الحزب للمسيحيين: لا رئيس من دون موافقتنا
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
يبدو للبعض أنّه بجرّ المسيحيين إلى حوارٍ برعاية البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أو بالدعوة لجلسات إنتخاب متتاليّة، ستنتهي أزمة الفراغ الرئاسيّ، لكن الواقع السياسيّ يُؤكّد أنّه من دون موافقة "الثنائيّ الشيعيّ": "حزب الله" وحركة "أمل"، لن يُنتخب رئيس للجمهوريّة قريباً، وقد سبق وأنّ حدّدا شرطهما بالذهاب إلى طاولة نقاش تتعلّق باسم الرئيس ومشروعه المستقبليّ قبل أيّ شيء آخر، الأمر الذي ترفضه المعارضة التي تتمسّك بالأطر الدستوريّة والديمقراطيّة.
ولعلّ ما صرّح به رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، من أنّ "لا رئيس إلا من دون رضى المقاومة" خير دليلٍ على أنّ "حزب الله" هو من يتحكّم بالإستحقاق الرئاسيّ. فالأخير استطاع منذ العام 2007، إحكام سيطرته على الإنتخابات الرئاسيّة، وكان مُشاركاً فاعلاً في وصول آخر رئيسين إلى بعبدا.
ويُشير مراقبون إلى أنّ بكركي من خلال اللقاء الذي دعت إليه تعمل على تقريب وجهات النظر بين الكتل المسيحيّة المعارضة و"التيّار الوطنيّ الحرّ". ويوضح المراقبون أنّ البطريرك الراعي يُعبّر في عظة الأحد من كلّ قداس، عن إستيائه من بقاء الموقع المارونيّ الأوّل في البلاد شاغراً، وهو يدعو في كلّ فرصة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى فتح أبواب المجلس النيابيّ، كيّ يقوم ممثلو الشعب بعملهم الدستوريّ والوطنيّ.
في المقابل، لم يتلقف برّي بعد كلام الراعي، ولم يدع لجلسة إنتخاب جديدة، لأنّه يُدرك أنّها لن تكون حاسمة، ولن تُؤدّي إلى انتخاب رئيسٍ. وفي هذا الإطار، يقول المراقبون إنّ رئيس المجلس ومعه "حزب الله"، يُعارضان الكتل الداعية إلى إنهاء الشغور الرئاسيّ عبر الدورات المفتوحة، وقد انضم النائب جبران باسيل وفريقه السياسيّ إلى المعارضة، باتّهام "الثنائيّ الشيعيّ" باحتجاز الإستحقاق، الذي يعني المسيحيين والموارنة اولا.
ويعتبر المراقبون أنّ الحوار المسيحيّ لن يكون الحلّ، على الرغم من أنّه إذا حصل، أو اتّفق المسيحيّون تحت عباءة بكركي، سيكون هذا الأمر عامل ضغطٍ كبيرٍ على "حزب الله" و"أمل". ويُشير المراقبون إلى أنّ توافق "القوّات" و"التيّار" و"الكتائب" و"تجدّد" لن يدفع بـ"الثنائيّ الشيعيّ" إلى الإستسلام، فسبق وأنّ أجمع نواب هذه الأحزاب والكتل على إسم وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، ولا تزال حتّى الآن تدعمه، لكّن قوى "الممانعة" رأت أنّ المعارضة وباسيل، يُريدان فقط إبعاد فرنجيّة عن السباق الرئاسيّ وإقصاء "الحزب" وبرّي من المعادلة الرئاسيّة، ما تسبّب بتشبّث الأخيرين بمرشّحهما أكثر، وبإغلاق أبواب المجلس النيابيّ أمام النواب، إنّ لم يُوافقوا سلفاً على التوافق على فرنجيّة.
كذلك، يُذكّر المراقبون بأنّ الأغلبيّة النيابيّة كانت مع قوى الرابع عشر من آذار في انتخابات العامّ 2005، ونجح "حزب الله" بجرّ "السياديين" آنذاك إلى حوار الدوحة، وقد انتُخب الرئيس ميشال سليمان في الـ2008، عبر زعزعة الوضع الأمنيّ في البلاد، لقطع الطريق أمام الرئيس سعد الحريري و"القوّات" و"الكتائب" ووليد جنبلاط وغيرهم من حلفائهم، لانتخاب مرشّح "الخطّ السياديّ".
أمّا حاليّاً، وفي ظلّ التركيبة النيابيّة التي أفرزتها الإنتخابات الأخيرة، فإنّ الأغلبيّة ليست من حصّة أيّ من الأفرقاء. ويلفت المراقبون في هذا الصدد، إلى أنّ هذا الواقع عزّز مُطالبة "حزب الله" بالحوار. ويُضيفون أنّه سيقف أمام أيّ مُحاولة أو إتّفاق مسيحيّ أو نيابيّ جامع لانتخاب رئيس، إنّ لم يكن شريكاً أساسيّاً في التوافق وفي عمليّة الإقتراع.
ويُتابع المراقبون أنّ "الثنائيّ الشيعيّ" يعتبر أنّ التعطيل الذي ينتهجه هو حقٌّ دستوريّ له، كما أنّه لم يتنازل عن ترشّيح فرنجيّة، إضافة إلى أنّ رئيس "المردة" لا يزال مستمرّاً في السباق الرئاسيّ لأنّ "حزب الله" يدعمه، وهو يُدرك أنّ قرار حارة حريك لا يُمكن التراجع عنه، تماماً كما جرى عندما انتُخب ميشال عون عام 2016. ويقول المراقبون إنّ عدم حضور "المردة" اللقاء المسيحيّ في بكركي أمس، أوّل ردّ من فريق "الممانعة" على الراعي والكتل المسيحيّة، من أنّه لا يُريد السير بأيّ توافقٍ مسيحيّ، يستثني فرنجيّة من الرئاسة.
ويقول المراقبون إنّ "الثنائيّ الشيعيّ" يُعوّل ليس فقط على عامل الوقت وتراجع كتل نيابيّة عن مواقفها، وإنّما على الميدان والمعارك التي تجري في الجنوب وفي غزة، وعلى التقارب السعوديّ – الإيرانيّ، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، وأيضاً على التسويّة التي تُطبخ في الكواليس الدوليّة، والتي ستُنهي الحرب في المنطقة، في مقابل مكاسب سياسيّة وعسكريّة لكلّ المتنازعين. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل بإمكان نتنياهو أن يقطع الأوكسيجين عن حزب الله كما يهدّد؟
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": في نقطة متاخمة للحدود، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً، ليعلن أنه انطلق في إنفاذ خطة جديدة - قديمة عنوانها العريض العمل لـ"قطع الأوكسيجين" عن "حزب الله".التعبير يحاكي التعبير الذي استخدمته إدارة بوش الابن يوم قررت الذهاب إلى حربها مع "الإرهاب" وهو تعبير فحواه أننا نريد "تجفيفمنابع الإرهاب أولاً".
وليس خافياً أن نتنياهو لمّح إلى ذلك مراراً منذ أن بدأ عمليته البرية قبل شهر ونيف، ومن ثم انطلق لترجمته عملانياً من خلال العمل على قطع تدريجي للمعابر بين لبنان وسوريا باعتبارها الشريان الأساس الذي يستخدمه الحزب لتعزيز ترسانته العسكرية والحيلولة دون نفاذها.
وبناءً على ذلك قطعت إغارات الطائرات الإسرائيلية حتى الآن ثلاثة من أصل خمسة معابر شرعية بين البلدين وهي معبر المصنع - جديدة يابوس ومعبر جوسية وأخيراً معبر جسر أكروم. ولم يبق عملياً إلا معبرا العريضة والعبودية اللذان يصلان الشمال بالداخل السوري.
ويبدو أن إسرائيل تركت هذين المعبرين وشأنهما ليقينها أن الحزب، لأسباب لوجستية، لا يستفيد منهما بقدر استفادته من المعبرين الأولين.
لذا ركزت إسرائيل على قصف معابر أخرى غير شرعية كمثل معبر حوش السيد علي الذي يصل الهرمل بمنطقة القصير السورية.
والمعلوم أن هذا المعبر أساسي للحزب منذ أن دخل الميدان السوري، فهومعبره إلى منطقة القصير أي المعقل والقاعدة الخلفية الاستراتيجية للحزب.
ووفق أوساط على صلة فإن الحزب على اقتناع ضمني بأن إسرائيل تجهد لقطع كل المعابر وهذا يعني أن الإسرائيلي قد بدأ فعلياً مرحلة "قطع الأوكسيجين" عن الحزب تمهيداً ليوم ينفد فيه ما في ترسانات الحزب ومخازنه من صواريخ وقذائف ومسيّرات. وبناءً على ذلك فإن الحزب بات يوقن بأن الإسرائيلي وسّع دائرة السبل الآيلة إلى بلوغه هدف "خنق الحزب" وإن اقتضى الأمر فرض حصار تدريجي على لبنان كله. ويتبدّى هذا من خلال منع السلطات اللبنانية المعنيّة من ردم الحفرة العميقة التي أحدثتها غارات الطائرات الإسرائيلية على معبري المصنع وجوسية.
واستكمالاً لهذا الواقع، الواضح أن القيادة الإسرائيلية قد بدأت تصرف جهداً في الآونة الأخيرة لملاحقة الشاحنات والسيارات والفانات التي تشتبه في أنها تنقل شحنات أسلحة وذخائر للحزب إبان عبورها طريق البقاع - بيروت.
ولأن عملية "خنق الحزب" تتخذ عند الإسرائيليين طرقاً مختلفة، أتت عملية خطف وحدة كوماندوس إسرائيلي للقبطان البحري عماد أمهز من البترون كجزء متمّم لتلك الجهود. وبصرف النظر عن المزاعم الإسرائيلية حول هوية المختطف وعلاقته بالحزب، فإن للفعل الإسرائيلي أهدافاً أوسع منها بعث رسالة للحزب تنبّهه فيها إلى أنها ولجت للتوّ عملية "قطع أذرعه" وملاحقته أينما اختبأ، فضلاً عن أن عملية البترون نفسها هي بمثابة برهان عملاني آخر تقدّمه إسرائيل لإثبات قدراتها المطلقة على التحرّك والضرب في أيّ بقعة لبنانية وأنها مقدّمة لعمليات أوسع وأكثر عمقاً وإيلاماً.