدأ في يوليو/تموز المقبل، وفقا لصندوق النقد الدولي.

وحصلت باكستان على قروض من صندوق النقد في غير مرة، وتسعى البلاد الآن إلى الحصول على خطة الإنقاذ الـ24، وينتهي قرض صندوق النقد المؤقت الحالي في أبريل/نيسان المقبل.

حياة صعبة يعيشها الكثير من الباكستانيين (رويترز) دواء مر

ويفرض برامج صندوق النقد الدولي دواء اقتصاديا مرا، كافحت الإدارات الباكستانية السابقة للتمسك به في مواجهة المعارضة الشعبية، وفي ظل رئاسة شريف حكومة ائتلافية "هشة"، وفق الصحيفة، ومواجهته معارضة ضخمة وغاضبة، فإن ابتلاع هذا الدواء سيكون أصعب هذه المرة، وقد دفع صندوق النقد الحكومة بالفعل إلى زيادة الضرائب وخفض الدعم عن المرافق والوقود.

وارتفعت فواتير الكهرباء في الصيف، كما زادت فواتير الغاز الطبيعي، المستخدم لتدفئة المنازل في الشتاء، بأكثر من 900% في فبراير/شباط الماضي مقارنة بالعام السابق، ومن المقرر أن ترتفع الأسعار مجددا في الأسابيع المقبلة.

تزوير

وفي خطاب ألقاه في البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر، قال زعيم كتلة المعارضة عمر أيوب خان إن شريف هو رئيس وزراء "محتال وليس له الحق في تنفيذ إصلاحات أو فرض ضرائب جديدة".

وزعم مرشحون سياسيون مرتبطون بزعيم المعارضة المسجون عمران خان أنهم كانوا سيفوزون بأغلبية في البرلمان لولا تزوير الانتخابات، في حين تنفي السلطات الباكستانية تزويرها.

وحث حزب خان صندوق النقد على ربط الإقراض المستقبلي بمراجعة مستقلة لنتائج الانتخابات، لكن الصندوق الذي يعمل بالفعل مع الحكومة الجديدة، قال إن السلطات يجب أن تعمل على إيجاد حل سلمي للنزاعات الانتخابية.

صندوق النقد مجددا

وقال الصندوق الأربعاء الماضي إن باكستان استوفت المعايير اللازمة لإتمام برنامج الإقراض المؤقت الذي ينتهي في أبريل/نيسان القادم، مضيفا أن الوضع الاقتصادي للبلاد تحسن في الأشهر الأخيرة، لكن النمو سيكون متواضعا.

ولخفض العجز في باكستان، يريد الصندوق منها أن تخصخص الشركات الخاسرة المملوكة للدولة، مثل الخطوط الجوية الباكستانية (بي آي إيه)، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان عشرات آلاف الوظائف.

كما يريد الصندوق توسيع القاعدة الضريبية لتشمل قطاعات التجزئة والعقارات والزراعة، وهي قواعد دعم مهمة للحكومة الائتلافية، وتبلغ نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في باكستان أقل من 10%.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات صندوق النقد الدولی الطبقة المتوسطة فی باکستان

إقرأ أيضاً:

نحو المستقبل: تطورات سريعة في البريكس

د. عمرو محمد عباس محجوب

منذ نعومة أظافرنا والستينات كانت المواكب والمظاهرات تهتف ضد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي باعتبارهما رمز السيادة الإمبريالية الغربية والمهدد الأضخم لنمط حياتنا القائمة على التكاتف والتكافل المجتمعي ومصبوغة بأحلام حول الاشتراكية وعدم سيطرة الرأسمال على حياتنا. وحتى البرنامج الإسعافي وخطوطه العامة حول البناء الذاتي ومجانيا التعليم والصحة كان تعبيرا عن الصراع الذي لازال يدور. وعندما تنكر حمدوك وركل البرنامج بقدميه تنفيذا لارتباطاته مع شاتام هاوس وفروعه ذهب مباشرة لروشتة صندوق النقد الدولي.

كنا نعتقد ان الصراع مع هذه المؤسسات الرأسمالية لن ينتهي قريبا وسوف يستمر احفادنا في الصراع حوله، لكن سرعة الأحداث تأخذنا جميعا، فقد أعلنت دول البريكس ان المعادلات التي تتحكم في صندوق النقد الدولي واتفاقيات التجارة العالمية ليست ملائمة لمصالح دول العالم خارج الإمبراطورية والغرب وخاصة الجنوب والبحث عن مخارج مناسبة من هذه المؤسسات تعمل لمصلحة دولها. لقد اثرت روشتات الصندوق (التكيف الهيكلي) وتوصياته للإقراض في كل الدول التي رضخت لمطالب الصندوق في إلغاء الدعم للسلع والوقود والصحة والتعليم ونقص الدعم الاجتماعي مؤديا للتوتر الاجتماعي والسياسي رغم أنها قد تفيد الاقتصاد على مستوى الماكرو بشكل لايعادل الأثمان الاجتماعية على مستوى المايكرو.

