القباب الحرارية وظواهر أخرى ترفع الحرارة إلى مستويات قياسية فوق حوض المتوسط
تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT
تجتاح موجة حرارة شديدة أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي منذ بداية الصيف الجاري، وقد دونت سجلات درجات الحرارة اليومية أرقاما قياسية جديدة في عدد من مناطق العالم بما في ذلك منطقة شمال أفريقيا وحوض المتوسط.
وكشف خبراء المناخ أن ظاهرة القباب الحرارية وظواهر جوية أخرى تقف وراء موجات الحرارة التي شهدت أعلى درجات يومية منذ آلاف السنين.
ووفق الأرقام الأولية التي أوردها تقرير نشرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فقد شهد يونيو/حزيران الماضي أعلى متوسط درجات حرارة عالمية على الإطلاق، في حين يتواصل خلال يوليو/تموز الجاري تسجيل أرقام قياسية جديدة للحرارة في دول حوض المتوسط ومناطق أخرى من العالم.
ففي الثلاثاء 18 يوليو/تموز الجاري سجلت محطات قياس الحرارة في مدينة ليكاتا في جزيرة صقلية الإيطالية حرارة غير مسبوقة بلغت 46.3 درجة مئوية.
وفي اليوم نفسه وصلت درجة الحرارة في فيغيريس في مقاطعة كتالونيا الإسبانية، إلى مستوى قياسي بلغ 45.3 درجة مئوية، في حين سجلت مقاطعة فردان شمال شرق فرنسا لأول مرة على الإطلاق 40.6 درجة مئوية.
وكانت مناطق كثيرة من شمال أفريقيا قد شهدت أرقاما قياسية في درجة الحرارة، وفق الأستاذ عامر بحبة الباحث في المخاطر الطبيعية في جامعة تونس في حديث خاص مع الجزيرة نت عبر الهاتف.
ففي التاسع من يوليو/تموز الجاري، على سبيل المثال، سجلت مدن توزر ودوز في جنوب تونس، والبصرة في العراق، أعلى درجات الحرارة على وجه الأرض في ذلك اليوم بارتفاع الزئبق إلى 49 درجة مئوية، وقبل يوم من ذلك عرفت مدينة القيروان أعلى درجة حرارة لها على الإطلاق خلال يوليو/تموز.
ويتواصل في شمال القارة الأميركية تحطيم أرقام قياسية جديدة في درجة الحرارة بدأ منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي، حيث عرفت مدينة فينيكس في ولاية أريزونا الثلاثاء الماضي أعلى درجة حرارة على الإطلاق بلغت 47.2 درجة مئوية.
ما القباب الحرارية؟ولئن كان الصيف هو موسم الحرارة في نصف شمال الكرة الأرضية، فإن موجات الحر المتواصلة حاليا تعد غير معتادة خاصة في المناطق المعروفة بطقسها المعتدل. ويرجع الخبراء هذه الموجات إلى بعض الظواهر الجوية والمناخية مثل القباب الحرارية.
ويشير هذا المصطلح إلى ظاهرة جوية تتكون من كتلة من الهواء الجاف الساخن التي تستقر في أجواء بعض المناطق لفترة طويلة نسبيا من الزمن نتيجة الضغط الجوي العالي، مما يؤدي إلى حبس الحرارة وارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.
ويعمل الضغط العالي في الغلاف الجوي مثل القبة أو الغطاء الذي يحتفظ بالحرارة على سطح الأرض ويمنعها من الإفلات نحو الأجواء العليا للغلاف الجوي. هذا الغطاء يمنع الهواء الساخن من الصعود والتيارات الهوائية الباردة من النزول في الوقت الذي يسمح بنفاذ أشعة الشمس التي تعمل على مزيد من تسخين تلك المنطقة.
عدد من البلدان الأوروبية شهد درجات حرارة قياسية فاقت 40 درجة (شترستوك) كيف تشكلت القبة الحرارية فوق المتوسط؟لا تعد القباب الحرارية ظاهرة جديدة وفق الخبراء، لكنها أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر تواترا. ويعود تشكلها إلى أسباب مختلفة أهمها الاحتباس الحراري الذي يعمل على إضعاف التيار النفاث المار عبر شمال المحيط الأطلسي وزيادة تأثير الضغوط الجوية العالية على إحداث اضطرابات في أنماط دوران الرياح حول الأرض.
كما يربط الخبراء تشكل هذه القباب بسخونة مياه سطح المحيطات والبحار التي تتأثر بهذه الظاهرة. وتبدأ هذه الحلقة عندما تتبخر مياه البحر بفعل الحرارة، فيسخن الهواء مثلما يحدث عندما يسخن الماء في مقلاة بدون غطاء. لكن نظام الضغط المرتفع داخل القبة الحرارية الجاثمة فوقها يحتجز هذا الهواء الساخن المحمل بالرطوبة؛ مما ينتج عنه درجات حرارة أكثر ارتفاعا على السطح.
وقد أظهرت تقارير علمية ارتفاعا ملحوظا في مياه سطح المناطق الغربية من البحر المتوسط وشمال المحيط الأطلسي وغرب البحر المتوسط منذ بداية يوليو/ تموز الجاري بالتزامن مع ظاهرة القباب الحرارية.
ووفق الخبير التونسي عامر بحبة فإن منطقة شمال أفريقيا وجنوب المتوسط عادة ما تكون منطقة جافة وحارة في مثل هذه الفترة من العام تحت تأثير مرتفع جوي مثل المرتفع الآزوري (نسبة لجزر برتغالية في شمال الأطلسي) الذي يمنع الهواء البارد من النزول. والمرتفع الأفريقي الذي يجلب معه الكتل الهوائية الحارة.
والقبة الحرارية التي تهيمن على أجواء المنطقة حاليا، تشكلت –وفق الخبراء– نتيجة إعصار مضاد قدم من الصحراء الكبرى يُدعى "سيربيروس" (Cerberus).
وأدى وصول هذا الإعصار المضاد الذي يتشكل حول منطقة ضغط مرتفع وليس حول منطقة ضغط منخفض، إلى رفع درجات الحرارة في حوض المتوسط إلى مستويات قياسية ومنع تكوين السحب والتقلبات الجوية التي تأتي عادة من المحيط الأطلسي.
ارتفاع درجات حرارة مياه سطح المتوسط بالتزامن مع القبة الحرارية (كوبرنيكوس) ظاهرة الفونظاهرة جوية أخرى ساهمت أيضا في زيادة حدة موجات الحرارة محليا في بعض مناطق شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، وهي تأثير "الفون" (foehn). وهي ظاهرة في الأحزمة الجبلية الشاهقة في كثير من بلاد العالم نتيجة رياح جافة ودافئة تهب من قمم الجبال على الوديان المجاورة لها.
هذه الظاهرة تهيمن على مناطق مثل التي تقع حول منطقة "مجردة" في شمال تونس المعروفة بطقسها المعتدل نسبيا مقارنة بالجنوب، وفق الأستاذ عامر بحبة. وهي تحدث عندما يتحرك هواء الصحراء الحار القادم من الجنوب في اتجاه المرتفعات، حيث يفقد حرارته نتيجة ارتفاع التضاريس. وعند نزوله إلى المناطق المنخفضة تزيد سرعته مما يسبب ارتفاعا في درجة الحرارة من جديد نتيجة احتكاك جزيئات الهواء بسفوح الجبال.
وتحدث هذه الظاهرة أيضا في المناطق المماثلة في شمال سلسلة جبال الأطلس في الجزائر والمغرب، وحول المناطق الجبلية في جنوب أوروبا مثل جبال الألب؛ حيث اكتُشف هذا التأثير في القرن الـ19، وكذلك في مناطق أخرى من العالم.
وهذه الموجات الحرارية الطويلة قد تصبح في المستقبل جزءا من الظواهر الطبيعية المعتادة، وفق الخبراء، إذا لم تُتخذ إجراءات أكثر حزما للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القبة الحراریة درجات الحرارة درجة الحرارة شمال أفریقیا على الإطلاق درجات حرارة الحرارة فی یولیو تموز درجة مئویة حرارة على فی شمال
إقرأ أيضاً:
موجة برد شديدة تضرب 7 محافظات يمنية ومنطقة يمنية تسجل أدنى درجات الحرارة اليوم والأرصاد يحذر من أجواء شديدة البرودة خلال الساعات القادمة
Related Articles أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء – عدن
ساعة واحدة ago
بالاسم والصورة.. تعرف على الشاب الذي اعتقله الانتقالي بسبب تضامنه مع غزة ولبنانساعتين ago
يمن موبايل تنفذ مشروع متميز في جامعة صنعاء.. شاهد17 ساعة ago
خذوا حذركم.. موجة صقيع مفاجئة تجتاح اليمن وفلكي يحذر من انقلاب الطقس ابتداء من الليلة24 ساعة ago
درجات الحرارة تهبط لمستوى قياسي بالتزامن مع اقتراب الكتلة الهوائية الباردة والارصاد تطلق تحذيرات عاجلة لجميع السكان في عموم البلاديوم واحد ago
من وسط محلات الصاغة.. هبوط صاروخي مفاجئ في اسعار الذهب بصنعاء وعدنيوم واحد ago
حذر المركز الوطني للأرصاد الجوية، اليوم الخميس، من موجة برد شديدة ستجتاح سبع محافظات يمنية خلال الساعات القادمة، حيث من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير خلال الليل والصباح الباكر.
وأشارت النشرة التحذيرية إلى أن محافظات البيضاء، ذمار، صنعاء، عمران، صعدة، إب، والضالع ستشهد أبرد الأجواء، فيما ستكون الأجواء باردة نسبياً في مرتفعات شبوة، أبين، لحج، والجوف.
وسجلت محافظة ذمار أدنى درجة حرارة بلغت 2.2 درجة مئوية، تلتها صنعاء بـ 4.3 درجة مئوية، ثم عمران بـ 4.6 درجة مئوية، وإب بـ 6.6 درجة مئوية.
ودعا المركز المواطنين، خاصة كبار السن والأطفال والمرضى، إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من البرد الشديد، كما حذر المزارعين من ضرورة حماية محاصيلهم الزراعية من الصقيع.
وحذر الأرصاد أيضاً مرتادي البحر والصيادين في جنوب الساحل الغربي ومدخل باب المندب وغرب خليج عدن من اضطراب البحر وارتفاع الأمواج بسبب الرياح النشطة التي تتراوح سرعتها بين 10 و 26 عقدة.
ذات صلة