قالت خبيرة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني إن إعادة إعمار مدينة درنة وما حولها لا يمكن أن يتم في ظل الانقسام السياسي بين حكومتي شرق ليبيا والوحدة الوطنية في طرابلس.

الأهمية.. يأتي ذلك بعد مرور نحو 6 أشهر على كارثة الفيضانات التي اجتاحت مدنا في شرقي ليبيا بسبب العاصفة "دانيال" في سبتمبر/أيلول الماضي.

وأيضا بعد زيارة ثالثة قامت بها خبيرة الشؤون الليبية إلى درنة منذ أيام ووقوفها على الوضع الإنساني والإغاثي وإعادة الإعمار وعودة النازحين.

وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، قدمت وصفا شاملا للوضع في منطقة درنة، سواء في ما يتعلق بالنواحي الإنسانية أو الإعمار، أو الوضع السياسي في المدينة، أو ملف المحاكمات القضائية.

الصورة الكبيرة.. تقول غازيني إن هناك حزنا كبيرا يعم المدينة، فكل أسرة يسكنها ألم فقد من ماتوا أو أصيبوا أو حتى الخسائر المادية التي تعرضوا لها بعد هذه الكارثة.

وهناك حزن من ضبابية المشهد في المدينة، وعدم وضوح مستقبل إعادة الإعمار أو الترميم أو النزوح إلى مجمعات جديدة تُبنى حاليا. وهناك حزن كذلك بين الأهالي، بسبب عدم مشاركتهم في التخطيط لمستقبل مدينتهم، فالقرارات السياسية تأتي من أعلى بلا مناقشة.

في العمق.. خبيرة مجموعة الأزمات الدولية زارت المنطقة خلال 6 أشهر 3 مرات، وكان آخرها منذ أيام، وتقول:

الوضع تغير كثيرا بعد 6 أشهر من كارثة الفيضانات، فبعض الطرق فُتحت، ويمكن للسيارات المرور، وأزيلت أنقاض المنازل المهدمة وآثار الدمار، وأصبحت المدينة القديمة في منطقة الوادي (وسط درنة) -الأكثر تضررا- نظيفة نوعا ما. يجري الآن بناء منازل في منطقة سكنية جديدة ليست في المدينة القديمة. وتضيف كلوديا أن هذا المشروع ليس جديدا بالكامل، فقد بدأ العمل فيه منذ الرئيس الراحل معمر القذافي، وتوقف العمل فيه عام 2011. الناس في درنة يتساءلون: ما مستقبل المدينة القديمة التي هي قلب درنة وجوهرها. لا يمكن إنجاز مشروع متكامل عن إعادة الإعمار في ظل الانقسام السياسي بين حكومتي شرق ليبيا وطرابلس. القرار السياسي والسيطرة الميدانية في يد حكومة الشرق، بينما المصرف المركزي والأموال في طرابلس. حدث توافق سياسي ورؤية مشتركة بين الطرفين في الأيام الأولى من الكارثة، لكن الصراع السياسي عاد للواجهة بعد أسابيع قليلة. نحن في مجموعات الأزمات قدمنا تقريرا للمعنيين، وطالبنا فيه بضرورة الاتفاق السياسي والمالي بين الطرفين لكي تخرج المدينة من أزمتها.

مسؤولية شخصية.. كلوديا غازيني تنظر إلى الملف الليبي على أنه حالة خاصة بالنسبة لطبيعة عمل مجموعة الأزمات الدولية:

المجموعة ليس من ميدان عملها تقديم توصيات تتعلق بالكوارث الطبيعية كالفيضانات وغيرها. المجموعة تعمل على ملفات النزاع والصراعات والحروب وتقديم توصيات عن السلام وإنهاء هذه الصراعات. ليبيا حالة خاصة، وأردت تقديم ما لدي من خبرات في وقت كانت فيه المعلومات عن الكارثة شحيحة والصورة غير واضحة. فيضانات درنة تعد من أسوأ الكوارث التي مرت بها ليبيا، فالحرب الأخيرة عام 2019-2020 لم يمت فيها 5 آلاف شخص. محكمة درنة تنظر في محاكمة المسؤولين عن انهيار السدود (مجموعة الأزمات الدولية)