تجارب دول عديدة منذ السبعينات وبعدها في مصر والبرازيل والمغرب ونيجريا وفنزويلا وإندونيسيا والباكستان وكينيا التي درستها البريكس كان لها نفس الآثار وادّت لنفس النتائج من عدم الاستقرار بتحركات اجتماعية عنيفة ونقص الخدمات وتحرك العملات وزيادة الضرائب والخصخصة وقلة النمو الاقتصادي ورفع معدلات الفقر. لقد ادى برنامج التكيف الهيكلي إلى نقص الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب وإفقار الطبقات الشعبية، وادّت إلى تقوية الدول المقرضة وفقدان الدول المقترضة لسيادتها ووضع خطط تنميتها المناسبة. على مستوى الحوكمة فقد سلبت الدول حرياتها ووضعتها في موقع الاستعمار الجديد بدون تقديم حلول لمشاكل الديون المتراكمة وانهيار الخدمات الاجتماعية.

لقد عشنا في السودان هذه الأوضاع طوال فترة الإنقاذ التي نفذت كل هذه الأفكار والسياسات منذ يومها الأول وطوال ثلاثة عقود. بعد ثورة كبرى في ديسمبر ٢٠١٨ والمناداة بترك هذا الطريق ووضع سياسات جديدة، قرر حمدوك منفردا ومدعوما برابطة شاتام هاوس شروط صندوق النقد الدولي وإجبار كل الأحزاب وممثلي المجموعات السياسية على قبول البرنامج الثلاثي المبني عليه. سبق هذا خديعة زيارة باريس بدعوى حل اشكالية الديون والذي دعا البرنامج الإسعافي لحلول متشعبة بعد العام الأول من تركيز وبناء قواعد النمو الذاتي. ان المدخل للبدء للعام الأول كان تغيير العملة التي كانت خارج النظام البنكي مع مطابع خاصة وقد رفض حمدوك هذا ايضاً! جاء تطبيق الروشتة بقرار حمدوك وطاعة الأحزاب والحلفاء في قحت ورفع سعر الدولار من ٦٠ جنيه إلى ٥٠٠ جنيه مباشرة، ورفع الرواتب لشريحة صغيرة من الموظفين بدون أي دراسة من وزير المالية الذي فرض رغما عن انف قحت ولجانها ومركزيتها وبرنامجها، من حزب الأمة. لقد كانت هذه القرارات الكارثية اضخم الأسباب الغير مباشرة في فض الشعب من حكومته - وأعتقد انه كان مدروساً لكن لا أملك دليلاً- للحرب الجنجويدية على الدولة. لقد صارت دولة الثورة منذ رفض البرنامج الإسعافي وهو المشروع الذي كنا نأمل ان يوحد المواطنين بلا مشروع وطني.

لا احد يعلم إذا كان ترامب سوف يستطيع تحقيق وعوده بتطبيق الأمركة بعد ان وضعت الإدارة الديمقراطية (تحولت لمواقع المحافظين الجدد) العقبات والتهديدات التي هددت بشكل كبير إمكانية اتخاذ القرارات كما في إنهاء الحرب مع روسيا. لقد وحدت هذه الدول من ايران لروسيا والصين وكذلك أعضاء البريكس التي ترى بام عينيها المكاسب أمامها.

لقد بدأت البريكس في اتخاذ قرارات حول خلق نظام عملات غير الدولار، ونظام خارج السويفت، والخروج من أنظمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وربما الأمم المتحدة او إصلاحات بنيوية وغيرها. هناك تهديدات من الولايات المتحدة ولكن إعلانات ترامب باضعاف الناتو تدفع العديد من الدول الاوربية إلى وضع الخروج من النظام الدولاري إلى نظام بريكس على الأقل في طاولة البحث. هناك ترحيب من العديد من الدول من الجنوب بافكار بريكس التي ستخلصها من الهيمنة الاستعمارية خاصة الاقتصادية. حتى الآن ليس هناك سوى سياسات عامة لخلق بدائل عن الأنظمة التي تنظم عمل المنظومة الغربية والتي يراها اغلب العالم أنها مصممة لصالح الإمبراطورية الأمريكية الأنجلوسكسونية وضد الآخرين. لكن حتى الآن هناك افكار تنفيذية عامة في مجال عملة البريكس ونظام التحويل المالي والإقراض وهكذا، لكن استبدال الأنظمة مثل الصندوق والبنك والأمم المتحدة ومثلها لازالت قيد البحث.

الطريق طويل ولكن بدات المسيرة وسوف تتعرض لهزات وصراعات لكن أهدافها النبيلة سوف تدعم تطبيقها.  

مقالات مشابهة

  • الحويج: نرفض وصفة صندوق النقد لحل الأزمة الاقتصادية 
  • مدبولي يعلن تفاصيل اتفاق المراجعة الرابعة مع صندوق النقد الدولي.. مصر تسدد 38.7 مليار دولار من الديون المستحقة خلال 2024
  • مجلس الوزراء يعتمد قرارا جمهوريا بشأن دعم التعاون مع صندوق النقد الدولي
  • كواليس مباحثات مصر مع صندوق النقد الدولي وصرف الـ1.2مليار دولار خلال أيام
  • نحو المستقبل: تطورات سريعة في البريكس
  • صندوق النقد الدولي يتوقع فائضًا أوليًا للموازنة المصرية بنسبة 4% في 2025-2026
  • بعد المراجعة الرابعة.. صندوق النقد الدولي يقر تمويلا جديدا لمصر
  • خلال العام المالي القادم.. صندوق النقد الدولي يتوقع تحقيق موازنة مصر العامة فائضا بنسبة 4%
  • صندوق النقد الدولي يعلن عن اتفاق مع مصر لصرف 1.2 مليار دولار
  • أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي