شيخ الأزهر: يجب أن يكون الشكر من جنس النعمة
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
أوضح شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب أن شكر الله سبحانه وتعالى لعباده نوعين، الأول هو الشكر النظري بالثناء على أفعالنا، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تمدح المؤمنين، ومن ذلك قوله تعالى "قد أفلح المؤمنون، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة"، والنوع لثاني هو الشكر العملي، ومن ذلك أن الله تعالى يجازي بالكثير على القليل، وقد وردت في القرآن أيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، مثل قوله تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم"، فالثواب عند الله تعالى يعطي سبعمائة ضعف، وقد يضاعف مرة أخرى، وهذه الآيات تدفع الإنسان دفعا لعمل الخير مهما كان صغيرا.
وقال فضيلته، في الحلقة الخامسة عشر من برنامج «الإمام الطيب»، إن الله تعالى كريم كرم لا حدود له ولا يستوعبه عقل الإنسان من سعته ومن فرط إكرامه لعبده، ومن ذلك قوله، "من جاء بالحسنة فله خير منها"، وقوله: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة"، فوصف الله تعالى بالشكر في هذه الآية معناه الجزاء الكثير على العمل القليل، مضيفا أن العبد مهما فعل من حسنات، فإنها لا تساوي شيئا أمام النعيم المقيم الذي يجازيه الله تعالى به، فلا نسبة بينهما على الإطلاق، لأن هذا محدود وهذا لا محدود، ولا تستطيع أن تنسب المحدود إلى اللا محدود.
وتابع شيخ الأزهر أن الحمد هو الثناء على الجميل وأنه سبحانه وتعالى حميد مجيد غفور شكور، لكن الشكر فيه معنى أبعد وهو الشكر على جميل فعل بك، موضحا أن الشكر الحقيقي هو الشكر الإلهي، أما شكر العبد فلا يمكن أن يكون حقيقيا لأنه شكر مبادلة، والشكر الحقيقي هو الذي ليس فيه انتظار ولا مقاصة ولا مبادلة، وكل هذا محاط بشكر العباد، أما الشكر الحقيقي هو شكر المستغني وهو شكر الله تعالى، فهو شكر من لا ينتظر ثواب، بل بالعكس هو متصدق، والعبد رغم شكره فهو لا يستحق هذا الشكر، وإنما هو فضل من الله تعالى عليه، أما شكر العبد لله فهو شكر يستحقه الله تعالى.
وأضاف فضيلته أن على العبد أن يداوم على الشكر، بمعنى أن يكون شكورا، على أن لا يكون شكره مجرد ترديد لعبارة يقولها، كقوله "اللهم لك الحمد والشكر" عندما تأتيه نعمة، ولكن لا بد أن يكون الشكر من جنس النعمة، بمعني إذا أوتي مالا، فلن يكون شكره بأن يقول "اللهم لك الحمد والشكر"، وإنما يكون شكر نعمة المال بالإخراج من هذا المال مالا، كإخراج الزكاة والصدقات، فأنت بهذا تشكر الله تعالى على هذه النعمة، موضحا أن المؤمن مأمور بصلة رحمه والتصدق عليهم، مصداقا لقوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا"، فالآية بها أمر واضح، فعلى الإنسان التصدق على ذوي قرابته.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر أن للعلم أيضا زكاة، فالعالم يجب عليه أن يعلم غيره، هذه هي زكاة علمه، وإن لم يفعل ذلك فيكون غير شاكر على هذه النعمة، والطبيب الذي أوتي علم الطب، يجب أن يكون شكره من جنس النعمة، وهو أن يعالج الفقراء ويهتم بهم، مضيفا أن هناك شكر آخر وهو شكر الناس، مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم "لا يشكر الله من لا يشكر الناس"، فشكر العبد للعبد أمر مطلوب شرعا وكفى بهذا الحديث تبريرا لأن يكون هذا الفعل من فضائل الأعمال.
