النكبة في مواجهة الطوفان

الدائرة، هذه الأيام، تضيق جداً حول متمردي الدعم السريع وحلفائهم المدنيين، و المحاصرين لهم، من الجيش السوداني يحكمون الخناق حولهم في العاصمة الخرطوم ، يبتغون ابتلاعهم باسرع وقت.

ما كان طوال الأشهر الماضية يصنف في التقارير الإعلامية تحت خانة تسريبات و إشاعات، أضحى واقعاً خلال الشهر الماضي، ومع حقيقة تقدم القوات المسلحة في الميدان.


كلما تقدم الجيش السوداني في ميدان القتال، كلما تعالت الأصوات التي تنادي بضرورة التهدئة، وتكثر الأخبار الصحافية حول مقترحات دولية تتعلق بضرورة التفاوض ، وصولاً لاتفاق سلام، وكلما كثرت المبادرات أيضاً، و كأن هناك طرفاً يئن كلما أستعاد الجيش منطقة أو مقر، ويشعر بخسارة فادحة.

حرب ١٥/ أبريل عمقت الهوة بين السودان و حلفاء الدعم السريع الإقليميين، ومعارك “التصريحات الصحافية” لقادة الدولة أظهرت ذلك، بعد أن سبقت الشوارع مراكز القرارات الرسمية في إدانة التدخل الإماراتي في الشأن السوداني، وتلك الجرائم الفادحة التي يستخدم فيها السلاح الإماراتي و تسدد نفقاتها الأموال الإماراتية، والتي لم يعد الضمير الإنساني قادراً على التغاضي عنها كما كان يحدث من قبل.

الشارع السوداني اكتشف أعداءه منذ بواكير اندلاع الحرب، أو ربما قبل اندلاعها، إبان التداول حول الاتفاق الإطاري، و تيقن أن المتهم الأول قبل الإمارات هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول بدبلوماسيتها كثيرة الحركة وقليلة المردود، أن تتجنب المسؤولية الأولى عن هذه الحرب، إلا أنها لا تفلح، فهي ما تزال في نظر السودانيين الشريك المباشر فيها إن لم نقل عرابها الأعلى.

مخالب القط في هذا الصراع الدولي حول السودان، من القوى المدنية التي تتحالف مع المليشيا ، أصبح رصيدها الجماهيري صفرياً، فمنذ الساعات الأولى لاندلاع حرب ١٥/ أبريل، بدأت سلسلة أخطاء القوى المدنية (ق. ح. ت)، وأولها و أشدها فداحة دمج موقفهم من الحرب بالموقف الذي صممه الأمريكان.

فقد أقامت الولايات المتحدة الأميركية سداً يحول دون إمداد الجيش السوداني بالسلاح والذخائر، والضغط على حلفاء السودان في اتخاذ موقف الحياد، وتجلى ذلك في الموقف المصري، الذي بدأ داعماً و مسانداً وانتهى إلى التضييق على اللاجئين السودانيين.
التعاقد مع الجوار الأفريقي (تشاد ‘أثيوبيا’ أفريقيا الوسطى ليبيا حفتر) لفتح الحدود أمام تزويد آلة الحرب والدمار بكل ما يلزمها لجعل السودان بلداً غير قابل للحياة فيه، وظهر ذلك بشكل دقيق تماماً في السياسة الأميركية تجاه الأزمة السودانية وإعلان وزارة الخزانة الأمريكية حظر شركات تتبع لمنظومة الصناعات الدفاعية، وهي الجهة الفنية الموكل لها استيراد السلاح داخل منظومة الجيش السوداني.

ولكن واقع الحال على الأرض في السودان، يقول إن الطوفان قادم، وان انتصار القوات المسلحة في هذه الحرب حقيقة حتمية، ليس انتصاراً عسكرياً فقط، بل سياسياً أيضاً ، بأن أصبحت القوى السياسية التي تطالب بحلها وإعادة هيكلتها، وعملت خلال عامين من حكمها على محاولة تدمير الدولة السودانية ومؤسساتها، أصبحت منبوذة الجماهير، لن يتجرأ أحد من قادتها زيارة أرض السودان في القريب العاجل.

أهم من “الطوفان” مشاهد ما بعد الطوفان. البصمات التي سيتركها على الحاضر والمستقبل في السودان والمنطقة، بأن سيحقق أسطورة “انتفاضة الشعوب ضد الاستعمار الجديد”، سيصبح المشروع الإماراتي الأمريكي في نهب موارد السودان مدفوناً تحت ركام معركة الكرامة.

محاولة الرد على” الطوفان بصناعة نكبة جديدة سيمدد الإقامة على خط الزلازل. أو معالجته بحل يعيد الملف إلى ما قبل ١٥/ أبريل، يهدر كل الفرص التي ستعطي السودان فرصة التقاط أنفاسه.
محبتي واحترامي

رشان أوشي
رشان اوشي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الجیش السودانی

إقرأ أيضاً:

السودان.. الجيش يسيطر علي مباني ومواقع استراتيجية في الخرطوم

 
واصلت وحدات برية من الجيش السوداني مسنودة بالدبابات، تقدمها في اتجاه محور وسط العاصمة الخرطوم حيث سيطرت قوات الجيش بالفعل على عدد من المباني والمواقع الاستراتيجية، من بينها مجمع النيليين المجاور لجسر المسلمية، وموقف شروني المؤدي إلى القصر الرئاسي، فضلا على حديقة القرشي".

ووفق مصادر عسكرية سودانية؛ فقد كثف الجيش انتشاره في شوارع الصحافة ظلط، مطبقا بذلك حصاره على قوات الدعم السريع الموجودة في عدد من المباني بالمدينة.

وكان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد قال في كلمة نشرت على منصة "تليجرام"، الأحد، إن قواته "لن تخرج" من العاصمة الخرطوم، مهددا بتصعيد جديد في المعارك ضد الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان.

وذكر حميدتي الذي ظهر بعد اختفاء طرح تساؤلات على مدار الأشهر الماضية، إن "الوضع مختلف حاليا"، مضيفا: "الحرب داخل الخرطوم. ولن نخرج من القصر الجمهوري".

جاء الخطاب بعد فترة طويلة غاب فيها حميدتي عن الظهور علنا، في وقت حقق فيه الجيش تقدما كبيرا في المعارك على مدار الأشهر الماضية.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية ، قد لفتت في تقرير سابق، إلى "اختفاء" حميدتي من ميادين القتال منذ أشهر، مما "أثار استياء واسعا وسط جنوده، شعورهم بالتخلي عنهم".

جدير بالذكر ان السودان يشهد منذ نحو عامين حربا مدمرة بين قوات الدعم السريع والجيش، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين.

وأحدثت الحرب انقساما في البلاد، حيث أصبح الجيش يسيطر على الشمال والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.
 

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يستعيد مواقع حيوية في الخرطوم و”الدعم السريع” ترد بقصف أم درمان
  • اتهام الجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيماوية.. ومسؤول ملف حقوق الإنسان في جنيف يرد
  • قائد في الجيش السوداني يكشف عن خيارين أمام الدعم السريع وسط الخرطوم
  • قائد «درع السودان» يتبرأ من جرائم «الدعم السريع» ويؤكد أنه جزء من الجيش
  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • الجيش السوداني يحاصر الدعم السريع بالخرطوم والسلطات تكتشف مقبرة جماعية
  • الجيش السوداني يضيق الحصار على الدعم السريع ويقترب من القصر الرئاسي
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يسيطر على أهم مستشفيات الخرطوم.. والقصر الرئاسي مسألة وقت
  • السودان.. الجيش يسيطر علي مباني ومواقع استراتيجية في الخرطوم