قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن إسرائيل تواصل بغزة، وعلى نطاق غير مسبوق، تدميرا ممنهجا للمدن يمكن مقارنته بـ "الإرهاب الذي لا يرحم كما مارسه الدكتاتور السوري حافظ الأسد في مدينة حماة عام 1982″.

وقال الأستاذ الجامعي جان بيير فيليو -في مقالته بالصحيفة- إن دكتاتورية آل الأسد، في عهد الأب حافظ عام 1982 ثم تحت حكم ابنه بشار منذ عام 2000، تعامل السكان السوريين كجيش احتلال جاهز لارتكاب أسوأ الانتهاكات في حال وجود تهديد للوضع الملائم لسيطرتها، مذكرا بما دار في مدينة حماة عندما استولى بضع مئات من "المتمردين الإسلاميين" عليها.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4من حماة 1982.. إلى غزة 2023 مجازر تترى وأمة تنزف!list 2 of 4مجزرة حماة 1982.. يوم دمرت قوات الأسد مدينة بأكملها لمواجهة مجموعة مسلحةlist 3 of 4مجزرة حماة.. مذكرة توقيف دولية بحق رفعت الأسد في سويسراlist 4 of 4سلام من الشام لغزةend of list

فقد حاصرت قوات النخبة التابعة للنظام السوري المدينة التي يسكنها حوالي 250 ألف نسمة واستعادتها خلال ثلاثة أسابيع، بعد أن دمرت أحياء بأكملها بالقصف قبل أن يتم تجريفها بالجرافات، وبذلك تم تدمير ثلثها، في حين لا يزال الشك يحوم حول حصيلة ضحايا تلك المجزرة، مع تقديرات تتراوح بين 10 و25 ألف قتيل، غالبيتهم مدنيون.

من حماة إلى غزة

وبهذا المعنى -كما يقول جان بيير فيليو- يمكن بشكل مشروع عقد مقارنة بين الإرهاب الذي أطلقه نظام الأسد ضد حماة المتمردة في عام 1982، والإرهاب الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في غزة.

ففي كلتا الحالتين، يتعلق الأمر باستعادة شكل من أشكال "الردع" ضد التهديد الإسلامي الذي يُنظر إليه على أنه تهديد وجودي.

وفي كلتا الحالتين، يتم تدمير المدينة بشكل منهجي باعتبارها مركزا لمثل هذا التهديد، ويدفع السكان المدنيون ثمنا باهظا لهذه "الأعمال الانتقامية" التي تشبه العقاب الجماعي.

ومع ذلك فإن الاختلافات بين حماميْ الدم واضحة، إذ لم يتم الكشف عن عمليات القتل في حماة للعالم الخارجي إلا بعد فترة طويلة من الهجوم الذي شنه نظام الأسد دون بث أي صور، أما معاناة غزة فتحدث -بالتأكيد خلف أبواب مغلقة- ولكنها تعاش منذ خمسة أشهر ونصف، مع طوفان من الصور الساحقة التي لا جدال بشأنها على الشبكات الاجتماعية.

من ناحية أخرى، سحق حافظ الأسد المدينة المتمردة بقواته، مع الحرص على عدم إشراك حليفه السوفييتي المخلص، في حين يستمر الهجوم الإسرائيلي على غزة بفضل الدعم العسكري الأميركي المتواصل، علما أن الاتحاد السوفياتي لم يكن ليجرؤ أبدا على وصف دعمه للأسد بأنه "إنساني"، في حين أن واشنطن لا تقدم المساعدة "الإنسانية" بحرا وجوا للقطاع الذي يعذبه الجوع إلا من أجل الحفاظ على حرية الجيش الإسرائيلي في مواصلة عملياته البرية.

العقد المظلم

أحدث استشهاد حماة ما تمناه حافظ الأسد من صدمة دائمة للشعب السوري كما يقول الكاتب- وعندما وقع جزء من مدينتي حمص وحلب في أيدي الانتفاضة المسلحة بعد 2011 في عهد بشار الأسد، لم يتم كسر المقاومة في حلب، رغم القصف العشوائي الذي لا تزال آثاره مثل الجروح الغائرة التي ترمز للانتقام الدكتاتوري، إلا بفضل تعزيزات القوات الجوية الروسية في ساحة من الأنقاض.

تدمير أكثر من نصف غزة كما دمرت حلب أمام أعين العالم أجمع هو تماثل بين مساعي الدكتاتور السوري والمحتل الإسرائيلي لإخضاع السكان المحرومين من كل أنواع الحماية المادية والرمزية بأشد أنواع القسوة.

وأشار جان بيير فيليو إلى أن مثل هذا التدمير المنهجي لمراكز الحضارة لا يمكن ارتكابه إلا باسم "الحرب على الإرهاب" التي يفترض أنها تبرر جميع الانتهاكات، ولذلك كان بشار الأسد راضيا عن نفسه بفعل "الحرب على الإرهاب" التي تلغي أي تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.

أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد ظل يكرر لأكثر من 40 عاما ضرورات "الحرب على الإرهاب" التي بحكم تعريفها لا تغتفر، وقد سمح له مثل هذا الخطاب هو الآخر بتوسيع نطاق دعمه إلى ما هو أبعد من قاعدته التقليدية.

وهكذا تم تدمير أكثر من نصف غزة، وهي أكثر المدن الفلسطينية اكتظاظا بالسكان ومدينة مليئة بالتاريخ والذاكرة، أمام أعين العالم أجمع، في تماثل بين مساعي الدكتاتور السوري والمحتل الإسرائيلي لإخضاع السكان المحرومين من كل أنواع الحماية المادية والرمزية بأشد أنواع القسوة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بزيادة الضغط على حماس

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، إنه أصدر تعليمات للجيش بزيادة الضغط على حركة حماس، وذلك بعد أن رفضت الحركة الأسبوع الماضي اقتراحا إسرائيليا بهدنة مؤقتة وطالبت بدلا من ذلك باتفاق لإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن.

وأضاف نتنياهو في خطاب بثه التلفزيون في وقت متأخر من مساء السبت أنه على الرغم من التكلفة الباهظة للحرب، فإن إسرائيل "ليس لديها خيار سوى مواصلة القتال من أجل وجودنا لحين تحقيق النصر".

ويسعى وسطاء مصريون إلى استعادة اتفاق لوقف إطلاق النار شهد إطلاق سراح 38 رهينة لكن تخلت عنه إسرائيل الشهر الماضي. وقالت حماس إنها لن تطلق سراح باقي الرهائن إلا في إطار اتفاق يُنهي الحرب.

واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم نفذته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وذكرت حماس في وقت سابق السبت أنها عثرت على أحد الحراس الذين كانوا مكلفين بتأمين الرهينة الإسرائيلي الأميركي إيدان ألكسندر قتيلا في أعقاب غارة جوية إسرائيلية الأسبوع الماضي.

ويُعتقد أن ألكسندر هو آخر رهينة أميركي على قيد الحياة تحتجزه حماس في غزة، وقالت حماس إن مصيره غير معروف. لكن نتنياهو لم يشر إلى ألكسندر في خطابه.

وتشن إسرائيل غارات جوية على غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار. وذكرت السلطات الصحية الفلسطينية أن 50 فلسطينيا على الأقل قُتلوا في هجمات إسرائيلية السبت.

وقال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس دونالد ترامب، في مارس إن إطلاق سراح ألكسندر له "الأولوية القصوى". وألكسندر (21 عاما) من ولاية نيوجيرسي الأميركية وكان يخدم في الجيش الإسرائيلي عندما أخذه مسلحون رهينة خلال هجمات السابع من أكتوبر 2023.

وكان إطلاق سراح ألكسندر محور محادثات سابقة عقدت بين قياديي حماس والمبعوث الأميركي آدم بولر الشهر الماضي. وقالت حماس يوم الثلاثاء الماضي إنها فقدت الاتصال بالمجموعة التي تحتجز ألكسندر في غزة بعد أن هاجم الجيش الإسرائيلي المكان الذي كان المسلحون يحتجزونه فيه.

ولا يزال 59 من الرهائن محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة.

ولم يعلق متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية على وضع ألكسندر، لكنه أكد مجددا أنه يتعين على حماس إطلاق سراحه فورا هو وجميع الرهائن المتبقين. وقال إن حماس "تتحمل وحدها المسؤولية عن الحرب واستئناف العمليات القتالية".

وفرضت إسرائيل حصارا شاملا على قطاع غزة الشهر الماضي واستأنفت هجومها في 18 مارس بعد فشل المحادثات الرامية لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار. 

مقالات مشابهة

  • بوتين الإسرائيلي.. أعضاء في الكنيست يتظاهرون ضد نتنياهو
  • ما هو “المصطلح” الذي يستخدمه “اليمنيون” ودفع “نتنياهو الى الجنون (فيديو) 
  • 22 مليار دولار قيمة الصادرات العربية التي تهددها رسوم ترامب وهذه هي الدول المتضررة
  • مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 21 أبريل 2025 في المدن والعواصم العربية
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما
  • تحذيرات من اعتقال الرئيس السوري أحمد الشرع في العراق قبيل القمة العربية
  • نتنياهو يصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بزيادة الضغط على حماس
  • اندلاع حرائق ضخمة في مدينة مصياف بريف حماة السوري | شاهد
  • الأمن السوري يلقي القبض على عميد مخابرات جوية في نظام الأسد
  • "التعاون الإسلامي" تدين استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة