مرمى الاستهداف.. لماذا رفعت الدول الأوروبية "التأهب الأمني" بعد هجوم موسكو الإرهابي؟
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
في خضم التوترات الجارية على الصعيدين الإقليمي والدولي وتنامي موجة الإرهاب في مختلف أنحاء العالم، فقد جاء الهجوم الإرهابي الذي شهدته قاعة الحفلات الموسيقية «كروكوس سيتي هول» قرب العاصمة الروسية موسكو مساء 22 مارس 2024؛ ونجم عنه حتى الآن مقتل ما لايقل عن 137 شخصاً وإصابة أكثر من 180 آخرين، وأعلن تنظيم «داعش خراسان» (ISIS-K) مسؤوليته عنه؛ ليعيد قلق بعض الدول الأوروبية من دور التنظيم الإرهابي خلال الفترة المقبلة وتخوفها من أن يشن مزيد من العمليات الإرهابية في مختلف أنحاء القارة، ولقد جاءت فرنسا وإيطاليا على رأس هذه البلدان، الأمر الذي دفعهم لرفع حالة التأهب الأمني.
وتجدر الإشارة أن العديد من دول العالم قد أدانت هجوم «كروكوس»، إذ علقت المتحدثة باسم حلف الناتو «فرح دخل الله» على هذا الهجوم في 23 مارس الجاري، قائلة، "ندين بشكل لا لبس فيه الهجمات التي استهدفت مرتادي حفل موسيقي في موسكو. ولا يوجد ما يمكن أن يبرر مثل هذه الجريمة الشنيعة. ونعرب عن تعازينا العميقة للضحايا وأسرهم".
حالة التأهب الأمني
وفيما يتعلق بإجراءات الدول الأوروبية بعد هجوم موسكو، فقد ترأس الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» الذي أدان بأشد العبارات هذا الهجوم؛ في 24 مارس الجاري، اجتماع مجلس الدفاع في قصر الإليزيه الذي ناقش "هجوم موسكو وتداعياته"، وعقب الاجتماع أصدرت رئاسة الوزراء الفرنسية ؛ قراراً يقضي برفع حالة التأهب الأمني إلى أعلى مستوى وذلك بعد خفضه إلى المستوي الثاني مطلع العام الجاري، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الفرنسي «غابرييل أتال» الذي أشار بأن تنظيم «داعش خراسان» الذي تبنى الهجوم يهدد عدد من الدول الأوروبية من بينها "فرنسا وألمانيا"، وأضاف بأن كلا الدولتين سبق وأحبطت مؤخرا خطط لهجمات هذا التنظيم.
ومن الجدير بالذكر أن نظام التحذير من الإرهاب في الأراضي الفرنسية يتألف من ثلاثة مستويات، ويتم اتخاذ قراراً بتفعيل المستوى الأعلى في حال وقع هجوم داخل فرنسا أو في الخارج، أو عندما يعتبر التهديد وشيكا، ولذلك فإن رفع حالة التأهب الأمني يأتي قبل أربعة أشهر من دورة الألعاب الأولمبية بالعاصمة باريس في الفترة من (26 يوليو - 11 أغسطس 2024)، لذلك تسعى الدولة الأوروبية لاتخاذ تدابير أمنية استثنائية لتعزيز الأمن في البلاد والتصدي لأية أعمال إرهابية، وهذا من خلال تكثيف نشر الدوريات للقوات المسلحة الفرنسية في الأماكن العامة ومنها محطات القطارات والمطارات والمواقع الدينية.
إجراءات إيطاليا
وعلى الصعيد الإيطالي، فقد أعلنت وزارة الداخلية الإيطالية، في 24 مارس الجاري، تعزيز الإجراءات الأمنية في المواقع المهمة، التي يحتمل أن تكون أهدافًا للإرهابيين، وخاصة في أماكن العبادة، وتحديداً المعابد اليهودية والسفارات ومراكز النقل الرئيسية مثل محطات القطارات والمطارات، وقد كشفت وسائل الإعلام الإيطالية بأن اللجنة الوطنية للنظام العام والأمن ستعقد اجتماعاً اليوم 25 مارس الجاري، لتحليل الوضع بعد هجوم موسكو.
مرمى الاستهداف
وحول دلالات رد الفعل الأوروبي، يقول «هشام النجار» الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن كل دول أوروبا في مرمى الاستهداف عاجلا أو آجلا خاصة أن هناك خلايا نائمة لتنظيم داعش الإرهابي داخل هذه الدول وتضاعفت الاستقطابات وتزايد النشاط التجنيدي بعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر الماضي وهناك مخاوف جدية عبر عنها مراقبون بشأن إقدام «داعش خراسان» على تنفيذ عمليات كبيرة أخرى للإبقاء على وتيرة حضوره في المشهد ولتحقيق أهدافه القريبة والبعيدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: داعش هجوم موسكو فرنسا ايطاليا التاهب الامني حالة التأهب الأمنی الدول الأوروبیة مارس الجاری هجوم موسکو
إقرأ أيضاً:
لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
أنقرة – بينما تعزز تركيا مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية، إذ تبرز الأرقام الرسمية لعام 2024 شاهدة على نجاح أنقرة في ترسيخ علاقاتها التجارية مع الدول العربية.
وسجلت صادرات تركيا إلى الدول العربية 39.9 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، محققة نموا بنسبة 7.7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وشكلت الدول العربية وجهة رئيسية لصادرات تركيا، إذ مثلت نحو 18.4% من إجمالي صادراتها نحو أسواق العالم البالغة 216.4 مليار دولار في الفترة ذاتها، وفق بيانات نظام التجارة العام التركي.
العراق في الصدارةوتتصدر العراق قائمة المستوردين العرب للمنتجات التركية، تليها الإمارات ومصر والسعودية، مع تنوع ملحوظ في الصادرات يشمل مواد البناء، والمنسوجات، والأغذية، والأجهزة التقنية.
ولا يعكس هذا التنوع اتساع قاعدة الإنتاج التركي فقط، بل يُظهر قدرة الاقتصاد التركي على تلبية احتياجات أسواق مختلفة، سواء من السلع الأساسية للأسر أو المنتجات ذات القيمة المضافة التي تلبي احتياجات قطاعات حيوية ومتقدمة.
لكن هذه العلاقة الاقتصادية ليست وليدة اللحظة، فقد شكل التعاون التجاري بين تركيا والدول العربية لعقود ركيزة مهمة لتعزيز التكامل الإقليمي.
ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًا في طبيعة هذا التعاون، وتجاوزت العلاقة حدود التجارة التقليدية لتصبح جزءًا من رؤية إستراتيجية واسعة تشمل مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية والطاقة، خاصة في منطقة الخليج التي تشهد طفرة تنموية كبرى، وفق مراقبين.
وفتح هذا الوضع الجديد الأبواب أمام تركيا لتكون شريكًا إستراتيجيًا في توفير المواد والخبرات التي تتطلبها هذه المرحلة من النمو، مما يعزز مكانتها كواحدة من أهم المزودين الإقليميين.
قائمة الدول العربية الأكثر استيرادا من تركيا تصدر العراق القائمة بواقع 10.76 مليارات دولار. جاءت الإمارات ثانيا بـ6.84 مليارات دولار. ثم مصر 3.4 مليارات دولار. والسعودية 3.26 مليارات دولار. المغرب 2.8 مليار دولار.الصادرات التركية إلى العالم العربي زادت 7.7% في 10 أشهر من العام الحالي 2024 (وكالة الأناضول) تطور في العلاقات التركية العربية
وأكد رئيس اتحاد الغرف العربية، سمير بن عبد الله ناس خلال الاجتماع الخامس المشترك للغرف العربية والتركية في فبراير/شباط الماضي، أن العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وتركيا تشهد نموًا مستمرًا وتطورًا على مختلف الأصعدة، مشيرا إلى أن تركيا تُعد شريكًا اقتصاديًا بارزًا للمنطقة العربية، إذ يبلغ حجم التجارة البينية بين الطرفين نحو 55 مليار دولار.
وأوضح ناس أن الصادرات التركية إلى الدول العربية تسجل نموًا سنويًا يصل إلى 10%، مدفوعة بتزايد الاستثمارات العربية المباشرة وغير المباشرة في تركيا، والتي شهدت نموا ملحوظًا ومتراكمًا خلال السنوات الأخيرة.
أسباب نمو التجارة بين تركيا والعربأوضح الباحث الاقتصادي، إمره أوزدمير أن النمو المتسارع في صادرات تركيا نحو الدول العربية يعكس تضافر مجموعة من العوامل السياسية والجغرافية والاقتصادية التي أسهمت في تعزيز مكانتها كشريك تجاري رئيسي في المنطقة.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن التقارب السياسي بين أنقرة وعدد من العواصم الخليجية لعب دورًا محوريًا في استعادة الثقة وإعادة بناء العلاقات الاقتصادية التي تأثرت خلال فترات التوتر، مما أتاح للطرفين فرصة توسيع التعاون وإطلاق مشاريع مشتركة ذات أثر ملموس على حركة التجارة.
