الطفلة ماجدة العذاري، ذات السنة وأربعة أشهر، ضحية جديدة تضاف إلى مئات الضحايا الذي سقطوا جراء حوادث الأعيرة النارية الراجعة التي شهدتها محافظة أبين ومحافظات يمنية أخرى. حوادث مؤسفة وقصص مؤلمة جراء العبث والإهمال واللامبالاة التي يقوم بها الكثير من المسلحين الذين يفرحون على أنقاض أحزان الآخرين.

"ماجدة" كانت تلعب في فناء منزلها في مدينة جعار، ثاني كبرى المدن الرئيسية في محافظة أبين.

اخترقت إحدى الرصاصات رأسها ما أدى إلى فقدان عينها ليتم لاحقا نقلها إلى مستشفى الكوبي في العاصمة عدن. لتبدأ معها رحلة معاناة ومصير مجهول بسبب تلك الأعيرة المجهولة التي تتساقط كالمطر دون رحمة.

قصص مأساوية وأحداث فاجعة خلفتها آلة القتل العبثية التي تفشت بشكل كبير في مختلف المحافظات اليمنية، بينها محافظة أبين. في منطقة الكود شهدت هي الأخرى حادثة مؤلمة أنهت حياة المواطن علي القلع الذي تعرض لرصاصة قاتلة كانت فاجعة لأسرته والمنطقة التي يعيش فيها.

تحدٍ كبير

انتشار حمل السلاح في أوساط المجتمع في أبين يمثل تحدياً كبيراً للسلطات الأمنية والمحلية التي تسعى جاهدة للقضاء على هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي. وشكلت ظاهرة إطلاق الرصاص الحي أو ما يعرف هنا بمحافظة أبين "بالراجع" ظاهرة تثير الرعب وتقلق السكينة العامة للمواطنين وهي ظاهرة دخيلة كما يصفها المواطنون. 

تحركات رسمية يقابلها تأييد شعبي لوضع حد لظاهرة حمل السلاح وإطلاق النار العشوائي الذي حصد حياة الكثير من الأبرياء المدنيين. مطلع شهر مارس، أكدت الأجهزة الأمنية في أبين أنها تتخذ إجراءات حازمة وصارمة ضد من يثير الفوضى ويقلق الأمن ويخالف القانون بسبب حمل السلاح والتجوال به. مع الإشارة إلى أهمية التعاون الوثيق مع المواطنين لضمان الأمن العام.

وبحسب السلطات الأمنية فإن وجود هذه الظاهرة في أبين يعود إلى انتشار حمل السلاح وبيعه بالأسواق وعدم وضع ضوابط أمنية تحد من هذه الظاهرة للحد من حمله والمتاجرة به.

فهذه الظاهرة السلبية أدت إلى مقتل وجرح العشرات من نساء وأطفال وشباب وهم آمنون داخل منازلهم دون ذنب اقترفوه وبعض الجرحى أصبح معاقا أو فقد أحد اجزاء جسده، كما أنها تثير الرعب والفوضى. 

أحمد سيود ناشط مجتمعي قال في حديثه "لنيوزيمن": هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع الأبيني خاصة والجنوب عامة، بحاجة لوقفة جادة من قبل الجهات ذات العلاقة لمنعها والتي أصبحت تهدد حياة المواطنين الآمنين سواء في بيوتهم أو في الأسواق نتيجة تساقطها فوق رؤوسهم وفي منازلهم. وأشار أن المناشدات والمطالبات الشعبية مستمرة للجهات الأمنية من أجل منع ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس والمناسبات، وكذا التصدي لحمل السلاح الذي يشكل خطرا على حياتهم، واتخاذ إجراءات رادعة ضد المستهترين بحياة الناس.

حملة مناهضة 

وتحت شعار "معا" لمنع إطلاق الأعيرة النارية أطلق مكتب الإعلام بمحافظة أبين حملة توعية واسعة للتصدي لهذه الظاهرة وتوضيح ما تخلفه من كوارث للمواطنين الذين يكونون ضحايا لعبث إطلاق النار في الهواء وبشكل عشوائي.

الدعوة لاقت ترحيبا كبيرا من قبل منظمات المجتمع المدني والمكاتب التنفيذية والجهات الفاعلة في المجتمع، وسارع عدد من النشطاء والحقوقيين والمواطنين من أبناء أبين إلى تنفيذ حملات توعوية على صفحات التواصل الاجتماعي للتعريف بخطورة هذه الظاهرة على الحياة العامة والسكينة والاستقرار.

وطالب المشاركون في الحملة التوعوية الحكومة والسلطة المحلية والجهات الأمنية المعنية بسرعة تحمل مسؤوليتها وواجبها لحماية أرواح المواطنين الآمنين وتوفير لهم أجواء هادئة وآمنة بمنأى عن ما تقترفه أيادي العابثين والمستهترين بأرواح المواطنين. وركز نشطاء أخرون على مطالبة الجهات الرسمية بإعادة تفعيل قانون حمل السلاح وحيازته واتخاذ إجراءات تمنع وتجرم وتعاقب كل من يستخدم السلاح ويقوم بإطلاق الرصاص الحي بحجة الابتهاج والمشاركة في الأفراح والمسرات التي تخلف وراءها أحزانا ومآتم في بيوت وأحياء مجاورة.

الناشطة المجتمعية إلهام الشيبة رئيسة مؤسسة البركة بأبين والتي لها ندوات توعوية حول ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية وصفت ظاهرة الرصاص العشوائي والراجع بالخطيرة. وأوضحت لـ"نيوزيمن": "هذا ظاهرة خطيرة، لم يعرفها المجتمع وسجلت حالات موت وإصابات عديدة، وسبق وعملنا العديد من  الندوات واللقاءات لتوعية المجتمع  من أضرارها وهي ضمن الحملة التوعوية التي أطلقها مكتب الإعلام بالمحافظة".

وأضافت: "كانت هناك استجابة كبيرة للحملة، ولكن بسبب انتشار الأسلحة صار السلاح بمتناول الجميع مما يجعل الأمر أكثر خطورة". واعتبرت إلهام أن الوقوف أمام ظاهرة الرصاص العشوائي والراجع واجب وطني وإنساني وأخلاقي خاصة وأن النتائج المؤسفة تشير لسقوط الكثير من الأبرياء بسببها صغارا وكبارا ورجالا ونساءً.

استمرار الحملة 

مدير مكتب الإعلام أبين الدكتور ياسر باعزب، أكد أن حملة التوعية ضد إطلاق النار العشوائي في المناسبات، مستمرة لخلق بيئة آمنة ومستقرة يعيش فيها أبناء المحافظة دون خوف أو قلق من الأعيرة النارية الراجعة من السماء.  مشيرا” أن الحملة تأتي برعاية قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بمحافظ المحافظة ابوبكر حسين سالم وبالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة .

وحث الدكتور باعزب كافة الصحفيين والإعلاميين والناشطين ووسائل الإعلام المختلفة بمحافظة أبين، إلى التفاعل الإيجابي والمثمر في إنجاح الحملة وبما يسهم في إيجاد رأي عام ضاغط يحد من هذه الظاهرة السلبية التي أصبحت تهدد حياة المواطنين وتقلق السكينة العامة.

وأشار أن ما يحدت اليوم عبث بأرواح المواطنين الآمنين وتقع المسؤولية على عاتقنا جميعا في التصدي لهذه الظاهرة ونبذها والحد من انتشارها. مؤكدا أن الحملة ستستمر وبشكل طوعي وبتعاون الجميع في رفع الوعي لدى المواطنين لتكون انطلاقة لمنع إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس والمناسبات حتى نحد من مخاطرها. 

ونفذ شباب متطوعون في منظمات المجتمع المدني المختلفة في المحافظة حملة توزيع ملصقات توعوية حول مخاطر الرصاص والأعيرة النارية في الهواء. وقام الشباب في عدد من شوارع المدن والقرى والمناطق بتوزيع البروشورات والملصقات التعريفية بخطورة الأعيرة النارية وضرورة الابتعاد عن هذه الظاهرة. كما نفذوا جلسات توعوية حول هذه الظاهرة السلبية في المجتمع الأبيني المسالم.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: إطلاق الأعیرة الناریة هذه الظاهرة حمل السلاح

إقرأ أيضاً:

علي الدين هلال: الشفافية السلاح الأقوى لمواجهة الشائعات

أكد الدكتور علي الدين هلال، المفكر السياسي البارز، ضرورة توسيع دائرة النقاش لتشمل مختلف الأحزاب ومسؤولي الحكومي، بدلاً من أن تقتصر على الرئيس السيسي أو رئيس مجلس الوزراء فقط.

وأشار علي الدين هلال، خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج «على مسئوليتي» المذاع عبر قناة «صدى البلد»، إلى أن مصر تواجه تحديات إدارية كبيرة، بالإضافة إلى البطء الواضح في اتخاذ القرارات في العديد من الملفات التي تهم المجتمع.

وأوضح أن ترك الأمور للإدارات المعنية فقط قد يعوق تحقيق التنمية، حيث يخشى بعض المسؤولين اتخاذ القرارات أو التوقيع على الإقرارات الضرورية، ما يؤدي إلى تعطيل المشروعات.

وشدد على أهمية تبني الشفافية والمصارحة كوسيلة فعالة لمواجهة الشائعات والأكاذيب التي تستهدف الدولة من الداخل والخارج.

كما أثنى على الحوار الوطني الذي أتاح عرض وجهات نظر متنوعة حول القضايا السياسية والاجتماعية، مؤكداً أنه خطوة غير مسبوقة للاستماع لكافة الآراء المتعلقة بشؤون المواطنين.

وأكد المفكر السياسي البارز أهمية إتاحة التنوع في وجهات النظر عبر وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن تقييد الحوار بزاوية واحدة قد يؤدي إلى تفكك المجتمع، بينما يسهم تعدد الآراء في تعزيز التماسك والاستقرار.

وأشار إلى أن مصر، كدولة كبيرة، لن تتأثر بالمحاولات الخارجية لنشر الأكاذيب أو التشكيك في إنجازاتها، مؤكداً أن مواجهة هذه الحملات تبدأ بتحصين الشعب من خلال توفير الحقائق ومواجهة الأكاذيب بالأدلة.

مقالات مشابهة

  • علي الدين هلال: الشفافية والمصارحة السلاح الأقوى لمواجهة الشائعات.. فيديو
  • علي الدين هلال: الشفافية السلاح الأقوى لمواجهة الشائعات
  • توافد آلاف الزائرين لرصد ظاهرة تعامد الشمس على معبد الكرنك
  • ضبط 3 قطع سلاح ناري في حملة بدمياط
  • الفيوم تشهد ظاهرة تعامد الشمس على معبد قصر قارون في حدث عالمي فريد
  • تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون
  • ماري أنطوانيت والألعاب النارية “القاتلة”!
  • الألعاب النارية القاتلة من ماري انطوانيت إلى المكسيك والولايات المتحدة
  • حملة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالفيوم
  • «إعلام الجمرك» بالإسكندرية يطلق حملة «اتحقق قبل ما تصدق» لمواجهة الشائعات