اضطرابات التجارة في البحر الأحمر تضع حركة التجارة البحرية في مرمى الخطر، خاصة أن شهري مارس آذار وأبريل نيسان يشهدان عادة انتعاشه موسمية للتجارة العالمية.

 

وقال تقرير لمجلة (ذا ناشونال إنترست) الأميركية، إن من نتائج هجمات الحوثيين في البحر الأحمر «إدخال ما قد يكون تغييراً دائماً في أنماط التجارة والنقل العالمية، بعد أن اضطرت التجارة البحرية إلى إعادة توجيه جزء كبير من حركة النقل عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، ما يعني رحلة أطول وأكثر تكلفة، وانخفاضاً في عائدات مصر من حركة المرور عبر قناة السويس».

 

تداعيات اضطرابات البحر الأحمر

 

هجمات الحوثيين على السفن التجارية منذ 16 ديسمبر كانون الأول 2023 المستمرة حتى الآن دفعت شركات الشحن إلى إعادة توجيه سفنها بعيداً عن قناة السويس التي تشهد مرور 15 في المئة من حجم التجارة البحرية العالمية.

 

وأوضح البنك الدولي أن العديد من الاقتصادات في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وإفريقيا تعتمد بشكل كبير على ممر الشحن في البحر الأحمر للصادرات والواردات، وهو أمر مهم بشكل خاص لصادرات النفط من الشرق الأوسط إلى أوروبا ومن روسيا إلى آسيا.

 

وأضاف تقرير (ذا ناشونال إنترست) أن «هجمات الحوثيين أدت إلى تنامي الأعمال لخطوط السكك الحديدية البرية الروسية بين الصين وأوروبا»، مشيراً إلى أنه «رغم غضب أوروبا من استفادة روسيا من اضطرابات البحر الأحمر فلا يتوقع أن تسعى أوروبا لخسارة استخدام خدمة الشحن بالسكك الحديدية الروسية التي تتسم بالكفاءة اقتصادياً في تجارتها مع الصين».

 

وبينما فرض الاتحاد الأوروبي عشرات العقوبات الاقتصادية على قطاعات الاقتصاد الروسي المختلفة، فإنه أبقى هذه العقوبات بعيدة عن السكك الحديدية الروسية المهمة لتجارته مع الصين.

 

تكرار سيناريو أزمة سلاسل الإمداد 2021

 

وحذَّر البنك الدولي من أن استمرار الهجمات خلال مارس وأبريل قد يؤدي إلى حدوث أزمة في سلاسل التوريد مثل تلك التي حدثت في الفترة بين عامي 2021 و2022.

 

حدثت تلك الأزمة عندما أثبت شحن الحاويات عدم قدرته على دعم انتعاش التجارة الدولية بدءاً من أواخر عام 2020، وأدت عمليات الإغلاق المرتبطة بجائحة كورونا ونقص الموظفين في الموانئ إلى إبقاء السفن تنتظر أياماً أو أسابيع لتفريغ حمولتها؛ ما أدى إلى انخفاض عدد السفن المتاحة لنقل البضائع.

 

وأدت المنافسة إلى ارتفاع أسعار الشحن الفوري، وبلغت الزيادة ثمانية أضعاف على الطرق بين آسيا وأوروبا أو أميركا الشمالية مقارنة بعام 2019.

 

وبينما مصدر الضغوط على سلاسل التوريد مختلف في اضطرابات البحر الأحمر، لكن النتيجة قد تكون متشابهة، فتوجيه الشركات سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح يضيف نحو 3 آلاف إلى 3500 ميل بحري إلى الرحلة ما يساوي سبعة إلى عشرة أيام لمدة الرحلة بين أوروبا وآسيا.

 

وتنعكس التكاليف الإضافية للرحلة حول رأس الرجاء الصالح -تشمل مليون دولار من الوقود لكل رحلة ذهاباً وإياباً – في ارتفاع أسعار الشحن.

 

وقفز سعر الرحلة من آسيا إلى أوروبا إلى أكثر من 3000 دولار أميركي لكل حاوية طولها 40 قدماً؛ أي بزيادة ثلاثة أضعاف على أدنى معدل في عام 2023 نحو ألف دولار، وقد يعني هذا أن المصدرين في آسيا يتنافسون مرة أخرى على فتحات الشحن؛ تحسباً لحدوث اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد.

 

وتُظهر بيانات مؤشر الحاويات العالمي أنه في 30 نوفمبر تشرين الثاني الماضي كان متوسط تكاليف الشحن لحاوية يبلغ طولها 40 قدماً نحو 1328 دولاراً، في حين بلغ السعر في مارس آذار الجاري 3287 دولاراً.

 

صندوق النقد الدولي وسلاسل الإمداد

 

وقال صندوق النقد الدولي في وقت سابق إنه «في الأيام العشرة الأولى من شهر مارس آذار 2024 انخفضت حركة العبور عبر قناة السويس بنسبة 62 في المئة على أساس سنوي».

 

وما يزيد من مخاوف تكرار حدوث أزمة سلاسل التوريد هو أن ممراً بحرياً مهماً آخر يشهد أزمة، فالجفاف الشديد في قناة بنما أدى إلى اضطراب حركة الملاحة في القناة التي تشهد مرور 5 في المئة من التجارة البحرية العالمية.