وأضاف أن هذه الجهود تُوجت بخطوات إستراتيجية لتعزيز التعاون التجاري، كان أبرزها إعلان وزارة التجارة التركية في نهاية يوليو/تموز الماضي عن عقد الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي في أنقرة.
واعتبر إمره أوزدمير أن هذه المفاوضات تمثل نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية، وتفتح المجال أمام تعزيز حركة التجارة والاستثمارات بين الجانبين بشكل أكثر كفاءة وتنظيما.
وأضاف أن الموقع الجغرافي لتركيا ظل عنصرًا رئيسيًا يدعم حركة التجارة مع الدول العربية، إذ إن قربها من الأسواق الخليجية والشامية، إلى جانب شبكة النقل الحديثة التي طورتها، جعلاها خيارًا مفضلا لتجارة السلع والبضائع.
وأوضح أوزدمير أن هذا الموقع الجغرافي وشبكة النقل التركية يوفران إمكانية تسليم المنتجات بسرعة أكبر وتكاليف أقل مقارنة بالدول الأوروبية أو الآسيوية التي تواجه تحديات لوجستية أكبر.
كما أشار إلى أن المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها دول الخليج، مثل رؤية السعودية 2030 وكأس العالم 2022 في قطر، لعبت دورا كبيرًا في زيادة الطلب على مواد البناء والمعدات الصناعية.
وأوضح الباحث الاقتصادي أن هذه الطفرة التنموية دفعت الشركات التركية إلى لعب دور محوري في تلبية احتياجات تلك المشاريع، بفضل قدرتها على تقديم منتجات ذات جودة عالية وأسعار تناسب طبيعة هذه المشروعات الضخمة، مما عزز مكانة تركيا كمزود رئيسي وموثوق لدعم هذه النهضة.
تصدر العراق قائمة العرب المستوردين من تركيا بواقع 10.76 مليارات دولار (غيتي إيميجز) تحدي المنافسة وتقلبات أسعار الصرفمن جهته أوضح الباحث بالشأن الاقتصادي، محمد أبو عليان أن نجاح تركيا في تعزيز تجارتها مع الدول العربية لا يخلو من تحديات قد تعيق استمرار هذا الزخم التجاري.
وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المنافسة الدولية تشكل أبرز العقبات، حيث تواجه المنتجات التركية ضغوطا من دول مثل الصين والهند التي تقدم بدائل بأسعار تنافسية، إضافة إلى المنتجات الأوروبية التي، رغم ارتفاع كلفتها، ما زالت تحتفظ بجودة عالية في الأسواق العربية.
وأكد أبو عليان أن تقلبات سعر الصرف تمثل تحديًا آخر، إذ إن التذبذب المستمر في قيمة الليرة التركية يؤثر على كلفة الإنتاج ويضع الشركات المصدرة أمام صعوبات في الحفاظ على أسعار تنافسية.
كما أشار إلى أن الأوضاع السياسية غير المستقرة في بعض الدول العربية قد تؤدي إلى اضطرابات في الطلب وسلاسل التوريد، ما يزيد من تعقيد المشهد التجاري ويعرضه لتقلبات غير متوقعة.
فرصة واعدةوفيما يتعلق بمستقبل العلاقة الاقتصادية بين تركيا والدول العربية، يرى أبو عليان أن الأرقام المشجعة الحالية تعكس فرصا واعدة للتعاون المستقبلي، خاصة مع تحسن العلاقات السياسية وتزايد الطلب على المنتجات التركية.
إلا إنه شدد على أن استدامة هذا النجاح تتطلب تخطيطًا إستراتيجيًا يركز على تنويع المنتجات المصدرة، وتعزيز الاستثمارات في الأسواق الناشئة، فضلًا عن استغلال الفرص التي توفرها مشاريع التنمية الكبرى في المنطقة.
ولفت أبو عليان إلى أن الشراكة الاقتصادية بين تركيا والدول العربية ليست مجرد علاقة تجارية، بل تمثل نموذجا لتكامل إقليمي متوازن يحقق مصالح مشتركة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ومع استمرار هذا النهج، يبدو أن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون المثمر الذي يحمل في طياته فوائد مستدامة للطرفين، بحسب قوله.