«سبير الروسية».. طفرة كبيرة ومواكبة لأحدث تطورات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
جددت مؤسسة «سبيربنك» المالية، خلال المؤتمر الذي نظمته بعنوان «رحلة الذكاء الاصطناعي»، حضورها العالمي كونها تعد من أعرق البنوك الروسية، حيث تأسس قبل أكثر من 180 عامًا، ويعدّ من أبرز المؤسسات المصرفية في روسيا وأهمها، وخلال السنوات الماضية، تغيرت نظرة العالم إليه، فلم يعد مجرد بنك، بل بات منافسًا قويًا لشركات التكنولوجيا العملاقة.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
تزامن اهتمام المؤسسة بذلك الشأن بالبدايات القوية لمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي عام 2023م، مع تنامي رغبة الأفراد في التعرف على الشبكات التوليدية بالتزامن مع اتجاه الشركات لاعتمادها بشكل تدريجي في معالجة العمليات الداخلية، كما تواصل «سبير» إثبات قدرتها على مواكبة أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي؛ بتطوير نموذج Kandinsky، وهو نموذج ذكاء اصطناعي توليدي استخدمه أكثر من 12 مليون شخص لإنشاء أكثر من 200 مليون صورة، وبدأ كشبكة لإنشاء الصور، ثم تطور ليصبح أول نموذج روسي قادر على إنشاء مقاطع فيديو بجودة الإنتاج الاحترافي.
أيضا من بين منتجات شركة «سبير» الأخرى الشائعة الاستخدام هناك نموذج GigaChat الذي يقدم حلولاً متقدمة لمجموعة تحديا فكرية واسعة والاحتياجات اليومية، ويُظهر إمكانيات متقدمة بفضل تكامله مع نموذج Kandinsky، حيث يُمكنه الإجابة على الأسئلة بدقة، والحفاظ على سياق الحوار، وكتابة الكود بمختلف لغات البرمجة، وإنشاء نصوص وصور بمستوى جودة عالٍ وغف الاحتياجات، فيما أكد اختبار فهم لغة متعدد المهام واسع النطاق (MMLU) الذي تم إجراؤه مؤخرًا تفوق نموذج Kandinsky على ChatGPT-3.5-turbo في جودة الردود باللغتين الإنجليزية والروسية، ويشتمل تحديث النموذج على 29 مليار معلمة.
كذلك تشهد GigaChat API، وهي واجهة برمجة تطبيقات تُسهل على الشركات الوصول إلى GigaChai، تطورًا سريعًا؛ يساعد الشركات على إنشاء حلول مخصصة وتعزيز كفاءة العمليات الداخلية، حيث يعتمد البنك بشكل كبير على تقنية توليد الكود التلقائي عبر أداة GigaCode، والتي تُستخدم لتطوير وإكمال الكود البرمجي بشكل تلقائي، مستفيدة من إمكانيات GigaChat AI؛ مما يقدم الحل دعمًا واسعًا للغات البرمجة المشهورة (مثل Java و JavaScript و Python و TypeScript و ++C/C) وبيئات التطوير المتنوعة (مثل IDEA و PyCharm و VSCode و Jupyter) وغيرها الكثير.
الحياة الذكية
وكانت شركة «سبير» أطلقت منذ سنوات مساعدها الافتراضي Salute الذي يُضفي سهولة وسلاسة على تواصل العملاء مع الشركة ومنتجاتهان وتم دمج المساعد في الأجهزة الذكية والتطبيقات المحمولة التي توفرها الشركة، فضلا عن دمج مساعد Salute مؤخرًا مع منصة GigaChat، مما يسمح لمستخدمي مكبرات الصوت الذكية من «سبير» بالتفاعل معها بطريقة طبيعية أكثر، تشبه التحدث مع إنسان، واقتصاديا تجاوزت مبيات أجهزة «سبير» الذكية حاجز مليوني جهاز تشمل: مكبرات الصوت الذكية، وأجهزة فك التشفير، وأجهزة التلفاز، والشاشات الذكية، وأجهزة المنزل الذكية.
وتسعى «سبير» إلى استثمار نجاحها بتوسيع نطاق أعمالها، وتشمل بعض المجالات التقنية المتخصصة والعامة التي تطورها الشركة: التكنولوجيا الطبية، والمركبات ذاتية القيادة، والأمن، والتعرف على لغة الإشارة، والواقع الافتراضي والواقع المعزز وغيرها الكثير.
تشارك شركة «سبير» جهودها في مجال البحث والتطوير، بسخاء مع العالم، ويقدم البنك حلوله المتقدمة لمجتمع المصدر المفتوح، ويُعزز تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويُطلق إمكانيات جديدة للجميع، ويدفع عجلة التقدم التكنولوجي إلى الأمام، ويؤكد أندريه بيلفيتسيف، المدير التقني لشركة «سبير»، أن الشركة هي الوحيدة في روسيا التي توفر إمكانية الوصول المفتوح لنماذجها المُدربة مسبقًا، مثل ruGPT و Kandinsky و FRED-T5، والتي تُشكل جوهر GigaChat، نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الداخلي للبنك، وتسعى من خلال مشاركتها في العمل إلى تسريع وتيرة التقدم في مجال مجتمع المصدر المفتوح وتقنية الذكاء الاصطناعي.
ويُقَدم بنك «سبير» بادرة رائدة في مجال تبادل المعرفة من خلال إطاره التعليمي المجاني للبرمجة - School 21، ومؤتمره الدولي للذكاء الاصطناعي - رحلة الذكاء الاصطناعي. ويتمثل أحد أهداف مؤتمر "رحلة الذكاء الاصطناعي" الذي نظمه بنشر الوعي حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي كأداة قوية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقدم البشرية في مختلف المجالات. إذ تُحدث الحلول الجديدة تغييرات سريعة في حياة الناس للأفضل، وتُتيح آفاقًا جديدة للاستكشاف.
الابتكار المسؤول
وشدّد النائب الأول لرئيس مجلس إدارة سبيربنك، ألكسندر فيدياخين، على أن الذكاء الاصطناعي يُمثل أداة مساعدة متعددة الاستخدامات تسهل عملية صنع القرار، دون إقصاء البشر من نقاط صنع القرار الحاسمة متابعا "الذكاء الاصطناعي أداةٌ ثوريةٌ تُعزز قدرات الإنسان وتُكسبه إمكانيات استثنائية، مُحوّلةً ما كان خيالًا بعيد المنال قبل سنوات قليلة إلى حقيقة واقعية في يومنا هذا".
أيضا تشمل أهداف «سبير» تطوير الذكاء الاصطناعي لخدمة الصالح العام للمجتمعات، فيساعد الأطباء حيث يُعدّ نموذج الشبكة العصبونية GigaChat دليلا قاطعا على إمكانياته، كونه أحد أوائل النماذج على مستوى العالم التي اجتازت اختبارًا طبيًا (MD) في جامعة طبية روسية.
أظهر الذكاء الاصطناعي أداءً متميزًا في الاختبار وأجاب على الأسئلة بكفاءة. وأجري الامتحان تحت إشراف لجنة من أساتذة العلاج الطبيعي والجراحة والتوليد وأمراض النساء من مركز ألمازوف الوطني للبحوث الطبية. وأظهر تقييم اللجنة أن مستوى المعرفة لدى الذكاء الاصطناعي بلغ 4 من 5. كما أظهر GigaChat أداءً متميزًا في اختبار مكون من 100 سؤال، حيث حصل على درجة 82%، متجاوزًا بذلك الحد الأدنى للنجاح الذي كان 70%، ومن منطلق حرص شركة «سبير» انضمت إلى 16 دولة أخرى في تأسيس "المدونة الوطنية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، وأكدت على أهمية الذكاء الاصطناعي كأولوية قصوى للتعاون الدولي.
الخطط المستقبلية
يعتزم سبيربنك خلال الفترة من 2024 إلى 2026 تبني نموذج عمل يركز على الإنسان وتطوير ذكاء اصطناعي من "الجيل التالي"، ويقول هيرمان جريف، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة سبيربنك،: "يكمن طموحنا في تفويض معظم قراراتنا إلى الذكاء الاصطناعي، والتركيز عوضًا عن ذلك على اتخاذ القرارات الأكثر صعوبة وتعقيدًا في بنائها؛ تلك التي تستدعي تدخلًا بشريًا مباشرًا وتهدف إلى تلبية أعقد الاحتياجات الإنسانية".
وتهدف شركة «سبير» إلى زيادة استثماراتها في مجال التكنولوجيا بواقع 1.5 مرة خلال الفترة من 2024 إلى 2026، وسيعتمد البنك نموذج عمل يُعطي الأولوية لاحتياجات الناس؛ إذ تُولي الشركة اهتمامًا كبيرًا باحتياجات عملائها، حيث تعمل على تحسين تقنياتها ومنتجاتها بشكل مستمر لتلبية احتياجاتهم الحالية والمستقبلية، وتُظهر شركات التكنولوجيا الكبرى (BigTech) الروسية إصرارًا قويًا على تنمية وتطوير مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق خدماتها لتشمل كل من الشركات والأفراد، وستعمل التكنولوجيا القائمة على الابتكار على مساعدة الأفراد في إنجاز غالبية المهام اليومية والمالية، مما يوفر لهم التحرر من الأعمال الروتينية ويمنحهم مزيدًا من وقت الفراغ ليستثمروه في الاستمتاع مع عائلاتهم أو ممارسة الأنشطة التي تهمهم بالفعل.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي سبير الذکاء الاصطناعی فی مجال
إقرأ أيضاً:
ديب سيك.. يهز عالم الذكاء الاصطناعي
في عالم يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، جاءت تقنية "ديب سيك" (DeepSeek) لتكون أكثر من مجرد ابتكار تقني، بل حدثا زعزع التوازنات الجيوسياسية والتكنولوجية على مستوى العالم. لم يكن إطلاق هذه التقنية قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي فحسب، بل شكّل تحديًا مباشراً للهيمنة الأميركية في هذا المجال، ما دفع عمالقة التكنولوجيا إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم وخططهم المستقبلية لمواجهة هذا التغيير الكبير.
اقرأ أيضاً..مقارنة شاملة بين «ChatGPT» و«DeepSeek»
"ديب سيك": أكثر من مجرد نموذج ذكاء اصطناعي
تشير مصادر تقنية إلى أن "ديب سيك" لم يكن مجرد إنجاز تقني، بل خطوة استراتيجية أعادت تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي عالميًا فقد أدى إدراج نماذج "ديب سيك" ضمن منصات كبرى مثل "أزور" من مايكروسوفت و"AWS" من أمازون و"هواوي كلاود" و "علي بابا كلاود" إلى تعزيز فكرة التعاون العابر للحدود، مما يشير إلى بداية عصر جديد من الشراكات التكنولوجية.
ردود فعل عمالقة التكنولوجيا..أوبن إيه آي وجوجل وميتا
لم تقف الشركات المنافسة مكتوفة الأيدي أمام "ديب سيك". حيث أطلقت "أوبن إيه آي" نموذجها الجديد "Reasoning o3"، إلى جانب وكيل "Operator AI" وأداة البحث العميق "Deep Research"، بهدف الحفاظ على ريادتها في الابتكار
من جهتها، كشفت جوجل عن "Gemini 2.0" و"Google Agentspace لتؤكد التزامها القوي بمواصلة المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي .
من جانبه علق مارك زوكربيرج على التطورات الأخيرة، مشيرًا إلى أن عام 2025 قد يكون العام الذي تصبح فيه النماذج مفتوحة المصدر الأكثر تطوراً، مؤكدا بأن "Llama 4" المزمع طرحه خلال هذا العام سيكون أكثر أدوات الذكاء الاصطناعي تقدما واستخداماً حول العالم.
الصين تدخل بقوة عبر علي بابا
لم يكن التأثير مقتصرًا على الشركات الغربية فقط، إذ قدمت "علي بابا" نموذج "Qwen2.5-Max"، والتي زعمت أنها تفوقت على النموذج الشهير "DeepSeek-V3".
التأثير الاقتصادي والاستراتيجي
أحد أبرز الآثار التي أحدثها "ديب سيك" هو إثبات أن الأداء الفائق للذكاء الاصطناعي لا يستوجب ميزانيات ضخمة، مما قد يؤدي إلى انتشار أوسع للتقنيات المتقدمة وجعلها في متناول الشركات الناشئة والباحثين المستقلين.
دفع عجلة المصادر المفتوحة
من خلال تبني نهج المصادر المفتوحة، عزز "ديب سيك" بيئة تعاون أوسع بين المطورين، ما قد يفتح المجال لابتكارات جديدة ويقلل من هيمنة الشركات الكبرى على قطاع الذكاء الاصطناعي.
إعادة تشكيل الاستثمارات التقنية
اضطرت الشركات الكبرى إلى إعادة التفكير في استثماراتها، لا سيما في مجالات تصنيع الرقائق الإلكترونية ومراكز البيانات، وهو ما قد يؤثر على عمالقة الصناعة مثل "إنفيديا" و"إنتل".
أثارت "ديب سيك" موجة من التفاعل في أسواق المال، حيث لاحظ المحللون أن الشركات المنافسة اضطرت إلى تسريع إصداراتها الجديدة لطمأنة المستثمرين والحفاظ على حصصها السوقية
هل نحن أمام تحول جذري؟
بينما يعتقد بعض المحللين أن ردود الفعل الأولية كانت مبالغًا فيها، فإن التأثيرات الاستراتيجية والاقتصادية الحقيقية التي أحدثتها "ديب سيك" لا يمكن إنكارها. فقد أجبرت اللاعبين الرئيسيين في السوق على إعادة تقييم خططهم المستقبلية، مما يثبت أن هذه التقنية لم تكن مجرد إعلان عابر، بل نقطة تحول رئيسية في سباق التفوق في الذكاء الاصطناعي.
بهذه التطورات، يظل السؤال المطروح: هل ستظل الشركات التقليدية قادرة على التكيف مع هذه الموجة الجديدة من الابتكار، أم أننا نشهد بزوغ فجر عصر جديد في الذكاء الاصطناعي؟