جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-03@17:15:47 GMT

القيادة الأسرية بين الرجل والمرأة

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

القيادة الأسرية بين الرجل والمرأة

 

سلطان بن ناصر القاسمي

تتمثل أهمية الأسرة الناجحة في كونها الركيزة الأساسية لاستقرار المجتمع، حيث يُقاس نجاح المجتمع بمدى وجود الأسر الناجحة فيه. ومن هنا، تبرز أهمية اختيار الشريك بعناية وفهم جيد لبعضهما قبل الزواج، لأنَّ نجاح تكوين الأسرة يقوم على هذه الأساسيات، فعندما يكون هناك فهم صحيح بين الزوجين، يمكن للأسرة أن تبني قيمًا ومبادئ صحيحة تؤدي إلى نمو مستدام ونجاح لأفرادها، وبما أن القوامة في الأسرة للرجال، والقوامة معناها: القيام على الشيء، والرعاية والحماية والإصلاح، حيث يعتبر الرجل قائمًا بمسؤوليات الرعاية والحماية والإصلاح داخل الأسرة قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء: 34].

ومن خلال العناصر الأساسية لتكوين الأسرة الأب والأم لابد من الحديث والإشارة إلى أنواع القيادة والتي أذكرها هنا في الآتي:

1- القيادة الإشرافية: والتي غالبًا ما تُناط بالأب نظرًا لميله إلى قضاء مُعظم وقته خارج المنزل سواء بسبب التزامات العمل أو غيرها، وهناك كثير من فئات الرجال الذين يقضون معظم أوقاتهم خارج المنزل. يجسد ذلك نمط القيادة الذي يعتمد على المُراقبة والتوجيه من بعد، حيث يتحمل الأب مسؤولية اتخاذ القرارات الرئيسية وتوفير الدعم اللازم للأسرة، رغم غيابه الجسدي المتكرر. وينظر إلى هذا الدور على أنه يمثل ركيزة الاستقرار والأمان ضمن الوحدة الأسرية.  إلى جانب ذلك، تأتي القيادة التشاركية، حيث تشارك الأم في صنع القرارات وإدارة شؤون المنزل بشكل فعَّال، مكملة بذلك دور الأب ومعززة لمفهوم الشراكة ضمن الأسرة. هذا التكامل في الأدوار يساهم في خلق بيئة أسرية متوازنة، تقوم على الاحترام المتبادل وتقاسم المسؤوليات.أعلى النموذج

2- 2- 22  2- القيادة التنفيذية: وهذا النوع يكون للأم في البيت بحكم الدور الكبير الذي تقوم به في القيادة والتربية والتوجيه وكافة الأعمال المنزلية. وهنا أوجه كل الشكر والتقدير لكل امرأة قيادية ناجحة في قيادة أسرتها إلى بر الأمان من خلال تربية الأبناء تربية صالحة، حيث يكون على عاتق الأم تعليم الأبناء والاهتمام بدروسهم وزرع الصفات الحميدة في الأبناء من خلال احترام الآخرين والتزام الأبناء بالصلاة والعبادات وكل ما يخصهم من أمور الحياة.

3-  القيادة الملهمة: تلعب الأم دورًا حيويًا داخل الأسرة، حيث تمتلك قدرة فريدة على تحفيز أبنائها لاحترام الذات والآخرين داخل الأسرة بشكل إيجابي، وذلك بتوجيهها للأطفال نحو التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة وتقديم الاعتبار لأفكار وآراء الآخرين، كما تسهم في بناء بيئة أسرية متوازنة وصحية. وبما أنَّ الأم تعمل كنموذج يحتذى به لدى الأبناء، فإنها تكون مصدر إلهام لهم، حيث يقتدون بسلوكياتها وقيمها، مما يساعدهم على تطوير ثقتهم بأنفسهم وتعزيز علاقاتهم العائلية بشكل إيجابي.

4- القيادة المؤثرة: وتتمثل في قدرة الأب في التأثير في أبنائه من خلال أفعاله المتطابقة مع أقواله وبالتالي ينعكس ذلك على تنشئة الأبناء تنشئة صالحة.

فحسن القيادة أو سوؤها يؤثر على الأبناء، وعلى نظرتهم لأمور الحياة إذا كبروا ومن ثم لا نستغرب إذا كرروا أخطاء الأبناء إذا أصبحوا آباء.

ومن المتعارف عليه أن الابن لا يهمه من يقود الأسرة أبوه أو أمه، كل ما يعنيه هو استقراره وتلبية احتياجاته وتوفير الحب والحنان له، وقبول كل إشارة يرسلها بهدوء، واحترام كل فكرة يبديها، وتهيئة وسائل العيش الكريم له وسط جو من التقدير والرعاية والهدوء.

كما ترتبط أنواع القيادة بعدة أساليب تخص الوالدين يتم من خلالها توجيه الأبناء بطرق مختلفة داخل الأسرة ومنها ما يلي:

أ- أسلوب القيادة التوجيهية:

وهذا الأسلوب يتمثل في توجيه، و تقويم أداء الأبناء وسلوكياتهم وما اكتسبوه من والديهم وتطويره من خلال تحديد أهداف محددة، وتقديم الملاحظات والإرشادات المستمرة لهم. ويتطلب هذا الأسلوب تحديد أهداف واضحة وخلق بيئة أسرية إيجابية ومحفزة لدعم الأبناء وتوجيهم عن طريق طرح الأسئلة الإرشادية بدلاً من إعطاء الأوامر، لتنمية المهارات وأدراك أهمية التعلم المستمر واكتساب المهارات والعادات والتقاليد من أجل النمو بطريقة صحية وايجابية.

ب-أسلوب القيادة التفويضية:

ويعني أن يقوم الوالدين بتفويض بعض المهام الأسرية إلى الأبناء: كالذهاب إلى شراء مستلزمات البيت، أو دفع فواتير الكهرباء والمياه، وغيرها من الأعمال الأسرية، والهدف من ذلك التركيز على الإنجاز دون تدخل من الأبوين، لبناء الثقة المطلقة التي تؤدي إلى اعتماد الأبناء على أنفسهم في إدارة شؤونهم وأسرهم مستقبلاً . ويعتمد نجاح هذا الأسلوب على تحمل المسؤولية، وتفضيل العمل الفردي، كما يشجعهم على القيادة والابتكار.

جـ- أسلوب القيادة الاستراتيجية:

ويتمثل هذا الأسلوب بشكل أشمل، حيث يشمل الأداء، والإنجاز  في نفس الوقت، وبالتالي يؤدي إلى زيادة فرص التطور الجماعي داخل الأسرة، لأن التفكير الاستراتيجي يمكنه دعم العديد من الأشخاص في آن واحد، لذلك يجب الحفاظ على استقرار الأسرة في سبيل منفعة جميع أعضائها.

د- أسلوب القيادة التحويلية:

 حيث يعتبر هذا الأسلوب أحد أساليب الوالدين معاً حتى يستطيعوا تحفيز الأبناء وتحسين أدائهم من خلال توجيهم للمهام المحولة، وهذا الأسلوب يجمع بين أسلوب القيادة التوجيهية وأسلوب القيادة التفويضية معاً ومعرفة زمن إنجازها، مما يؤدي إلى إحداث تغيير إيجابي في السلوك بجانب حالة الرضا الجماعي للأسرة.

ومن خلال تصفحي لأحد المواقع في هذا الجانب شدني ما قرأته عن التجربة الماليزية في تطوير الأسرة وانخفاض معدل الطلاق السنوي لديهم من ٣٥٪؜ في التسعينيات إلى ٨٪؜ سنوياً في الأعوام الأخيرة، ويعزى ذلك إلى اخضاع المتقدمين للزواج إلى دورات تدريبية في شؤون الأسرة وبعدها إصدار لهم ما يسمى بالرخصة العائلية.

وتتضمن الدورات دروساً حول الحياة الزوجية، فيما تتيح المعاهد التي تقدم البرنامج فترات يلتقي فيها الطرفان من أجل تعارف أكثر. وتضم ملفات عقد القران في ماليزيا: رخصة الزواج، إضافة إلى الفحوص الطبية والوثائق الأخرى.

يذكر أن الخطة الماليزية لتشجيع الزواج تتضمن تدريس الثقافة الجنسية في الإسلام في المناهج الدراسية للتلاميذ بالمدارس، إضافة إلى الاستعانة بالإعلام المفتوح، لبث برامج تتوافق مع عادات وتقاليد ماليزيا، لاسيما من الناحية الدينية والاجتماعية. إلا ان مجتمعنا تحكمه العادات والتقاليد التي قد تعيق تطبيق مثل هذه التجربة ولكن لا يمنع من الاستفادة بما يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا الإسلامي من خلال عدة آليات، بما في ذلك:

الفحوص الطبية: يمكننا تبني نهجًا مماثلا للفحوص الطبية قبل الزواج كجزء من إجراءات تنظيم الأسرة والصحة العامة. هذا يمكن أن يساهم في تقليل المشاكل الصحية والوراثية في الأسرة، وبالتالي يعزز من استقرارها.

 

إدراج الثقافة الأسرية في المناهج الدراسية: يمكن تضمين دروس حول الحياة الأسرية والعلاقات الزوجية في المناهج الدراسية، سواء في المدارس أو الجامعات، لتوعية الشباب وإعدادهم لدور الزوج والزوجة بشكل صحيح ومسؤول. البرامج التثقيفية في وسائل الإعلام حول البرامج الأسرية: يجب تطوير برامج تثقيفية عبر وسائل الإعلام، مثل التلفزيون والراديو ووسائل التواصل الاجتماعي، لنشر الوعي حول قضايا الأسرة وتقديم نصائح وإرشادات عملية للأفراد في بناء علاقات أسرية صحية ومستقرة.

وختاماً، فإني أتقدم بالشكر الجزيل لمربية وموجهة أبنائي وملهمتهم على كل ما قدمته وتقدمه لهم في ظل غيابي أثناء فترة عملي سابقاً، كما أتقدم بالاعتذار لأبنائي الأعزاء عن كل قصور حدث مني في توجيههم وإرشادهم بما ينفعهم في دينهم، ودنياهم، أو لأني أساءت التقدير في بعض المواقف التربوية، راجياً من الله العلي القدير أن يهدينا وإياهم لما فيه خير ديننا ومجتمعنا إنه على كل شيء قدير.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ضحايا السوشيال ميديا

إنتشرت مؤخرا ظاهرة عدم حب قاعدة عريضة من الطلبة والطالبات للدراسة، ربما لانهم يرون أن الاختبارات أحيانا تكون تعجيزية، وإن كنت أرى بعض الأسباب الأخرى التي أراها من منظور شخصي مُتهمةً في بعض الحالات هذا الأمر، ومنها مثلا ظاهرة إكتئاب الأطفال والمراهقين والتي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة، ربما بسبب الثورات العربية أو ظهور الفيروسات وما شابه من أحداث عالمية إستثنائية، وأعتقد أن كثيراً من هاتين الفئتين ولأسباب كثيرة مصابون به، ومن آثار هذا الإكتئاب عدم الرغبة في الدراسة، وتدني مستوى التحصيل بشكل عام . 
أما السبب الثاني، فهو سبب قديم حديث، ولكنه أصبح منتشرا للغاية ومؤثرا جدا هذه الفترة، بسبب تقاطع وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) تقاطعاً حاداً مع كل تفاصيل حياتنا، وهذا السبب هو عدم رؤية الأبناء لأي جدوى للتعليم في تحقيق أحلامهم  في الوقت التي يستطيعون تحقيقها وأكثر بكثير بشكل أسهل، وهكذا يظنون، عبر إتباع خُطى ما ينتشر في وسائل التواصل من حصول (أي شخص نَكِره) على المجد والشهرة والمكانة، وفوق كل ذلك المال الوفير، لكونه فقط نجح في الانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلماذا يُرهق الطالب نفسه بالنحو والصرف أو بحفظ قوانين نيوتن ؟ وهو يستطيع تحقيق نتائج أفضل وهو جالس في الكافيهات ويدخن المعسل أبو تفاحتين، ويعرض بالموبايل ذو التفاحة المنقوصة محتوى تافه وغير هادف، ولكنه مطابق للمقاييس المُسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فهم يرون محتوى مصور لا يكلف شيئاً  قد ينقلهم نقلة نوعية لا يحلمون بها من أفنوا عمرهم في الدراسة والتحصيل والجد.  
وأعتقد أن خطورة هذا الأمر ليست في إيمان صغار السن والمراهقين بهذا الوضع الغريب، فهم صغار ولم يفهموا الحياه بشكل أوسع، لكن الخطورة الحقيقية أن يؤمن بها من يتولى تربية الأبناء - أياً كان موقعه وصفته - فهؤلاء الكبار سيعملون بحسب إيمانهم على توجيه أبنائهم نحو هذا السلوك، ودفعهم إليه دفعاً، إما بشكل موجه ومقصود رغبة في صالحهم ومنفعتهم، أو دون  قصد منهم عندما يمارسون هم هذا العمل من أجل أنفسهم فيتأثر بهم أبناؤهم سلبا، ويخرج إلينا جيلاً فارغاً مُشوهاً هشاً . 
في النهايه لايسعني إلا أن أقول علموا أبنائكم أننا في بلدٍ عظيم يحمل رؤية عظيمة ويقوده رجال علم ودين وفنانين ومثقفين وعلماء، وهذا كله يحتاج لمتعلمين حقيقيين لا لمشاهير تافهين مؤقتين فارغين أسرى للهاشتاج والتريند،  وتأكدوا أن المذاكرة والدراسة هي أول خطوة حقيقية في هذا الطريق العظيم، وأتذكر عبارة للأديب الكبير الراحل يوسف إدريس حيث قال "سوف نتحول إلى مجتمع جاهل وإن كان بعضه بالشهادة متعلما" .

مقالات مشابهة

  • 7 حلقات متخصصة في «ملتقى الأبناء» بديوان البلاط السلطاني
  • حركة المحافظين الجديدة 2024.. مهام محددة وتمكين للشباب والمرأة
  • أشهر الاختلافات بين عقليّ الرجل والمرأة في التفكير والمشاعر وجوانب أخرى
  • ضحايا السوشيال ميديا
  • رئيس مدينة قوص يتفقد المستشفى المركزي للاطمئنان على سير العمل
  • «خربت بيوت كتير».. عالم أزهري يكشف حكم لعبة 1xbet
  • السفيرة أبو غزالة: الظروف التي تمر بها الأسرة العربية  تتطلب حلولاً ابتكاريه
  • داعية مصري يكشف حكم المشاركة في مواقع وألعاب المراهنات الإلكترونية
  • "الكفاف" نمط جديد من الزراعات الصغيرة.. تعرف عليه
  • برلماني عن «التنسيقية»: ملف تمكين المرأة من أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو