قال حسن المرضي، عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، إن الإصلاحات المقياسية، التي قامت بها الحكومات المتعاقبة، لأنظمة التقاعد كانت من دون جدوى، وكانت تقدم حلا ترقيعيا وليس إصلاحا شموليا.

ودعا المرضي، الحكومة إلى التحلي بـ”الجرأة السياسية” من أجل الحفاظ على حقوق الموظفين الحاليين والموظفين المقبلين على التقاعد، قائلا إن “الإصلاح يستوجب حوارا وطنيا تشارك فيه الفعاليات السياسية والنقابية والمدنية، وذلك عبر لقاء وطني لتشخيص وضعية جل صناديق التقاعد من أجل الخروج بتوصيات عملية تفضي إلى اعتماد الإصلاح البنيوي”.

وأضاف أن “هذا الأمر يبدأ بالحكامة داخل المجالس الإدارية لهذه الصناديق وربط المسؤولية بالمحاسبة ومراقبة صارمة لميزانية الصناديق”، مشيرا إلى أنه “حتى إذا عملت الحكومة على توسيع الانخراط ورفع المساهمات، فعليها تحمل مسؤولياتها للحفاظ على التوازنات المالية للصناديق”.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

قانون التقاعد وطموحات التعديل

تفترض المقتضيات الداعية إلى إصدار قانون التقاعد الجديد -الذي آل إلى منظومة «قانون» الحماية الاجتماعية- إلى رفد التوازن المالي فـي سلطنة عُمان، ولهذا الشأن أربابه ومختصوه فـي تحديد هذا التوجّه الرامي إلى ضبط النظام المالي العُماني وحمايته، وتوالت مظاهر التعافـي المالي فـي سلطنة عُمان فـي السنوات القليلة الماضية لتبعث أملا يرسم مسارا ماليا واقتصاديا ناميا فـي عُمان، ولم يكن لمثل هذا المسار أن يلوح فـي الأفق ويبين عن معالمه لولا التضحيات التي بذلتها سلطنة عُمان حكومة وشعبا، وفـي هدف آخر، يأتي قانون التقاعد الجديد بميزات مفـيدة أهمها تحقيق العدالة الاجتماعية عبر توحيد صناديق التقاعد خصوصا تلك التي جمعت صناديق الخدمة المدنية مع صندوق القطاع الخاص -بجانب ما تفرّع من الميزات المنطلقة من منظومة الحماية الاجتماعية مثل تخصيص منافع مالية اجتماعية جديدة تشمل كبار السن والأطفال والأيتام والأرامل والأسر ذات الدخل المحدود-، ولكن فـي بعد اجتماعي آخر، نرى أن المصلحة العامة المرتبطة بهذا القانون المتمثلة فـي تنمية هذه الصناديق المالية وتعزيز قوتها صاحبها أيضا عدم ارتياح من عدد سنوات الخدمة الإلزامية المطلوب إكمالها وارتباطها بسنوات عمرية محددة لبلوغ شرط استحقاق معاش التقاعد سواء الطبيعي ( ٦٠عاما) أو المبكّر (٥٠-٥٥ عاما)؛ لتترك علامات استفهام غير مجابة بشكل واضح وصريح فـيما يخص مجموعة أخرى من الجزئيات، وحاولت بعض الجهات الرسمية أن تتدارك أجوبتها وفق أبجديات رياضية لم تستوعبها كل الأذهان، وترك بعضهم أجوبتها إلى المستقبل المجهول -مثل آلية حساب متوسط الراتب الذي يدخل فـي معادلات حساب استحقاق معاش التقاعد- الذي قاد بعض الموظفـين -سواء فـي القطاع العام أو الخاص- إلى بث توجساتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو فـي المساحات الاجتماعية الخاصة والمغلقة معبرين عن عدم توافقهم مع هذا التعديل خصوصا فـيما يتعلق بسنوات العمل والعمر الإلزامية والنسبة المئوية للراتب بعد التقاعد والحقوق المالية المستحقة.

رغم ظهور هذا القانون الجديد وسريان تفعيله، ولكن لم تختفِ ضرورات مراجعته؛ فجاء التوجيه السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مؤكدا أهمية المراجعة لمثل هذه القوانين -منظومة الحماية الاجتماعية- وتقويمها التي لا ترمي -فـي أصلها- إلا فـي تحقيق المنفعة العامة للجميع على هذه الأرض الطيبة، وكذلك ظهرت الأصواتُ المؤيدة لتخفـيض سنوات الخدمة الإلزامية للتقاعد خصوصا للمرأة فـي ملتقى الحوار الوطني «معا نتقدم» الذي كان بمثابة الشراكة العُمانية بكل قطاعاتها وأدوارها الوطنية؛ لأجل الدفع بالمسار العُماني إلى مزيد من النجاح والنمو فـي جميع القطاعات. تؤكد كل هذه التوجهات التي تنطلق من قمة هرم السلطة العُمانية وتشمل صوت كل عُماني محب لوطنه أننا نعمل جميعا على تحقيق المصلحة العامة والبحث عن سبل تفعيلها عن طريق سن القوانين ومراجعتها وتعديلها مع كل المقتضيات والضرورات ذات البعد الوطني والاجتماعي.

