تقرير: تهديد يواجه نتانياهو بسبب إعفاء الجيش الإسرائيلي للحريديم
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
أثار كبير الحاخامات السفارديم في إسرائيل، يتسحاق يوسف، ضجة كبيرة حينما أعلن أن المتدينين المعروفين باسم "الحريديم"، "قد يغادرون البلاد" إذا تم تجنيدهم في الجيش، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وجاءت تصريحات يوسف لتزيد من حدة الجدل المتصاعد حول إعفاء طلاب العلوم الدينية، المستمر منذ عقود، من الخدمة العسكرية، مما أثار انقسامات في الائتلاف اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.
وقال يوسف، الذي يتمتع بنفوذ كبير داخل حزب شاس الديني، ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحاكم: "إذا أجبرونا على الذهاب إلى الجيش، فسننتقل جميعًا إلى الخارج".
قد تسقط الحكومةوحتى قبل اندلاع الحرب مع حماس في أكتوبر الماضي، كانت طائفة "الحريديم"، التي تشكل ثُمن سكان إسرائيل ومن المتوقع أن تمثل الربع بحلول عام 2050، وفق الصحيفة البريطانية، ترفض انضمام الشباب إلى الجيش على خلاف بين بقية المجتمع الإسرائيلي، كون الخدمة العسكرية إلزامية لمدة 24 شهرا.
لكن حسب "فاينانشال تايمز"، فإنه مع خوض إسرائيل لأطول حرب لها منذ تأسيسها عام 1948، أثارت تعليقات يوسف انتقادات من الحلفاء والمعارضين على حد سواء، وكشفت عن التوترات المتصاعدة بشأن هذه القضية في ائتلاف نتانياهو، الذي يضم الأحزاب الدينية مثل شاس، وعسكريين سابقين مصممين على إلغاء الإعفاء.
ويعتبر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يوهانان بليسنر، أن "قضية تجنيد الحريديم يمكن أن تُسقط الحكومة"، التي شُكلت من ائتلاف مستقر نسبيا يضم 64 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعدا، معتبرا في الوقت نفسه أنه "ليس لدى أي من أعضاء الحكومة مصلحة في إسقاطها".
ويعود القرار الذي يعفي شباب "الحريديم" من التجنيد الإجباري إذا التحقوا بمدرسة دينية، إلى تسوية تم التوصل إليها في عهد مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون، عام 1948، والتي أعفت 400 شاب متدين من الخدمة العسكرية.
وعلى مر السنين، أصبحت التسوية مثيرة للجدل بشكل متزايد، مع توسيع إعفاءات "الحريديم" بفضل قرار صدر عام 1977، بالرغم من نمو السكان المتدينين، الذين لدى الأسرة الواحد منهم، في المتوسط، 7 أطفال، حسبما تذكر "فاينانشال تايمز".
وفي عام 2017، وجدت المحكمة العليا في إسرائيل أن هذا القرار غير دستوري.
وبعد سنوات من المحاولات الفاشلة لإيجاد حل، أمرت المحكمة الحكومة بأن تشرح بحلول 27 مارس الجاري، دوافعها في عدم إلغاء الإعفاء، مما يزيد من احتمال تجنيد طلاب المدارس الدينية اعتبارا من أبريل.
هل الجيش في حاجة لهم؟وبالنسبة للعديد من الحريديم، يمثل هذا الاحتمال تهديدا أساسيا لأسلوب حياتهم، حيث على مدى السنوات الـ 75 الماضية، بنوا عالما بعيدا عن التيار الرئيسي في إسرائيل، والتزموا بقواعد صارمة ضد الاختلاط بين الرجال والنساء، ومتطلبات الأكل "الحلال" الأكثر صرامة من تلك التي تفرضها إسرائيل.
ويقول أحد أعضاء حزب شاس، ديفيد مناحيم: "نحن ندرك أننا جزء من صورة أكبر، ويجب علينا المساهمة. لكن الجيش خط أحمر".
ويضيف: "الجيش يرغب في أن يخدم الرجال والنساء معا، لكننا نعتقد أن وجود رجل متزوج وامرأة متزوجة يخدمان معا في دبابة لمدة 12 ساعة أمر غير صحيح ومحرم حسب التوراة".
ويقول محللون للصحيفة البريطانية: "في حين أن الجيش سيحتاج إلى (الحريديم) على المدى الطويل، فإنه على المدى القصير، لن يكون لتجنيدهم تأثير يذكر على القدرات العسكرية الإسرائيلية".
وبالنسبة للعديد من الإسرائيليين "العلمانيين"، فإن الإعفاء العسكري يمثل سببا لاستياء أوسع بشأن الوضع الذي يتمتع به "الحريديم"، في ظل الإعانات السخية التي تسمح لنحو نصف رجالهم بتكريس حياتهم للدراسة الدينية بدلا من الانضمام إلى القوى العاملة، وفق "فاينانشال تايمز".
ورفعت الحكومة الإسرائيلية، العام الماضي، تمويل المدارس الدينية إلى 1.7 مليار شيكل (467 مليون دولار)، من 1.2 مليار شيكل في العام السابق.
تسويةوحسب الصحيفة البريطانية، فقد "تفاقم الشعور بالظلم بسبب الحرب، حيث دفعت الجيش إلى السعي إلى إطالة فترة خدمة المجندين، وتوسيع الواجبات التي يجب على الإسرائيليين القيام بها كجنود احتياط، بمجرد الانتهاء من الخدمة بدوام كامل".
وفي هذا الصدد يقول بليسنر: "هذه واحدة من أكبر القضايا، حيث إن الأمر يتعلق بمسألة حساسة للغاية بشأن من هو المستعد للمخاطرة بحياته للدفاع عن هذه الدولة المهددة"، مشيرا إلى أنها "قضية لم يتمكن النظام السياسي من حلها لعقود من الزمن".
من جانبه، يقول عضو البرلمان عن حزب "يهدوت هتوراة" الديني، موشيه روث، إن "الجيش يمكنه التعامل مع احتياجاته من القوى البشرية، دون تجنيد طلاب المدارس الدينية".
ويقر روث بأن هناك "فرصة للتسوية"، والتي بموجبها "يواصل الطلاب الأكثر تفانيا دراستهم، في حين يتم تجنيد الآخرين، طالما يضمن الجيش حفاظهم على أسلوب حياة مجتمع الحريدي".
ويرى أنه من الناحية السياسية، سيكون هناك نوع من التسوية، حيث ستطلب الحكومة من المحكمة تمديدا للوقت، أو "تشكيل لجنة من نوع ما".
لكن آخرين يتساءلون عما إذا كان كسب الوقت سينجح مرة أخرى، خاصة إذا أمرت المحكمة العليا الحكومة بتعليق الإعانات المقدمة لطلاب المدارس الدينية، إلى أن يتم إقرار التشريع الذي ينظم قواعد التجنيد، وفق "فايننشال تايمز".
ويقول بليسنر: "إذا حدث ذلك، فإنه سيؤدي إلى تصعيد الأزمة السياسية، لأنه يعني أن المماطلة لم تعد بلا تكلفة"، مضيفا أن "الأحزاب الدينية لن تقبل توقف الإعانات التي اعتادت عليها مؤسساتهم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المدارس الدینیة
إقرأ أيضاً:
«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟
ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.
نشأته وبداية حياته العسكرية:
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.
تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.
أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.
أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.
بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.
خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.
لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.
وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.
ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.
تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.
وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.
لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .
ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.
تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.
قيادة الجهاز العسكري:
وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.
منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.
دوره في “طوفان الأقصى”:
أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.
ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.
محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.
فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.