اكتشاف ديدان خيطية دقيقة.. تعمل كمبيدات حشرية
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
اكتشف فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد نوعا جديدا من الديدان الخيطية الصغيرة يمكنها السيطرة على آفات المحاصيل الزراعية في الأماكن الدافئة والرطبة.
ووفقا للدراسة التي نشرتها دورية بيوون المتخصصة في علم الطفيليات، فإنه يمكن استخدام هذه الديدان كمبيدات حشرية لحماية المحاصيل الزراعية عوضا عن المبيدات الكيميائية، كما أنها ليست ضارة للإنسان أو الثدييات الأخرى، ويمكن نثرها على المحاصيل، ومن السهل شراؤها.
المبيدات الحشرية مواد كيميائية تمنع الحشرات والأعشاب والفطريات من إتلاف المحاصيل، كما يستخدمها المزارعون لزيادة كمية المحاصيل التي يمكنهم إنتاجها. لكن الإفراط في استخدامها يشكل خطرا على صحة المزارعين والصحة العامة.
كما يمكن لهذه المبيدات أن تضر كثيرا بالنباتات، ويتجلى هذا الضرر في تغير لون الورق، أو شدة النتح المتمثل بخروج الماء على شكل بخار من أجزاء النبات المعرضة للهواء، وخصوصاً الأوراق أو السيقان أو الأزهار أو الجذور، وذلك عن طريق المسام النباتية، وهو ما سيكون له تأثيره في صحة المستهلك، إذ يمكن أن تسبب هذه المبيدات أعراضا مرضية عديدة منها تأثيرها في الجهاز العصبي، وكذلك الإصابة بالسرطان وخاصة سرطان الكبد، وتأتي هذه الأضرار من خلال تراكم المبيدات الكيميائية في النباتات ثم الحيوانات التي يتغذى عليها الإنسان.
من ناحية أخرى تفيد المعلومات عن أضرار الإفراط في استخدام المبيدات الكيميائية، بأن هذه المبيدات لا تميز بين الكائنات الضارة والنافعة، وتقتل الحشرات الضارة والنافعة معا، مما يسبب خللا في التوازن البيئي الطبيعي للبيئات الزراعية.
ومن هنا اتجه الباحثون إلى بدائل عن المبيدات الكيميائية، وذلك عن طريق استخدام ما يُعرف بالمبيدات الحيوية، فظهرت تلك التقنية التي تُستخدم فيها بعض الكائنات الدقيقة كالبكتيريا كمكافح للآفات المهاجمة للمزروعات، ومنها الديدان الخيطية المتوفرة في التربة الزراعية.
أهمية الديدان الخيطية في التربةالديدان الخيطية -واسمها العلمي "نيماتودا"- ديدان مجهرية مستديرة يختلف حجمها من 0.2 ملم إلى بضعة أمتار، وهي من بين أكثر الحيوانات وفرة على وجه الأرض، حيث توجد في التربة والمجاري المائية والتي غالبا ما تستخدم في مكافحة الآفات لأنها تتطفل بشكل طبيعي على مختلف الآفات الحشرية مثل يرقات سوسة الديدان أو اليرقات التي تعيش في التربة.
وتتكون الديدان الخيطية من عدة أنواع مثل الإسكارس والإنكليستوما، وأيضا ديدان ستياينيرنيما التي اكتُشفت أول مرة في عشرينيات القرن الماضي واستخدمت منذ مدة طويلة في الزراعة للسيطرة على الطفيليات الحشرية دون مبيدات حشرية، وتعيد الدراسة الحالية اكتشاف نوع منها يمكن استخدامه مبيدا حشريا.
وتلعب الديدان الخيطية دوراً حاسماً في التربة الزراعية، فهي تشكل مؤشرات حيوية مهمة لصحة النظام البيئي للتربة، إذ إنها مسؤولة عن إنتاج نحو 19% من أمونيا التربة.
نوع جديد من الديدانوفقا لتصريحه الذي تضمنه البيان الصادر من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، يقول رئيس الفريق البحثي أدلر ديلمان أستاذ علم أمراض الديدان الخيطية في جامعة كاليفورنيا: "على الرغم من وجود أكثر من 100 نوع من ديدان ستياينيرنيما، فإننا نبحث دائما عن أنواع جديدة، لأن كلا منها له ميزات فريدة، وقد يكون بعضها أفضل في مناخات معينة أو مع حشرات معينة، فقد اكتُشف هذا النوع الجديد في عينات من التربة أسفل شجرة اللونغان بتايلند، وهو صغير الحجم حيث يبلغ طوله حوالي 0.04 بوصة فقط، ولاستخدام هذا المبيد الحيوي نرش تريليونات منها على المحاصيل كل عام".
وأضاف ديلمان: "أن الدودة التي اكتُشفت كمبيد حيوي جديد أطلق عليها اسم ستياينيرنيما آدامسي نسبة إلى مكتشفها بايرون آدامز عالم الأحياء الأميركي ورئيس قسم الأحياء في جامعة بريغهام يونغ؛ يمكن أن يكون لها تطبيقات واضحة لتخفيف المعاناة الإنسانية التي تسببها الحشرات الحشرية".
ويرى ديلمان أن "مكتشف هذه الدودة بايرون آدامز ساعد في تحسين فهمنا لأنواع الديدان الخيطية ودورها المهم في البيئة وإعادة تدوير العناصر الغذائية في التربة، كما كان أيضا مستشاري الجامعي والشخص الذي عرّفني على الديدان الخيطية، وبدا هذا الاكتشاف بمثابة تكريم مناسب له".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات المبیدات الکیمیائیة فی التربة
إقرأ أيضاً:
عملاء إسرائيل في الخليج!
د. محمد بن عوض المشيخي **
الشعوب الحية والعظيمة تتعلم وتأخذ العبر وتتعظ من الدروس، لكي تتجنب الوقوع في أخطاء الماضي، وتعمل بجهود مضاعفة لتحجز لنفسها مكاناً مرموقاً يليق بتراثها التليد وشموخها وتضحياتها بين الأمم في هذا الكون الذي لا مكان فيه للضعفاء والانهزاميين، وعلى الرغم من ذلك فهناك من يتهم العرب بعدم قراءة التاريخ والخوف من النظر إلى الخلف بما يحمله من أحزان وإخفاقات.
صحيحٌ أن هناك صحوة فكرية ووعيًا غير مسبوق ويقظة للحفاظ على ثوابت الأمة على وجه الخصوص من المفكرين وجيل الشباب، لكن في المقابل يشهد عالم اليوم متغيرات لم نعهدها من قبل، من خلال بروز التيارات المتطرفة التي يقودها ما يعرف بـ"المحافظين الجدد" أصحاب النزعة الإجرامية والتوسعية من مصاصي دماء البشر؛ حيث يسود عالم الصفقات التجارية والسيطرة على ثروات العالم بقوة السلاح.
ومن هنا، تتجه بوصلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو العرب هذه المرة ليس فقط لمنح الكيان الصهيوني فلسطين المحتلة بالكامل والقضاء على فكرة قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، بل العمل بجهد مضاعف على محاولة إخضاع الدول العربية المطبعة أوالمنتظرة دورها للتطبيع لتكون تابعة وخاضعة للنفوذ الإسرائيلي، من خلال اصطفاف هذه الدول خلف نتنياهو كالأقزام الصغيرة، على الرغم من وجود دول ذات سيادة وكان لها تاريخ عريق وثقل سياسي ونفوذ عسكري في ماضي الأيام على مستوى العالم.
والهدف الأساسي من ذلك هو أن يكون نتنياهو الآمر الناهي في المنطقة، ليس مقابل السلام العادل؛ بل لكي تستمر هذه الأنظمة في الحكم بشكل صوري حتى يحين موعد القضاء عليها نهائيا؛ وذلك أقرب إلى سيناريوهات سقوط الخلافة العباسية على يد التتار، وكذلك انهيار وتساقط ملوك الطوائف في الأندلس.
