كتب الصحافي عرفات محمد عبد الله في مقال كان قد كتبه في نوفمر 1934م في "مجلة الفجر"بعنوان " حكم الزمن" يقول في هذا المقال ( أن النقاد لا يجمعون في كل مرة على رأي واحد فهم صورة مصغرة مخففة من ذلك الجمهور الذي يتزعمونه.. فكيف نستطيع أن نستخرج من أحكامهم جميعا باختلاف الزمان و المكان و اختلاف الأحكام ذاتها حكما نعتبره صادقا منصفا هذا متعذر ليس في ذلك شك) و ليس النقاد وحدهم يتعذر عليهم الوصول إلي رأي واحد، أيضا السياسيون لا يستطيعون الوصل إلي مشروع سياسي يمثل الحد الأدنى بينهم.
يوم 4 مارس الجاري حضرت محاضرة قدمها إمام الحلو رئيس لجنة السياسات في حزب الأمة على منبر " ملتقى أيوا للديمقراطية و السلام" سألته أنتم تتهمون عناصر النظام السابق بأنهم وراء انقلاب 25 اكتوبر 2021م و وراء الحرب الدائرة الآن، لماذا القوى السياسية لا تجلس معهم و تتحاور لكي تتعرف على مطالبهم و موقفهم من العملية السياسية و الديمقراطية؟ و هذا السؤال سألته لعدد كبير من القيادات السياسية في الأحزاب المختلفة، و خاصة أحزاب " قحت المركزي" بعد الانقلاب، الغريب في الأمر؛ الكل لا يريد أن يقدم على هذه الخطوة لسببين.. الأول هو توهمي أن الشارع يرفض هذا اللقاء و هم متمسكين برأي الشارع، رغم أنهم قيادات أحزاب و يقع عيهم عبء إيجاد حل للأزمة.. الثاني اعتقد هو السبب الرئيس، الخوف من فتح باب للتنافس السياسي.. و الغريب حتى الإعلام و الصحافة تخوفت من الدخول في التجربة، و معروف أن الإعلام و الصحاف يجب عليهما البحث عن الحقائق.. و معرفة ما يفكر فيه عناصر النظام السابق مسألة مهمة و تعتبر مفتاح للحل.. و هنا يطرح سؤال مهم ما هو مفهوم الديمقراطية عند كل هؤلاء؟.. و هل فتح الحوار مع عضوية حزب تعني تبني رؤيتهم و أفكارهم؟ أم هو طريق للوصول لتفاهم من أجل التوافق على كيفية انجاز مهام عملية التحول الديمقراطي دون أن تواجهها تحديات و عوائق تعترض طريقها..
قبل شهر و نيف أقدم "منبر جنوب كلفورنيا للثقافة" على هذه الخطوة، و استضاف البروف إبراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني، و أيضا منبر سعد الكابي قبل يومين، و الغريب في الأمر أن منبر سعد لأنه مفتوح للجمهور، قد تابع اللقاء أكثر من ثمانية ألاف و طرحوا على غندور تساؤلاتهم مما يدل على أهمية اللقاء. و أن هناك العديد بالفعل يريدون معرفة آراء قيادات المؤتمر الوطني على ما يجري في البلاد.. و مثل هذه اللقاء يعتبر كسر لحالة التعصب التي تفرضها مجموعة محددة بهدف ضيق الأفق و المصالح الضيقة.. أن القوى التي بالفعل هي ساعية للعملية الديمقراطية، يجب ان لا تتردد في الدخول في أي حوار يمكن أن يؤسس إلي مرحلة جديدة تتعزز فيها الثقافة الديمقراطية، و في نفس الوقت تقلل فرص بروز العنف في العملية السياسية، فالحوار مع أي قوى سياسية لا يعني قبول أفكار الجانب الأخر، و لكن ضروري لتأمين عملية التحول الديمقراطي، و أيضا ضروري لإزالة أي متاريس تعترض العملية الديمقراطية..
لا اريد أن أتطرق إلي النقد الذي قدمه البروف غندور للفترة الانتقالية و ما حدث في إجراءات اعتقاله، و المهم رؤيتهم في الحل.. قال أنهم مع وقف الحرب، و لكن لا يتم إلا إذا ضعف الطرفان على مواصلتها، في هذه الحالة سوف يقبل الطرفان بالتسوية، أو أذا إنهار واحد منهم و قبل أن يستسلم أو انتصر احدهم على الأخر.. أما شعار لا للحرب قال كان من المفترض أن يكون قبل اندلاع الحرب بين الطرفين.. و قال غندور نحن مع تكوين جيش موحد، و أن لا تكون هناك بندقية غير بندقية القوات المسلحة.. و يجب أقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب.. و قال الذين وراء تفجير الحرب هي المجموعة التي كانت حاكمة و تريد العودة للحكم مرة أخرى من خلال بندقية الميليشيا، و أيضا دول خارجية تريد أن تحدث تغييرا ديمغرافيا في البلاد و هي قد ساندت الفكرة.. و قال انهم مع التحول الديمقراطي... لخص بروف غندور رؤيتهم من خلال اللقاء.. الأمر الذي يجعل كل الصفحات مفتوحة للذين يريدون قرأءة الواقع السياسي في البلاد..