المسؤولية الجنائية.. خبيرة الشؤون الليبية حضرت إحدى جلسات المحاكمة لمن تتهمهم السلطات بالتسبب في كارثة انهيار سدي بومنصور والبلاد:

هناك إجراءات قضائية ضد 15 أو 17 شخصا يحاكمون الآن. مشكلة السدود في ليبيا قديمة وتاريخية تمتد إلى أكثر من 50 عاما، منذ بناء سد بومنصور عام 1972. اكتشفت في زيارتي الأخيرة وثائق تتحدث عن أن المشروع الأصلي كان يتضمن بناء 3 سدود في المنطقة، فأين ذهب السد الثالث؟ منذ 40 عاما والسد لا يعمل على نحو صحيح، وتتسرب منه المياه. جرت محاولات لصيانة السد وترميمه، لكن الأحداث عام 2011 أوقفت هذه المشاريع. داعش أيضا كانت مسيطرة على المنطقة، ولم يتم عمل الصيانة الدورية للسدود. الإجراءات القضائية الحالية لا تكفي، لأنها تبحث عن المسؤولية الفردية فقط، وأخشى أن يكون هناك تعجيل في ذلك. مجموعة الأزمات الدولية طالبت بتحقيق دولي -ويشترك فيه ليبيون- للوقوف على الأسباب الفنية لانهيار السدين.

الأطراف الدولية.. حسب قول غازيني، فإن العمل الدولي في درنة ينحصر في:

منظمات خيرية تابعة للأمم المتحدة أو غيرها، وتهتم بالعمل الإنساني في الصحة ومياه الشرب والكهرباء. هذه المنظمات وفرت بطاقات للنازحين للحصول على الطعام خلال الفترة الماضية. لا توجد أزمة إنسانية حاليا في درنة، فأغلب احتياجات السكان متوفرة. العالم ينظر إلى ليبيا بوصفها بلدا غنيا.

وكلوديا غازيني تعمل حاليا كبيرة محللي شؤون ليبيا في مجموعة الأزمات الدولية منذ عام 2012، وفي الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2017 ومارس/آذار 2018 عملت مستشارة سياسية للممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، وأصدرت العديد من الأبحاث والتقارير حول الأمن والسياسة والحوكمة الاقتصادية في ليبيا.

يذكر أنه في سبتمبر/أيلول الماضي تسبب إعصار البحر الأبيض المتوسط "دانيال" في فيضانات مدمرة في ليبيا، تسببت في مقتل وإصابة الآلاف، بالإضافة إلى كثير من المفقودين، وألحقت دمارا كبيرا بالمنازل والممتلكات والمنشآت في مدن ساحلية شرقي البلاد.

إنفوغراف أضرار الفيضانات الكارثية التي ضربت شرق ليبيا (الجزيرة)

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مجموعة الأزمات الدولیة فی لیبیا فی درنة

إقرأ أيضاً:

الأرصاد كشفت السبب.. ما سر اختفاء الأمطار في القاهرة الكبرى؟

تتزايد التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى اختفاء الأمطار عن القاهرة الكبرى منذ بداية فصل الشتاء وحتى الآن.. فما السبب؟

جدير بالذكر أن ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ بدأ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ 21 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2024، ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﺔ، ﻭمن المقرر أن ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻤﺪﺓ 88 ﻳﻮﻣًﺎ ﻭ23 ﺳﺎﻋﺔ ﻭ35 ﺩﻗﻴﻘﺔ، ﻟﻴﺨﺘﺘﻢ ﻓﻲ 20 ﻣﺎﺭﺱ 2025.

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻲ 22 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﻭﻳﻌد ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﺨﺮﻳﻔﻲ ﻓﻲ 23 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﺇﺷﺎﺭﺓ إلى ﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﻗﺼﺮ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻷﻃﻮﻝ.

حالة الطقس في مصر

ولم يعد الطقس كما كنا نتوقعه في مصر، فلم تعد التقلبات المناخية تتماشى مع ما درسناه في المناهج الدراسية. فالصيف أصبح شديد الحرارة، حيث تتجاوز درجات الحرارة ونسبة الرطوبة المعدلات الطبيعية المعهودة.

بينما الشتاء فقد تراجع إلى كونه جافًا بشكل ملحوظ، ولم يعد يشهد أمطارا كالمعتاد في السنوات السابقة.

حالة الطقس غدا الجمعة

وبحسب الهيئة العامة للأرصاد الجوية، يسود غدًا الجمعة 31 يناير 2025، طقس معتدل الحرارة نهارًا على القاهرة الكبرى والوجه البحري والسواحل الشمالية وشمال الصعيد، مائل للدفء على جنوب سيناء وجنوب الصعيد، شديد البرودة ليلًا وفي الصباح الباكر على أغلب الأنحاء. 

وأشارت إلى أنه من المتوقع، تكون شبورة مائية صباحًا كثيفة على مناطق من شمال البلاد حتى شمال الصعيد تكون كثيفة على الطرق الزراعية والسريعة والقريبة من المسطحات المائية المؤدية من وإلى القاهرة الكبرى والوجه البحرى والسواحل الشمالية ومدن القناة ووسط سيناء، وفرص أمطار خفيفة على السواحل الشمالية وشمال الوجه البحرى.

وأوضحت هيئة الأرصاد، درجات الحرارة العظمى والصغرى المتوقعة، غدًا، على النحو الآتي: القاهرة العظمى 21 درجة والصغرى 12، والإسكندرية العظمى 20 والصغرى 11، ومطروح العظمى 20 درجة والصغرى 10، وسوهاج العظمى 24 درجة، والصغرى 10، وقنا العظمى 26 درجة والصغرى 10، وأسوان العظمى 26 درجة والصغرى 12 درجة.

ما سبب اختفاء الأمطار؟

يتفق خبراء الأرصاد الجوية، على أن سبب هذا التغير المناخي في مصر واختفاء سقوط الأمطار يعود إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. 

هذه الظاهرة ناتجة عن تراكم انبعاثات الغازات المسببة لذلك على مدى عدة عقود. وعلى الرغم من أن انبعاثات مصر تشكل نسبة ضئيلة، لا تتجاوز 0.6% من الانبعاثات العالمية، إلا أن تأثيرات الاحتباس الحراري قد وصلت إلى البلاد بشكل واضح.

وتناولت هيئة الأرصاد الجوية قضية تغير المناخ في مصر من زاوية مختلفة، حيث تم إجراء دراسات لتغيير توصيف المناخ القديم، الذي كان يُسجل بأنه حار جاف صيفًا ودافئ ممطر شتاءً. 

وأشار الخبراء إلى تشكيل لجنة تدرس توصيف المناخ الفعلي لمصر في ضوء هذه التغيرات المناخية. ومع ذلك، لم يتم الوصول بعد إلى توصيف حاسم يعكس الوضع الحالي.

مقالات مشابهة

  • رويترز: المحكمة الجنائية الدولية تطالب إيطاليا بتفسير إعادة نجيم إلى ليبيا
  • العبيدي: زيارة ناجي عيسى إلى درنة تعكس التزام ليبيا بالوحدة الوطنية
  • روفينيتي: رحيل حكومة الدبيبة قد يفتح الباب لكسر الجمود السياسي في ليبيا
  • مجموعة حقوقية تطالب بتوسيع اختصاص «الجنائية الدولية» في السودان
  • الأرصاد كشفت السبب.. ما سر اختفاء الأمطار في القاهرة الكبرى؟
  • مجموعة الأزمات: التمرد في غوما بالكونغو الديمقراطية قد يؤدي إلى حرب إقليمية
  • بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
  • ماذا وراء زيارة محافظ المصرف المركزي لشرق ليبيا ولقاء نجل حفتر؟
  • وزير الشئون النيابية: قانون تنظيم لجوء الأجانب يتوافق مع التزامات مصر الدولية
  • الأهلي طرابلس يحقق الفوز الثالث تواليا في بطولة دبي الدولية