سعادة المارشال انت في المكان الخطأ، إنها ليست دولة 56 بل دولة 89
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
ياسر عرمان
رأيت “صديقي” المارشال الوحيد الذي أعرفه معرفة شخصية في كامل الكرة الأرضية يلتقي بالفريق العطا دفاعا عن دولة ٥٦، حمدت الله كثيرا انه لم يخرج منديله ويزرف الدموع على دولة ٥٦، لانها دولة ٨٩ وليست بدولة ٥٦. فقد اغتالت الإنقاذ دولة ٥٦ دون تشييع لاسيما حسناتها وورثت عيوبها وطورت نسخة فاشية هي دولة ٨٩.
لدولة ٥٦ عيوب ولكن ليس من عيوب جيشها انعدام المهنية فقد كان مهنيا يعاني من عيوب هيكلية آخرى، وبوليس ٥٦ لم يكن على رأسه أمير. الحقيقة إن عزيزي المارشال سيساهم في تثبيت أركان دولة ٨٩، وهي ابارتايد ديني واثني اركانها بامتياز قائمة ضد الهامش وضد الريف وضد حق المواطنة بلا تمييز، وحق الآخرين في أن يكونوا آخرين، وضد الأغلبية الساحقة من السودانيات والسودانيين.
لقاء المارشال والفريق العطا سوف يوظفه الأخير لاشعال حرب اثنية لا تبقي ولا تذر في دارفور وفي كامل السودان، وخطتها جاهزة منذ زمن. ومن مصلحتنا جميعا وبمعيتنا المارشال أن لا نذهب في هذا الإتجاه.
دولة ٥٦ نشأت قبل ٥٦ وربما رجعت شجرت نسبها إلى المركز النيلي الذي نمى وترعرع منذ الحضارات القديمة الكوشية والمروية والبلوية مرورا بالسلطنة الزرقاء وسنار والتركية والمهدية، وكان مركزا مسيحيا لاكثر من الف عام، وحمضه النووي معقد، وذو صلات أبعد من النيل في التاريخ، وأم درمان التي التقى فيها المارشال والفريق شاهدة على عمق المتغيرات الديمغرافية والتشكل الجديد، والقضارف في شرق السودان موطنا لاقوام من غرب السودان مما يضع ظلالا من الشك حول اطروحة النهر والبحر في مواجهة غرب السودان.
دولة ٥٦ ورثت الجيش والخدمة المدنية واعتمدت نموذج التنمية غير المتوازنة وتركيز الخدمات، ولخص ازمتها بدقة أخر حاكم بريطاني روبرت هاو في خطاب وداعه، وهو من صناع تلك الأزمات مع عوامل آخرى. أما دولة ٨٩ فهي دولة الفريق العطا، وهي دولة معادية للفقراء والهامش، وقد بذل المارشال جهدا ضدها؛ فهل تغيرنا ام تغيرت الكنيسة بعد أن ارتدي المارشال زيا عسكريا؟!
التقيت بالشهيد عبد الله أبكر في رمبيك في بدايات الحرب في دارفور، وكنت ضمن لجنة كلفها الدكتور الشهيد جون قرنق بالعمل مع حركة تحرير السودان عند تأسيسها، وضمت القادة بيور اجانق (بيور اسود)، وعبد العزيز الحلو، وشخصي. وقد كان المارشال سكرتيرا لذلك الوفد الذي حضر للقاء جون قرنق. والشهيد عبد الله أبكر استشهد ضد اركان دولة ٨٩، واسمه ليس علامة تجارية فقد دفع حياته ثمنا ضد استبداد الإنقاذ، وهذه الحرب حرب انقاذية بامتياز.
أخيرا، المارشال له تاريخ في مقارعة دولة ٨٩ ولا زلت اطمع في أن ينفض يده عنها، وأن يحلق عاليا فوق الغضب والمصالح الضيقة، وأن يفتح حوارا شفافا مع القوى الديمقراطية لبناء الجبهة المعادية للحرب وبناء السودان الجديد. مع ودي وكامل اختلافي.
٢٥ مارس ٢٠٢٤
الوسومياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ياسر عرمان دولة ٥٦
إقرأ أيضاً:
أيمن أبو عمر: الرحمة بالفقراء ليست مجرد تبرع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، أن الرحمة ليست مجرد شعور، بل هي أفعال وتصرفات تظهر في تعاملاتنا اليومية، مشددًا على أن الرحمة الحقيقية تتجلى في مساعدة المحتاجين والوقوف بجانبهم في أوقات ضعفهم.
وأضاف خلال حلقة برنامج "رحماء بينهم"، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين، أن النبي محمد ﷺ كان أرحم الناس بالفقراء والمساكين، فلم يكن يقتصر على العطاء المادي فحسب، بل كان يشعر بهم، يشاركهم حياتهم وأوجاعهم، ويعاملهم بمحبة واحترام دون تكبر أو تعالٍ.
وأشار إلى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا امتدادًا لرحمة النبي ﷺ، مستشهدًا بمواقف سيدنا أبو بكر الصديق الذي كان يحلب الغنم للفقراء، وسيدنا عثمان بن عفان الذي اشترى بئر رومة وجعل ماءه مجانيًا للمحتاجين، وسيدنا علي زين العابدين الذي كان يحمل الطعام بنفسه للفقراء ليلًا دون أن يعلم أحد.
وأكد الدكتور أيمن أبو عمر أن العطاء لا يقتصر على المال فقط، بل يشمل الكلمة الطيبة، واحترام المحتاجين، وتوفير فرص العمل لهم، والمساهمة في تيسير حياتهم، لافتا إلى أن الرحمة بالفقراء ليست مجرد تبرع، بل هي رقي وإنسانية، ورحمة الله تشمل من يرحم عباده.