اقرأ أيضاًخلال لقائه.. شيخ الأزهر يشيد بمواقف «جوتيريش» الشجاعة في نصرة الحق الفلسطيني
برنامج «الإمام الطيب».. شيخ الأزهر: الله غافر غفور غفار يمتد ستره لما في داخل الإنسان وباطن قلبه
برنامج «الإمام الطيب».. شيخ الأزهر يكشف كيف يكون المؤمن حليمًا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الشكر برنامج الإمام الطيب الحلقة الخامسة عشر الله تعالى شیخ الأزهر شکر الله هو الشکر یکون شکر أن یکون
إقرأ أيضاً:
هل مجادلة ومعاتبة الوالدين من العقوق ؟
هل مجادلة الوالدين من العقوق.. وأيهما يقدم في الطاعة؟، سؤال نجيب عنه من خلال التقرير التالي، حيث يعتبر بر الوالدين مفهومًا عامًا يشمل الإحسان إليهما، وفعل ما يسرهما من الأمور الحسنة.
هل مجادلة الوالدين من العقوق؟قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24] فجمع بين طاعته وطاعة الوالدين.
والإحسان إلى الوالدين طاعتهما فيما أمرا به بما لا يؤدي إلى أذيتهما، وكان في أمرهما مصلحة ظاهرة لهما، بحيث لو لم يطع الابن والديه –في غير معصية الله تعالى- لتأذى الوالد أو الوالدة إيذاء ليس بالهين، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في عقوق الوالدين: "صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد" [فتح الباري لابن حجر 10/ 406].
فإذا أمر الوالد ابنه بأمر وأمرت الوالدة بخلافه، فإن قدر الابن على أن يرضيهما ويتوافقا في أمر معين فهذا أحسن الأمور، فإن لم يقدر ينظر أيهما فيه مصلحة: فإن كان أمر الوالد فيه مصلحة وأمر الوالدة مجرد تعنت فتقدم طاعة الوالد على طاعة الوالدة، وإن كان أمر الوالدة فيه مصلحة وأمر الوالد مجرد تعنت فيقدم أمر الوالدة.
أما إن كان أمر الأب وأمر الأم للابن في كليهما مصلحة له أو لم يدر المصلحة في أيهما، فإنه يقدم أمر الوالدة؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
قال الإمام النووي رحمه الله: "وفيه الحث على بر الأقارب، وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب، قال العلماء وسبب تقديم الأم كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق في حمله ثم وضعه ثم إرضاعه ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك" [شرح النووي على مسلم 16/ 102].
وقال ملا علي القاري رحمه الله: "وحديث أبي هريرة يدل على أن طاعة الأم مقدمة، وهو حجة على من خالفه... وقيل للحسن: ما بر الوالدين؟ قال: تبذل لهما ما ملكت وتطيعهما فيما أمراك ما لم يكن معصية" [عمدة القاري شرح صحيح البخاري 22/ 83].
حكم معاتبة الوالدينقال الداعية الإسلامي الشيخ رمضان عبد المعز، إن المؤمن يتراحم مع جميع فئات وطبقات المجتمع، مشيرا إلى أن الإنسان يجب أن يكون رحيما بنفسه وبوالديه، بدليل قوله تعالى "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ".
وأضاف خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، والمذاع عبر فضائية "dmc"، أن الوالدين درجة عالية فلا يجوز معاتبتهما أو الرد عليهما لأنه ليس من حق الأبناء محاسبتهما وإن أخطأ أحدهما أو كلاهما، مؤكدًا أن قضاء الله وقضاء النبي ينفذ ولا يناقش بدليل قوله تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".
وتابع، أنه يجب الرحمة بالصغار والضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام، مستدلا بقوله تعالى " كلا بل لا تكرمون اليتيم"، مؤكدًا أنه يجب الرحمة بمن يساعدوك لأنهم لا يعملون لديك، ولكنهم يساعدونك، ولا تستطيع الاستغناء عنهم، ولأننا كلنا نخدم بعض