وهذا الأمر يستدعي أن تتحرك الشعوب بسرعة لإنقاذ مستقبل الأمة ومقاومة الطغيان والعربدة الأمريكية التي تعتمد على نهب أموال الشعوب والسيطرة على مقدرات الأوطان بلا رحمة وتطويعها لأعداء أمة الإسلام من الشركات متعددة الجنسيات والتي تعود ملكية بعضها إلى عرَّاب "صفقة القرن" دونالد ترامب، الذي يعمل ليل نهار لنهب وجمع الثروات من الشرق والغرب.
هنا نتذكر موقفًا فريدًا وشجاعًا يُكتب بماء الذهب من رئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق مرزوق الغانم في مؤتمر اتحاد البرلمان العربي الطارئ في الأردن، والذي أمسك بنسخة من صفقة القرن المزعومة وألقاها في سلة المهملات، مؤكدا أنَّ تلك الصفقة وُلِدَت ميتة و"مكانها مزبلة التاريخ".
لا شك أنَّ التآمر على المسلمين والعرب هواية وهدف أصيل ليس للغرب الإمبريالي فقط؛ بل بالشراكة مع المتطرفين حول العالم والصهاينة، إلى جانب تجنيد جواسيس من العاملين الأجانب في دول الخليج والجمهورية الإسلامية الإيرانية لمصلحة إسرائيل والغرب الاستعماري.
وما يتم تداوله بين البعض حول اختراق وقرصنة البيانات الحساسة لبعض الدول في المنطقة، وخاصة معلومات السجل المدني وبيانات جوازات السفر للمواطنين وأنظمة المطارات والمعدات العسكرية من قبل الفنيين والبرمجيين من جنسيات بعينها ومنهم من يعملون في وزارات وشركات الدول المستهدفة، ومن ثم تسليمها للموساد، والأخطر من ذلك كله أنَّ تلك البرمجيات- بحسب الخبراء- تعمل على تعطيل المعدات العسكرية، وتُمكِّن الجواسيس من التحكم عن بعد في الأهداف المطلوبة، رغم ما تبذله أجهزة مكافحة التجسس وفرق الأمن السيبراني في تلك الدول من جهود لكشف تلك الأعمال الإجرامية التي سبق لها أن تسببت في قتل قادة وعلماء واستهداف المنشآت النووية في إيران خلال حرب الأيام الـ12.
عددٌ من العاملين في هذا القطاع، يُشيرون إلى أن هناك برامج وتطبيقات جرى استيرادها من إسرائيل، عن طريق شركات آسيوية تعمل في المنطقة، ثم جرى تركيبها في الأجهزة الحاسوبية، وهي تحتوي على عين ثالثة تجسُّسية أو برمجيات خلفية تُرسل معلومات إلى الكيان الصهيوني مباشرةً من إيران وعدد من دول الخليج؛ إذ تعمل على التجسس ونقل معلومات عسكرية ومدنية حساسة إلى الموساد باستخدام شبكات إنترنت فضائية عبر الأقمار الصناعية، مثل تلك التي أنشأها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
وفي الختام.. يبدو لي أن منطقة الشرق الأوسط تمُر حاليًا بمخاض عسير شبيه باتفاقية "سايكس- بيكو" التي تآمرت فيها الدول الاستعمارية على الوطن العربي باحتلاله وتقسيمه إلى كيانات ودويلات صغيرة، يتولاها عملاء ولاؤهم للخارج أكثر من الوطن؛ وذلك لكونهم وكلاء لبريطانيا وفرنسا اللتين لم تكتفيا بتقسيم الأراضي العربية؛ بل وزرعتا فيها الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وتعهدوا بحمايته للعمل كقاعدة متقدمة لتحقيق غايات الغرب الاستعماري. والأيام المقلبة ستكشف لنا ما يُحاك من مؤامرات وخيانات في الدهاليز المُظلِمة، بأيدي عدد ممن يعملون في دولنا الخليجية، المتعاونين مع أجهزة استخباراتية عالمية، وعلى رأسها الموساد.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري