ياسر عرمان

رأيت “صديقي” المارشال الوحيد الذي أعرفه معرفة شخصية في كامل الكرة الأرضية يلتقي بالفريق العطا دفاعا عن دولة ٥٦، حمدت الله كثيرا انه لم يخرج منديله ويزرف الدموع على دولة ٥٦، لانها دولة ٨٩ وليست بدولة ٥٦. فقد اغتالت الإنقاذ دولة ٥٦ دون تشييع لاسيما حسناتها وورثت عيوبها وطورت نسخة فاشية هي دولة ٨٩.

لدولة ٥٦ عيوب ولكن ليس من عيوب جيشها انعدام المهنية فقد كان مهنيا يعاني من عيوب هيكلية آخرى، وبوليس ٥٦ لم يكن على رأسه أمير. الحقيقة إن عزيزي المارشال سيساهم في تثبيت أركان دولة ٨٩، وهي ابارتايد ديني واثني اركانها بامتياز قائمة ضد الهامش وضد الريف وضد حق المواطنة بلا تمييز، وحق الآخرين في أن يكونوا آخرين، وضد الأغلبية الساحقة من السودانيات والسودانيين.

لقاء المارشال والفريق العطا سوف يوظفه الأخير لاشعال حرب اثنية لا تبقي ولا تذر في دارفور وفي كامل السودان، وخطتها جاهزة منذ زمن. ومن مصلحتنا جميعا وبمعيتنا المارشال أن لا نذهب في هذا الإتجاه.

دولة ٥٦ نشأت قبل ٥٦ وربما رجعت شجرت نسبها إلى المركز النيلي الذي نمى وترعرع منذ الحضارات القديمة الكوشية والمروية والبلوية مرورا بالسلطنة الزرقاء وسنار والتركية والمهدية، وكان مركزا مسيحيا لاكثر من الف عام، وحمضه النووي معقد، وذو صلات أبعد من النيل في التاريخ، وأم درمان التي التقى فيها المارشال والفريق شاهدة على عمق المتغيرات الديمغرافية والتشكل الجديد، والقضارف في شرق السودان موطنا لاقوام من غرب السودان مما يضع ظلالا من الشك حول اطروحة النهر والبحر في مواجهة غرب السودان.

دولة ٥٦ ورثت الجيش والخدمة المدنية واعتمدت نموذج التنمية غير المتوازنة وتركيز الخدمات، ولخص ازمتها بدقة أخر حاكم بريطاني روبرت هاو في خطاب وداعه، وهو من صناع تلك الأزمات مع عوامل آخرى. أما دولة ٨٩ فهي دولة الفريق العطا، وهي دولة معادية للفقراء والهامش، وقد بذل المارشال جهدا ضدها؛ فهل تغيرنا ام تغيرت الكنيسة بعد أن ارتدي المارشال زيا عسكريا؟!

التقيت بالشهيد عبد الله أبكر في رمبيك في بدايات الحرب في دارفور، وكنت ضمن لجنة كلفها الدكتور الشهيد جون قرنق بالعمل مع حركة تحرير السودان عند تأسيسها، وضمت القادة بيور اجانق (بيور اسود)، وعبد العزيز الحلو، وشخصي. وقد كان المارشال سكرتيرا لذلك الوفد الذي حضر للقاء جون قرنق. والشهيد عبد الله أبكر استشهد ضد اركان دولة ٨٩، واسمه ليس علامة تجارية فقد دفع حياته ثمنا ضد استبداد الإنقاذ، وهذه الحرب حرب انقاذية بامتياز.

أخيرا، المارشال له تاريخ في مقارعة دولة ٨٩ ولا زلت اطمع في أن ينفض يده عنها، وأن يحلق عاليا فوق الغضب والمصالح الضيقة، وأن يفتح حوارا شفافا مع القوى الديمقراطية لبناء الجبهة المعادية للحرب وبناء السودان الجديد. مع ودي وكامل اختلافي.

٢٥ مارس ٢٠٢٤

الوسومياسر عرمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ياسر عرمان دولة ٥٦

إقرأ أيضاً:

أؤكد موقفي مجددا لا لقطع العلاقات مع الأمارات ولا أي دولة

أنا متفائل جدا من بروز حكومة الإمارات في حديث متشنج ضد السودان، أوفي مفاوضات مع السودان (ذات النتيجة)، و أيضا في محاولات إخفاء فضيحتها في السودان بتحركات في أمريكا (إقرار ضمني بالفشل).

كانت أبوظبي تتوقع الاستيلاء على السلطة في ست ساعات وتشكيل حكومتها، فشلت وقررت تسليح المليشيا وشراء قادة الاقليم ليقوموا بالادوار القذرة عبر الإيقاد وتبقي هي نظيفة، فشلت فانخفض سقفها أن تقبل بها حكومة السودان وسيطا، ثم وسطت أبي أحمد لهذا الغرض، وفشلت.

ظهورها السافر بالوعيد أو التفاوض دليل فشل الأدوات والواجهات .. باختصار ظهورها يعني فشل الخطة الاساسية لأن ظهور الأصيل يعني إلغاء الوكيل، وربما بيعه بثمن بخس.

ما نحتاجه المزيد والمزيد من أصوات السودانيين وأصدقائهم، ومناشطهم ومظاهراتهم، في العالم لفضح العدوان الاماراتي على السودان، وفي هذا السياق، أؤكد موقفي مجددا لا لقطع العلاقات مع الأمارات ولا أي دولة، إذا كانت المشكلة فيمن يمثل السودان فإنها لا تعني الغاء التمثيل. ولا لإغلاق باب المفاوضات مع أبوظبي اذا رغبت، لأنه يتضمن حذف المليشيا من الخارطة، ولا يعني الرضا بأي مطلب أو شرط ضد سيادة الوطن.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أؤكد موقفي مجددا لا لقطع العلاقات مع الأمارات ولا أي دولة
  • الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
  • ليست ”أمريكا وبريطانيا وإيران”.. محلل سياسي: هذا الذي يمنع تحرير صنعاء!
  • السعودية تدين وتستنكر استهداف مقر سفير دولة الإمارات في السودان
  • البديوي يدين ويستنكر الاعتداء على مقر سفير دولة الإمارات في السودان
  • تفشي فيروس خطير في دولة أفريقية.. ما الإجراء الصارم الذي اتخذته؟
  • المملكة تدين وتستنكر استهداف مقر سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى السودان
  • سفير الإمارات يلتقي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الكويتي
  • وفد الإمارات يشارك في اجتماعات رفيعة المستوى في اليوم الرابع من الدورة الــ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة
  • كيفية تحسين سرعة الإنترنت عبر وضع الراوتر الشبكي في المكان المثالي