لست بصدد إعادة ما يمكن للجميع أن يقرأه عن تفاصيل منظومة الحماية الاجتماعية -تحديدا ما يتعلق بقانون التقاعد- فـي مواقع إلكترونية رسمية، ولكنني بصدد المشاركة بالرأي الذي يشترك معي فـيه مجموعة كبيرة من شريحة المجتمع العُماني، وأهدف بهذا الرأي إلى طرح وجهة نظر تهدف إلى مراجعة قانون التقاعد بما يلامس طموحات غالبية المستفـيدين منه وبما يحقق أدنى تأثير على الوضع المالي العام أو الخاص بصناديق منظومة الحماية الاجتماعية وما يتفرّع منها من خدمات اجتماعية تخدم مختلف فئات المجتمع. علينا أن نعي أن ثمّة رغبات متباينة فـيما يخص الارتباط المهني والوظيفـي والحقوق المترتبة بعد سنوات الخدمة؛ فشريحة من الموظفـين ذات رغبات بالبقاء فـي الوظيفة ونشاطها إلى فترات زمنية طويلة لعلّها تتجاوز الفترة الزمنية المحددة -٣٠ عاما من الخدمة و٦٠ عاما من العمر-، وفـي المقابل نجد شريحة أخرى ذات طموحات مغايرة تتمثل فـي التقاعد المبكّر لأسبابها الكثيرة مثل الانخراط فـي حياة خاصة والتفرّغ لها مثل نشاطات تجارية أو أعمال تطوعية واجتماعية أو ثقافـية ومعرفـية؛ فلا تجد قدرةً على تحقيق مثل هذه الطموحات إلا عبر توفّر استحقاق تقاعدي يأتي بعد سنوات من العمل -يمكن أن نقبلها أن تبدأ بعد عشرين عاما-. فـي حالة الفئة ذات الميول إلى الاستمرار الوظيفـي لسنوات طويلة؛ فإنه من اليسير أن نجد مثل هذه النماذج البشرية ذات الطاقات الإنتاجية طويلة المدى والخبرات المتراكمة حال تحقق عنصر المرونة الذي يتيح للموظف أن يستمر فـي وظيفته مع توفّر الشرط الصحي بجميع جوانبه -حتى لو تجاوز العمر المحدد ب٦٠ عاما-، وكذلك بالنسبة للفئة الأخرى التي ترغب بالتقاعد فـي عمر مبكّر -مع افتراض تحقيقه لشرط إكماله عشرين عاما من الخدمة-؛ سنجد أن مثل هذه المرونة بعمومها يمكن أن تحقق توازنا اجتماعيا وماليا عبر سياسة فتح الخيارات المؤدية بالعنصر البشري المُنتِج إلى مسارات مهنية أكثر إنتاجية ومسارات حياة أكثر استقرارا، وفتح فرص عمل تتسع لطاقات وطنية جديدة أخرى تنتظر دورها المنوط فـي سوق العمل، وهذا أشبه بالتوازن البيئي فـي الطبيعة التي تتطلب قدرا من المرونة دون إفراط أو تفريط.

لتلخيص مقترح التعديل؛ فنجد أن يستمر بنظام صناديقه الموحّدة التي تكفل العدالة الاجتماعية للجميع دون تمييز مع تعديل اشتراطات سنوات الخدمة ودون حدّها بالعمر، وأن تكون مفتوحة لمن يكمل عشرين عاما من الخدمة -مع تحديد نسب مئوية واضحة من إجمالي الراتب وفقَ تصنيف عدد سنوات الخدمة تحتسب لراتب التقاعد- دون أن تحدّ بسنوات بعد تجاوز هذه المدة حال توفّر الرغبة والظروف الصحية الموائمة -الجسدية والعقلية-، وحينها ستكون هناك فضاءات أرحب للإنتاجية المهنية والمعرفـية والتخصصية، ولا أظن أن مثل هذا التعديل سيسبب تزعزعا للتوازن المالي الذي يمكن حمايته بسبل أخرى بعيدة عن المساس برغبات الإنسان وحقوقه؛ فلا ينبغي أن تعتمد هذه الصناديق على السريان المالي الشهري المقتطع من أجر المشترك الذي لا يكون مجديا مع الأمد البعيد نظرا إلى التغيرات الديموغرافـية مثل زيادة عدد المتقاعدين مقارنة بالموظفـين المساهمين؛ لنجد أن للحلول سبلا أخرى عن طريق تنويع مصادر تمويل صناديق التقاعد بتعدد الاستثمارات فـي مشروعات تنموية مستدامة مثل تلك المرتبطة بالاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة والاستثمارات الإستراتيجية الأخرى لضمان استدامة التمويل وتنميته. ما نزال فـي مطلع سنواتنا الأولى على هذه التجربة المتمثلة فـي منظومة الحماية الاجتماعية؛ فنأمل أن نتدارك ما يمكن تصحيحه؛ لتحقيق أعلى درجات النجاح التي تنعكس فوائدها وخيرها على مصلحة الوطن والمواطن.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • تفاصيل صرف الدفعة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي
  • إصابتان بانهيار جزء من مبنى دائرة التقاعد في الناصرية (فيديو)
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إحراز تقدم معين في المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • قانون التقاعد وطموحات التعديل
  • رفع سن التقاعد.. تعزيز للصندوق أم عبء على الخزانة العامة؟
  • مسؤول إسباني: والدة لامين يامال كانت مفتاح قراره بتمثيل إسبانيا بدلًا من المغرب
  • ضبط 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع
  • السعودية تدين الجرائم التي قامت بها مجموعات خارجة عن القانون في سوريا وتؤكد وقوفها إلى جانب الحكومة السورية