عربي21:
2025-04-28@20:46:44 GMT

إسلاميو باكستان وصدمة الانتخابات الأخيرة

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

مُني التيار الإسلامي في باكستان بهزيمة نكراء خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عقدت في الثامن من شباط/ فبراير الماضي، والتي شكلت وستشكل مستقبل باكستان للسنوات الخمس المقبلة، حيث لم تفز الجماعة الإسلامية الباكستانية بأي مقعد انتخابي، مما دفع أمير الجماعة سراج الحق إلى تقديم استقالته من منصبه في اعتراف واضح بتحمله الهزيمة الانتخابية.

أما جمعية علماء الإسلام بزعامة مولانا فضل الرحمن، والتي ظلت أفضل حظا من سابقتها في المشاركة السياسية، فقد تراجعت بشكل خطير حيث لم تحقق سوى أربعة مقاعد، فكانت الحزب الإسلامي الوحيد الذي حظي بمثل هذه المقاعد.

الجماعة الإسلامية، وهي الحزب الإسلامي السياسي الأساسي في باكستان، ترشح على قوائمها 200 مرشح ولكنهم فشلوا جميعا في الحصول على أي مقعد انتخابي، بعد أن فشلت الجماعة في تقديم شخصية سياسية جماهيرية هجومية وعدوانية بالمفهوم السياسي، بخلاف شخصية مثل عمران خان، التي تعلن تحديها للمؤسسة العسكرية وهو ما يريده الشباب بشكل خاص، الذين يشكلون نسبة ضخمة اليوم من الناخبين الباكستانيين، وهي الشريحة التي قلبت الخارطة الانتخابية لصالح عمران. وبعد أن كانت الجماعة الإسلامية في التسعينيات القوة الثالثة بعد حزب نواز شريف وبيناظير بوتو، حيث شكلت الجماعة يومها جناحا طلابيا باسم "باسبان" خلال إمارة القاضي حسين أحمد وهو الذي أدار كثيرا من العمليات السياسية يومها، ولكن هذا الجناح تعرض لانشقاقات وخلافات.

بعد أن كانت الجماعة الإسلامية في التسعينيات القوة الثالثة بعد حزب نواز شريف وبيناظير بوتو، حيث شكلت الجماعة يومها جناحا طلابيا باسم "باسبان" خلال إمارة القاضي حسين أحمد وهو الذي أدار كثيرا من العمليات السياسية يومها، ولكن هذا الجناح تعرض لانشقاقات وخلافات
وعلى الرغم من حصول الأحزاب الإسلامية على 12 في المئة من عدد أصوات الناخبين، فكان نصيب جمعية علماء الإسلام حوالي 2.1 مليون مصوّت، والجماعة الإسلامية نالت 1.3 مليون ناخب، لكنها لم تترجمها عمليا في شكل فوز مرشحيها بمقاعد انتخابية، وذلك يعود على ما يبدو إلى الدور التخريبي -إذا صحت العبارة- الذي تلعبه هذه الأحزاب في العملية الانتخابية، بمعنى أنها قادرة على تشتيت الأصوات لصالح حزب كبير أو ضد آخر، ولكنها عاجزة عن حسم النتائج لصالحها، وهو ما كان يقوله نواز شريف عن ترشيح الجماعة لمرشحيها في مواجهة مرشحيه بإقليم البنجاب، إذ إنها تشتت الأصوات بحيث لا تنجح في الانتخابات، ولا تدع مرشح شريف أن ينجح، فتكون النتيجة سابقا لصالح منافسه من حزب الشعب الباكستاني سابقا، واليوم لصالح منافسه حزب الإنصاف بزعامة عمران خان.

البعض يعتقد أن هذه الهزيمة الصادمة تكمن في عدم استعداد هذه الأحزاب للانتخابات، لأنها لم تكن تتوقع حدوثها بحسب قراءتها السياسية، فالجيش لن يسمح بحسب تقييماتها بعقدها، في ظل التعبئة ضده، وفي ظل إمكانية عودة خصمه السياسي عمران خان، ولكن الانتخابات جرت في الثامن من شباط/ فبراير، مما وضع الأحزاب الإسلامية في مأزق وحرج حقيقيين.

يعزو البعض سبب تراجع جمعية علماء الإسلام في منطقة بلوشستان التي تعد من معاقلها، إلى أن مرشحي الجمعية أصبح معروفا عنهم تغيير ولاءاتهم بعد فوزهم في الانتخابات، فيتخلون عن الجمعية، ويذهبون للحزب الحاكم، وهو ما دفع الناخب المحلي إلى عدم التصويت لهم، وذهابه مباشرة إلى حزب الإنصاف بزعامة عمران خان.

كما لعبت التفجيرات المستهدفة لحشود ومهرجانات الجمعية الانتخابية من قبل مسلحي داعش، دورا في ذلك، لا سيما مع التهديدات المتكررة التي أصدرها تنظيم الدولة في خراسان لهذه الجماعات، وهو ما دفع الجمعية إلى تقليص اجتماعاتها ومهرجاناتها الخطابية، مما أثر على شعبيتها وأدائها لاحقا.

خابات الباكستانية الأخيرة ناقوس خطر حقيقي بلا شك لهذه الأحزاب، فإن لم تقم بمراجعة نفسها وبرامجها وخطابها والشخصيات التي تقدمها، فإنها ستظل تواجه نفس النتائج، وهنا لا بد لها أن تقدم نفسها كقوة موحدة بحيث على الأقل تنسق فيما بينها داخل الدوائر الانتخابية، إن كان داخل الجماعات أو مع حلفائها الأقربين من الأحزاب الأخرى، كي لا تفقد أصواتها عبر عملية التشتيت التي تحصل في العادة دون أن كسب مقاعد
تدرك الدولة الباكستانية العميقة أهمية مشاركة الأحزاب الإسلامية، وضرورة عدم تهميشها، وذلك لمصلحة باكستان القومية، ولكن التيار الإسلامي الباكستاني لديه تحديات حقيقية وجوهرية خلال العمليات الانتخابية بشكل عام، فثمة تفتيت سياسي داخل الأحزاب السياسية مما أثر على شعبيتها، وهناك صعوبة في مواءمة أهدافها البعيدة مع الاستراتيجيات الانتخابية التي تركز على احتياجات الناس وما تريده، مما قد ينسف أهدافها الاستراتيجية.

وتظل الصعوبة الحقيقة موجودة في قدرة هذه الجماعات على منافسة أثرياء السياسة الباكستانية من الإقطاعيين ورجال المال والأعمال، وجاء عمران أخيرا ليخطف حتى خطاب الجماعات الإسلامية، فكان تركيز الحزب على مصطلح دولة المدينة، مع ضرورة ترقية القيم الإسلامية التي ركز عليها الحزب وزعيمه، وهو ما جذب فئة الشباب.

الانتخابات الباكستانية الأخيرة ناقوس خطر حقيقي بلا شك لهذه الأحزاب، فإن لم تقم بمراجعة نفسها وبرامجها وخطابها والشخصيات التي تقدمها، فإنها ستظل تواجه نفس النتائج، وهنا لا بد لها أن تقدم نفسها كقوة موحدة بحيث على الأقل تنسق فيما بينها داخل الدوائر الانتخابية، إن كان داخل الجماعات أو مع حلفائها الأقربين من الأحزاب الأخرى، كي لا تفقد أصواتها عبر عملية التشتيت التي تحصل في العادة دون أن كسب مقاعد، أو تسليف هذه الأصوات لحلفائهم من الأحزاب السياسية الأخرى.

لكن بغض النظر عن فوز هذه الجماعات في هذه الانتخابات لكنها تظل ثقلا سياسيا مهما لباكستان في الخارج، وبالتالي لا بد من التنبه إلى هذا، فمثل هذه الأحزاب إنما هي جسر تعبر به باكستان إلى العالم العربي والإسلامي، خاصة وسط شريحة شعبية عربية وإسلامية ليست قليلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه باكستان الانتخابات الأحزاب باكستان انتخابات الإسلاميين أحزاب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجماعة الإسلامیة هذه الأحزاب عمران خان وهو ما

إقرأ أيضاً:

ابن كيران: القضايا التي دافع عنها "البيجيدي" تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية

قال حزب العدالة والتنمية، إن القضايا التي تصدى لها والمواقف التي عبر عنها، تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية ووفي لثوابت الأمة الجامعة، ومدافع عن قضايا الوطن والمواطنين بقوة وإنصاف واعتدال واستقلالية.

وأشار الحزب في ثنايا التقرير السياسي الذي قدمه عبد الإله ابن كيران أمينه العام، اليوم السبت في مدينة بوزنيقة، عقب افتتاح مؤتمره الوطني التاسع، إلى أنه وقف في وجه ضرب القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.

وقال ابن كيران، إن الولاية الحكومية اقتربت من الانتهاء وما يزال عنوانها الأبرز هو تفاقم موجة الغلاء التي تشمل معظم المواد، والغذائية منها على وجه الخصوص.

وهو حسب ابن كيران، غلاء يعبر عن فشل الحكومة الذريع وقصور أدوات التدخل الحكومي في الحد من الارتفاع المهول والمستمر للأسعار، ويظهر حالة الاستسلام الحكومي أمام جماعات المصالح، وخاصة العاملة في قطاع المحروقات وسلاسل الوساطة والتصدير.

مما جعل الخيار الوحيد أمام المواطنين يضيف زعيم « البيجيدي »، هو تقليص نفقاتهم والحد من الحاجيات الأساسية، بعد أن تُرِكُوا فريسةً للوضعيات الاحتكارية والجشع.

وهو وضع نتج عنه وفقا للمسؤول الحزبي، أدنى مستوى للثقة عند الأسر منذ سنة 2008، وبروز آثار عكسية لإجراءات الدعم والإعفاء من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة في قطاع اللحوم، وأيضا الدعم الموجه إلى النقل الطرقي والعمومي.

ويرى الحزب في تقريره السياسي، أنه على خلاف الوعود التي تضمنها البرنامج الحكومي، فإن الفشل الأكبر الذي يحسب للحكومة، هو تفاقم معدل البطالة الذي تجاوز 13%، وهي نسبة لم يسجلها المغرب منذ 2000، وعجز الحكومة عن الوفاء بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال ولايتها، وتراجع نسبة مساهمة النساء في سوق الشغل إلى أقل من 19% مقابل تعهد الحكومة برفعه إلى أكثر من 30%، وتزايد عدد الشركات المفلسة، والتي بلغت 12.397 سنة 2022 و14.245 سنة 2023، ومن المتوقع أن تبلغ أزيد من 14.600 سنة 2024.

واعتبر التقرير السياسي، أن هذه  النتائج المقلقة، هي نتائج طبيعية لما وصفه بـ »آفة الريع والجمع بين المال والسلطة، وجعل هذه الأخيرة في خدمة جماعات المصالح المحدودة، والاستئثار بفرص الاستثمار والإنتاج والصفقات العمومية والمشاريع الكبرى ضدا على عموم المقاولات الوطنية، وما ينجم عن كل هذا من تبديد الثقة وخلق أجواء من الانتظارية والإحجام والإحباط لدى الفاعلين الاقتصاديين والمقاولين.

وهي أيضا يضيف التقرير، نتيجة طبيعية لما أسماه بـ »سياسة الحكومة الحالية المعاكسة للاستثمار وللنمو وللتشغيل، ولضعف استباقيتها وتأخرها الكبير في إرساء « التعاقد الوطني للاستثمار »، الذي نادى به جلالة الملك منذ أكتوبر 2022، والتأخر الكبير في تفعيل نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ونظام الدعم الخاص بتشجيع تواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي ».

وهي نتيجة أخرى، يؤكد « البيجيدي »،  لما اعتبره « استهدافا لبرنامج المقاول الذاتي بإجراءات ضريبية جديدة تراجعت عن المكتسبات المسجلة بعد أن تجاوز عدد المسجلين 300 ألف مستفيد مع الحكومتين السابقتين ».

