خبيرة في شؤون ليبيا: اختفاء السد الثالث والانقسام السياسي وراء الكارثة في درنة
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
قالت خبيرة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني إن إعادة إعمار مدينة درنة وما حولها لا يمكن أن يتم في ظل الانقسام السياسي بين حكومتي شرق ليبيا والوحدة الوطنية في طرابلس.
الأهمية.. يأتي ذلك بعد مرور نحو 6 أشهر على كارثة الفيضانات التي اجتاحت مدنا في شرقي ليبيا بسبب العاصفة "دانيال" في سبتمبر/أيلول الماضي.
وأيضا بعد زيارة ثالثة قامت بها خبيرة الشؤون الليبية إلى درنة منذ أيام ووقوفها على الوضع الإنساني والإغاثي وإعادة الإعمار وعودة النازحين.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، قدمت وصفا شاملا للوضع في منطقة درنة، سواء في ما يتعلق بالنواحي الإنسانية أو الإعمار، أو الوضع السياسي في المدينة، أو ملف المحاكمات القضائية.
الصورة الكبيرة.. تقول غازيني إن هناك حزنا كبيرا يعم المدينة، فكل أسرة يسكنها ألم فقد من ماتوا أو أصيبوا أو حتى الخسائر المادية التي تعرضوا لها بعد هذه الكارثة.
وهناك حزن من ضبابية المشهد في المدينة، وعدم وضوح مستقبل إعادة الإعمار أو الترميم أو النزوح إلى مجمعات جديدة تُبنى حاليا. وهناك حزن كذلك بين الأهالي، بسبب عدم مشاركتهم في التخطيط لمستقبل مدينتهم، فالقرارات السياسية تأتي من أعلى بلا مناقشة.في العمق.. خبيرة مجموعة الأزمات الدولية زارت المنطقة خلال 6 أشهر 3 مرات، وكان آخرها منذ أيام، وتقول:
الوضع تغير كثيرا بعد 6 أشهر من كارثة الفيضانات، فبعض الطرق فُتحت، ويمكن للسيارات المرور، وأزيلت أنقاض المنازل المهدمة وآثار الدمار، وأصبحت المدينة القديمة في منطقة الوادي (وسط درنة) -الأكثر تضررا- نظيفة نوعا ما. يجري الآن بناء منازل في منطقة سكنية جديدة ليست في المدينة القديمة. وتضيف كلوديا أن هذا المشروع ليس جديدا بالكامل، فقد بدأ العمل فيه منذ الرئيس الراحل معمر القذافي، وتوقف العمل فيه عام 2011. الناس في درنة يتساءلون: ما مستقبل المدينة القديمة التي هي قلب درنة وجوهرها. لا يمكن إنجاز مشروع متكامل عن إعادة الإعمار في ظل الانقسام السياسي بين حكومتي شرق ليبيا وطرابلس. القرار السياسي والسيطرة الميدانية في يد حكومة الشرق، بينما المصرف المركزي والأموال في طرابلس. حدث توافق سياسي ورؤية مشتركة بين الطرفين في الأيام الأولى من الكارثة، لكن الصراع السياسي عاد للواجهة بعد أسابيع قليلة. نحن في مجموعات الأزمات قدمنا تقريرا للمعنيين، وطالبنا فيه بضرورة الاتفاق السياسي والمالي بين الطرفين لكي تخرج المدينة من أزمتها.
مسؤولية شخصية.. كلوديا غازيني تنظر إلى الملف الليبي على أنه حالة خاصة بالنسبة لطبيعة عمل مجموعة الأزمات الدولية:
المجموعة ليس من ميدان عملها تقديم توصيات تتعلق بالكوارث الطبيعية كالفيضانات وغيرها. المجموعة تعمل على ملفات النزاع والصراعات والحروب وتقديم توصيات عن السلام وإنهاء هذه الصراعات. ليبيا حالة خاصة، وأردت تقديم ما لدي من خبرات في وقت كانت فيه المعلومات عن الكارثة شحيحة والصورة غير واضحة. فيضانات درنة تعد من أسوأ الكوارث التي مرت بها ليبيا، فالحرب الأخيرة عام 2019-2020 لم يمت فيها 5 آلاف شخص. محكمة درنة تنظر في محاكمة المسؤولين عن انهيار السدود (مجموعة الأزمات الدولية)المسؤولية الجنائية.. خبيرة الشؤون الليبية حضرت إحدى جلسات المحاكمة لمن تتهمهم السلطات بالتسبب في كارثة انهيار سدي بومنصور والبلاد:
هناك إجراءات قضائية ضد 15 أو 17 شخصا يحاكمون الآن. مشكلة السدود في ليبيا قديمة وتاريخية تمتد إلى أكثر من 50 عاما، منذ بناء سد بومنصور عام 1972. اكتشفت في زيارتي الأخيرة وثائق تتحدث عن أن المشروع الأصلي كان يتضمن بناء 3 سدود في المنطقة، فأين ذهب السد الثالث؟ منذ 40 عاما والسد لا يعمل على نحو صحيح، وتتسرب منه المياه. جرت محاولات لصيانة السد وترميمه، لكن الأحداث عام 2011 أوقفت هذه المشاريع. داعش أيضا كانت مسيطرة على المنطقة، ولم يتم عمل الصيانة الدورية للسدود. الإجراءات القضائية الحالية لا تكفي، لأنها تبحث عن المسؤولية الفردية فقط، وأخشى أن يكون هناك تعجيل في ذلك. مجموعة الأزمات الدولية طالبت بتحقيق دولي -ويشترك فيه ليبيون- للوقوف على الأسباب الفنية لانهيار السدين.
الأطراف الدولية.. حسب قول غازيني، فإن العمل الدولي في درنة ينحصر في:
منظمات خيرية تابعة للأمم المتحدة أو غيرها، وتهتم بالعمل الإنساني في الصحة ومياه الشرب والكهرباء. هذه المنظمات وفرت بطاقات للنازحين للحصول على الطعام خلال الفترة الماضية. لا توجد أزمة إنسانية حاليا في درنة، فأغلب احتياجات السكان متوفرة. العالم ينظر إلى ليبيا بوصفها بلدا غنيا.وكلوديا غازيني تعمل حاليا كبيرة محللي شؤون ليبيا في مجموعة الأزمات الدولية منذ عام 2012، وفي الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2017 ومارس/آذار 2018 عملت مستشارة سياسية للممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، وأصدرت العديد من الأبحاث والتقارير حول الأمن والسياسة والحوكمة الاقتصادية في ليبيا.
يذكر أنه في سبتمبر/أيلول الماضي تسبب إعصار البحر الأبيض المتوسط "دانيال" في فيضانات مدمرة في ليبيا، تسببت في مقتل وإصابة الآلاف، بالإضافة إلى كثير من المفقودين، وألحقت دمارا كبيرا بالمنازل والممتلكات والمنشآت في مدن ساحلية شرقي البلاد.
إنفوغراف أضرار الفيضانات الكارثية التي ضربت شرق ليبيا (الجزيرة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مجموعة الأزمات الدولیة فی لیبیا فی درنة
إقرأ أيضاً:
البدري: قضية الحدود بين ليبيا وتونس انتهت بقرار المحكمة الدولية
ليبيا – صرح الدبلوماسي الليبي السابق عثمان البدري بأن الحدود بين الدول العربية، وخاصة في شمال أفريقيا، رسمها الاستعمار الأوروبي خلال القرن الماضي، حيث كانت معظم المنطقة تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية قبل أن تخضع للنفوذ الاستعماري.
وفي تصريحات خاصة لموقع “العين الإخبارية“, أوضح البدري أن الحدود في الحقبة العثمانية لم تُحدد بشكل دقيق باستخدام خطوط الطول والعرض، نظرًا لسيطرة الإمبراطورية على المنطقة بأكملها. وأضاف أن الاستعمار الغربي هو من رسم الحدود وفقًا لمصالحه بعد إنهاء السيطرة العثمانية.
وأكد البدري أن مسألة الحدود تم حسمها منذ زمن الاستعمار، مشيرًا إلى أن الحدود الليبية-التونسية مرسمة منذ ذلك الوقت، متسائلًا عن سبب إثارة هذا الموضوع في الوقت الحالي. كما أشار إلى أن قضية الجرف القاري بين تونس وليبيا قد تم حلها بقرار من المحكمة الدولية.
وأعرب البدري عن استغرابه من التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع التونسي حول هذه القضية، معتبرًا أن الحدود رسمت وانتهت بما يخدم مصالح الدول، ومشيرًا إلى أن القضية قد أغلقت بشكل نهائي في رأيه.