سياسة رفع الفائدة الأخيرة للبنك المركزي التركي بين استهداف التضخم ومخاوف الانكماش
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
بعد الاعلان الاخير للبنك المركزي التركي عن رفع أسعار الفائدة 250 نقطة أساس ليصل معدل الفائدة الى 45% والحفاظ على هذا المعدل لمكافحة التضخم السنوي الذي وصل الى حدود 70% في سياق سياسته التشديدية الهادفة الى كبح التضخم، ولم يقتصر الإعلان على هذا فقط بل تعداه الى الحفاظ على سياسة التشديد السريعة فيما لو استمر التضخم بالارتفاع، ذلك ان الفجوة ما بين التضخم والفائدة مازالت كبيرة تبلغ 35 وهي فجوة كبيرة بالقياس للمستهدف من التضخم.
ما يستدعي تدخلا كابحا لتوقعات التضخم المتزايدة، ومنه فان سياسة رفع معدل الفائدة الأسبوعي او لليلة الواحدة تكشف عن اتجاه البنك لتعميق الفائدة الحقيقية، التي من المتوقع ان تكون لها آثار كابحة للإنفاقين الاستهلاكي والاستثماري وتخفيض الفجوة ما بين أسعار الفائدة ومستويات التضخم السنوية وصولا الى استقرار النشاط. اذ يهدف القرار المذكور إلى كبح جماح التضخم الذي يتسبب في انخفاض القيمة الحقيقية للنقود عبر السيطرة على عرض النقود ومناسيب السيولة برفع الفائدة لاستقطاب الفوائض المالية العالية. كما يرفع البنك نسب الفائدة على الإقراض ليقل بذلك الطلب على القروض.
لكن الملاحظ على سياسة التشديد النقدي لدى البنك المركزي التركي لا يبدو انها تكتفي بالفائدة الحقيقية أداة لها فقط، بل يلاحظ انها تتأطر وفقا لآثار متغيرات أخرى وعوامل أخرى لها تأثير انكماشي كبير على عمليات الانفاق الاستهلاكي والاستثماري كان لها ايضا انعكاسات إيجابية على التضخم بالفعل ، اذ ان انخفاض التضخم نفسه لا يمكن اعتباره كليا ناشئا عن سياسة رفع الفائدة الأخيرة التي أدت الى انخفاض توقعات التضخم طبقا لاستبيانات معينة، فواقع سياسات الائتمان واتجاهاته توضح ان اجراءات البنك المركزي التركي لتخفيض حجم الائتمان الممنوح للوحدات الاقتصادية هي التي أسهمت أيضا في خفض التوقعات التضخمية . ومع ما يمارسه انخفاض القيمة الحقيقية لليرة التركية بشكل كبير في اذكاء التضخم متأثرا بالتضخم القادم من الخارج، ومتأثرا بالتوقعات التشاؤمية حول النمو للكثير من المؤسسات والوحدات الاقتصادية، ومع وجود تشوهات سعرية ناجمة عن بعض سياسات التسعير للمستهلك، فان الاقتصاد التركي نتيجة لهذه الإجراءات والتوقعات قد يتعرض الى انخفاض حاد في معدلات النمو ومن ثم يعاني من انكماش او ركود غير مرغوب فيه في النشاط الكلي. اذن سياسة رفع معدل الفائدة الأسبوعي او لليلة الواحدة وسياسات وإجراءات أخرى للبنك المركزي التركي تعمل على تقليص مساحة الائتمان من جانب آخر، ومن ثم ستعمل على خفض التضخم فعلا، لذا على المركزي التركي ضرورة الموازنة داخل سياساته واجراءاته بين هدف التحكم بوتيرة التضخم، واتباع سياسات تنشيط في قطاعات أخرى منخفضة المرونة لتغيرات الفائدة من شانها ان توفر حوافز للنمو ضمن المعدل المقبول ليبعد الاقتصاد عن خطر الانكماش.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المرکزی الترکی
إقرأ أيضاً:
خبير اقتصادي يوضح أسباب قرار البنك المركزي بالإبقاء على سعر الفائدة .. خاص
قرر البنك المركزى الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب، والإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
الأسباب وراء قرار البنك المركزيقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن هناك عدد من الأسباب وراء قرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه الثامن والأخير خلال عام 2024، أولها هو أن التثبيت مناسب للتأكد من تحقق استمرار تراجع معدل التضخم بشكل ملحوظ ومستدام، وليس تباطؤ مؤقت ثم يعود للارتفاع مرة أخرى، وذلك من أجل التحقق من الوصول إلى معدلات التضخم المستهدفة.
أوضح غراب خلال تصريحات لــ"صدى البلد" ، أن السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي من حفاظه على الودائع بالبنوك ودعم الاستقرار النقدي الهدف منها السيطرة على مستويات التضخم وتدعيم الاستقرار الاقتصادي، خاصة أنه سياساته نجحت خلال الفترة الماضية في السيطرة على معدلات التضخم وتراجعه تدريجيا، إضافة إلى أن سعر الفائدة المرتفعة جاذبة لمدخرات المواطنين المحلية والاستثمار الأجنبي غير المباشر في أذون وسندات الخزانة، لذا لجأ البنك المركزي إلى تثبيت سعر الفائدة للمرة السادسة خلال العام الحالي من أجل امتصاص الضغوط التضخمية.
وأشار غراب، إلى أن الارتفاع البسيط الذي حدث في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الأيام الماضية والذي قد يستغله بعض التجار ويقومون برفع أسعار بعض السلع جشعا منهم، ولذلك لجأ البنك المركزي إلى الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، لأن سعر الفائدة الحالي مناسب للسيطرة وكبح جماح التضخم، لأنها قادت المواطنين على الادخار بإيداع أموالهم بالبنوك للاستفادة من الفائدة المرتفعة، بالتزامن مع إصدار البنوك شهادات ذات عائد مرتفع، ما تسبب في امتصاص سيولة كبيرة كان يستحوذ عليها المواطنين .
تابع غراب، أن معدل التضخم لازال مرتفعا رغم تراجعه بنسبة كبيرة، ورغم أن سعر الفائدة المرتفعة يرفع التكلفة على الصناع والمنتجين بالقطاع الخاص إلا أنه يساهم في خفض التضخم، متوقعا أن يبدأ البنك المركزي بخفض سعر الفائدة في الربع الأول من العام المقبل .