عادات وتقاليد رمضانية متوارثة في الحسكة تعزز الترابط الاجتماعي
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
الحسكة-سانا
توارث أهالي محافظة الحسكة عادات وتقاليد كانت ولا تزال متبعة منذ عشرات السنوات أسهمت في تعزيز الترابط الاجتماعي خلال شهر رمضان المبارك، وأكدت على المعاني السامية التي دعا إليها الشهر الفضيل من تفقد للأسر المحتاجة وتقديم المساعدة لها وحث الصائم على الإيثار والمحبة وصلة الأرحام والإحساس بالآخرين.
الباحث التراثي عايش كليب أوضح في تصريح لمراسل سانا أن الأهالي يستغلون حلول شهر الرحمة لزيادة نشاطهم الخيري عبر اتباعهم مجموعة من العادات والتقاليد التي توارثوها أباً عن جد، وكانت ولا تزال مستمرة وتحث على الإكثار من فعل الخيرات وتفقد أحوال الأهل والجيران والعوائل المحتاجة، ما يعكس الطبيعة الإنسانية السمحة وجمالية صفة الكرم التي لطالما اشتهر بها أهالي المنطقة.
ويشير الباحث كليب إلى أن من بين هذه العادات “عزيمة رمضان”، وهي وليمة تقام في اليوم الأول من الشهر وفي اليوم الأول من عيد الفطر، وقد تقام كذلك خلال أيام الخميس من كل أسبوع طيلة الشهر ويقوم بها شيخ العشيرة أو كبير القرية يدعو إلى منزله الأهل والجيران والعوائل المحتاجة لحضور الفطور الذي غالباً ما يكون عبارة عن طعام الثريد المجلل باللحوم.
ولفت الباحث كليب إلى أن عادة عزيمة رمضان لا تزال متبعة، ولا سيما عند الأفراد والوجهاء ميسوري الحال، أما على نطاق الأسر والعوائل فتكون هناك مبادرة شبيهة يطلق عليها ” دايرة رمضان”، حيث يقوم كل فرد من الأسر الكبيرة بدعوة أهله وأشقائه إلى الإفطار، وتتكرر هذه الدعوة لبقية أفراد الأسرة على مدار الشهر الكريم، وهنا يتنوع ما يتم تقديمه من طعام حسب المقدرة المالية لكل شخص في العائلة.
ومن العادات الجميلة التي يشترك بها أهالي الحسكة مع أهالي بقية المحافظات السورية حسب الباحث كليب عادة “الصبة أو السكبة”، حيث تحرص ربة البيت عند انتهائها من تحضير طعام الفطور أن تسكب بعضاً من طعامها وترسله إلى جيرانها، ويقوم الأطفال والصبيان بإيصال السكبة ليعاود الجيران بإرسال سكبة من طعامهم، ومع تبادل هذه السكب يتنوع محتوى الإفطار بألوان الطعام المختلفة.
ويشير الباحث كليب إلى وجود عادة سمحة يقوم بها ميسورو الحال وبعض التجار بتفقد الأسر المتعففة والمحتاجة عبر شراء كميات من الطعام والمواد الرئيسية كالسكر والأرز والزيوت وغيرها وتقديمها لها مع الحرص على إخفاء هذا النوع من الصدقة، وبما يساهم في توفير هذه المواد للأسر المحتاجة طيلة الشهر الكريم.
ويختم الباحث كليب بأن هذه العادات السامية لا يزال بعضها مستمراً وبقوة، والبعض الآخر تراجع نتيجة الظروف المعيشية، ولكن يبقى لهذه الطقوس والعادات الدور الأمثل في تعزيز الترابط الأسري والمجتمعي وتزكية روح الإنسان وشعوره بالآخرين.
نزار حسن
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان
شعبان، الشهر الذي يسبق رمضان، ويعدّ فرصة إيمانية ثمينة للاستعداد لشهر الصيام والعبادة. ففيه تُرفع الأعمال إلى الله، ويحرص المؤمنون على الإكثار من الطاعات؛ لتصفية قلوبهم، وتهيئة أرواحهم لاستقبال رمضان بروح نقية وعزيمة قوية.
من أبرز الأعمال التي يحرص عليها المسلمون في شعبان، الإكثار من الصيام؛ اقتداءً بالنبي- صلى الله عليه وسلم- الذي كان يكثر من صيام هذا الشهر. كما يُستغل الوقت لقضاء ما فاتهم من صيام، وتحقيق المزيد من الأجر والثواب قبل حلول رمضان، علاوة على ذلك، يتوجه الكثيرون لمراجعة القرآن الكريم، والتعوّد على تلاوته بتدبُّر وخشوع، تمهيدًا لختمه في رمضان.
ولا يقتصر الاستعداد على الجوانب الروحية فقط، بل يمتد ليشمل تصفية القلوب من الضغائن، والإكثار من الدعاء، خاصة في ليلة النصف من شعبان، التي تعدّ من الليالي المباركة، كما يمثل الشهر فرصة لوضع جدول منظم للعبادات خلال رمضان، والتخطيط لكيفية استثمار أيامه ولياليه بأفضل شكل ممكن، سواء عبر تحديد أوقات معينة للعبادة، أو وضع أهداف روحية يسعى المسلم لتحقيقها.
على الجانب البدني والنفسي، يسعى كثيرون إلى التهيؤ للصيام عبر تعويد أنفسهم عليه تدريجيًا، ما يخفِّف من مشقته في الأيام الأولى من رمضان. كما يحرصون على تجهيز احتياجاتهم الغذائية مسبقًا؛ لتجنب الانشغال عن العبادة خلال الشهر الفضيل.
بهذه الخطوات، يصبح شعبان مقدمةً عظيمةً لرمضان، وفرصةً ثمينةً للاستعداد له بكامل الجاهزية، حتى يدخل المسلم الشهر المبارك بقلب صافٍ، ونفس مطمئنة، مستعدًا لاستقبال نفحاته الإيمانية بروح متجدِّدة وعزيمة قوية.