 

وحذَّر صندوق النقد من أن اضطراب حركة الملاحة في ممرين بحريين مهمين قد يكون له تداعيات كبيرة على حجم التجارة البحرية العالمية المقدرة بنحو 14 تريليون دولار.

 

وأجبر الجفاف الشديد في قناة بنما السلطات على فرض قيود على عمليات عبور السفن اليومية منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى انخفاض التجارة المارة بالقناة بنحو 32 في المئة خلال أول شهرين من عام 2024.

 

مستقبل هجمات الحوثيين

 

وبينما أكد الحوثيون استمرارهم في مهاجمة السفن، قال تقرير (ذا ناشونال إنترست) إن السفن القتالية وحاملات الطائرات لم تعد قادرة على ادعاء السيطرة المطلقة على البحار، لأن أنظمة الأسلحة الشاطئية -التي يمكن لأي دولة أو حتى جماعة متمردة أن تمتلكها- أصبحت تشكل تهديداً لها.

 

وأضاف التقرير أن الدليل على هذا هو نجاح أوكرانيا في هزيمة البحرية الروسية في البحر الأسود رغم فارق القوة والتطور، مشيراً إلى أن ذات السيناريو يطبق في البحر الأحمر على يد الحوثيين.

 

التقرير رأى أن احتمال أن تتمكن عملية (أسبيدس) التي أطلقتها أميركا وشركاء أوروبيون من القضاء بشكل كامل على هجمات الحوثيين ضعيف، موضحاً أن تطور الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات الرخيصة قد أحدث ثورة في الحرب البحرية تماماً كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي.

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر اقتصاد أزمة سلاسل الإمداد الحوثي التجارة البحریة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین سلاسل التورید فی المئة

إقرأ أيضاً:

الفنارات البحرية على جزر البحر الأحمر.. دليل ملاحي وتاريخ سياحي

في قلب البحر الأحمر، تتوزع مجموعة من الفنارات التاريخية على جزر معروفة مثل الأخوين، أبو الكيزان، والأشرفي، لتؤدي دورها الأساسي في إرشاد السفن وتوجيه البحارة نحو مسارات الملاحة الآمنة بعيدًا عن الشعاب المرجانية والمناطق الضحلة.

ومع تطور سياحة الغوص بالمنطقة، باتت هذه الفنارات وجهة سياحية تجذب رحلات السفاري البحرية ومحبي استكشاف الجزر النائية، حيث يمكن للزوار التعرف على معالمها والتقاط الصور التذكارية، وهو ما أضاف بعدًا سياحيًا مميزًا لها.

وأوضح حسن الطيب رئيس جمعية الانقاذ البحرى السابق، أن بناء هذه الفنارات يعود إلى فترة افتتاح قناة السويس، حيث كانت تهدف لتوفير إرشاد آمن للسفن العابرة في المجرى الملاحي، ويعتبر فنارا "الأخوين" و"أبو الكيزان" من أبرز الفنارات التاريخية التي تجذب اليوم العديد من الغواصين، لما لهما من طابع أصيل يمتد عبر الزمن، ويحتفظان بوظيفة إرشاد السفن نحو الممرات البحرية الآمنة.

ويشيرالطيب إلى أن الزوار يمكنهم أحيانًا صعود برج فنار الأخوين، الذي يبلغ ارتفاعه 31 مترًا ويعود تاريخه للقرن التاسع عشر، حيث تم بناؤه على يد البريطانيين في عام 1883 وتم تجديده في 1993 من قبل هيئة السلامة البحرية، ويعمل هذا الفنار بعدسة "فرينل" المصنعة بواسطة شركة "تشانس برازرز"، التي تضيء بومضات بيضاء كل خمس ثوان ويصل مدى إضاءتها حتى 20 ميلًا بحريًا.

ولا تزال منارة فنار الأخوين تحتفظ بآليتها الأصلية، حيث يتعين على العاملين تدويرها يدويًا كل أربع ساعات، مما يعكس تفانيهم في الحفاظ على هذا المعلم الأثري الذي يجمع بين التاريخ والملاحة، ويشكل مقصدًا لاكتشاف جمال وروح التراث البحري.

مقالات مشابهة

  • فاتورة ذخائر بحرية واشنطن في البحر الأحمر
  • مركز أوروبي يعلق على تجنب السفن الحربية الألمانية البحر الأحمر.. هل تنجرف القوة البحرية الغربية؟ (ترجمة خاصة)
  • مركز تحليل السياسات الأوروبية يعلق على تراجع القوة البحرية الغربية
  • الفنارات البحرية على جزر البحر الأحمر.. دليل ملاحي وتاريخ سياحي
  • تداول 13 ألف طن شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر
  • المهمة البحرية الأوروبية تعين قائدا جديدا لـ"أسبيدس" لحماية السفن بالبحر الأحمر
  • مخاوف من تكرار "سيناريو 2020" حال إعلان ترامب "الفوز المُبكر" في انتخابات أمريكا
  • محمود فوزي: مشروع قانون التجارة البحرية يعيد تنظيم إكتساب السفن الجنسية المصرية
  • السفن الحربية الالمانية تتجنب المرور في البحر الاحمر
  • المنظمة البحرية الدولية قلقة على بحارة أبرياء تحتجزهم جماعة الحوثي