إسلاميو باكستان وصدمة الانتخابات الأخيرة
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
مُني التيار الإسلامي في باكستان بهزيمة نكراء خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عقدت في الثامن من شباط/ فبراير الماضي، والتي شكلت وستشكل مستقبل باكستان للسنوات الخمس المقبلة، حيث لم تفز الجماعة الإسلامية الباكستانية بأي مقعد انتخابي، مما دفع أمير الجماعة سراج الحق إلى تقديم استقالته من منصبه في اعتراف واضح بتحمله الهزيمة الانتخابية.
الجماعة الإسلامية، وهي الحزب الإسلامي السياسي الأساسي في باكستان، ترشح على قوائمها 200 مرشح ولكنهم فشلوا جميعا في الحصول على أي مقعد انتخابي، بعد أن فشلت الجماعة في تقديم شخصية سياسية جماهيرية هجومية وعدوانية بالمفهوم السياسي، بخلاف شخصية مثل عمران خان، التي تعلن تحديها للمؤسسة العسكرية وهو ما يريده الشباب بشكل خاص، الذين يشكلون نسبة ضخمة اليوم من الناخبين الباكستانيين، وهي الشريحة التي قلبت الخارطة الانتخابية لصالح عمران. وبعد أن كانت الجماعة الإسلامية في التسعينيات القوة الثالثة بعد حزب نواز شريف وبيناظير بوتو، حيث شكلت الجماعة يومها جناحا طلابيا باسم "باسبان" خلال إمارة القاضي حسين أحمد وهو الذي أدار كثيرا من العمليات السياسية يومها، ولكن هذا الجناح تعرض لانشقاقات وخلافات.
بعد أن كانت الجماعة الإسلامية في التسعينيات القوة الثالثة بعد حزب نواز شريف وبيناظير بوتو، حيث شكلت الجماعة يومها جناحا طلابيا باسم "باسبان" خلال إمارة القاضي حسين أحمد وهو الذي أدار كثيرا من العمليات السياسية يومها، ولكن هذا الجناح تعرض لانشقاقات وخلافات
وعلى الرغم من حصول الأحزاب الإسلامية على 12 في المئة من عدد أصوات الناخبين، فكان نصيب جمعية علماء الإسلام حوالي 2.1 مليون مصوّت، والجماعة الإسلامية نالت 1.3 مليون ناخب، لكنها لم تترجمها عمليا في شكل فوز مرشحيها بمقاعد انتخابية، وذلك يعود على ما يبدو إلى الدور التخريبي -إذا صحت العبارة- الذي تلعبه هذه الأحزاب في العملية الانتخابية، بمعنى أنها قادرة على تشتيت الأصوات لصالح حزب كبير أو ضد آخر، ولكنها عاجزة عن حسم النتائج لصالحها، وهو ما كان يقوله نواز شريف عن ترشيح الجماعة لمرشحيها في مواجهة مرشحيه بإقليم البنجاب، إذ إنها تشتت الأصوات بحيث لا تنجح في الانتخابات، ولا تدع مرشح شريف أن ينجح، فتكون النتيجة سابقا لصالح منافسه من حزب الشعب الباكستاني سابقا، واليوم لصالح منافسه حزب الإنصاف بزعامة عمران خان.
البعض يعتقد أن هذه الهزيمة الصادمة تكمن في عدم استعداد هذه الأحزاب للانتخابات، لأنها لم تكن تتوقع حدوثها بحسب قراءتها السياسية، فالجيش لن يسمح بحسب تقييماتها بعقدها، في ظل التعبئة ضده، وفي ظل إمكانية عودة خصمه السياسي عمران خان، ولكن الانتخابات جرت في الثامن من شباط/ فبراير، مما وضع الأحزاب الإسلامية في مأزق وحرج حقيقيين.
يعزو البعض سبب تراجع جمعية علماء الإسلام في منطقة بلوشستان التي تعد من معاقلها، إلى أن مرشحي الجمعية أصبح معروفا عنهم تغيير ولاءاتهم بعد فوزهم في الانتخابات، فيتخلون عن الجمعية، ويذهبون للحزب الحاكم، وهو ما دفع الناخب المحلي إلى عدم التصويت لهم، وذهابه مباشرة إلى حزب الإنصاف بزعامة عمران خان.