أن الإشكالية التي تقف حجر عثرة لإيجاد حل للمشكلة؛ أن بعض القوى السياسية و التجمعات عاجزة أن تغادر محطة السلطة و تفكر خارجها، فإذا اقتنعت كل القوى السياسية أن يحكم الفترة الانتقالية توكنقراط ذوي خبراءات كل في مجاله إلي جانب خبرات في الشؤون الإدارية، بأهداف واضحة و محددة لا تتعدى الثلاث سنوات، ثم الذهاب إلي الانتخابات التي يختار فيها الشعب من يمثله. هذه الخطوة سوف تفتح الأبواب جميعها للحوار و الوصول لتوافق وطني، أما إذا كانت هناك مجموعة تريد العودة إلي "الإتفاق الإطاري" و السماح للخارج لكي يدخل أنفه في الشأن السياسي الداخلي أن الأزمة سوف تراوح مكانها، أن العملية التحول الديمقراطي تحتاج إلي اتساع في الفكرة و صدر مفتوح و ذهن متقد، لآن الأصل هو كيفية القبول مبدأ كيف يحكم السودان و هذا يتم بمشاركة الجميع، حتى يصبح الجميع مسؤول على حماية الديمقراطية.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی
إقرأ أيضاً:
يوميات رجل عانس.. كوميديا سعودية تسلط الضوء على عزوبية الرجال
ابتذلت الكثير من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية قصص الفتيات اللاتي تأخرن عن سن الزواج الذي يفترضه مجتمعهن، والضغوط التي تفرضها عليهن العائلة والأقران، غير أن النصف الآخر من المجتمع، أي الرجال، لم يضعهم أحد تحت هذه العدسة المكبرة بالطريقة نفسها من قبل. وذلك هو ما راهن عليه صناع مسلسل "يوميات رجل عانس"، فهل يستطيعون تقديم فكرة قُدِّمَت من قبل، بصورة طازجة ومختلفة، فقط بتغيير جنس الشخصية الرئيسية؟
مسلسل "يوميات رجل عانس" من إخراج عبد الرحمن السلمان، ونتاج ورشة كتابة أدارها نواف المهنا، ومقتبس عن رواية بعنوان "مذكرات رجل سعودي عانس" لوليد أسامة خليل، وبطولة إبراهيم الحجاج، وسعيد صالح، وفاطمة الشريف، وحكيم جمعة، ونواف الشبيلي، وفيصل الدوخي.
بحثًا عن عروس بلمسة كوميديةعبد الله (إبراهيم الحجاج) بطل "يوميات رجل عانس" شاب سعودي يعيش حياة هادئة مستقرة، ابن لأسرة طيبة، وظروفه المادية ميسورة، يعمل في وظيفة يحبها، وله أصدقاء مقربون، غير أن كل هذه التفاصيل الإيجابية لا تعني شيئا في ظل كونه أعزب.
يبدأ المسلسل في حفل زفاف يحضره عبد الله مع عائلته، ويتضح من اللقطة الأولى هوس والدته بتزويج ابنها الذكر الوحيد، الأمر الذي يمثل ضغطا نفسيا عليها، يجعلها تفقد وعيها في منتصف الحفل، فيتم نقلها إلى المستشفى، وهناك يكشف الطبيب أن السبب وراء الإغماء هو التوتر والقلق، فيضطر عبد الله للرضوخ لرغبتها، وإعطائها الضوء الأخضر للبحث عن عروس له.
وتتوالى الحلقات بعد ذلك، وكل منها تظهر فيها عروس جديدة لعبد الله، غير أن الزيجة لا تتم في نهاية الحلقة عندما يحدث ما يفسدها في اللحظة الأخيرة قبل انعقاد الخطبة.
إعلانالمفارقات الكوميدية الخاصة باختيار العرائس، أو المشاكل التي تحدث وتؤدي لانتهاء العلاقة قبل بدئها هي الواجهة التي من خلفها يتعرف المشاهد عن قرب على طبيعة حياة شاب سعودي اعتيادي، وذلك عبر التعليق الصوتي الذي يمثل أفكار البطل الداخلية، وحواراته مع أصدقائه الثلاثة: عصام، وفهد، وماجد.
الزواج لعبد الله وأصدقائه وعائلته، ليس علاقة طويلة الأمد يتم بناؤها على طباع متقاربة، وأهداف مشتركة، بل مجرد خطوة ضمن خطوات عدة في حياة كل شاب، فبعدما ينهي أي شاب دراسته الجامعية، ثم يعمل في وظيفة، عليه الاستقرار في حياة زوجية، أيا كانت شريكة هذه الحياة.
يفكك المسلسل كذلك شكل الأسرة السعودية التقليدية، من توازن القوى بين الأب والأم، فبينما يرغب الأب المتقاعد في الهدوء وراحة البال، تحرك الأم الزوابع في الأسرة، فهي التي تهتم بزواج الابن، وتغضب من لامبالاة الابنة الصغرى، تلك الابنة التي تمثل الجيل زد في المنزل، بما يحمله ذلك من ملل من مشاكل الأجيال الأكبر، بينما تمثل الابنة الكبرى نوف نائبة الأم في العائلة، والأم الثانية لعبد الله، وتحملت طويلًا تهميشها لصالح الأخ الذكر الوحيد، ومحبوب والدته رقم 1.
كوميديا معاصرة وشخصيات متعددةلا يمكن اعتبار فكرة مسلسل "يوميات رجل عانس" مختلفة أو جديدة، بل حتى النمط الذي اتبعه في تقديم فكرته، أي تخصيص كل حلقة لعروس جديدة، ليس مستجدًا، فهو يُحيل الأذهان مباشرة إلى مسلسل "عايزة أتجوز" المعروض عام 2010 ومن إخراج رامي إمام، والذي تناول عبر حلقاته المفارقات الكوميدية التي تحصل للشابة علا (هند صبري) نتيجة مقابلتها لخطّاب محتملين تحضرهم لها والدتها التي ترغب في تزويجها بأسرع صورة ممكنة.
يأتي الاختلاف في أسلوب الكوميديا المتبع في كل من المسلسلين، فبينما قدم "عايزة أتجوز" كوميديا المهزلة أو الـ(Farce)، التي تتعمد إضحاك المتفرجين بتضخيم المواقف الاعتيادية، يُصنف مسلسل "يوميات رجل عانس" ككوميديا خفيفة، فهو لا يعتمد على طرائف أو "إفيهات" واضحة، بل على السخرية بشكل عام، سواء من نمط الحياة التقليدية، أو السخرية الذاتية من عبد الله تجاه نفسه وأصدقائه، وهذا النمط من الكوميديا يستند بشكل أساسي على الحوار وبناء الشخصيات التي يصدر عنها هذا الحوار.
إعلانيبدأ الأمر برباعي الأصدقاء، أو عبد الله وعصام وفهد ونواف، فعلى الرغم من كونهم متقاربين للغاية، يقضون أغلب وقتهم سويا، سواء في العمل أو خارجه، إلا أن هناك تناقضا كبيرا بين شخصياتهم، يجعلهم خير تمثيل لأنماط مختلفة من الشباب السعودي، بين عبد الله الرجل التقليدي الذي ينتظر والدته لاختيار زوجته، وعصام المتأثر بنمط التفكير الغربي، سواء في ملابسه وهيئته أو أفكاره، وفهد الذي تزوج وطلق 4 مرات، ونواف الإمَّعة، المُعجب بطريقة تفكير فهد، لكنه لم يخض أي تجربة حقيقية، ثم ينسحب ذلك على عائلة عبد الله، وزميلته في العمل أروى، الفتاة شديدة الطموح والذكاء.
بالإضافة إلى تقديم المسلسل نماذج مختلفة من الشخصيات، والسيناريو الحساس تجاه الاختلافات ما بين هذه الشخصيات، بما يجعل لكل منهم لغته الخاصة، يعتمد المسلسل كذلك على الأداء التمثيلي الجيد من كل الممثلين سواء في الأدوار الرئيسية أو ضيفات وضيوف الشرف الذين يظهرون في كل حلقة تقريبًا.
"يوميات رجل عانس" تجربة تلفزيونية خفيفة بين زحام المسلسلات الكوميدية الصرفة والدراما المعقدة، يقدم تفاصيل الحياة اليومية لأسرة عربية، بشكل كوميدي لطيف، ويجعلنا نُلقي نظرة على الضغوط التي يتعرض لها الشباب المتأخر في الزواج على سبيل التغيير.