وهو نتيجة طبيعية أيضا لما قال إنه « إرباك ومزاحمة الحكومة لبرنامج « انطلاقة » الذي سبق وأعطى انطلاقته جلالة الملك في 2020، والذي خلق دينامية في صفوف الشباب وحقق نتائج مهمة، حيث بادرت الحكومة لتطلق في 12 أبريل 2022 برنامجا جديدا شبيها ببرنامج « انطلاقة » سمته « فرصة » وخصصت له ميزانية بمبلغ 1.25 مليار درهم، وأسندت الإشراف عليه لوزيرة السياحة ومهمة تدبيره للشركة المغربية للاستثمار السياحي وهما وزارة ومؤسسة لا اختصاص لهما ولا علاقة لهما بمثل هذه البرامج، حيث ومنذ انطلاقه، تم اختيار 12.500 مستفيد وإلى حدود الآن مازال هناك تأخر في صرف الدعم والتمويل بالرغم من أن المستفيدين أجبروا على الإدلاء بعقود الكراء وإحداث المقاول الذاتي ».

كما أطلقت برنامج « أنا مقاول »، وقبله أطلقت الحكومة برنامج أوراش على سنتين، وخصصت له ميزانية قدرها 2.25 مليار درهم، وكل هذه البرامج وبالإضافة إلى كونها لا تأخذ بعين الاعتبار البرامج الناجحة القائمة وتدعمها بل تربكها وتزاحمها، فإنها تطرح أيضا سؤال الهشاشة والاستمرارية وشبهات الزبونية التي تخيم على تنزيل هذه البرامج عبر جمعيات معينة أو على مستوى الجماعات الترابية.

وسجل الحزب أنه بعد تأخر كبير وانتظار طويل أفرجت الحكومة مؤخرا عن خارطة طريق فارغة للتشغيل، متراجعة بذلك عن التزامها بإحداث مليون منصب شغل خلال هذه الولاية الحكومية، ورفع مستوى نسبة نشاط النساء إلى 30 في المائة، حيث حددت أهدافا جديدة تتجاوز الولاية الحكومية الحالية وتلغي التزامات البرنامج الحكومي، كما نسجل الضعف الشديد لمضامين هذه الخارطة بالرغم مما سبقها من حملات التبشير والترويج، حيث لم تأت هذه الخارطة يضيف « البيجيدي » بجديد بقدر ما أنها تعتمد أساسا على برامج ومؤسسات دعم وتنشيط التشغيل التي أنشأتها الحكومات السابقة.

وكانت هذه النتائج في التشغيل تكرس التأخر الكبير، في نظر حزب العدالة والتنمية، الذي يعرفه تفعيل برنامج دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة لأزيد من سنتين على صدور القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار.

وشدد الحزب على أن خارطة التشغيل تعتمد المزيد من البيروقراطية على مستوى حكامتها وتضخم المتدخلين وكثرة اللجان، وهو ما سيؤدي حتما إلى مزيد من التعقيد والتأخير، عوض التبسيط والتيسير، كما أنها تكشف ما وصفه بـ »هاجس الاستغلال والتنافس الانتخابي بين مكونات الأغلبية الحكومية »، وهو ما عبرت عنه، يوضح الحزب، « مواقفها وبلاغاتها التي أكدت انزعاجها وتخوفها بخصوص الوزراء الذين أسندت إليهم مهمة تنفيذ هذه الخارطة وتوزيع الدعم العمومي على المستفيدين منها، وذلك بسبب تغليب وزراء من حزب رئيس الحكومة وتغييب آخرين ».

مقالات مشابهة

  • قرارات لتكتل الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن لمرحلة ما بعد اسقاط انقلاب الحوثيين واستعادة صنعاء
  • تجري اليوم.. من أبرز المتنافسين في انتخابات كندا؟ وما القضايا المتصدرة؟
  • الأحزاب السياسية: تصريحات ترامب عن قناة السويس جهل بالتاريخ واستفزاز للسيادة المصرية
  • الطالبي العلمي: “الأحرار” الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن
  • ما هي معاهدة نهر السند بين باكستان والهند التي أعلنت نيودلهي تعليقها
  • أبوعرقوب: تيته تريد الضغط على الأطراف السياسية بـ«مخرجات اللجنة الاستشارية» 
  • ابن كيران: القضايا التي دافع عنها "البيجيدي" تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية
  • معارضة غينيا بيساو تجتمع في باريس لبحث الأزمة السياسية بالبلاد
  • أوزين في مؤتمر العدالة والتنمية: الأحزاب القوية تُبنى برهاناتها السياسية ومواقفها والتزام مناضليها