كما لعبت التفجيرات المستهدفة لحشود ومهرجانات الجمعية الانتخابية من قبل مسلحي داعش، دورا في ذلك، لا سيما مع التهديدات المتكررة التي أصدرها تنظيم الدولة في خراسان لهذه الجماعات، وهو ما دفع الجمعية إلى تقليص اجتماعاتها ومهرجاناتها الخطابية، مما أثر على شعبيتها وأدائها لاحقا.
خابات الباكستانية الأخيرة ناقوس خطر حقيقي بلا شك لهذه الأحزاب، فإن لم تقم بمراجعة نفسها وبرامجها وخطابها والشخصيات التي تقدمها، فإنها ستظل تواجه نفس النتائج، وهنا لا بد لها أن تقدم نفسها كقوة موحدة بحيث على الأقل تنسق فيما بينها داخل الدوائر الانتخابية، إن كان داخل الجماعات أو مع حلفائها الأقربين من الأحزاب الأخرى، كي لا تفقد أصواتها عبر عملية التشتيت التي تحصل في العادة دون أن كسب مقاعد
تدرك الدولة الباكستانية العميقة أهمية مشاركة الأحزاب الإسلامية، وضرورة عدم تهميشها، وذلك لمصلحة باكستان القومية، ولكن التيار الإسلامي الباكستاني لديه تحديات حقيقية وجوهرية خلال العمليات الانتخابية بشكل عام، فثمة تفتيت سياسي داخل الأحزاب السياسية مما أثر على شعبيتها، وهناك صعوبة في مواءمة أهدافها البعيدة مع الاستراتيجيات الانتخابية التي تركز على احتياجات الناس وما تريده، مما قد ينسف أهدافها الاستراتيجية.
وتظل الصعوبة الحقيقة موجودة في قدرة هذه الجماعات على منافسة أثرياء السياسة الباكستانية من الإقطاعيين ورجال المال والأعمال، وجاء عمران أخيرا ليخطف حتى خطاب الجماعات الإسلامية، فكان تركيز الحزب على مصطلح دولة المدينة، مع ضرورة ترقية القيم الإسلامية التي ركز عليها الحزب وزعيمه، وهو ما جذب فئة الشباب.
الانتخابات الباكستانية الأخيرة ناقوس خطر حقيقي بلا شك لهذه الأحزاب، فإن لم تقم بمراجعة نفسها وبرامجها وخطابها والشخصيات التي تقدمها، فإنها ستظل تواجه نفس النتائج، وهنا لا بد لها أن تقدم نفسها كقوة موحدة بحيث على الأقل تنسق فيما بينها داخل الدوائر الانتخابية، إن كان داخل الجماعات أو مع حلفائها الأقربين من الأحزاب الأخرى، كي لا تفقد أصواتها عبر عملية التشتيت التي تحصل في العادة دون أن كسب مقاعد، أو تسليف هذه الأصوات لحلفائهم من الأحزاب السياسية الأخرى.
لكن بغض النظر عن فوز هذه الجماعات في هذه الانتخابات لكنها تظل ثقلا سياسيا مهما لباكستان في الخارج، وبالتالي لا بد من التنبه إلى هذا، فمثل هذه الأحزاب إنما هي جسر تعبر به باكستان إلى العالم العربي والإسلامي، خاصة وسط شريحة شعبية عربية وإسلامية ليست قليلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه باكستان الانتخابات الأحزاب باكستان انتخابات الإسلاميين أحزاب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجماعة الإسلامیة هذه الأحزاب عمران خان وهو ما
إقرأ أيضاً:
الكواليس الانتخابية تشتعل في سباق الحسم وسيناريوات الترشيح مفتوحة
لم تظهر حتى الان مؤشرات او معطيات جديدة تخرج انتخاب رئيس الجمهورية من عنق الزجاجة، على الرغم من ان الفترة التي تفصلنا عن موعد جلسة الانتخاب في 9 كانون الثاني المقبل باتت قصيرة ومحدودة اذا ما اخذت عطلة الميلاد ورأس السنة بعين الاعتبار.ووفقا للمعلومات المتوافرة فان المشاورات والجهود الجارية بشأن الاستحقاق الرئاسي ما زالت في مرحلة خلط الاوراق وحسابات الاطراف السياسية، ومفتوحة على كل الاحتمالات.
وكتبت" النهار": مع أن عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة تبدو كأنها بدأت بما تعنيه من انتقال أجواء البلاد من المشهد السياسي الى مناخ الاحتفالات بالعيدين فان ذلك لم يبرد سخونة الحمى الصاعدة حيال استحقاق جلسة 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس الجمهورية والتي صار معها أي تشكيك بإمكان عدم انعقادها لاي سبب ما او عدم انتهائها إلى انتخاب الرئيس العتيد الذي طال انتظاره يعرض أصحاب التشكيك للإدانة والاتهامات المختلفة . وهو الامر الذي يرجح ان تمضي المشاورات الناشطة ظاهرا وعلنا او سرا وبعيدا عن الأضواء قدما خلال العطلة خصوصا انه يتردد في كواليس القوى السياسية على اختلاف اتجاهاتها ان الفترة المتبقية عن موعد جلسة 9 كانون الثاني لا تحتمل أي تضييع للوقت وان كل السيناريوات المتصلة بالجلسة والانتخاب ستكون استنفدت في موعد الجلسة .
ولذا تسود انطباعات واسعة بان فترة العد العكسي للجلسة ستشهد تطورات بارزة للغاية وربما مفاجآت سياسية ستصب كلها في خانة حتمية الوصول الى موعد الجلسة باتجاهات واضحة ونهائية لدى جميع القوى السياسية التي باتت تعيش تحت وطأة مناخ منع تعطيل الانتخاب يوم 9 كانون الثاني وليس فقط منع تعطيلها باي ذريعة . اما هل ستكون الأيام المقبلة الفاصلة عن الجلسة كافية لحسم أسماء المرشحين النهائيين وغربلتهم وتصفيتهم ام يجري التوافق العريض على اسم قائد الجيش العماد جوزف عون ، فهو السؤال الذي لا جواب قاطعا عليه بعد علما ان في خبايا الكواليس السياسية ما يكشف بان التعقيدات ليست سهلة ابدا وان هناك مخاضا صعبا لا يزال يحكم هذا الجانب الجوهري الحاسم من مسار الاستحقاق .
وقال مصدر سياسي لـ«الديار» امس «ان تداعيات التطورات الجارية والمشهد السائد في المنطقة وتعقيداته ومخاطره الكثيرة يجعل الاستحقاق الرئاسي اليوم من ابرز الاستحقاقات التي مر ويمر بها لبنان، وهذا ما يفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم لانجاح جلسة الانتخاب التي دعا اليها الرئيس بري».
وتوقف المصدر عند كلامه الاخير، لافتا الى "انه اراد بقوله ان لا نية لديه لتأجيل الجلسة وانه لم يصله اي طلب بهذا الخصوص من القوى السياسية، التاكيد على ما اعلنه اكثر من مرة في خصوص انعقاد الجلسة بموعدها، ووضع الافرقاء السياسيين امام هذه الحقيقة وامام دقة الاوضاع التي تفترض انتخاب الرئيس".
ورأى المصدر "ان اي طرف سياسي ليس بوارد طلب تأجيل الجلسة او لديه الشجاعة للاقدام على مثل هذا الطلب حتى وان كان يأمل ضمنا تاجيلها".
ونقل زوار الرئيس بري امس عنه قوله انه متمسك بموعد انعقاد الجلسة، وانه لا يزال يعول على ان يجري خلالها وتنتهي بانتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا ان الفترة التي اعطاها للكتل النيابية والقوى السياسية كافية ووافية لحسم الخيارات والذهاب الى الجلسة لانتخاب الرئيس.
وشدد مرجع سياسي شمالي لـ "الأنباء الكويتية"، على أن "أصحاب اليد العليا في الرئاسة هم الأميركيون". إلا أنه لفت "إلى عدم وجود خطة واحدة فقط في السياسة بل خطط عدة"، في إشارة إلى عدم اعتماد الجانب الأميركي دعم اسم واحد لرئاسة الجمهورية، وتفاديه إظهار أن المرشح المدعوم قد فرض على الناخبين من النواب اللبنانيين.
وفي اطار اتساع التأييد لانتخاب قائد الجيش نقل امس عن أوساط النائب فيصل كرامي عقب لقائه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ان الأخير ابلغه انسحابه عمليا من الترشح وانه المح الى تأييده قائد الجيش والنائب فريد هيكل الخازن .وتحدثت مصادر كرامي عن تموضع جديد له والعمل نحو بلورة كتلة سنية الأسبوع المقبل.